أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً تحت عنوان “أشجار الجوجوبا…الذهب الأخضر في مصر”، تناول خلاله تعريف أشجار الجوجوبا وخصائصها، وأماكن زراعتها في مصر، مع التطرق إلى الحقائق والأرقام وثيقة الصلة بزراعتها على مستوى العالم، ومشروعات زراعتها في مصر، والمزايا المتُحقِّقة جراء التوسع في زراعتها، واستخداماتها، والمكاسب الاقتصادية الناتجة عنها.
أشار التقرير إلى أن الجوجوبا هو نبات بري دائم الخضرة، قد تصل دورة حياته إلى نحو 100 عام، وربما تتجاوز الـ 200 عام، وأوراقه كثيفة تأخذ شكلاً بيضاوياً، وتشبه إلى حد كبير أوراق الزيتون، غير أنها جلدية الملمس، ومغطاة بطبقة سميكة من الشمع، يزرع بشكل رئيسي في المناطق الصحراوية من العالم، لذا يعرف أيضاً باسم “ذهب الصحراء”، وإلى جانب قيمته الاقتصادية فإنه يُعد من أكثر النباتات قدرة على التكيف مع البيئة الصحراوية، ويرجع ذلك إلى؛ قلة احتياجه إلى المياه، لاسيما وأن أوراقه لديها طبقة شمعية سميكة، وقوف أوراقه بشكل عمودي مما يقلل من تعرضها لأشعة الشمس الحارقة.
وأوضح مركز المعلومات أن نبات الجوجوبا يعد من المحاصيل الزيتية، إذ تضم بذوره زيتاً نقياً فريداً من نوعه بنسبة تزيد عن 40% من وزن النبات، يصنف كيميائياً على أنه “شمع سائل”، وتلعب شجرة الجوجوبا دوراً حيوياً في مكافحة آثار التصحر، وتحسين جودة التربة.
وأشار تقرير المركز إلى أن صناعة زيت الجوجوبا عالمياً بدأت عام 1971 في المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، كما بدأ استخدامه كسلعة تجارية عام 1982، وفي عام 2019 بلغت قيمته في السوق العالمية 133.2 مليون دولار أمريكي، فيما بلغت 245.19 مليون دولار عام 2021، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة السوق حوالي 351.75 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2027 بمعل نمو سنوي مقداره 6.2%.
كما من المتوقع أن يبلغ معدل النمو السنوي المركب لسوق زيت الجوجوبا على مستوى العالم 7%، حيث بلغ الانتاج الفعلي للسوق خلال عام 2021 نحو 17020 طن، ومن المتوقع خلال عام 2027 أن يبلغ 25493 طن، وتمثل مستحضرات التجميل أكبر قطاع/ صناعة في السوق العالمية لزيت الجوجوبا، حيث تمثل نحو 70% من إجمالي الإيرادات.
ولفت التقرير الانتباه إلى أن محصول الجوجوبا يُعد أحد أبرز النباتات توافقاً مع الموارد المائية والأرضية والظروف البيئية في مصر، حيث أنه خيار استراتيجي مثالي لاستقبال الصحراء المصرية، وعن أهم مشروعات زراعة الجوجوبا في مصر؛ مشروع زراعة الجوجوبا بالوادي الجديد، حيث نجع مركز باريس بالوادي الجديد في يناير 2022 في زراعة 15 ألف فدان (بتكلفة 750 مليون جنيه) لإنتاج أغلى الزيوت بالعالم “زيوت الطائرات” ويضم أكبر مشتل “جوجوبا” بالشرق الأوسط ، بالإضافة إلى مشروع زراعة الجوجوبا بمحافظة البحر الأحمر (مستهدف زراعة 3000 فدان).
