تعمل ماريانا عزيز، مدير التسويق والاتصالات لدى شركة
(Orascom Construction) على إيجاد القيمة في كل مرحلة من مراحل مسيرة شركة المقاولات المصرية الكبيرة، مع وضعها تجربة الأفكار الجديدة صوب عينيها
في مكان قريب مطل على أهرامات الجيزة، يتم إنشاء مشروع المتحف المصري الكبير، ذلك الصرح المعماري الجديد الذي طال انتظاره، لينضم إلى أكبر متاحف العالم، حيث سيقدم لزواره مجموعة متنوعة من الآثار المصرية الفرعونية التي يصل عددها إلى 100 ألف قطعة أثرية.
تعمل شركة (Orascom Construction) للهندسة والإنشاء القائمة في القاهرة، على إنشاء المرحلة الرئيسية للمتحف بالتعاون مع الشركة البلجيكية الفرعية التابعة لها (BESIX) ومن المتوقع افتتاحه هذا العام. ومن وراء الستار، عملت ماريانا عزيز، مدير التسويق والاتصالات في (Orascom) إلى جانب فريقها لأعوام في الترويج والإعلان عن المتحف بطرق فريدة ومميزة، تنوعت بين إطلاق الجولات الافتراضية للمتحف، التي تستخدمها الشركة في مؤتمراتها، ونشر مقاطع الفيديو الدعائية في فيسبوك، وتنظيم المقابلات الصحافية مع أسامة بشاي، الرئيس التنفيذي في (Orascom) للتحدث بشأن المشروع.
ويعد المتحف المصري الكبير بمثابة رسالة تذكيرية بالدور الذي تؤديه (Orascom Construction) في مصر، إذ تعود جذورها إلى عام 1950 حين أسستها عائلة ساويرس المرموقة في مصر. وهي شركة مدرجة في بورصة ناسداك دبي فضلاً عن البورصة المصرية. أما اليوم، فتتمتع الشركة بقيمة سوقية تبلغ 712 مليون دولار، وتعد من أكبر الشركات في قطاع الهندسة والتشييد والبناء في الشرق الأوسط. كما احتلت المركز 84 في قائمة فوربس لـ»أقوى 100 شركة عامة في الشرق الأوسط 2019». فيما يتسع نطاق مشاريع الشركة، فهي مسؤولة عن إنشاء كل شيء، بدءاً من محطات الطاقة إلى أكبر منشآت تحلية مياه البحر في أفريقيا، وأجزاء من مشروع مترو أنفاق القاهرة. ويعمل لديها 53 ألف موظف من جميع أنحاء العالم، بينما تباشر أعمالها المهمة في أميركا، حيث تدير شركة المقاولات العامة (Contrack Watts).
عملت عزيز على قيادة قسم التسويق والاتصالات لدى (Orascom) منذ عام 2016. تقول: «جهودنا موجهة نحو خلق القيمة في كل مرحلة من مراحل مسيرة (Orascom Construction) الطموحة».
وعبر قيادتها للفريق المؤلف من7 أفراد، يقع على عاتق عزيز مسؤولية إدارة استراتيجية الاتصالات العامة لدى الشركة، بدءاً من العلاقات العامة إلى وسائل التواصل الاجتماعي ونحو ذلك. في حين يستخدم فريقها عدداً من الأدوات لتحقيق الرؤية التسويقية للشركة، بما في ذلك الموقع الإلكتروني والمحتوى التسويقي والإنتاج الرقمي والفعاليات التسويقية ونحوها. لكن عزيز، الخبيرة في القطاع لأكثر من 20 عامًا، دفعت أعمال التسويق والاتصالات في الشركة نحو اتجاهات جديدة لإنشاء المحتويات المتميزة، وتسليط الضوء على مشاريع العلامة التجارية بأكبر قدر ممكن لكل عميل محتمل. بالاعتماد على تبني التقنيات الجديدة واستراتيجيات التسويق الرقمي المتطورة، التي توفر طرقاً جديدة لإنشاء المحتويات التي تهم الفئة المستهدفة وتوزيعها. توضح: «نعمل دائماً على تجربة الأفكار الجديدة، ونحاول اتباع أحدث التوجهات».
