خلال لقائه اليوم برؤساء اللجان النوعية بمجلس النواب، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، أجرى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، حواراً موسعاً مع السادة النواب، تطرق إلى العديد من الموضوعات ذات الصلة بالوضع المحلي والإقليمي والعالمي، وكذا التداعيات الخاصة بالأزمة الاقتصادية العالمية.
واستهل الدكتور عبد الهادي القصبي، زعيم الأغلبية، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب ” مستقبل وطن”، المناقشات بتقديم الشكر لرئيس مجلس الوزراء على هذه الدعوة الطيبة وعلى جهوده في التواصل مع مجلس النواب، مشيراً إلى أن ما جاء في بيان الدكتور مصطفى مدبولي خلال جلسة مجلس النواب بشأن جهود الدولة المصرية لمنع التهجير القسري للأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة، أثلج صدور جميع النواب والشارع المصري، وقال: بدأنا نلمس أصداء هذه الجلسة لما تضمنته من رسائل مهمة للعالم كله، مؤكداً أن هذه الرسائل لاقت صدىً قوياً، وعبرت عن التكاتف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وجدد زعيم الأغلبية الشكر لرئيس مجلس الوزراء على حديثه في بداية لقائه برؤساء اللجان النوعية، مشيراً إلى أنه تضمن إجابات لكثير من الأسئلة التي تدور في أذهان الشارع المصري، والتي من بينها أهمية التعامل مع مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، ومؤكدا أن قانون التصالح مع مخالفات البناء يُعد نموذجاً للتنسيق المستمر بين مجلس النواب والحكومة المصرية، كما تطرق إلى موضوع التصالح على التعديات التي وقعت على الأراضي المملوكة للدولة، مؤكداً أهمية استمرار التنسيق بين الحكومة ومجلس النواب حول المناقشات التي تدور داخل اللجان المختصة بشأن مختلف القضايا والملفات التي تمس المواطنين، مما يسهم في توضيح الرؤى ووجهات النظر حولها .
وفي مداخلاتهم خلال اللقاء، تقدم رؤساء اللجان النوعية بالشكر لرئيس الوزراء لحرصه على دورية انعقاد هذا اللقاء لمناقشة كافة الموضوعات والاستماع إلى رؤاهم ومقترحاتهم بشأن الملفات المختلفة، واعتبروا أن اجتماع اليوم يعدُ تاريخياً، لكونه الأول الذي يجمعهم برئيس الحكومة بمقر العاصمة الإدارية الجديدة.
وثمن رؤساء اللجان النوعية إدارة الدولة المصرية للأزمة الراهنة في قطاع غزة، على كافة المستويات، بداية من موقف السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتحرك الحكومة، وكافة الجهات، لافتين إلى أن ذلك كان له أبلغ الأثر في تحقيق حالة اصطفاف وطني، وتكاتف وراء القيادة السياسية والحكومة، بلغ ذروته في تفويض السيد الرئيس والقوات المسلحة المصرية، من جانب البرلمان، في كل ما يتخذونه من خطوات لحماية الأمن القومي المصري.
كما أشاروا في ذات السياق إلى الإشادات الدولية بموقف مصر لاسيما تجاه قضية التهجير التي حظيت باتفاق واسع النطاق، مؤكدين تكاتف مجلس النواب مع الدولة في هذا الموقف القوي تاريخياً، وفي كل ما تتخذه الدولة والحكومة من قرارات في هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به مصر، مشددين على أن قوة مصر وتأثيرها اقليمياً وعالمياً لا يمكن إنكاره.
كما ثمن رؤساء اللجان النوعية حرص الحكومة على التنسيق الفاعل مع مجلس النواب، حيث طلبوا عقد اجتماعات دورية تجمع رؤساء اللجان النوعية، بالوزراء، كلُ في نطاق تخصصه، لمناقشة كافة الملفات وتنسيق الرؤى بشأنها.
وأثار رؤساء اللجان النوعية بمجلس النواب عدداً من الموضوعات خلال الاجتماع، حيث اعتبروا أن إقرار قانون التصالح يمثلُ نموذجاً إيجابياً للتعاون بين الحكومة والبرلمان، مشيرين إلى أهمية اللائحة التنفيذية في تحقيق أهداف هذا القانون، لإنهاء هذا الملف وإرساء الانضباط لهذه المسألة، كي يغلق نهائياً ملف التعدي على الأراضي الزراعية، معتبرين أن هذه المسألة قضية حياة تمس الأجيال القادمة.
كما تطرقوا إلى موضوع منظومة المخلفات الصلبة بالمحافظات وضرورة تفعيلها بشكل أكبر بما يخدم اظهار الشكل الحضاري للمدن، وارتفاع أسعار بعض السلع، وعدم استقرار سعر الصرف، ومحددات ملف سد النهضة، وكذا ملف الإسراع في منح التعويضات للمستحقين ضمن حالات نزع الملكية لتنفيذ المشروعات الكبرى، وكذا التأكيد على أهمية استكمال مشروعات المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” في القطاعات ذات الأولوية للمواطنين في القرى المستهدفة.