حيث تم افتتاح المرحلة الأولى من المشروع بمساحة ألف فدان باستخدام مياه الصرف الصحي المعالج ثلاثياً بمحافظة البحر الأحمر، وفقاً لبروتوكول التعاون بين المحافظة وهيئة تنمية الصعيد، الذي تم توقيعه في أكتوبر 2021، والذي يستهدف تعزيز الاستثمار في زراعة النباتات الزيتية وأبرزها الجوجوبا والجاتروفا وغيرهما، بتكلفة بلغت 138.5 مليون جنيه، وجاري العمل من أجل الانتهاء من أعمال المرحلة الثانية من المشروع، والتي تستهدف زراعة مساحة 2000 فدان؛ حيث تم الانتهاء من 90% من الطرق الداخلية بالمزرعة في ديسمبر 2022.
ومشروع زراعة الجوجوبا في وادي النطرون؛ حيث بدأ موسم حصاده بالأراضي التابعة للشركة المصرية الخليجية لاستصلاح الأراضي الصحراوية بمنطقة ووادي النطرون في أغسطس 2022، للعام الثالث على التوالي؛ حيث تجاوز إنتاج الفدان الواحد 200كجم، بما يفوق التقديرات التي وضعها فريق الهيئة الاستشارية للشركة مسبقاً، ومشروع زراعة الجوجوبا بغابة “سرابيوم” بالإسماعيلية، حيث تمتد غابة سرابيوم على مساحة 500 فدان، ويزرع بها عدة أنواع من الأشجار، وأبرزها: الجوجوبا، والسرور، والصنوبريات، والكايا، والكازورينا، والكافور، والتوت، وكنكاريس، والسيسال، والبامبو، وتستحوذ زراعة شجر الجوجوبا على 6% من إجمالي مساحة الغابة.
وقد أبرز التقرير مميزات زراعة نبات الجوجوبا وتمثلت أبرزها في؛ استهلاك كميات قليلة من المياه حيث يروي نبات الجوجوبا بالتقطير ويحتاج إلى الري نحو (12-15) مرة فقط في العام، وتحمل درجات عالية من الملوحة حيث تبلغ 3000 جزء في المليون ويمكن أن تصل إلى 10 آلاف جزء في المليون بحد أقصى دون أن يؤثر سلباً على إنتاجيتها، تدني احتياجها من الأسمدة العضوية حيث تحتاج إلى القليل من الأسمدة العضوية في السنوات الأربع الأولى من زراعتها ويمكن بعد ذلك إضافة كميات قليلة جداً من الأسمدة الكيماوية إلى مياه الري، وعدم حاجتها إلى الرش الوقائي أو العلاجي وذلك بالنظر إلى محدودية إصابتها بالحشرات والمراض النباتية.
ويمكن جمع بذور أشجار الجوجوبا فور نضجها كما يمكن تركها دون جمع لعدة أشهر لحين توافر الأيدي العاملة دون أن يؤثر ذلك على المحصول، ويمكن تخزين المحصول لفترات زمنية طويلة دون أن تتأثر خواصه حيث يقاوم الزيت الذي تحتويه البذور الأكسدة حتى في ظل الظروف المناخية القاسية، وارتفاع مردوده الاقتصادي حيث يبلغ متوسط إيراد الفدان (عمر 7 سنوات) نحو 6 آلاف جنيه على الأقل ويزداد هذا الإيراد بصورة سنوية.
ويمكن ري نبات الجوجوبا بمياه الصرف الصحي المعالجة بما يحقق الاستفادة المرجوة من إعادة تدوير المياه، كما تشكل مخلفات الجوجوبا علفاً غنياً حيث تحتوي على 30% من البروتين وذلك بعد تخليصها من مادة “السيموندسين” التي تعمل على تقليل الشهية، كما تتلاءم زراعة أشجار الجوجوبا مع المناخ الصحراوي لاسيما الصحراء المصرية حيث تتحمل درجات الحرارة المرتفعة في الصيف والباردة التي لا تقل عن 4 درجات مئوية في الشتاء.
وجدير بالذكر أن مصر من أنسب الدول لزراعة أشجار الجوجوبا من حيث توافر الظروف المناخية والأراضي الملائمة لزراعتها إلى جانب انخفاض تكلفة إنتاج زيت الجوجوبا بنحو 50% مقارنة بباقي دول العالم.
