تسببت الحرب في وكرانيا في إعاقة حركة الملاحة في البحر الأسود بشكل كبير مما يؤدي لعواقب واسعة النطاق على النقل الدولي وسلاسل التوريد العالمية، وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وبقيت عشرات سفن الشحن عالقة في ميناء ميكولايف الأوكراني، بحسب مواقع تتبع حركة الملاحة البحرية، فيما ظل 3500 بحار عالق في نحو 200 سفينة على الموانئ الأوكرانية، وفقا لشركة “ويندورد” للشحن البحري ومقرها لندن.
وقال المؤرخون البحريون إن عدد السفن العالقة في جميع أنحاء العالم يعد أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية.
وبسبب الحرب في أوكرانيا، أغلقت ثاني أكبر منطقة مصدرة للحبوب في العالم. وتمثل أوكرانيا وروسيا مجتمعة 30 بالمئة من صادرات القمح العالمية. وقفزت أسعار القمح العالمية أكثر من 55 بالمئة منذ الأسبوع الذي سبق التحرك العسكري الروسي.
وقال الأستاذ بجامعة كامبل في نورث كارولينا والملاح التجاري السابق، سالفاتور ميركوجليانو، “هذه الصدمة لإمدادات الحبوب العالمية هي أكبر صدمة منذ تخفيضات أوبك للنفط في السبعينيات”. وأضاف: “يعني ذلك نقص الغذاء في الشرق الأوسط وأفريقيا، والتضخم في جميع أنحاء العالم”.
وتزيد الحرب على أوكرانيا من الإجهاد على سلاسل التوريد العالمية للحبوب، التي تضررت بالفعل بسبب عامين من الاضطرابات الناجمة عن الوباء. وتشهد البلدان الفقيرة التي تعتمد على الواردات ضعف في المعروض، فيما ترتفع الأسعار في دول مثل مصر وتركيا وسوريا. وتستورد مصر 85% من قمحها من أوكرانيا وروسيا.
وأدت الحرب على أوكرانيا إلى إجبار آلاف من البحارة الأوكرانيين والروس أن يظلوا عالقين في الموانئ حول العالم، مما يجعل مالكي السفن يسعون للعثور على أطقم بديلة للحفاظ على سلاسل التوريد، بحسب الصحيفة الأميركية.
في البحر الأسود وبحر آزوف المجاور، وهما ممران مهمان لتصدير الغذاء والنفط، تعرضت خمس ناقلات وسفن شحن للصواريخ، وفقا لسلطات الموانئ الأوكرانية. وتشمل السفن المنكوبة ناقلات وسفن حاويات وناقلات سوائب من اليابان وتركيا ومولدوفا وإستونيا لنقل البضائع بما في ذلك الديزل والطين والحبوب.
وتلقي السلطات الأوكرانية باللوم بشكل عام على روسيا، التي حشدت أسطولا من السفن الحربية على طول الساحل الأوكراني. في المقابل، نفت روسيا مسؤوليتها عن الهجمات. واستهدفت القوات الروسية صواريخ على البنية التحتية في الموانئ الأوكرانية – كجزء من خطة للاستيلاء على الساحل الجنوبي لأوكرانيا لعزله عن البحر وخنق اقتصادها.
والأربعاء الماضي، ضرب صاروخ على متن سفينة الشحن “MV Banglar Samriddhi” عند الساعة 5:25 مساء، مما أسفر عن مقتل أحد أفراد الطاقم وإصابة عدة آخرين بحروق خطيرة، وفقا لأفراد الطاقم الذين يحملون الجنسية البنغلادشية وعائلاتهم والسلطات الأوكرانية.
كانت هذه خامس سفينة تجارية تتعرض للقصف بالمدفعية قبالة سواحل أوكرانيا منذ الحرب الروسيية على أوكرانيا يوم 24 فبراير الماضي.
في 27 فبراير، وصلت أنباء إلى الطاقم البنغلاديشي عن إصابة سفينة شحن يابانية في المياه الأوكرانية بصاروخ، حيث رفعوا أعلام بنغلاديش على أمل أن تحميهم.
كان طاقم سفينة الشحن “MV Banglar Samriddhi” المكون من 29 فردا رسوا في ميناء أولفيا الأوكراني يوم 23 فبراير، استعدادا لتحميل الطين والمواد الخام لتصنيع السيراميك المتجه إلى ميناء رافينا الإيطالي.
واتصل المهندس الثالث حسيدور رحمن، المعيل الرئيسي لأسرته في الريف الجنوبي لبنغلاديش، بإخوته ليقول لهم إنه وصل ويخبرهم بعودته قريبا لبلاده حتى يتزوج العام المقبل.
في غضون ساعات، تدفقت القوات الروسية عبر الحدود الأوكرانية وحاصرت مئات السفن، بما في ذلك سفينة الشحن البنغلاديشية.
وسمع الطاقم أصوات انفجارات بعيدة وشاهدوا الدخان يتصاعد في الأفق بقلق، فيما وجهت الشركة المالكة للسفينة بالإبحار في المياه الدولية لكن النقيب نور علم لم يتمكن من الحصول على إذن من السلطات الأوكرانية.
وأُبلغ طاقم السفينة أنه تم زرع عشرات الألغام البحرية حول مدخل الميناء. قال علم: “لم نتمكن من الخروج لأن الألغام كانت تسد القناة”. في غضون ذلك، كانت عائلة رحمن في بنغلاديش تمطره بالرسائل. وقال في رسالة نصية بتاريخ 26 فبراير إلى شقيقه الأصغر: “هناك محاولات لنقلنا لمكان آخر. لكن هذا صعب”.
أخبر رحمن عائلته أنهم سيتحصنون داخل السفينة، في وقت أمر فيه القبطان بتقنين الطعام. وتسارعت الجهود الدبلوماسية لإجلاء الطاقم، حيث كان المسؤولون البنغلاديشيون في وارسو يضغطون على الأوكرانيين.
في 2 مارس عند حوالى الساعة الخامسة مساء، صعد رحمن إلى جسر الملاحة للحصول على إشارة استقبال أفضل للهاتف المحمول واتصل بأسرته.
سعى إلى تهدئة مخاوف إخوته وأخبرهم أن عمله يساعد الأسرة بالنجاة من الفقر، قائلا: “لا تقلق علي. أنا بخير”. سمع شقيقه غلام انفجارا أثناء المكالمة قبل أن ينقطع الخط. وعلم شقيقه الآخر في وقت لاحق أن الصاروخ قتل رحمن.