هددت طفرة في أسعار النيكل بإطاحة كيان في بورصة لندن للمعادن، مصمم لمنع المشكلات في سوق واحدة من إصابة النظام المالي بالعدوى، وفقا لعملية محاسبية هي الأكثر شمولا حتى الآن بشأن أزمة هزت ثقة البورصة التي تبلغ من العمر 145 عاما.
واجهت دار المقاصة في بورصة لندن للمعادن خسارة بلغت 2.6 مليار دولار في أوائل آذار (مارس) عندما قفز سعر النيكل أكثر من 200 في المائة في يوم واحد، وكان صندوق استقرار يوفر طبقة إضافية من الحماية سيمحى تقريبا، وفقا لإيداعات قانونية نشرت الأسبوع الماضي. يسلط هذا الكشف الضوء على سبب اتخاذ كبار المسؤولين التنفيذيين قرارا استثنائيا للغاية بإيقاف التداول وإلغاء صفقات بمليارات الدولارات في فترة مشحونة في الثامن من آذار (مارس).
جاءت إيداعات المجموعة في الوقت الذي تكافح فيه تحديا قانونيا بقيمة 470 مليون دولار أطلقه صندوقا التحوط الأمريكيان، إليوت مانيجمنت وجين ستريت. تم اتهام البورصة المملوكة لشركة هونج كونج إيكستشينج آند كليرنج، بالفشل في أداء واجبها التنظيمي عندما ألغت التداولات.
ارتفعت أسعار النيكل، الذي يستخدم في صناعة الصلب وبطاريات السيارات الكهربائية، 230 في المائة في يوم واحد، ما حمل أعضاء بورصة لندن للمعادن إلى تفعيل 20 مليار دولار في مدفوعات الهامش، أموال مطلوبة للتداول. كان ذلك أعلى عشر مرات من رقم قياسي سابق في الرابع من آذار (مارس)، وهو مستوى هدد بدفع البورصة وأعضائها إلى “دوامة هلاك”. في قلب الفوضى كان هناك رهان ضخم على الأسعار الهابطة من قبل شركة تصنيع الصلب الصينية، تسينجشان، انقلب بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار.
قالت بورصة لندن للمعادن “إنها اضطرت إلى اتخاذ تلك الإجراءات الطارئة لأن ما يصل إلى سبعة من أعضائها كان من الممكن أن يتخلفوا عن سداد مدفوعات مستحقة لدار المقاصة الخاصة بها لو تركت ثماني ساعات من التداولات قائمة.
لكن الإيداع القانوني أكد أيضا أن دار المقاصة الخاصة ببورصة المعادن، التي تم إنشاؤها لحماية السوق من حالات التخلف عن السداد، كانت أيضا في خطر شديد، لأن من المحتمل أن تكون البورصة غير قادرة على تداول معادن أخرى، وبالتالي تشكل “خطرا منهجيا كبيرا على النظام المالي الأوسع”. رفضت بورصة لندن للمعادن الإدلاء بمزيد من التعليقات.
تقف دور المقاصة بين طرفين في التداول وتساعد على منع حدوث حالة تخلف عن السداد عبر السوق.
كان لدى بورصة لندن للمعادن مخاوف بشأن السوق في اليوم السابق للحادثة الرئيسة في الثامن من آذار (مارس). في ذلك اليوم اضطرها ارتفاع الأسعار إلى إجراء تسعة طلبات غير مسبوقة خلال اليوم للحصول على هامش أكبر، بلغ مجموعها سبعة مليارات دولار.
صرح أدريان فارنهام، الرئيس التنفيذي آنذاك لدار المقاصة، بأن هذا الإجراء “لم يكن أكثر من توقف مؤقت ولم يكن ليستمر بعد نهاية اليوم: ذكر الإيداع أن دار مقاصة بورصة لندن للمعادن لا يمكنها الاستمرار في ظل عدم كفاية تأمينها ضد تخلف الأعضاء عن السداد”.
تنص قواعد المملكة المتحدة على أن غرف المقاصة يجب أن تقيس سيولتها وانكشافها الائتماني لأعضائها على “أساس قريب من الوقت الحقيقي”.
بحسب ماثيو تشامبرلين، الرئيس التنفيذي لبورصة لندن للمعادن، في نهاية اليوم كانت السوق منظمة وحاول المتداولون إعادة تسعير الأصول في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وفرض العقوبات على موسكو.
ارتفعت الأسعار مرة أخرى في الثامن من آذار (مارس)، ما أدى إلى ارتفاع طلبات الهامش، حيث قدرت بورصة لندن للمعادن لاحقا إمكانية تخلف سبعة أعضاء عن السداد. لو حدث ذلك، لكان من الممكن أن تضطر البورصة إلى استخدام المراكز المكشوفة للأعضاء المتخلفين عن السداد. وإذا تم بيع هذه الصفقات بأسعار السوق السائدة، فإن ذلك سيؤدي إلى تكبد البورصة خسارة حجمها 2.6 مليار دولار.
لكن بورصة لندن للمعادن قالت إن حجم الخسائر كان سيقضي على كل من صندوق غرفة المقاصة للتخلف عن السداد، الذي يحمي السوق ككل من أي انهيار مفاجئ لأحد أعضائها، وأموال غرفة المقاصة الخاصة التي تستخدم كشبكة أمان، ولا تزال تخلف عجزا حجمه 220 مليون دولار.
كان على غرفة المقاصة أن تطلب من أعضائها ما لا يقل عن 1.2 مليار دولار في أسرع وقت ممكن، وأن تجد أموالا جديدة خاصة بها. وإذا تخلف عدد أكبر من الأعضاء عن سداد مدفوعات تداول النيكل، لكلف ذلك بورصة المعادن 170 مليون دولار إضافية.
أصرت بورصة لندن للمعادن في وثائق المحكمة على أن قرارها بإلغاء التداولات كان مبنيا على الحاجة إلى الحفاظ على سوق منظمة والحفاظ على أهدافها التنظيمية، نافية أنها تأثرت بانكشاف غرفة مقاصة بورصة لندن للمعادن.
تجري هيئة السلوك المالي وبنك إنجلترا، وهما الجهتان المسؤولتان عن تنظيم عمل بورصة لندن للمعادن، مراجعة لكيفية تعامل البورصة مع الحادثة. كما تقود شركة أوليفر وايمان الاستشارية، مراجعة مستقلة للظروف التي أدت إلى ضغوط سوق النيكل. ومن المقرر أن يصدر التقرير في نهاية العام.
كولين هاميلتون، العضو المنتدب لأبحاث السلع في شركة بي إم أوه، أشار إلى أن الدفاع قدم مزيدا من التفاصيل حول مدى الحدة التي كان يمكن أن تصل إليها الأزمة، التي أثارتها سوق النيكل المتخصصة التي تبلغ نحو ثلاثة ملايين طن سنويا.
قال “حقيقة إن سوقا بهذا الصغر يمكن أن تسبب ضغوطا مالية شديدة ستلفت انتباه الجهات التنظيمية بلا شك”.