وقد تطرق التقرير إلى تعدد استخدامات أشجار الجوجوبا، بالإضافة إلى ارتفاع القيمة الاقتصادية لها بالنظر إلى ما تتمتع به من خصائص مميزة، لاسيما في ظل ارتفاع مردودها الاقتصادي، حيث يدخل زيت الجوجوبا في العديد من الصناعات والمستحضرات الطبية ومنها؛ يستخدم في صناعة الأعلاف، والسماد العضوي، والورنيش، والصابون، والشموع، والأحبار، والبلاستيك، وزيوت التشحيم، والمبيدات الحيوية.
كما أنه بديل نظيف وفعال لوقود الديزل حيث يستخدم في تشغيل محركات المركبات والطائرات لأنه يعد بديلاً صديقاً للبيئة وذلك لانخفاض العوادم الناتجة عنه، كما يستخدم في صناعة الأدوية والعقاقير الخافضة للحرارة والمسكنات وعلاج الالتهابات والجروح، وصناعة مستحضرات التجميل، كما يستخدم لتشجير المناطق الجافة، وهذا بالإضافة إلى وجود مجالات مستقبلية واعدة لاستخدام نبات الجوجوبا تتمثل في وقاية النباتات ومكافحة الحشرات من قبيل الذباب الأبيض.
علاوة على استخدامه في مكافحة بعض أنواع الأمراض البكتيرية على نباتات العنب وبعض نباتات الزينة، الأمر الذي من شأنه الحد من الاعتماد على المبيدات الكيميائية الضارة للإنسان والبيئة بوجه عام، كما تتيح زراعة الجوجوبا في المناطق الصحراوية فرص عمل جديدة للشباب، بأعباء محدودة نسبياً من الموارد المائية والمالية.
وسلط تقرير مركز المعلومات الضوء على مقال منشور على موقع (Trend Detail)، والذي يؤكد أن تنفيذ الخطط المصرية الخاصة بزراعة أشجار “الجوجوبا” و”الجاتروفا”، من شأنه أن يُحدث طفرة كبيرة في الاقتصاد المصري؛ نتيجة زيادة العوائد الاقتصادية للبلاد، وأوضح المقال أن أشجار “الجوجوبا “و”الجاتروفا” يُطلق عليها اسم “الذهب الأخضر”، لما لها من فوائد اقتصادية وبيئية متعددة؛ لكونها مقاومة للجفاف، فضلًا عن كونها أشجارًا معمرة ذات ملوحة عالية، مُشيرًا إلى أنها تعد مصدرًا مهمًا للوقود الحيوي الصديق للبيئة؛ حيث يتم استخراج زيوت المحركات الثقيلة من هذه الأشجار، كما تُستخدم زيوتها في صناعة الإطارات المطاطية.
وفي سياق متصل، أشار المقال إلى أن العالم يتجه في الوقت الحالي نحو استخدام زيوت المحركات النباتية التي تتحلل ولا تضر بالبيئة، وذلك بدلًا من الزيوت الناتجة عن الوقود الأحفوري، مُشيرًا إلى أن زيت “الجوجوبا” من أهم بدائل زيوت المحركات الاصطناعية التي تستخدم في محركات السيارات الجديدة، لا سيما وأنه أقل تكلفة وأكثر كفاءة من الزيوت الاصطناعية، مُنوهًا إلى أن زيت “الجوجوبا” يُستخدم حاليًا في معظم الدول الغربية كزيت لمحركات الطائرات الحربية والطائرات الأسرع من الصوت، بالإضافة إلى سفن الفضاء والصواريخ.
كما أكد المقال أن شجرة الجوجوبا تتسم بعدد من المميزات، أبرزها أنها تحتاج إلى 1000 م3 فقط من المياه سنويًا، كما أنها نبتة مقاومة للآفات والأمراض، وتُعد نباتًا مثاليًّا للزراعة في الصحراء، مشيرًا إلى ضرورة بدء مختلف دول العالم في تدشين مشروعات لزراعة أشجار “الجوجوبا” و”الجاتروفا”، لاسيما وأن مشتقات هذه الأشجار قد تُسهم بشكل مباشر في الحد من الانبعاثات الكربونية، فضلًا عن كونها تدخل في العديد من الصناعات والمنتجات.