الجوهري : التقرير يصدر أسبوعيا لاسـتعراض موضوعـات ذات صلـة باتجاهـات تنمويـة دوليـة وقضايـا وطنيـة ويتطرق لتجـارب دوليـة
التقرير نتاج عمـل فريـق دعـم القـرار بالمركـز مـن واقـع باقـة متنوعـة مـن المصـادر والإسـهامات الخارجيـة
استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الإصدار الأول من التقرير الأسبوعي “مقتطفات تنموية” الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، والذي يسرد في 6 فصول عددا من القضايا الاقتصادية والتنموية المهمة المتعلقة بالشأن الدولي والمحلي.
وأشاد رئيس الوزراء بهذا التقرير المهم، الذى يعبر عما يضمه المركز من إمكانات كبيرة، سواء فى توفير المعلومات، أو التحليلات، التى تدعم متخذ القرار، وهذا هو الدور الأصيل للمركز.
من جانبه، أشار أسامة الجوهري، مساعد رئيس الوزراء، والقائم بأعمال رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى أن إصــدار هــذا التقريــر الأســبوعي يأتي كمبــادرة من المركز بهـدف إلقـاء الضـوء علـى باقـة مـن المعـارف الصـادرة عـن مؤسسـات دوليـة ومراكـز فكـر عالميـة، موضحاً أن التقرير يركـز علـى اسـتعراض موضوعـات ذات صلـة باتجاهـات تنمويـة دوليـة، وقضايـا وطنيـة، مـع الإشـارة إلـى تجـارب دوليـة ومفاهيـم تنمويـة حديثـة، وكتـب أو تقاريـر صـادرة حديثا، وأخيـراً يضـم التقريـر ملحقًا إحصائيـا لاسـتعراض تطـور حـال مجموعـة مـن مؤشـرات التنميـة الدولية والوطنية.
وأضاف أن هذا التقرير هو نتاج عمـل فريـق دعـم القـرار بالمركـز، مـن واقـع باقـة متنوعـة مـن المصـادر والإسـهامات الخارجيـة، ومـن ثـم، لايعبر المحتـوى المقـدم والتفسـيرات والاسـتنتاجات الـواردة فيـه بالضـرورة عـن وجهـة نظـر المركـز. كمـا أن صحـة البيانـات والمعلومـات الـواردة فيـه تعـود مسـؤوليتها علـى جهـة إصـدار التقاريـر (التحليلات الأصليـة)، والتـي يتـم الإشـارة إليهـا فـي نهايـة كل موضوع. ويتميز التقرير بثراء محتواه حول القضايا المختلفة التي تتنوع ما بين الاقتصادية والجيو -سياسية والتنموية سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، فهو في هذا الإطار يتضمن 6 فصول يسبقها ملخص تنفيذي.
وأشار أسامة الجوهري إلى أن الملخص التنفيذي للتقرير يتضمن مزيجاً من النقاط المتباينة التي يتناولها التقرير في فصوله الستة بشكل مفصل. وجاء الفصل الأول بالتقرير تحت عنوان “اتجاهات عالمية”، وفي مقدمته، تمت الإشارة إلى أنه فـي ظـل تباطـؤ نمـو الناتـج المحلـي الإجمالـي العالمي، وتراجـع الإنفـاق علـى شـراء الالات والمعـدات (القطـاع الإنتاجـي) والسـلع المعمـرة (قطـاع الاستهلاك الخاص)، تراجـع حجـم الإنتـاج الصناعـي والتجـارة العالميـة، ومـع تدخل البنوك المركزية شـهد معـدل البطالـة وثقـة المسـتهلك تحسـناً.
وفي هذا الإطار، جـاء رد فعـل البنـوك المركزيـة قويـاً إزاء ضعـف النشـاط الاقتصـادي، فعلـى مـدار عـام 2019،قـام العديـد منهـا بتخفيـض أسـعار الفائـدة، بمـا فـي ذلـك بنـك الإحتياطـي الفيدرالـي الأمريكـي، والبنـك المركـزي الأوروبـي، وحالـت هـذه السياسـات دون حـدوث تباطـؤ اقتصـادي أكثـر عمقـا، حيـث عـززت أسـعار الفائـدة المنخفضـة والأوضـاع الماليـة المواتيـة مـن مشـتريات السـلع غيـر المعمـرة والخدمـات التـي لا تـزال تتمتـع بالصلابة. فيما سـاعد تنامـي مشـتريات السـلع غيـر المعمـرة والخدمـات علـى خلـق فـرص العمـل، وأدى ضيـق أسـواق العمـل، وارتفـاع الأجـور تدريجيـا، ورفـع مسـتوى المعيشـة إلـى تعزيـز ثقـة المسـتهلكين وإنفـاق الأسـر، والـذى بـدوره يدفـع عجلـة الإنتـاج ويدعـم النمـو الاقتصـادى.
