أنطلقت صباح اليوم الأحد، فعاليات الدورة العادية الـ 33 لقمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي والتي تعقد يومى 9 و 10 فبراير الجارى فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، والتي ستشهد تسليم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي إلى دولة جنوب أفريقيا.
وفي هذا السياق أكد الخبير المالي حسن حسين رئيس لجنة البنوك والبورصة بجمعية رجال الأعمال، أن رئاسة الاتحاد هى مهمة تتناوب عليها الدول الأعضاء وتفرض على من يتولاها عدداً من الأدوار وعلى رأسها إدارة أعمال أجهزة صنع القرار بالاتحاد الأفريقى، كما يتعين على الدولة التى تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقى تسيير ورعاية ومراقبة تنفيذ كافة المبادرات والمشروعات الهامة على أجندة عمل الاتحاد الأفريقى والتى تتسق مع أجندة 2063 بالتنسيق مع مفوضية الاتحاد.
وأضاف في تصريحات صحفية اليوم ، أن فترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي تعد من أنشط فترات عمل الاتحاد من حيث المبادرات التي طرحت واللقاءات بين الزعماء والقمم التي شاركت فيها مصر كرئيس للاتحاد مع قوى كبرى كاليابان والصين وروسيا وألمانيا وبريطانيا وغيرهم من المحافل الدولية، وكان هذا النشاط متوقعا نظرا لكون مصر دولة مؤسسة للاتحاد الأفريقي وتتمتع بدبلوماسية ذات مصداقية ونشاط يؤهلها للقيام بدور فعال على الساحة الدولية.
وأوضح «حسين» أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيرأس القمة المقبلة في أديس أبابا والتي تحمل شعار “إسكات البنادق”، وسيسلم رئاسة الاتحاد لجنوب أفريقيا، ومبادرة “إسكات البنادق” طرحها الرئيس السيسي خلال قمة أديس أبابا 2019، من منطلق ما تعانيه القارة الأفريقية فرغم أنها من أثرى قارات العالم لكن شعوبها لا يتمتعون بهذه الثروات، لأن أحد أهم معوقات التنمية في أفريقيا هو الصراعات والاقتتال القبلي، وتتضمن المبادرة جانبا يخص إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحروب والعنف حتى يمكن لأهالي هذه المناطق الاستقرار في بلادهم وبدء عمليات التنمية.
وأشار إلى أن مصر أولت ملف التكامل الإقليمى والقاري، أهمية خاصة نظراً لإيمانها بمحوريته ودوره الهام فى مجال التنمية واستقرار القارة، حيث تمت استضافة وتنظيم عدد من الفعاليات الهامة التى مثلت علامة هامة على مسار عملية التكامل وتطويرها، ففيما يتعلق بالتكامل الإقليمي، تم عقد الُنسخة الأولى من اجتماع القمة التنسيقى بين التجمعات الاقتصادية الإقليمية والاتحاد الأفريقى فى ٨ يُوليو 2019، لوضع حجر الأساس لمنصة التنسيق بين المركز والأفرع القارية، وهو البداية الحقيقية التى تمت تحت رئاسة مصر .
وأضاف «حسين» أنه فيما يتعلق بالتكامل القارى فشهدت الرئاسة المصرية الاطلاق التاريخى لاتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقية والأدوات التشغيلية الخاصة بها، وهي الاتفاقية الطموحة التى تستهدف زيادة مُستوى التبادل التجارى بين الدول الافريقية ليصل إلى 25%، إضافة إلى استضافة القاهرة أسبوع البنية التحتية القاري، والذى أرسى المعايير الأساسية لاختيار مشروعات البنية التحتية الافريقية خلال العقد القادم ومنها محور القاهرة- كيب تاون .
ونوه الخبير المالي إلى أن الرئاسة المصرية أولت أهمية خاصة لمسار الإصلاح المؤسسى للاتحاد الافريقى من خلال القيام بدور رئيسى وفعال فى التمهيد لاعتماد هيكل جديد لمفوضية الاتحاد الافريقى قادر على مواكبة التحديات ونظام جديد للتعيينات، كما تم تعزيز التفاعل بين القارة الأفريقية والدولة المصرية على كافة المستوىات، حيث استضافت مصر ما يزيد عن 30 فعالية وحدث أفريقى خلال عام 2019 فى مختلف المجالات .
وتابع: كُلل ذلك الجهد من خلال رئاسة الرئيس السيسى قمتين أفريقيتين وهما القمة العادية الثانية والثلاثين فى 7-8 فبراير 2019 بأديس أبابا والقمة الاستثنائية الثانية عشر، واجتماع القمة التنسيقى فى 7-8 يوليو 2019 بالنيجر، بجانب ترأسه لقمة التيكاد فى يوكوهاما (28-30 أغسطس 2019) والقمة الأفريقية الروسية الأولى فى مدينة سوتشى بروسيا فى 25 أكتوبر 2019، فضلاً عن تمثيله للقارة الأفريقية فى قمة الـ G7 فى بياريتز بفرنسا «24-26 أغسطس 2019»، واجتماع وقمة الـ G20 فى أوساكا «28-29 يونيو 2019»، بالإضافة لقيامه بجولة إفريقية شملت عدداً من الدول ذات الأهمية الخاصة لمصر.
وأوضح أن كل ما سبق، قد ساهم فى تحقيق حصاد ثرى للرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى وإبراز الدور المصرى لإعلاء المصالح الافريقية خاصة خلال الاجتماعات مع الشركاء الدوليين والتى قام خلالها الرئيس باستعراض التجارب المصرية الناجحة فى مختلف المجالات .
