شاركت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، اليوم، بالمائدة المستديرة التي تم عقدها بالتعاون بين أسترازينيكا وفورين بوليسي بعنوان “الإجراءات المبكرة والتمويل المستدام للوقاية من الأمراض غير المعدية”، والمنعقدة خلال فعاليات النسخة الـ 53 للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس السويسرية بمشاركة 52 رئيس دولة وحكومة وعدد من وزراء المالية والرؤساء التنفيذيين، شارك في الجلسة توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، وعدد من رؤساء الحكومات السابقين، ووزراء حاليين وكبار المستثمرين في مجال الصحة وعدد من الخبراء والعلماء.
وأكدت وزيرة التخطيط التنمية الاقتصادية خلال مشاركتها، أهمية وجود نظام رعاية صحية قوي ومتقدم باعتباره حجر الأساس لمجتمع واقتصاد مرن، متابعة أنه خلال جائحة كورونا، استطاعت مرونة أنظمة الرعاية الصحية إحداث فارق كبير بين مستويات العدوى وعدد الوفيات عبر الدول وداخلها، موضحه أن الدول التي اتخذت إجراءات مبكرة، وتمتعت بإمدادات طبية كافية مع تقديم علاج فعال في المستشفيات كانت أكثر نجاحًا في تحمل الأزمة الصحية وتقليل تداعياتها الاقتصادية.
وأضافت السعيد أن الوباء كشف ضرورة إعطاء الأولوية للابتكار الرقمي واستخدام البيانات والاتصالات وإعادة بناء مهارات القوى العاملة عند وضع الخطط الاستثمارية، مشيرة كذلك إلى التركيز على أهمية الاستثمار في الرعاية الصحية الوقائية خلال تفشي Covid-19.
وتناولت السعيد الحديث حول تقرير استرازينيكا وفورين بوليسي والذي استعرض التكلفة الصحية والاقتصادية للأمراض غير المعدية، مؤكدة أن الاستثمار في الرعاية الصحية الوقائية يمكن أن يوفر الكثير من التكاليف، لافتة إلى ضرورة اتباع العديد من المسارات لتمكين التدخلات المبكرة في اكتشاف الأمراض غير المعدية وعلاجها.
وأكدت السعيد أهمية ما جاء بتقرير استرازينيكا من حيث رفع مستوى الوعي بالمرض، وتغطية الأسباب المحتملة للمرض، والأعراض والعلاجات، مشيرة إلى التجربة المصرية التي أكدت على أهمية إطلاق حملات صحية على أرض الواقع، لافتة إلى إطلاق مصر حملة 100 مليون صحة عام 2018 للكشف المبكر عن فيروس التهاب الكبد الوبائي، والأمراض غير المعدية لـ 70 مليون مواطن، متابعه أن الحملة نتج عنها علاج 2.2 مليون مواطن مصاب بالتهاب الكبد الوبائي سي، وتشخيص وعلاج ما يقرب من 10 ملايين مواطن يعانون من الأمراض غير المعدية، موضحة أن سيارات الرعاية الصحية كانت تتنقل في جميع أنحاء البلاد، ذلك مصحوبًا بحملة إعلامية قوية.
كما أشارت السعيد كذلك إلى مبادرة الكشف المبكر عن سرطان الثدي وعلاجه، موضحة أن الحملة تم تنفيذها على ثلاث مراحل لاختبار 28 مليون امرأة وتقديم العلاج المجاني.
وفي سياق التوعية أشارت السعيد إلى ضرورة معالجة التحيزات المعرفية التي تحول دون الالتزام بالأدوية أو البحث عن الطب الوقائي، موضحة أن العديد من الدراسات أشارت إلى أن 50٪ من المرضى لا يلتزمون بالأدوية كما هو موصوف، مما الأمر الذي ينتج عنه الحاجة المتزايدة للخدمات الطبية باهظة الثمن، مما يزيد من تكاليف الرعاية الصحية الإجمالية.