ويتناول فصل “اتجاهات عالمية” المخاطر والفرص خلال عام 2020 على المستوى الدولي، وفي هذا الصدد، تمت الإشارة إلى “تحليلات أوكسـفورد” Oxford Analytica” التي أصدرت مؤخراً تحليـلاً يشـير إلـى أن المخاطـر تتركـز في 2020 على التجارة والجرائـم الإلكترونيـة وتنامـي تأثيـر ضعـف أداء قطـاع التصنيـع ليمتد إلى قطاع الخدمات، إلا أن التكنولوجيات الجديدة تمثل أملاً لمسـتقبل أفضل.
وأبرز التقرير في فصله الأول عدداً من النقاط المهمة تمثل النظرة المستقبلية للموقف الاقتصادي العالمي، فأوضح أن قطـاع التصنيـع يقـود الاقتصـاد العالمـي إلـى حالـة مـن الركـود أكثـر حـدة مقارنـة بالفتـرة الماضيـة، ويضـم قطـاع الخدمـات إليـه متأثـراً بضعـف التوظيـف ودرجـة الثقـة، وأن قـرارات منظمـة التجـارة العالميـة لتسـوية النزاعـات لـم تعـد ملزمـة وفقـدت قوتهـا، وأن الانتقـال مـن سياسـات التحريـر التجـاري إلـى الحمائيـة من شـأنه تحميـل التجـارة والاسـتثمار بتكاليـف باهظة.
في المقابل، توجد فرص أيضا كثيرة، فأول رحلة فضائية تجاريـة إلـى محطـة الفضاء الدوليـة ومهمة خدمة الأقمار الصناعية التجارية سـوف تتحقق قريبا، كما أن الاسـتثمار في الابتكار والتعليم يمكن أن يسهم جنباً إلى جنب الاصلاحات الهيكلية في رفع المسـتويات الإنتاجية، وتمهيـد الطريـق نحـو تحقيـق معـدلات نمـو أعلـى خلال العقـد الجديد.
وتعرض فصل ” اتجاهات عالمية ” للتوترات الجيو- سياسية عالمياً حيث تم استعراض التقرير السنوي “ويليـس تاويـرز واتسـون” و “تحليلات أكسفورد” المعنون “تقريـر اسـتطلاع المخاطـر السياسـية السـنوي”، وتعكـس نتائجـه الزيـادة المتناميـة والجوهريـة فـي الخسـائر الناجمـة عـن المخاطـر السياسـية، واعتمـد التقريـر علـى تنفيـذ دراسـة اسـتقصائية لعـدد 41 شـركة كبـرى غالبيتهـا مسـجلة ضمـن قائمـة شـركات “فوربـس العالميـة 500” حيـث تـم عقـد مقابلات متعمقـة مـع لجنـة مـن عشـرة مشـاركين فـي كل شـركة. وقـد غطـت الشـركات قطاعا عريضـا مـن الأنشـطة الإقتصاديـة، بمـا فـي ذلـك الطيـران والزراعـة والأغذيـة والمشـروبات والنقـل والنفـط والغـاز والتعديـن وتجـارة التجزئـة والتصنيـع. ووفقـا لمنهجيـة المسـح، تـم اختيـار شـركات يقـع مقرهـا الأم فـي أمريـكا الشـمالية أو أوروبـا أو اليابـان، علـى أن يكـون لديهـا معاملات عالميـة واسـعة النطـاق؛ بمـا فـي ذلـك المناطـق الخطـرة.