وأشار إلى قيام البنك المركزي بتنفيذ دعوة الرئيس بتأسيس صندوق لمخاطر الاستثمار في أفريقيا وهو ما تحتاجه القارة الأفريقية، حيث يسهم الصندوق فى تحقيق العديد من الأهداف أهمها، أولاً: زيادة الاستثمارات الأفريقية فى أفريقيا، وكذلك زيادة الاستثمارات المصرية فى دول حوض النيل، وثانياً للاستفادة من ضمان الصندوق للمخاطر السياسية والاقتصادية للدول الأفريقية، وثالثا تخفيض أسعار الاقتراض للدول الأفريقية بضمان الصندوق، ورابعاً هو زيادة التبادل التجارى، ولا سيما الصادرات الأفريقية لدول القارة، خامساً تحقيق المزيد من التمويل عن طريق ما سبق لأجندة التنمية المستدامة الأفريقية 2030، وهو ما ينادى به الرئيس، وسادسا تحقيق أقصى استفادة من الاستثمارات الأفريقية وربطها باستثمارات طريق الحرير لتحقيق أكبر مكاسب مالية للقارة، وسابعاً «الاهتمام الأجنبى» حيث سيكون مقصوراً على المشروعات الكبرى، ما سيؤدى إلى نمو الاستثمار الأفريقى فى الصناعات الصغيرة والمتوسطة وزيادة قدرتها التصديرية لدول القارة، وثامناً الربط بين استثمارات الصندوق والخطط الاستثمارية للدول الكبرى، ما يعطى أفريقيا قوة تفاوضية فى وجود الصندوق.
وتابع «حسين» كذلك أطلق الرئيس السيسي صندوق للاستثمار فى البنية التحتية المعلوماتية بهدف دعم التطور التكنولوجى والتحول الرقمى فى القارة وذلك لبناء اقتصاديات حديثة قائمة على أحدث النظم التكنولوجية .
وأضاف «حسين» أنه على صعيد السياحة فقد زادت السياحة الافريقية هذا العام لمصر خاصة مع وجود أمن واستقرار بمصر وأيضا لانخفاض قيمة العملة ولقرب المسافة بين مصر والدول الإفريقية، واستضافة العديد من الفعاليات الأفريقية، من أجل مناقشة مجموعة واسعة من قضايا الأعمال والتنمية في القارة، والتعامل مع بعض أهم الشركاء الاقتصاديين في أفريقيا.
واستكمل: كما تم تنظيم العديد من الفعاليات منها القمة الألمانية الأفريقية التى عقدت فى برلين مستهدفة تعزيز التعاون الاقتصادي بين أفريقيا ودول مجموعة العشرين، كما عقدت فعاليات المنتدى الاقتصادي الأفريقي الروسي الذى عقد لأول مرة على هذا المستوى في تاريخ العلاقات بين الجانبين بمشاركة 40 دولة، كما عقدت قمة صينية إفريقية مصغرة على هامش اجتماعات مجموعة العشرين، كما عقد مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية “تيكاد”، كما شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، في اجتماعات قمة مجموعة السبع الكبرى ممثلا عن أفريقيا، كما تم تنظيم منتدى أسوان للسلام والتنمية بإفريقيا.
وأوضح الخبير المالي، أن مصر خلال فترة رئاستها للإتحاد الإفريقي، لم يهتم الرئيس السيسي بإطلاق النداءات للجهات والبنوك الدولية لتمويل مشاريع بالقارة الأفريقية وحسب، لكن تطور الأمر إلى دعوة الشركات بالقطاع الخاص المصرى بشكل مستمر إلى إقامة مشروعات تنموية فى القارة الافريقية، وهناك شركات بدأت تعمل على مشروعات البنية التحتية والأساسية فى أفريقيا مثل إنشاء سد تنزانيا والتى تبلغ استثماراته قرابة 4 مليار دولار، ويتم تدشينه بأيدي مصرية من شركات وطنية كبرى.
وأشار إلى مشروع طريق “القاهرة – كيب تاون”، مؤكدًا أنه يهدف لتعزيز جهود الدول الأفريقية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والارتقاء بمستوى معيشة المواطن الأفريقي، وزيادة معدلات تدفقات التجارة والاستثمار البيني، وطريق “القاهرة – كيب تاون”، وهو أحد المشروعات التنموية التي تعمل مصر على تنفيذها، ضمن برنامج رؤية مصر 2036، وهذا الطريق يهدف إلى تنشيط حركة التجارة بين الدول الأفريقية وبعضها البعض.
واختتم «حسين» أنه مع تسليم الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى إلى جنوب أفريقيا ستبدأ مرحلة جديدة ومُمتدة من العمل الجمعى الأفريقى المشترك، فالرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى مثلت فصلاً هاماً من تاريخ الانخراط المصرى بالقارة الأفريقية، فتلك الفترة كانت بداية وليست نهاية للتعاون مع القارة الأفريقية.
واقترح «حسين» تشكيل وحدة من وزارة الخارجية و الأجهزة السيادية ورجال الأعمال للتعاون الفعال سياسيا واقتصاديا وأمنيا مع كافة دول القارة والانغماس في حل المشاكل الإفريقية للمصلحة المصرية والإفريقية، وذلك علي خطى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وكذلك خطى بطرس بطرس غالي الذي وطد علاقات مصر مرة أخرى بكافة رؤساء وحكومات دول القارة.
وأخيرا دعا «حسين» كافة الشركات المصرية تخصيص جزء من نشاطها في القارة الأفريقية وبعض دولها ولاسيما دول حوض النيل على أن تتولى الحكومة المصرية تحفيز تلك الشركات ماليا مقابل هذا النشاط، واقترح أن تتولى مؤسسة الرئاسة التأكد من جدية كافة الشركات ومشاريعها و حسن تنفيذها .