توقع خبراء اقتصاديون ومصرفيون أن يواصل الجنيه المصري أداءه القوي أمام الدولار وبقية العملات الرئيسية خلال العام الجديد 2020، بدعم النجاح الكبير الذي يحققه البنك المركزي في إدارة ملف السياسة النقدية، والسيطرة على معدلات التضخم واتباع سياسة السوق الحرة في سوق الصرف، وأيضاً استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية والقطاعية للاقتصاد المصري والنمو المتوقع في إيرادات مصر من النقد الأجنبي.
وأكد الخبراء لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية أن أداء الجنيه سيتأثر إيجابياً بالأداء القوي المتوقع لقطاعات السياحة والاستثمار، بالإضافة إلى قناة السويس، فضلاً عن الزيادة المطردة في صادرات مصر، وتراجع اعتماد الدولة على الاستيراد خصوصاً في قطاع الغاز الذي سيوفر أكثر من 3 مليارات دولار.
وقال محمد رشدي، الخبير الاقتصادي، إن «الجنيه المصري سيتحرك بحرية أكبر خلال العام المقبل 2020 اعتماداً على استمرار البنك المركزي في انتهاج سياسة السوق الحرة»، مشيراً إلى أن قوى العرض والطلب ستكون المحرك الرئيسي لسوق الصرف في مصر خلال عام 2020.
وأضاف أن «الجنيه المصري قد لا يتأثر بشكل كبير بضغوط التخارج النسبي من قبل الأجانب من أدوات الدين التي دخلت في مطلع العام الماضي بقوة وينتهي استحقاقها خلال الشهور الأولى من العام الجديد»، متوقعاً أن يسجل الدولار مستوى 16.25 جنيه كأقصى ارتفاع ممكن للعملة الأميركية أمام الجنيه خلال العام، قبل أن يعاود هبوطه أمام العملة المصرية مع قرب 30 يونيو، والذي سيشهد الإعلان عن أرقام قوية على صعيد مؤشرات الاقتصاد المصري، ويتزامن ذلك أيضاً مع افتتاح العديد من المشروعات القومية الكبرى ومنها العاصمة الإدارية.
ورجح أن يهبط الدولار إلى مستويات بين 14.90 و15.30 جنيه خلال النصف الثاني من العام، وسيدعم ذلك أيضاً استمرار ارتفاع الاحتياطي من النقد الأجنبي بفضل التحسن الكبير المتوقع في إيرادات السياحة، والتي قد تتجاوز 15 مليار دولار العام الجاري ونمو إيرادات قناة السويس، بالإضافة إلى التوقعات ببقاء تحويلات المصريين العاملين بالخارج عند معدلاتها المرتفعة خلال العامين الأخيرين بين 26 و28 مليار دولار.
وتابع رشدي أن «الاستثمار المباشر قد يشهد طفرة كبيرة في العام الجديد بعد تولي رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، لهذا الملف، وهو ما يؤكد اهتمام القيادة السياسية بملف الاستثمار بشكل قوي، يصاحب ذلك التوقعات بنجاح المنطقة الاقتصادية لخليج السويس في جذب استثمارات من أكبر المصانع والشركات العالمية خصوصاً في مجال تجميع السيارات، وهو ما سينعكس إيجابياً على إيرادات الدولة من النقد الأجنبي ويسهم في مزيد من قوة الجنيه المصري».
من ناحيته، أكد سمير رؤوف الخبير الاقتصادي، أن الارتفاع الكبير في حجم الاحتياطي النقدي سيمثل أكبر داعم للعملة المحلية. وفي ظل التوقعات باستمرار الاتجاه الصعودي للاحتياطي في اتجاه مستوى 50 مليار دولار بدعم من زيادة إيرادات الدولة من العملات الأجنبية، فإن الجنيه المصري سيزداد قوة خلال عام 2020.
ورجح “رؤوف” أن يواصل الدولار هبوطه أمام الجنيه المصري خلال عام 2020 ليصل إلى 14.75 جنيه، وسط توقعات بزيادة إيرادات السياحة وعدم تراجع جاذبية أدوات الدين المصرية رغم اتجاه «المركزي» لخفض الفائدة، نظراً إلى استمرار جاذبية السوق المصرية مقارنة بنظيراتها في الأسواق الناشئة.
وكان الجنيه المصري قد ارتفع أمام الدولار خلال عام 2019 بنسبة بلغت 12% ليسجل 15.98 جنيه، مقابل 18 جنيهاً في مطلع 2019.
من جهة أخرى، أعلن البنك المركزي عن ارتفاع حجم السيولة المحلية خلال الفترة ما بين يوليو وأكتوبر من العام المالي 2019 – 2020، لتبلغ نحو 4.024 تريليون جنيه (نحو 250 مليار دولار) في نهاية أكتوبر، مسجلاً زيادة قدرها 160.4 مليار جنيه (10 مليارات دولار) بمعدل 4.2%.
وأوضح «المركزي» في تقرير أصدره أمس (الأربعاء)، أن الزيادة في السيولة المحلية انعكست على نمو أشباه النقود بمقدار 130.5 مليار جنيه (8 مليارات دولار) بمعدل 4.4%، والمعروض النقدي بمقدار 29.2 مليار جنيه (1.8 مليار دولار) بمعدل 3.2%.
وأضاف أن هذه الزيادة في أشباه النقود نتيجة لارتفاع الودائع غير الجارية بالعملة المحلية بمقدار 176 مليار جنيه (نحو 11 مليار دولار) بمعدل 7.9%، وانخفاض الودائع بالعملات الأجنبية بما يعادل 45.5 مليار جنيه (2.8 مليار دولار) بمعدل 6.4%. أما الزيادة في المعروض النقدي فجاءت نتيجة لارتفاع الودائع الجارية بالعملة المحلية بنحو 15.4 مليار جنيه (960 مليون دولار) بمعدل 3.5%، وارتفاع النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي بمقدار 14.5 مليار جنيه (903 ملايين دولار) بمعدل 3%.
وأشار التقرير إلى أن الزيادة المحققة في السيولة المحلية خلال الفترة المذكورة جاءت نتيجة لارتفاع صافي الأصول المحلية وارتفاع صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي، حيث ارتفع صافي الأصول الأجنبية بما يعادل 42.3 مليار جنيه (2.6 مليار دولار) بمعدل 14.1% نتيجة لزيادة صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي بما يعادل 4.6 مليار جنيه (287 مليون دولار)، وصافي الأصول الأجنبية لدى البنوك بما يعادل 37.7 مليار جنيه (2.35 مليار دولار).