وخلال الأعوام الـ4 الماضية، ركزت الشركة تركيزاً كبيراً على إنتاج مقاطع الفيديو، كتلك التي تسلط الضوء على أهم المشاريع، وأخرى توثيقية يشارك فيها الفريق الهندسي، مما ساعد عزيز على ترويج أعمال (Orascom) بطرق جديدة ومتميزة، في هيئة قصص يمكن للمشاهدين الذين ليس لديهم خبرة تقنية أو هندسية استيعابها. ويتضمن ذلك استخدام الطائرات المسيّرة للمساعدة في تصوير مواقع العمل مترامية الأطراف وتوثيقها، مع إضافة طابع سينمائي عليها. كما استعانت أيضاً ببعض تقنيات الواقع الافتراضي، مثلما فعلت في الترويج عن المتحف المصري الكبير، واستخدمتها أيضاً لإظهار مدى أمان وسلامة العمال في مواقع العمل. تقول: «لم يكن هذا النوع من المحتوى متوافراً من قبل». في حين تستخدم الشركة هذه المحتويات لأغراض متنوعة، بدءاً من المواد التسويقية المستخدمة في المؤتمرات إلى التواصل مع الفئة الشابة من الجماهير المهتمة بالانضمام إلى قطاع الإنشاء.
ورغم ذلك ينطوي العمل في ذلك المجال، على العديد من التحديات الفريدة من نوعها، إذ تعمل الشركة في قطاع شديد التعقيد، حيث يشمل الحصول على فرص الأعمال عملية صنع قرار معقدة. تضيف: «تعد صورة العلامة التجارية والعلاقات الشخصية شديدة الأهمية في الأسواق القائمة على معاملات الشركات». في حين تعمل (Orascom) مع مجموعة متنوعة من العملاء من القطاعين العام والخاص، بدءاً من شركة (AstraZeneca) وصولًا إلى وزارة الآثار المصرية، التي كلفت الشركة بإنشاء المتحف المصري الكبير. وتعمل أيضاً بشكل وثيق مع العديد من الشركاء، مثل شركة (Siemens) وكبرى الشركات الإقليمية مثل: شركة المقاولون العرب المصرية. بينما تقع المسؤولية على عزيز وفريقها في الموازنة بين هذه العلاقات المختلفة، والتأكد من وصول الرسالة التي تنطوي عليها العلامة إلى الأشخاص المناسبين، والعمل على تمييز (Orascom) عن منافسيها. تقول: «ندرك التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يواجهها عملاؤنا وشركاؤنا».
أما اليوم فتشهد (Orascom) فصلاً جديداً من تاريخها. حتى مؤخراً، كانت الشركة جزءاً من مجموعة (Orascom Construction Industries) مجموعة الشركات القائم مقرها في أمستردام، والتي تبلغ قيمتها السوقية اليوم 3.4 مليار دولار. وسعياً منها إلى تنسيق قاعدة المساهمين، وتحسين مدى وضوح وشفافية الأعمال، قسم الملياردير ناصف ساويرس، الرئيس التنفيذي للشركة، المجموعة إلى كيانين عام 2015: (Orascom Construction Industries) و(Orascom Construction) ليدير ساويرس اليوم (Orascom Construction Industries) التي تركز على الأسمدة والمواد الكيماوية، بينما أصبحت الأخرى شركة مستقلة، تركز على أعمال الهندسة والإنشاء العالمية.
وفي ضوء ذلك، كانت عزيز مسؤولة عن رواية قصة الشركة في هذه المرحلة الجديدة من مسيرتها، إلى جانب كبار المناصب في الشركة الذين شاركوا في هذه العملية أيضاً. فيما تشير فيبي إلياس، خبير أول في التسويق والاتصالات لدى (Orascom) إلى أن الفريق يعمل مباشرة مع الإدارة العليا على المشاريع، فتقول: «دفعنا ذلك إلى التعرف بشكل كبير على العقول وراء استراتيجيات الشركة، والحصول على فهم أعمق بما يحقق النتائج الجيدة وما لا يحققها».
