لن يدرج عديد من الأشخاص عبارة “عدم الخوف من العناكب” في سيرهم الذاتية. مع ذلك، في سيدني، موطن أكثر العناكب السامة في العالم للإنسان، فإن عدم الانزعاج عندما يطلب منك طرد عنكبوت غير مرغوب فيه هي مهارة يمكنك تحقيق الأرباح منها.
شركة ” إير تاسكر” – سوق أسترالية عبر الإنترنت تربط الأشخاص الذين يحتاجون إلى إنجاز مهام لهم من عمال النظافة، والنجارين، والبستانيين وغيرهم – وجدت أن هناك أيضا سوقا تلقى رواجا أكبر لمزيلي العناكب، عكس عمال الرش الذين يعملون بدوام كامل.
نشرت امرأة أنها ستدفع 35 دولارا أستراليا لأي شخص يمكنه طرد عنكبوت كبير من منزلها على الفور. خلال ساعات تم نسخ منشورها عدة مرات، ومن هنا ولدت صناعة متخصصة.
بالنسبة إلى تيم فونج، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة إير تاسكر، فإن ظهور صائدي العناكب هو دليل على نوع الخدمات التي لم يدرك الناس أنهم بحاجة إليها. يقول، “يتم الاعتراف بمهارات معينة دون غيرها. لكن عدم الخوف من العناكب هي مهارة. لدى كل فرد أمر مميز يمكنه القيام به”.
قد تبدو المهام المتخصصة – مثل تركيب أثاث أيكيا، وتعليم تركيب قطع الليجو وتغيير صنابير الحمام – محددة لكن، بالإجمال، أصبحت مجالات هامشية مربحة بالنسبة إلى “منجزي المهام”، والأعمال التجارية الكبيرة بالنسبة إلى السوق.
يعطي فونج مثالا عن أحد العمال منجزي المهام، المعروف باسم “ترمبولين ويسبرر”، الذي يكسب عشرات الآلاف من الدولارات سنويا من أجل تركيب الترمبولين للآباء الذين يريدون مفاجأة أطفالهم، ولا يرغبون أو غير قادرين على تركيب الترمبولين بأنفسهم.
جاءت فكرة شركة إير تاسكر في 2012، عندما طلب فونج من صديق مساعدته على الانتقال إلى المنزل. كان لدى ذلك الصديق شاحنة، تستخدم عادة لنقل قطع الدجاج المجمدة. بينما كان ينقل ممتلكاته التي تشبعت برائحة الدجاج إلى منزله الجديد، سأل فونج نفسه لماذا كان يطلب المساعدة من صديق متردد – ولماذا لم يكن هناك سوق شبيهة بـ”إيباي” للأعمال المختلفة.
بعد مرور عشرة أعوام، أصبح لدى شركة إير تاسكر 150 ألف عامل ينجزون المهام قدموا خدماتهم إلى 1.2 مليون عميل يدفعون أجورهم، ما جعلها تحتل المرتبة 292 في تصنيف صحيفة “فاينانشيال تايمز” لشركات آسيا والمحيط الهادئ ذات النمو المرتفع.
تبلغ قيمة الأعمال المحجوزة عبر شركة التجارة الإلكترونية منذ إنشائها هي 1.1 مليار دولار أسترالي. فمنذ 2008 فصاعدا، توسعت إلى المملكة المتحدة ونيوزيلندا وسنغافورة والولايات المتحدة، حيث دخلت في منافسة مع المنافسين القريبين، مثل المنصات الأمريكية “تاسك رابيت” و”ثمبتاك”.
أعاقت إجراءات الإغلاق الصارمة في أستراليا أثناء الجائحة تقدم شركة إير تاسكر، حيث لم يسمح لمنجزي المهام في كثير من الأماكن بدخول منازل الناس للقيام بالأعمال المختلفة. أضر ذلك بأسهمها، التي انخفضت قيمتها إلى النصف منذ (أكتوبر).
