بقلم سونيا تشابالالا، مديرة الموظفين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا لدى سايج
برزت قضايا التنوع والإنصاف والشمول كأولويات للشركات عبر أنحاء العالم. ورغم القفزات الهائلة المحققة، يشير الواقع الحالي إلى ضرورة بذلنا لجهود ضخمة قبل امكانية الادعاء بأننا حوّلنا قوانا العاملة وأماكن عملنا.
ووجدت دراسة عالمية أجرتها مؤخراً مجموعة بوسطن الاستشارية على 1,700 شركة أن الشركات التي تمتلك فرق إدارة أكثر تنوعاً تحقق عوائد أعلى بمعدل 19 بالمئة بسبب تحسن الابتكار لديها. وعلى المستوى الاقتصادي الأوسع، تشير التقديرات إلى امكانية إضافة سد الفجوة بين الجنسين لـ 28 تريليون دولار إلى قيمة الاقتصاد العالمي بحلول عام 2025، بزيادة تبلغ 26 بالمئة. عادةً ما يسود التجاهل مسألة التنوع والشمول، خصوصاً من حيث صلتهما بالشباب حول العالم، رغم التوقعات التي تشير إلى تشكيل جيل الألفية لنسبة 75 بالمئة من القوى العاملة العالمية بحلول عام 2025. ويعد ذلك التجاهل فرصة ضائعة إلى أبعد حد، خصوصاً في العالم العربي، حيث يشكل الشباب دون سن الثلاثين اليوم ما يفوق 60 بالمئة من السكان.
يساعد التنوع على خلق ثروة من الأفكار والابتكارات، مما يمنح المؤسسات رؤى ثاقبة على أسواقها وعملائها. ويجب تحقيق أهداف الإنصاف من حيث التوظيف وبناء فريق يغطي النطاق الكامل لمختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، والأديان، والحالات الاجتماعية، ومستويات التعليم، والتنوع العصبي، والإعاقات، والخبرات الحياتية.
ما الذي يمكن لفرق الموارد البشرية والموظفين فعله؟
تشكل فرق الموارد البشرية والموظفين المناصرة الأوضح للتنوع والشمول، وتحدد نبرة المؤسسة. يتخطى إنشاء مكان عمل متنوع وشامل للجميع إلى حد بعيد مجرد الامتثال أو العلاقات العامة. بل يعني إنشاء مؤسسة عادلة ومتساوية فعلاً يتمتع فيها كل فرد بنفس الفرص للتطوير المهني والنمو الوظيفي وامكانية الوصول إلى الموارد.
لفعل ذلك، يجب على قادة أقسام الموارد البشرية والموظفين فهم مؤسستهم وموظفيهم ومشاكلهم، مما يعني وجود فريق قيادة ملتزم، والاستعداد لإجراء محادثات صعبة، وبناء الثقة مع القوة العاملة. لن يصدّق الناس أقل من ذلك.
إليكم خمس نصائح عملية لبدء مسيرتكم:
- النظر إلى التنوع بصفته فرصة وليس محاولة لتلبية معايير معينة شكلياً
تعاملوا مع التنوع كفرصة لإنشاء مؤسسة يريد الناس العمل لديها، وليس كمحاولة للامتثال أو تخفيف للمخاطر. يتطلب ذلك مراجعة كاملة لشركتكم. قد يعني ذلك إلقاء نظرة متعمقة ونقدية على ثقافة الشركة لتحديد السلوكيات والسياسات والممارسات التي تؤدي إلى التمييز والتفاوت، ثم وضع استراتيجيات لمعالجة ذلك.
- بناء الثقة مع الموظفين
عادةً، لا يبلّغ الأشخاص الذين كانوا ينتمون إلى خلفيات مهمشة أو أقل تمثيلاً عن التمييز خوفاً من الإيذاء. تتمثل مهمة فرق الموارد البشرية في بناء الثقة معهم. تعرفوا على موظفيكم، وقابلوهم، ورسخوا العلاقات معهم. وتذكروا: ليست كل أشكال التنوع واضحة وجلية. مثلاً، توجد إعاقات أو مخاوف نفسية عديدة لا يمكنكم رؤيتها بمجرد النظر إلى شخص ما.
وقبل أي أمر آخر، صدقوا موظفيكم. يصعب تقبّل حدوث تحرش جنسي أو أفعال عنصرية أو مرتبطة بكراهية الغير أو الأجانب في مؤسستكم؛ قد يكون عدم التصديق رد فعلكم الأول. من الضروري التعامل مع الحوادث المبلغ عنها عبر القنوات المناسبة، حتى لو أدى ذلك إلى إجراء محادثات صعبة ذات عواقب بعيدة المدى.
إذ يشكّل عدم التعامل مع تلك المشكلات أو إدارتها خطراً أكبر على سمعة شركتكم.
- استخدموا البيانات لفهم تركيبة قواكم العاملة
استخدموا التحليلات لمعرفة عدد الأشخاص من ذوي الخلفيات المختلفة في مؤسستكم. تتاح أكثرية تلك البيانات ضمن تقارير الإنصاف في التوظيف لدى الشركات التي يعمل لديها أكثر من 50 موظفاً. لكن ابحثوا أيضاً عن كثب في البيانات لفهم الفروق الدقيقة مثل قيمة رواتب الأشخاص من ذوي الخلفيات المختلفة ومدة بقائهم في الشركة.
- لا تحاول إخفاء التحيز
ليس من السهل أبداً على الموظفين الإبلاغ عن التمييز؛ وقد يصعب أحياناً إثباته، وقد لا يود الموظفون أن يُنظر إليهم بصفتهم متسببين بحدوث نزاع ما. يجب عليكم إرسال استبيان يضمن سرية هوية المشاركين به إلى جميع العاملين لسؤالهم عما إذا واجهوا أو رأوا تمييزاً أو تحيزاً أو ظلماً في مؤسستكم، وتصرفوا بناءً على النتائج. إذا واجهتم صعوبة في التحدث عن تلك المشكلات بشكل علني، يحب الاستعانة بخبير للمساعدة على تأمين مساحات موثوقة.
- استهدفوا شرائح متنوعة خلال عملية التوظيف
ابحثوا بنشاط عن عمال من المجموعات الأقل تمثيلاً عبر التفاعل مع جهات التوظيف أو المنظمات المتخصصة في التنوع. مثلاً، نعمل لدى سايج عن قرب مع منظمات توظيف تشمل Godisanang ومع شريكنا الخيري، Lead Change Developments، لضم موظفين يعانون من إعاقات. إذا استمر المسؤولون عن التوظيف لديكم في إرسال أشخاص من خلفيات متشابهة، أي من المتخرجين من نفس الجامعة أو المقيمين في نفس المدينة مثلاً، عليكم إخضاعهم للمساءلة.
اضمنوا شعور الموظفين بالانتماء
تعزيزاً للتنوع والمساواة في مؤسستكم، يجب عليكم ضمان شعور الناس بالانتماء، وبالاحترام، وبأن آرائهم مسموعة، وبحصولهم على فرص متكافئة. يكمن هنا دور الشمول؛ إذ يجب على مؤسستكم أن تكون متنوعة وأن توفر بيئة يشعر فيها جميع الأشخاص، بغض النظر عن اختلافاتهم الظاهرة أو الدفينة، بالاحترام والتقدير.