وأوضحت الشـركات المشـاركة أن عام 2019 يمكن اعتباره نقطة تحول جوهرية فيما يخص المخاطر السياسـية التي تواجههـا، لانهـا عانـت مـن ضغوط سياسـية متصاعـدة، نتيجـة حـروب تجاريـة ومطالبات شـعبوية، واجاب 71% من المشاركين بأن تركيـز شـركاتهم علـى إدارة المخاطـر السياسـية قـد زاد منـذ العـام 2018، مـع اعتقـاد %61 منهـا أن مسـتوى المخاطـر السياسـية قـد ارتفـع خلال نفـس الفتـرة، فيما قالت 68% من الشـركات التـي تـم مقابلتهـا أنها عانـت مـن خسـائر نتيجـة المخاطـر السياسـية التـي تواجههـا فـي عـدد 37 دولـة. وقـد أشـار 75% منهـا إلـى أن قيمـة الخسـائر التـي منيـت بهـا كانـت أكبـر مـن 250 مليـون دولار أمريكـي، فيما أشار 54 %مـن المشـاركين إلـى أنهـم عانوا من خسـائر نتيجـة العنـف السياسـي والتهجيـر القسـري فـي العـام 2019، وتشـهد هـذه النسـبة ارتفاعـا عمـا كانـت عليـه فـي العـام السـابق عليـه؛ حيـث سبق أن سـجلت 48%. فيما مُنى %46 مـن الشـركات المشـاركة بخسـائر نتيجـة العقوبـات التجاريـة أو حظـر الاسـتيراد والتصديـر فـي العـام 2019 حيث ترتفـع النسـبة عمـا كانـت عليـه في العام السـابق.
وعنـد سـؤال الشـركات المشـاركة عـن توقعاتهـا بشـأن المخاطـر السياسـية المتوقـع أن تؤثر عليها في عام 2020، جـاءت المنافسـة الاسـتراتيجية بيـن الولايـات المتحـدة األمريكيـة والصيـن وحظـر الاسـتيراد والتصديـر فـي المرتبـة الأولـى، بنسـبة 31%. وعلـى مسـتوى الشـرق الأوسـط، أشارت 75% مـن الشـركات المشـاركة فـي المسـح إلـى التأثيـر المتوقع لخطر عـدم الاسـتقرار والعنـف السياسـي والتهجيـر القسـري فـي عـام 2020، ليحتـل بذلـك المرتبـة الأولى.
وأبرز فصل “اتجاهات عالمية” مسألة آفاق الاقتصاد العالمي خلال عام 2020، حيث أصـدرت مجموعـة “فيتـش” مؤخـراً تقريرهـا المعنـون “الموضوعـات الكليـة العالمية الرئيسـية لعام 2020″، مضيفاً أن العام 2019 كان مليئا بالتحديات على المستوى الكلي، للتباطؤ الحاد في نمو الاقتصاد العالمي والارتفـاع الكبيـر فـي مخـاوف الركـود. ومـن المتوقـع أن يسـتمر الحـال هكذا في العام 2020، كما أشار إلى وجود تحديات كبيرة تواجه صانع السياسـات العامـة، فـي ظـل الاختلالات الاقتصاديـة والنمـو البطـيء، ومـن المتوقـع أن يسـتقر نمـو الناتـج المحلـي الإجمالي العالمـي عنـد مستوى 2.7 % في العـام 2020، مقارنـة بنحـو 2.7 % في العام السـابق عليه، ومن المتوقـع تسـارع النمـو الاقتصادي فـي الأسـواق الناشـئة، ليرتفـع مـن 3.9% عـام 2019 إلى 4.3 % فـي العام 2020 في حيـن يتباطـأ أداء الأسـواق المتقدمـة، لينخفـض نمـو ناتجهـا المحلـي الإجمالـي مـن 1.6% إلى 1.5% فـي نفس الفترة.
وأشار التقرير إلى أنه رغـم الارتفـاع المتحقـق فـي نمـو الناتـج المحلـي الإجمالـي، إلا أنـه لـن يكـون كافيـا لتخفيـف التحديـات التـي يواجههـا صانعـو السياسـة العامـة بشـكل كامـل، خاصـة مـع اسـتمرار المخاطـر السياسـية والجيو- سياسـية.