لكن الشركة بدأت بالتعافي منذ رفع تلك الإجراءات. ارتفعت إيرادات شركة إير تاسكر 10 في المائة لتصل إلى 13.9 مليون دولار أسترالي في النصف الأول من هذا العام، وعلى الرغم من أنها تظل تتكبد الخسائر، إلا أنها رفعت احتمالات نموها لهذا العام.
كانت رحلة فونج في عالم الشركات الناشئة غير اعتيادية. حيث قضى الرجل الذي نشأ في سيدني خمسة أعوام في ماكواري، البنك الأسترالي ومدير الأصول، لكنه قرر تغيير مهنته. كان طفلا عارضا للأزياء، انضم في البداية لوكالة أزياء في 2009. هناك، التقى ببيتر أوكونيل، متقاعد من صناعة الاتصالات وكان يؤسس شركة “أمايسم”، مشغلة افتراضية لشبكات الهواتف المحمولة، وانضم فونج في 2010 ليحصل على ما يسميه “ماجستير إدارة الأعمال في كيفية تنمية شركة ناشئة”.
إن أكبر انتقاد يوجه لشركة إير تاسكر – بشكل مشابه للشركات الأخرى في اقتصاد العمل الحر – هو أن العامل الذي ينجز المهمة المطلوبة لا يتقاضى أجرا كافيا، مقارنة بموظف مهني يعمل بدوام كامل. كما جادلت النقابات بأن الشركات مثل إير تاسكر تستغل فئة فرعية من العمال.
يعترف فونج بأن الشركة كانت يوما ما مذنبة بسبب التركيز على بناء قاعدة عملائها وعدم التفكير بمنظور منجزي المهام. يقر، “إذا فكرت بشركة “أوبر” أو “ديلفيرو”، فإن النهج المتبع بشكل كبير هو “كيف نقوم بهذا الأمر الرائع للعملاء” و”يجب أن نضع كثيرا من الضغط على مجموعة من الركاب والسائقين لتحقيق ذلك”.
لكن شركته تعمل مع منجزي المهام ذوي السمعة الجيدة لتجنب الهبوط إلى القاع. يقول فونج إن 70 في المائة من المهام المنشورة على المنصة لا يتم تسليمها لأرخص العمال، ما يدل على أن العملاء على استعداد لدفع أجور أكبر مقابل جودة الخدمة.
يتذكر مشاهدة ترافيس كالانيك، مؤسس شركة أوبر، وهو يتحدث عن كيف ستجني شركته مزيدا من الأموال عندما تكون السيارات ذاتية القيادة قادرة على العمل دون سائق. يقول فونج إنه سيكون أمرا سيئا لشركته، ولمنجزي المهام، إذا حلت الروبوتات محل عمال النظافة البشريين والوظائف الأخرى.
أحيانا يتم انتقاد شركة إير تاسكر من قبل المحترفين الذين يقولون إن دخلهم قد تضرر من قبل الهواة المتحمسين، الذين يأخذون وظائف صغيرة – مثل استبدال الصنبور – من شركاتهم.
لكن فونج لا يتوقع أن تحل شركة إير تاسكر محل الخدمات المنزلية مثل السباكة أو التنظيف، على الرغم من التنافس معها على الأعمال الصغيرة. يعتقد أن قيمة شركة إير تاسكر تكمن في “القائمة الطويلة للخدمات المتخصصة” التي ستوسع الحجم الإجمالي للخدمات المنزلية، حيث يطبق الأشخاص المهارات على الوظائف الصغيرة – مثل إزالة عنكبوت أو إخراج طائرة دون طيار “درون” من شجرة.
مع شركة إير تاسكر، يأمل فونج تسهيل الأمر على الناس للقيام بهذه المهام الصغيرة لهم، “في غضون خمسة إلى عشرة أعوام سننظر إلى الماضي ونفكر “أليس من الجنون أن الأمر كان صعبا جدا؟”.