كما تضمنت مداخلات رؤساء اللجان النوعية بمجلس النواب، التوجه بالشكر للحكومة على حزم الحماية الاجتماعية التي ساهمت في تخفيف الأعباء عن المواطنين، ولكن في الوقت نفسه أكدوا ضرورة وجود رقابة حازمة على الأسواق، تمنع المضاربة في الأسعار، ورفع كثير من أسعار السلع، كما أكدوا أهمية تنفيذ المشروعات القومية التي كان لها دور بالغ في تحسين حياة الناس وزيادة نسب التشغيل، إلى جانب الخطوات الجادة لدفع دور القطاع الخاص من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة، وكذا دور “الرخصة الذهبية” في اختصار الوقت لإنشاء وتشغيل المصانع وتحقيق الرواج للصناعة الوطنية وكذا جذب المستثمر الأجنبي.
وطرح رؤساء اللجان النوعية العديد من المقترحات التي من شأنها ان تسهم في دفع جهود الدولة لاسيما في الملف الاقتصادي وجذب الاستثمارات، وتوسع القطاع الخاص بدوره في تحقيق التنمية في مختلف القطاعات، وتحفيز القطاع الزراعي وتعزيز دوره في توفير احتياجات مصر الغذائية وتحقيق الامن الغذائي، بالإضافة إلى منح المنتج المحلي أفضلية محلياً وزيادة قدرته على المنافسة خارجياً وبالتالي دعم الصادرات.
كما قدموا مقترحات خاصة بملف انقطاع التيار الكهربائي، تتضمن وجود جداول ثابتة للمناطق بكل محافظة، يتم الالتزام بها، ويتم الإعلان عنها للمواطن، على أن يتم الاهتمام بعدم القطع في أوقات المذاكرة للطلاب، أو على الأقل التناوب في ذلك، ومقترحات أخرى ترتبط بالتسويق للمقاصد السياحية المصرية وجذب السائحين من أسواق غير تقليدية، ومساندة القطاع السياحي شديد التأثر بأية احداث إقليمية
كما ثمنوا التطور الذي يشهده قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لاسيما فيما يتعلق بتوصيل كابلات الالياف الضوئية ضمن مشروعات مبادرة “حياة كريمة”، والتوسع في الخدمات الإلكترونية المختلفة، إلى جانب التطور في خدمات قطاع البريد، وأكدوا على أهمية تواصل الجهود الخاصة بأحوال الفرق الصحية وتطوير بيئة العمل بما ينعكس على المواطن المصري، والتوسع في تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، والعمل على توفير الأدوية والمستلزمات الطبية.
من جانبه، عقب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على عدد من مداخلات رؤساء اللجان النوعية بمجلس النواب، في العديد من القضايا، ففيما يتعلق بملف انقطاع الكهرباء، أوضح رئيس الوزراء ان تكلفة انتاج الوحدة الواحدة من محطات الكهرباء وهي كيلو وات ساعة تصل إلى 177 قرشاً، يحصل عليها المواطن بتكلفة 48 قرشاً، وذلك وفقاً لتسعير سابق لسعر الدولار، وهو 18 جنيهاً، والدولة مستمرة في هذا الدعم ولم يتم زيادة شرائح الكهرباء منذ عام ونصف مراعاة للمواطن، فكل الشرائح أقل من التكلفة الفعلية، وحجم الدعم في هذا القطاع كبير جداً.
كما أكد مدبولي أن الحكومة ستحرص على أن يتم اعداد اللائحة التنفيذية لقانون التصالح في مخالفات البناء بالتعاون مع البرلمان، لتحقيق التوافق بشأنها.
وأوضح أن المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” سيبدأ تنفيذها خلال النصف الأول من العام القادم 2024، وستمنح أولوية لقطاعي المياه والصرف الصحي شديدي التأثير على المواطن.
وأشار إلى أن الشغل الشاغل للحكومة في الملف الاقتصادي هو الوصول لسعر موحد للدولار على المدى القصير، ويتم العمل على ذلك بقوة، مضيفاً أن الحكومة حريصة على تحفيز المستثمرين الجادين من خلال حوافز حقيقية وانه يلتقي بنفسه بهم لتذليل العقبات وتيسير الإجراءات، كما أن هناك توجيهات بمنح أولوية للمنتج المحلي في التعاقدات الحكومية.
ووعد رئيس الوزراء رؤساء اللجان النوعية أنه سيكون هناك اجتماع واحد او اثنين للجان النوعية بشكل محدد، كآلية مهمة لمناقشة أكثر تفصيلاً للقضايا والملفات وأعرب عن سعادته بهذا الحوار وما شهده من مناقشات مثمرة ومقترحات جادة وأفكار فاعلة في مختلف القضايا، وسيتم دراسة جميع المقترحات التي قاموا بطرحها خلال اللقاء مع الوزراء المختصين.
وفي ختام حديثه، أعرب رئيس الوزراء عن تطلعه لانتقال مجلس النواب للعمل بمقره بالعاصمة الإدارية الجديدة في أقرب وقت.