وعكـس تقريـر مجموعـة “فيتـش” اسـتمرار معانـاة الاقتصـاد الأوروبـي علـى المسـتوى الاقتصـادي، مـع تصاعـد الضغـوط التضخميـة التـي سـيعاني منهـا إقليـم آسـيا والمحيـط الهـادئ، بالإضافة إلـى التحديـات السياسـية التـي مـن المتوقـع أن تعانـي منهـا أمريـكا اللاتينية
ومن المتوقـع أن يواجه إقليم آسيا والمحيط الهاديء حالـة مـن عـدم اليقيـن السياسـي والاقتصـادي الكبيـر فـي العـام 2020، متأثـراً بالتوتـرات التجاريـة بيـن الولايـات المتحـدة الأمريكيـة والصيـن، الأمـر الـذي سـوف يؤثـر علـى النمـو فـي كافـة المجـالات، وسـوف يدفـع ذلـك بـدوره الحكومـات والبنـوك المركزيـة فـي المنطقـة إلـى تبنـي سياسـات داعمـة علـى نطـاق واسـع، مع مشـاركة العديد منها فى تدابير مالية تحفيزية كبيرة.
وفيما يتعلق بالقارة الأوربية، فإنه من المتوقـع أن تسـتمر معاناتـها مـع المخاطـر الكثيـرة التـي واجهتهـا خلال عام 2019، هـذا وتشـير البيانـات إلـى أن صـادرات الإقليـم قـد سـجلت أدنـى مسـتوياتها، ومـن غيـر المرجـح أن تدعـم البيئـة الخارجيـة نمـو هـذا الإقليـم مـع اسـتمرار تباطـؤ النمـو العالمـي.
فيما واجهت دول أمريكا اللاتينية سـنة عصيبـة خلال العـام 2019، ومـن غيـر المتوقـع أن يكـون هـذا العـام أفضـل كثيـرا، لأنهـا سـوف تعانـي مـن تحديات سياسـية محلية وإقليمية جوهرية، إلى جانب تأثرها بالتوترات التجارية العالمية وحالة عدم اليقين بشـأن السياسـة الخارجية.
وعلى صعيد إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يبـدو أن عـدم الاسـتقرار السياسـي سـوف يظـل سـمة سـائدة فـي المنطقـة فـي العـام 2020، حيـث اندلعـت اضطرابات اجتماعية في العديد من بلدانه خلال الأشهر الأخيـرة.
وتطرق التقرير إلى الحديث عن آفاق الصناعة العالمية خلال عام 2020، وفي هذا الصدد تمت الإشارة إلى التقرير السنوي لمجموعة “فيتش” الذي جاء تحت عنوان “آفاق الصناعة العالمية خلال عام 2020” وقـام بتحديـد ثلاث قضايـا رئيسـية تتعلـق بتوجهـات الصناعـة العالميـة خلال العام 2020 تتمثل في : مواكبة السياسات الحكومية، واستمرار الاهتمام بقضية الاستدامة كأولوية أولى، وأهمية التنويع في ظل نضوج النظام البيئي للمركبات الكهربائية.
وأوضح التقرير أن هنـاك خمسـة محـددات رئيسـة مـن المتوقـع أن تسـيطر علـى توجهـات الصناعـات الرئيسـة خلال العـام 2020، مـن شـأنها التأثيـر علـى حجـم الإنتاج والأسـعار، وهي : نمو مبيعات السيارات، ونمو قطاع التشييد والبناء، وتباطؤ نمو الانفاق الاستهلاكي، والتحول لشبكات الجيل الخامس، والتوسع في إنتاج المركبات الكهربائية.
وأشار التقرير في فصله الثاني، إتجاهات محلية، إلى أنه وفقاً للتقرير ربع السنوي الصادر عن مجموعة “فيتش”؛ سيظل الاقتصاد المصري قويـًا علـى المـدى الزمنـي القريـب، فـي ظـل اسـتقرار الاقتصـاد الكلـي والسياسـة المالية التوسعية؛ الأمر الذي يسهم في زيادة مستويات الطلـب الكلـي. وستسـتمر معـدلات نمـو الناتـج المحلـي الإجمالـي فـي التفـوق مقارنـة بـأداء كافـة البلـدان الأخـرى فـي إقليـم الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا، حيـث سجل 5.6 % خلال السنة المالية الجارية تنتهي في 30 يونيو. وسـتظل الاسـتثمارات قائـد النمـو الرئيـسي فـي المـدى الزمنـي القريـب. ومـع تراجـع آلام التعديلات االاقتصاديـة الكليـة الأخيرة، مـن المتوقـع أن يسـجل الاستهلاك الخاص أيضاً نموا قويا، وسيسـتمر عجـز الميزانيـة العامـة للدولـة فـي الإنخفاض، ليصـل إلـى 7.4 % كنسـبة مـن الناتـج المحلـي الإجمالي خلال السنة الماليـة الحالية.
