أكد محمود نجلة، المدير التنفيذي لشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار ومحافظ الأوراق المالية، أن الدولة ستستمر في جني ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2020، حيث نشهد في الوقت الحالي تحسنًا ملحوظًا في معدلات التضخم والنمو الاقتصادي وزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي ليتجاوز 45 مليار دولار في نهاية شهر نوفمبر 2019.
كما حقق سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي مكاسب كبيرة، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 15.993 جنيه في نهاية 2019، مقابل 17.869 جنيه في نهاية 2018.
وقال “نجلة”، في تصريحات خاصة لـ “بنوك مصر”، إن الدولة ستتجه إلي سياسة تحفيز الطلب المحلي في الخمس سنوات القادمة، وذلك بعدما استطاعت احتواء معدلات التضخم والنزول بها إلى أدنى مستوياته ليصل إلى 2.7%، والتحكم في سعر صرف الجنيه من خلال اتباع سياسة متشددة خلال الفتره 2018/2016 برفع سعر الفائدة لأعلى مستوى لها.
وفي هذا الصدد، أوضح أننا نستهدف حاليًا معدلات نمو اقتصادية عالية وزيادة في الاستثمارات الأجنبية، عن طريق مواجهة ضعف الطلب المحلي، والذي نتج عنه تعثر المصانع وكساد سوق العقارات والسيارات والسياحة الداخلية على الرغم من تحسن السياحة الخارجية.
ووفقًا لذلك، توقع أن تصل نسبة خفض سعر الفائدة إلى 3% في 2020 لتتناسب مع المستهدفات الحالية، وهو ما قد يتسبب في رفع نسبة التضخم ولكن ستبقى معدلاته ضمن الحدود الآمنة، مشيرًا إلى دور “المركزي” في دعم استراتيجية الدولة، من خلال إطلاقه لثلاث مبادرات تحفيزية لتشجيع وتمويل القطاع الخاص الصناعي، ومساندة المصانع المتعثرة، ودعم عملاء التمويل العقاري للإسكان المتوسط، كما قام مؤخرًا بإتخاذ إجراءات رفع قيود إجمالي أقساط القروض لأغراض استهلاكية، لتصبح 50% بدلًا من نسبة 35% من إجمالي الدخل الشهري، بعد استقطاع الضرائب والتأمينات الاجتماعية.
ومن ناحية أخرى، توقع محمود نجلة أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من التسهيلات والدعم للمستثمرين، لاسيما بعد انضمام هيئة الاستثمار تحت إشراف مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لافتًا إلى أن وزارة الاستثمار لها دور هام في حل مشاكل المستثمرين.
كما أنه من المتوقع حدوث زيادة بالإعفائات الضريبية في الفترة المقبلة لتحسين دخل الأفراد، وتوجيه الإنفاق إلى الاستثمار الخدمي والإنتاجي كالتعليم والصحة وإنشاء المصانع الانتاجية بالقطاعات المختلفة وخاصة في القطاعات البتروكيماويات والمشروعات الغذائية، بدلًا من استثمارها في البنية التحتية، وذلك لمواكبة خطة الدولة نحو تحفيز الطلب المحلي والانتاج، مما يساهم فى جذب المستثمر الأجنبي في المستقبل القريب.
وتوقع أن تصل معدلات النمو الاقتصادي على الأقل إلى 6% في 2020، ومن جهة أخرى، سيشهد عجز الموازنة العامة تراجعًا ملحوظًا مع استمرار خفض الدعم لغير مستحقيه، ومع تحسين المناخ الضريبي، لاسيما بعد ضم مؤسسات جديدة بالمنظومة الضريبية في ظل برنامج الشمول المالي.
كما أوضح أن ميزان المدفوعات سجل لأول مرة فائض كلي وصل إلى 1.7 مليار دولار في 2018/2019، وذلك بدعم من إيرادات السياحة بالعملة الأجنبية، كما شهدت تحويلات المصريين ارتفاعًا ملموسًا، حيث بلغت 26 مليارًا بنهاية 2019، بالإضافة إلى تراجع قيمة واردات مصر البترولية نتيجة الاستثمارت الموجهة إلى قطاع البترول وإنتاج الغاز، وأشار إلى أن عجز الميزان التجاري سيشهد مزيد من التراجع في ظل توقع زيادة الصادرات تبعًا لما سيشهده النشاط الإنتاجي المحلي من التحسن في الفترة المقبلة.
أما بالنظر إلى سوق المال، يتوقع محمود نجلة أن تشهد البورصة المصرية مزيدًا من التحسن حال خفض أسعار الفائدة المتكرر، كما ستتلقى البورصة طروحات جديدة من قبل الحكومة، بالإضافة إلى طرح بعض شركات القوات المسلحة والجيش، مما يدعم البورصة بشكل كبير في 2020، مشيرًا إلى أن طرح المصرف المتحد أو بنك القاهرة في البورصة قد يكون في الربع الأول من 2020، مما يساهم في زيادة السيولة داخلها وتحسين أدائها.
وتوقع أن تشهد محفظة الدين العام تحسن ملموس نتيجة لقيام وزارة المالية بطرح أذون وسندات الخزانة المحلية ذات الآجال الطويلة بقيمة كبيرة، وهو ما يعتبر نجاحًا جديدًا لسياسة وزارة المالية التى تهدف إلى إطالة متوسط عمر محفظة الدين العام وتخفيض تكلفة خدمة الدين.
وأكد على أن العام الجديد سيشهد تطور كبير في سوق السندات، حيث أن هناك طروحات سندات لشركات جديدة ستدعم سوق الدين بشكل كبير، كما أنه من المتوقع في الربع الأول من 2020 طرح صكوك شركة سياف لتأجير الطائرات بالدولار الأمريكي، منوهًا أنه أول طرح للصكوك في مصر.
وعلى صعيد التحديات السياسية وتأثيرها على الجانب الاقتصادي، أوضح أن مصر قامت بالقضاء على التهديدات الإرهابية وتحييد المخاطر السياسية في منطقة سيناء بفضل عمليات القوات المسلحة، كما نوه إلى أن هناك تهديدات من ناحية الحدود الغربية متمثلة في التدخل التركي في الشأن الليبي، متمنيًا ألا تنعكس سلبيًا على الشأن الاقتصادي والأمن القومي في مصر.
كما أشار إلى التهديدات السياسة بالحدود الجنوبية نتيجة الاضطرابات الأمنية في السودان، وكذا تهديد الأمن المائى المصرى فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة، بالإضافه إلى التهديد الإيراني لدول الخليج، ووفقًا لذلك فأنه يري أن تلك التهديدات السياسية هي التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، وقد يؤثر سلبًا على ما تم تحقيقه من انجازات في الشق الاقتصادي أو تأخير مزيد من الإنجازات الاقتصادية إذا استمر بوتيرة تصاعدية ولم يتم احتواءه.