وحول الاستثمار في الابتكارات الرقمية ودمجها في تقديم الرعاية الصحية، أوضحت السعيد أنه سيؤدي إلى إحداث ثورة في توليد البيانات والاحتفاظ، مؤكده أهمية الجهد المستمر لرقمنة السجلات الصحية، متابعه أن الاتصال السريع للبيانات الدقيقة سيسهم في تقليل الأخطاء الطبية وتجنب المضاعفات الصحية وبالتالي التكلفة، متابعه أن هذا ما سعت مصر إلى تحقيقه بالفعل من خلال الكم الهائل من البيانات التي تم الحصول عليها من خلال الحملات الطبية، إلى جانب القيام بدمج تلك البيانات في مشروعات جديدة مثل مشروع تنمية الأسرة.
وأضافت السعيد أن المنصات الرقمية تُستخدم الآن لتقديم خدمات صحية، ومتابعة المرضى بشكل أكثر فعالية، وإرسال رسائل تذكير المرضى بتناول أدويتهم في الوقت المحدد، موضحا أن الكثير من تلك الابتكارات يتم إنتاجها من قبل الشركات الناشئة والمبادرات الريادية، مشددة على ضرورة إيجاد طرق مختلفة لدعم ريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا الصحية، وكذلك إيجاد طرق لمواءمة العروض المبتكرة ودمجها في الأنظمة الصحية الوطنية.
وفيما يتعلق بواضعي السياسات، أوضحت السعيد أن تطوير قدرات التقييم والقياس، سيسمح لصانعي القرار بموازنة تكاليف وفوائد الاستثمار في الرعاية الصحية الوقائية، مؤكده ضرورة عدم إغفال الأسباب الأساسية التي يمكن أن تزيد من مخاطر الأمراض غير المعدية، موضحه أن التدهور البيئي، وتغير المناخ يمثل أحد العوامل.
وتطرقت السعيد إلى عدد من مبادرات الرعاية الصحية الأخرى في مصر، مشيرة إلى مشروع بلازما الدم والذي يهدف إلى ضمان توافر العلاج للعديد من الأمراض المزمنة ومنها أمراض الكبد والكلى، موضحة أن خدمات جمع البلازما متوفر في ستة مراكز في خمس محافظات مصرية، إلى جانب مبادرة القضاء على قوائم الانتظار في المستشفيات، فضلًا عن مشروع تنمية الأسرة، والذي يهدف إلى تعزيز صحة المرأة والطفل من خلال التركيز على رفع مستوى الصحة الإنجابية وتعزيز تقديم الخدمات، إلى جانب توافر المستحضرات الصيدلانية والتطعيمات للمنفعة العامة.
كما أشارت السعيد إلى مبادرة الكشف المبكر عن فقر الدم والسمنة والتقزم لطلاب المرحلة الابتدائية، ومبادرة نور الحياة لمكافحة ضعف البصر والعمى من خلال التشخيص والعلاج المبكر، وتابعت أنه تم وضع خطة لفحص 5 ملايين طالب في المرحلة الابتدائية و 2 مليون من المواطنين الأكثر ضعفًا، مع توفير مليون نظارة طبية، وإجراء 250 ألف عملية جراحية للعيون، فضلًا عن مبادرة علاج ضعف السمع، حيث تم فحص أكثر من مليون طفل حديث الولادة خلال المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن ضعف السمع منذ إطلاقها في عام 2019.
وتناولت السعيد الحديث حول استجابة مصر السريعة لجائحة كوفيد 19، موضحة أن الحكومة المصرية أدخلت عددًا من السياسات كاستجابة سريعة لتفشي الجائحة، فضلًا عن زيادة ميزانية الصحة في العام المالي 20/21 بنسبة 100٪، إلى جانب تخصيص مبلغ كبير لتأمين الخدمات الطبية كافة، مع تجهيز مستشفيات العزل بواقع حوالي 389 مستشفى، بالإضافة إلى زيادة بدل العدوى للأطباء والطاقم التمريضي بنسبة 75٪، مع تخصيص تمويل طارئ لدعم المبادرات المختلفة من قبل وزارة الصحة.