وتعد النظـرة المسـتقبلية للاقتصـاد المصـري إيجابيـة إلى حـد كبيـر، ومـن المتوقـع أن تسـجل الدولـة أعلـى معـدلات النمـو الصحيـة فـي منطقـة الشـرق األوسـط وشـمال إفريقيا، ومـن المتوقـع أن يـؤدي الاسـتثمار إلـى دفـع عجلـة النمـو الاقتصـادي، مـع تنامي الاستهلاك الخاص أيضا. وفي الوقت نفسـه، مـن المرجـح أن تظـل قيمـة صافـي الصـادرات مسـتقرة إلـى حـد كبير، مـع عودة نمو الواردات واسـتقرار إنتاج الغـاز الطبيعي.
ونوّه تقرير “مقتطفات تنموية” الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، إلى التحليل الصادر عن وحدة استخبارات الإيكونوميست “Economist Intellegence Unit” بشـأن توجـه الصيـن إلـى تعزيـز قوتهـا الاسـتثمارية فـي مصـر، فـي ظـل حـرص حكومـة الأخيرة علـى الحـد من الاعتمـاد الجيو- سياسـي على الولايـات المتحدة الأمريكية.
وتعمـل الصيـن علـى تعزيـز اسـتثماراتها فـى مصـر، ومـن جانـب آخـر تفتـح مصـر ذراعيهـا للاسـتثمارات الصينيـة والعالميـة فـى ظـل حـرص الحكومـة المصريـة علـى الحـد مـن الاعتماد الجيـو- سياسـي علـى دولة بعينها، وفى ظل مـا تـم إنجـازه مـن إصلاح تشـريعي لبنيـة الاقتصـاد فـى عهـد الرئيـس عبـد الفتـاح السيسـي، بالإضافـة إلـى الأوضـاع الاقتصاديـة الجيـدة للصيـن التـى تعـد الأساس المتيـن والمحـرك لملـف التعـاون الثنائـي مـع مصـر.
وكمـا أوضحـت بيانـات الهيئـة العامـة للاسـتثمار والمناطـق الحـرة، بالإضافـة إلـى الجهـاز المركـزى للتعبئـة العامـة والإحصـاء، فـإن عـدد الشـركات الصينيـة العاملـة فـى قطاعـات الاقتصـاد المصـرى تبلـغ 1668 شركة بإجمالـى رؤوس أمـوال يبلـغ نحـو 1.1 مليـار دولار، تعمـل فـى عـدة قطاعـات اقتصاديـة، كمـا أن حجـم الاسـتثمارات الصينيـة المباشـرة والمشـتركة فـى مصـر يبلـغ نحـو 7مليـارات دولار، فالصيـن تأتـى ضمـن أكبـر 20 دولـة مسـتثمرة فـى مصـر، وتسـعى لزيادة الاستثمارات فى مصـر خلال الفترة القادمـة، وفـى إطـار زيـادة التعـاون الثنائـى بيـن “القاهـرة” و”بكيـن”. فمـن المتوقـع زيادة حجـم التجارة بين مصر والصين بنسـبة تتجـاوز %24 خلال عـام 2020.
وأشـارت “الإيكونومسـت” فـي تقريـر لهـا صـادر مؤخـرا إلـى أن معـدل التضخـم المصـري قـد انخفـض إلـى أقل مـن 10% للمرة الأولـى منـذ العـام 2013، وهـذا مـا أكـده أيضـا تحليـل البنـك المركزى الشـهرى للتضخم. وانخفض معدل التضخم إلى 9.4% فى يونيو 2019 من 14.1 % فى مايو 2019، ليسجل أدنى معدل له منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقـد شـهدت أسـعار المسـتهلكين فـى يونيـو 2019 إنخفاضـا فـى أسـعار السـلع الغذائيـة، وخاصـة أسـعار محموعـة الخضـروات والفاكهـة الطازجـة، كمـا انخفضـت أسـعار السـلع الغذائيـة الأساسـية انخفاضـاً طفيفـا.