ومما يزيد الأمور تعقيداً، أن الفريق يعمل في عصر يشهد فيه مجال التسويق والاتصالات، مثل العديد من المجالات الأخرى، تغييراً مستمراً بفضل التقنيات الجديدة. تقول عزيز: «لقد أصبحنا في عالم يتواصل عبر المقاطع الصوتية القصيرة التي لا تتجاوز مدتها دقيقتين، والعبارات القصيرة التي لا تتجاوز 140 حرفاً». ومن بين كم المحتويات التي تتنافس لجذب انتباه الأفراد على أجهزتهم، أصبح من الصعب بشكل أكبر التواصل مع الناس والعملاء بطرق مجدية.
في الوقت نفسه، ركزت المواد التسويقية في قطاع الإنشاء بصورة تقليدية على المواضيع، التي رغم أهميتها، إلا أنها ليست بالضرورة جذابة، مثل مواضيع أفضل الممارسات والمواضيع التقنية. تضيف: «يعد قطاع الإنشاء قطاعًا جافًا»، لكن البدء بتغيير ذلك جارٍ في (Orascom).
ومثل معظم الشركات الكبيرة الأخرى، يقدم فريق التسويق والاتصالات لدى الشركة مجموعة متنوعة من المحتويات، تشمل: المواضيع التقنية وغير التقنية، كالبيانات الصحافية وإجراء الندوات عبر الإنترنت ومقاطع الفيديو. كما دفعت عزيز أيضاً (Orascom) نحو تبني منصات التواصل الاجتماعي كجزء أساسي من استراتيجية التواصل الخاصة بها، رغم أنها تعترف قائلة بأن فئة الجمهور المستهدفة ليست حاضرة بالضرورة في هذه المنصات. توضح بقولها: «في مجال أعمالنا، لا يتمثل الهدف في الحصول على أكبر قدر ممكن من المتابعين، فنحن نسعى للوصول إلى فئة معينة من الجماهير». ورغم ذلك، يعد استكشاف هذه المنصات أمراً شديد الأهمية لزيادة تسليط الضوء على الشركة والتواصل مع العملاء.
وبالنسبة لشركة عالمية مثل (Orascom) تعد الأدوات مثل منصات التواصل الاجتماعي، مجالًا مفتوحاً لجذب المزيد من الأعمال، وفقاً لهنا حسين، خبير أول في التسويق والاتصالات لدى الشركة. وتوضح: «مكنتنا وسائل التواصل الاجتماعي من التواجد افتراضيًا في أي مكان نرغب فيه لمشاركة إرثنا، وتجاربنا، وخططنا المستقبلية». ومنذ عام 2017، تزايد الإقبال على صفحة الشركة في فيسبوك من 10 آلاف إعجاب إلى أكثر من72 ألف إعجاب اليوم، إضافة إلى 76 ألف متابع. كما حصلت في (LinkedIn) على أكثر من 236 ألف متابع.
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي من أهم المنصات الرئيسية لنشر مقاطع الفيديو الترويجية، حيث حققت العديد من إعلانات (Orascom) عدداً كبيراً من المشاهدات في فيسبوك، بما في ذلك مقطع فيديو من عام 2017 يسلط الضوء على مشروع (Burullus Power Station) في مصر، حيث حقق 129 ألف مشاهدة. بينما حقق الفيديو الذي يدور حول المتحف المصري الكبير أكثر من 44 ألف مشاهدة. تقول عزيز: «رغم أنه لا يعد من القطاعات الرقمية، إلا أن الإنشاء والبناء لا يختلف كثيرًا عن القطاعات الأخرى».
مع ذلك، لا تركز عزيز كثيراً على عدد مشاهدات فيديوهات (Orascom) أو مدى وصول منشوراتها إلى الأفراد، فالأمر يتعلق بالتواصل مع الأشخاص المناسبين. وبالنسبة لها ولفريقها، فالهدف الأول الذي يسعون إلى تحقيقه في 2020 يتمثل في زيادة تفاعل الجمهور المستهدف، وهو الشعار الذي وضعه الفريق على لوحات المنشورات في مكاتبهم.
