بمناسبة شهر التوعية بسرطان عنق الرحم حول العالم، يناقش خبير طبي من مستشفى كليفلاند كلينك سُبُل الوقاية من سرطان عنق الرحم والفوائد المحتملة للعلاج المناعي مع التأكيد على أهمية إجراء الفحوصات المنتظمة
أكد خبير طبّي من مستشفى كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، أن الأبحاث المستمرة والعلاجات المناعية التي تم تطويرها لعلاج المرضى الذين يعانون من مرض سرطان عنق الرحم، وخاصة في مراحله المتقدمة، تمنح الأمل لمئات الآلاف من النساء في جميع أنحاء العالم، مشدداً – بمناسبة شهر التوعية بسرطان عنق الرحم – على أهمية التزام السيدات بإجراء الفحوصات المطلوبة بشكل دوري باعتبارها أداة حيوية للوقاية من المرض.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يُعد مرض سرطان عنق الرحم رابع أكثر أنواع مرض السرطان شيوعاً بين النساء في جميع أنحاء العالم، وينتج بشكل رئيسي عن الإصابة بعدوى من أنواع عالية الخطورة من فيروس الورم الحليمي البشري (HPV). وتقدّر المنظمة في أحدث تقاريرها أن العام 2020 شهد تسجيل 604000 إصابة جديدة و342000 حالة وفاة بسبب سرطان عنق الرحم.
وأوضح الدكتور روبرت ديبيرناردو، أخصائي التوليد وأمراض النساء ورئيس قسم الأورام النسائية في مستشفى كليفلاند كلينيك أن الخبر الإيجابي هو أن مرض سرطان عنق الرحم يمكن الوقاية منه، ويمكن علاجه أيضاً، خاصة عند اكتشافه مبكراً، كما يتم حالياً إجراء أبحاث مستمرة وتطوير علاجات مناعية جديدة يمكنها تقديم نتائج أفضل مع آثار جانبية أقل.
وقال الدكتور ديبيرناردو: “لقد نجحت أدوية مثبطات نقاط التفتيش المناعية في علاج سرطان الرئة وسرطان الجلد، لذا فهي تمثل فئة جديدة مهمة للغاية من الأدوية التي يمكن اعتمادها لعلاج سرطان عنق الرحم، رغم أننا ما زلنا في مرحلة البحث والاكتشاف لمعرفة المزيد حول مدى فعاليتها. وفي حين أن أساليب العلاج التقليدية تعتمد على الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي لإزالة أو قتل الخلايا السرطانية، فإن العلاج المناعي يعمل على تحفيز جهاز المناعة في الجسم لمهاجمة الخلايا السرطانية”.
وأضاف الدكتور ديبيرناردو: “بعبارات بسيطة، يمكن لجهاز المناعة في الجسم التعرف في البداية إلى الخلايا السرطانية، بالطريقة نفسها التي يحدد بها العدوى البكتيرية، ثم يقوم بهاجمها. ومع نمو الخلايا السرطانية وانتشارها، تعمل على تطوير آليات للاختباء من الجهاز المناعي على سبيل المثال، باستخدام بروتينات “نقطة التفتيش” التي يستخدمها الجهاز المناعي لتحديد الخلايا السليمة. وتستهدف الأدوية الجديدة القائمة على تحفيز العلاج المناعي نقاط التفتيش هذه حتى يتمكن الجهاز المناعي من التعرف إلى الخلايا السرطانية وتدميرها “.
وتابع الدكتور ديبيرناردو: “نظراً إلى أن الأدوية الجديدة تعزز جهاز المناعة في الجسم، فهي جيدة التحمل بشكل عام مع آثار جانبية أقل مقارنةً بالعلاج الكيميائي أو الإشعاعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يحسن العلاج المناعي معدلات البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، خاصة في الحالات المتقدمة من مرض سرطان عنق الرحم”.
ولفت إلى أن نتائج هذه الأدوية يمكن أن تكون أفضل في المستقبل، ونتوقع خلال السنوات القادمة، معرفة المزيد حول كيفية تخصيص العلاجات باستخدام هذه الأدوية، على سبيل المثال، من خلال دمجها مع أدوية أخرى مناسبة لأنواع معينة من الأورام وذلك لتحسين النتائج”.
اللقاحات والفحوصات
وأشار الدكتور ديبيرناردو إلى أنه في حين أن العلاجات الجديدة تمنح المزيد من الأمل في المعركة ضد مرض سرطان عنق الرحم، إلا أننا يجب ألا ننسى أن “درهم وقاية يبقى أفضل من قنطار علاج”.
وأضاف: “أظهرت أبحاث حديثة في كل من المملكة المتحدة وأستراليا فعالية برامج لقاح فيروس الورم الحليمي البشري في الحد من الإصابة بأمراض سرطان عنق الرحم ومراحل ما قبل الإصابة بالسرطان. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى إجراء مزيد من الأبحاث، كما تشكل الفحوصات المنتظمة للكشف عن مرض سرطان عنق الرحم ضرورة حيوية، وذلك حتى في البلدان التي لديها برامج تحصين مطبقة بالفعل. وقد يختار بعض الناس عدم تلقي اللقاح، على سبيل المثال، أو قد لا تكون الأشكال النادرة من مرض سرطان عنق الرحم مرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري، لذا فإن اللقاح لن يكون فعالاً في مثل هذه الحالات”.
وشدّد الدكتور ديبيرناردو على أهمية إجراء الفحوصات المطلوبة على نحو دوري لأن مرض سرطان عنق الرحم يمكن أن يتطور ببطء على مدى سنوات عديدة، حيث تصبح الخلايا ما قبل السرطانية سرطانية، لذا فإن النساء المعرضات لخطر طبيعي للإصابة بمرض سرطان عنق الرحم يجب أن يبدأن بإجراء الفحوصات المنتظمة بدايةً من سن 21 وأن تستمر حتى سن 65، وذلك وفقاً لتوصيات فرقة عمل الخدمات الوقائية الأمريكية.
وأوضح الدكتور ديبيرناردو: “تُعد مسحة عنق الرحم أكثر أنواع الاختبارات شيوعاً للكشف عن مرض سرطان عنق الرحم، والتي تتضمن مسح عنق الرحم لجمع الخلايا وتحليلها بعد ذلك لمعرفة في ما إذا كانت تحتوي على أنواع عالية الخطورة من فيروس الورم الحليمي البشري أو وجود أية تغييرات في خلايا عنق الرحم تشير إلى مرحلة ما قبل السرطان. وفي حين أن إرشادات الفحص تختلف من بلد إلى آخر، إلا أننا نوصي النساء بزيارة الطبيب المختص بأمراض النساء كل عام واتباع إرشاداته حول الفترات المنتظمة لإجراء الفحوصات المطلوبة بناءً على ملف تعريف المخاطر الخاص بالفرد”.
واختتم الدكتور ديبيرناردو: “وفقاً للتوصيات، لا تحتاج النساء فوق سن 65 عاماً لفحص عنق الرحم لأن الخطر يكون أقل إذا لم يكن لديهن نتيجة غير طبيعية. ومع ذلك، يمكن للمرأة في أي عمر أن تصاب بسرطان عنق الرحم، لذلك من المهم أن رؤية أخصائي أمراض النساء ضعند الشعور بوجود أي أعراض غير طببعية متعلقة بأمراض نسائية”.