وفـى ضـوء مـا سـبق، سـجل التضخـم الأساسـي معـدلاً شـهريا بلـغ 0.3 % فـى يونيـو 2019 مقابـل 1.6 % فـى يونيـو 2018، بينمـا انخفـض المعـدل السـنوى للتضخـم الأساسـي إلـى 6.4 % في يونيو 2019 من 7.8 % فـى مايو 2019 ليسـجل أدنى معدل لـه منـذ أكتوبـر 2015 ومعـدلا أحاديـا للشـهر الثانى عشـر علـى التوالي. ويعـود انخفـاض التضخـم السـنوي إلـى عـدة أسـباب أهمهـا اسـتمرار الإنخفـاض فـى أسـعار سـلة اللحـوم والدواجـن بنسـبة 7.8 % مقابل 4.4 % في سبتمبر 2019 وهو الانخفاض الثالث على التوالي منذ أغسطس من نفس العام.
ولفت التقرير إلى مبدأ تعزيز مقومات التنافسية المستدامة المصرية، حيث أصدرت مؤسسـة “سـول أبيلتي Sole Ability ” ومقرهـا كوريـا الجنوبيـة، تقريرهـا السـنوي “مؤشـر التنافسـية المسـتدامة العالميـة” ليعكـس ضـرورة تحسـين المقومـات التـي تضمـن اسـتدامة النمـو والتنميـة والإزدهـار مسـتقبلا، ويقـوم المؤشـر بقيـاس التنافسـية المسـتدامة العالميـة للاقتصـادات القوميـة.
وتـم تطويـر هـذا المؤشـر بشـكل أساسـى لمواجهـة النقـص فـي قيـاس القـدرة التنافسـية المتكاملـة للـدول، ويعتمـد علـى 116 مؤشـر ًا كميـا، يسـتند علـى 5 أعمـدة متسـاوية الأهميـة وهـى: رأس المـال الطبيعـي، والحوكمـة، ورأس المـال الفكـري، وكثافـة المـوارد، والتماسـك الاجتماعي.
ويقول أسامة الجوهرى، مساعد رئيس الوزراء، والقائم بأعمال رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، اشتمل التقرير، الذى أعده المركز، على مسألة تعميق سلاسل القيمة المصرية العالمية، وفي هذا السياق تمت الإشارة إلى تقرير مجموعة البنك الدولي الصادر أوائل العام 2020 تحت عنوان “التجارة من أجل التنمية في عصر سلاسل القيمة العالميـة”، والذي يشير إلـى قـدرة سلاسـل القيمـة العالميـة علـى تعزيـز النمـو، وخلـق فـرص عمـل أفضـل، والحـد من الفقر، شـريطة أن تقـوم البلـدان الناميـة بتعميـق إصلاحاتها.
كما اشتمل التقرير على عدد من الخبرات الدولية، هي الاستثمار الأخضر واسهاماته في دعم مكافحة تغير المناخ، والتجربة الصينية في تعزيز سلاسل القيمة المضافة، وصعود نيجيريا إلى أقوى اقتصادات إفريقيا.
وفيما يتعلق بمسألة دعم الاستثمار الأخضر لجهود مكافحة تغير المناخ، أشار التقرير إلى رصد ” المنتـدى الاقتصـادي العالمـي ” توجهـات بلـدان أمريـكا اللاتينية والبحـر الكاريبـي بشـأن مكافحـة تغيـر المنـاخ، وإطلاقهـا لخطـط طموحـة تسـتهدف “صافـيا صفـريا” مـن انبعاثـات الغـازات الدفيئـة، مضيفاً أنه فـي العـام الماضـي، أظهـر مسـح( Americas Barometer)أن غالبيـة كبيـرة فـي المكسـيك وأمريـكا الوسـطى وأمريـكا الجنوبيـة ومنطقـة البحـر الكاريبـي تعتقـد أن تغيـر المنـاخ يمثـل مشـكلة خطيـرة. وفـي الآونـة الأخيـرة، أظهـر اسـتطلاع رأي أجرتـه شـركة Pew للأبحاث أنهـم قلقـون بشـأن التغيـر المناخـي أكثر بكثير من التهديدات الأخـرى العالمية. ويعزى ذلك في جـزء منـه إلـى أن المنطقـة تعانـي بالفعـل مـن أحداث مناخية مثيرة، مثل الفيضانات الشـديدة والجفـاف والأعاصير المدمرة.