إن تبني الأدوات الرقمية قد يوفر الطرق الجديدة لفريق التسويق والاتصالات في (Orascom) لإنشاء المحتويات وتوزيعها، إلا أنهم لا يعتمدون عادة على إطلاق الحملات التقليدية، لأن ما يشغلهم هو التسويق الذي يركز بشكل كبير على المعاملات التجارية. تؤكد بقولها: «إنه أمر مختلف تماماً بالنسبة إلينا». بالرغم من ذلك تطلق عزيز الحملات كلما كان ذلك ملائماً.
ومن الأمثلة على ذلك: حملة سلامة العمال في مشروع محطة كهرباء البرلس. حيث أطلقت الشركة هذه الحملة بالتعاون مع شريكتها (Siemens) بهدف تسليط الضوء على معايير الجودة والأمان والصحة والبيئة. ووفقاً لها، ساعدت الحملة العاملين في المشروع على تحقيق أكثر من 44 مليون ساعة عمل دون وقت ضائع بسبب الإصابات.
تضيف: «خلاصة القول إن التواصل الجيد يعد أساسياً في أعمال المبيعات وتطوير الأعمال وعلاقات العملاء، وتطوير الفرق وثقافة الشركة». وهذا ما جذبها إلى القطاع منذ البداية.
نشأت عزيز في القاهرة، وكان دائمًا ما يبهرها قوة الاتصالات ومدى تأثيرها. وسريعًا ما أدركت أهمية معرفة كيفية رواية القصص. تستذكر بقولها: «لقد كان ذلك الأمر الوحيد الذي لا أملّ من تعلمه». في حين درست إدارة الأعمال وحصلت على الشهادة الجامعية من جامعة (Saint Clare’s College) في أستراليا عام 1995، وجامعة حلوان بالقاهرة عام 1999.
ثم بدأت مسيرتها المهنية بالعمل لدى (Cemex) الشركة الدولية المُنتجة للإسمنت، حيث تقلدت منصب مدير المعلومات والمشاريع التجارية. وعملت لدى هذه الشركة لأعوام، كما شغلت العديد من المناصب في أسواق مختلفة، بما في ذلك عملها في ألمانيا وإسبانيا، قبل أن تتوجه آخر الأمر إلى دبي عام 2008. لكنها عادت مرة أخرى إلى القاهرة، وخلال أسابيع فقط، أجرت مقابلة مع شركة (Orascom). وقد بدا أن انضمامها إلى فريق الشركة كان قراراً سهلاً، حيث منحها ذلك الفرصة لرواية قصة مهمة، قصة تدور حول واحدة من أكبر الشركات المصرية تأثيراً.
شغلت في البداية منصب مدير التسويق والعلاقات الإعلامية. لكن في ذلك الوقت، لم يكن للإعلام الرقمي دوراً كبيراً في أعمال التسويق والاتصالات بالشركة. كما تشير إلى أحد أهم الحملات البارزة في هذه الفترة: حملة التعيين للترويج عن برنامج (Orascom) للهندسة، حيث كانت تزور الجامعات وتنظم الندوات مع الطلاب. وقدمت الشركة الإعلانات المطبوعة واللوحات الإعلانية، مما حقق لها مستويات قياسية من حيث أعداد المتقدمين للعمل والتدريب.
مع تغير الزمن، ترى عزيز الإعلام الرقمي والتقنيات الجديدة كفرصة سانحة أمام (Orascom) لاتخاذ دور جديد مع شركائها وعملائها. تقول: «هذه هي أرض الفرص بالنسبة إلينا». وسعيًا منها نحو هذه الغاية، أطلقت مؤخرًا أحد البرامج للتسويق الرقمي بالتعاون مع كلية كولومبيا للأعمال (Columbia Business School) ليركز على تفاعل العملاء، ووسائل التواصل الاجتماعي، وإجراء التخطيط والتحليلات.
لكن لم يصرف تطور قطاع التسويق والاتصالات انتباهها عما هو مهم، وهو إنشاء قصة للعلامة التجارية تؤثر في الناس. توضح: «اجعل رسالتك واضحة وصادقة وهادفة دائماً. إن الرسائل التي تصل إلى الناس هي تلك الرسائل الأكثر بساطة ومباشرة بأقصى قدر ممكن».
المصدر / فوربس