وأشار التقرير إلى مفهوم الاستثمار الأخضر على أنه عمليـة تخصيـص رأس المـــال فـــي مشـــروعات الغـــرض منهـــا تحقيـــق فائـــدة بيئيـة. ويمكـن لتلـك العمليـة أن تتـم مـن قبل أفراد أو مؤسســـات ماليـــة، أو صناديـــق تحـــوط، أو حتـــى شـــركات.
وأضاف أنه كمـا يمكـن لكثيـر مـن الشـركات زيـادة اسـتثماراتها فـي المشـروعات الخضراء ضمن أهدافها البيئية والاجتماعية، إلا أن ذلـك يحتـاج إلـى وجـود مشـروعات عامـة صديقـة للبيئـة، لتتيـح لهـم فرصـة الاسـتثمار فيهـا، مـع ثقتهـم بـأن أموالهـم سـوف تحـدث فرقا، بالإضافـة إلى توافر ضمانات سـوف تسـتخدم لتمويـل مشـروعات مسـتدامة بيئيـا، ولـن يتـم تخصيصهـا لبنـاء جسـور أو تمويـل العجـز فـي الموازنـة العامـة للدولـة.
كما تمت الإشارة إلى مفهوم السندات الخضراء، والتـي تتزايـد شـهية المسـتثمرين لهـا يومـا بعـد يـوم. جديـر بالذكـر أن تلـك السـندات يتـم تصميمهـا خصيصا لتمويل مشـروعات مناخية وبيئية، وعادة يطلق عليهـا أيضـا “السـندات المناخيـة”، وتعكـس مؤشـرات “صنـدوق النقـد الدولـي” القفـزة الكبيـرة التي حققتها السـوق الدولية للسـندات الخضراء، حيث ارتفعـت مـن 78 مليـار دولار أمريكـي فـي أغسـطس 2015 لتسـجل 590 مليـار دولار أمريكـي فـي أغسـطس 2019.
وفيما يتعلق بالتجربة الصينية في تعزيز سلاسل القيمة العالمية، أبرز التقرير وجود أهميـة خاصـة للتجربة الصينية كونهـا تؤكـد علـى قـدرة الـدول الناميـة علـى الوصـول الـى أعلـى درجـات النمـو الاقتصـادى والدخـول فـى الأسـواق العالميـة.
واستعرض التقرير قصة صعود نيجيريا إلى قمة اقوى اقتصادات إفريقيا، إذ حقـق الاقتصـاد أسـرع نمـو لـه منـذ أكثـر مـن ثلاث سـنوات، ومـن المتوقـع أن يشـهد النمـو ارتفاعـا أكثـر هـذا العـام بفضـل الاسـتثمارات الرأسـمالية القويـة والإنفـاق الاسـتهلاكي، ويرجـع الفضـل فـي جـزء كبيـر منه إلى تعزيز النشـاط الاقتصادي غير النفطى.
كما اهتم التقرير بعرض عدد من المفاهيم التنموية المختلفة مثل اقتصاد الشغف، والتجارة العادلة، وشركات الزومبي، كما استعرض عددا من إصدارات الكتب الحديثة في المجال الاقتصادي والتنموي، فضلاً عن المؤشرات الاقتصادية الخاصة بأسواق السلع مثل أسعار النفط والخام والمعادن، وأسعار الحاصلات الزراعية في البورصات العالمية، وكذا مؤشرات أسواق المال في البلدان المتقدمة والأسواق الناشئة والسوق المحلي وأداء الاقتصاد الكلي عالميا ومحليا وأسواق النقد، فيما يتعلق بأسعار صرف العملات الرئيسية أمام الدولار الأمريكي، وأسعار صرف الجنيه المصري مقابل العملات الرئيسية، ومعدل العائد على الإقراض بين البنوك المركزية الرئيسية على أساس يومي، ومعدل العائد على الإيداع والإقراض بين البنوك المصرية على أساس يومي.