مع ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم على مستوى العالم، يتناول خبير طبي في مستشفى كليفلاند كلينك كلينك الآثار النفسية والوراثية، فضلاً عن العواقب المرتبطة بمعدلات الخصوبة ونمط الحياة عند تشخيص الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى المرضى الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً
شدّد خبير طبي من مستشفى كليفلاند كلينك كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، خلال شهر التوعية بمرض سرطان القولون والمستقيم (مارس)، على ضرورة مراعاة بعض الاعتبارات أثناء تقديم خدمات الرعاية لمرضى سرطان القولون والمستقيم من الفئة الشابة، ولا سيّما مع الإحصائيات التي تشير إلى ارتفاع معدلات الإصابة بهذا النوع من السرطان بين الفئات الأصغر سناً على مستوى العالم في الآونة الأخيرة.
تزداد معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى الفئة الشبابية على مستوى العالم بمعدلات مقلقة ولأسباب لا تزال مبهمة، وقدر الباحثون أنه في غضون العقد المقبل، من المقرر تشخيص إصابة فرد واحد من بين كل 10 أفراد بمرض سرطان القولون وفرد واحد من بين كل 4 أفراد بمرذ سرطان المستقيم لدى الأفراد الذين تقل عن 50 عاماً.
وقال الدكتور ديفيد ليسكا، اختصاصي جراحة القولون والمستقيم، ومدير مركز التشخيص المبكر لمرض سرطان القولون والمستقيم في مستشفى كليفلاند كلينك: “تساعد الفحوصات التشخيصية في تقليل معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بشكل عام، لاسيما أننا نشهد ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الإصابات بين الفئة الشبابية التي تقل أعمارها عن سن الفحص الروتيني. وحيث أن سن الفحص الروتيني يختلف من بلد إلى آخر، فقد تم تحديده في الولايات المتحدة على أنه لا يقل عن 45 عاماً”.
وأضاف الدكتور ليسكا:” إن تشخيص سرطان القولون والمستقيم يمكن أن يحد من أكثر السنوات إنتاجية في حياة الشباب. وحيث أنه ثمة اعتبارات خاصة بهذه الفئة العمرية، فإن تسليط الضوء على علم الوراثة والخصوبة والجوانب النفسية والاجتماعية وطب أنمط الحياة يُعد أمراً أساسياً”.
وأشار إلى أن المشكلة الأكثر شيوعاً تتمثل في عدم تشخيص المرض إلا في مراحل متقدمة منه، إذ أنه غالباً ما يُغض الطرف عن الأعراض الأولية أو أنها تُعزى إلى مشكلة البواسير لمجرد الاعتقاد بأن المريض أصغر من أن يصاب بسرطان القولون وسرطان المستقيم. وعادة ما تتمثل الأعراض في نزيف المستقيم أو وجود دم في البراز، إلى جانب تغير حركة الأمعاء كالإصابة بالإسهال والإمساك وآلام البطن المستمرة وغير المبررة، فضلاً عن فقدان الوزن غير المقصود.
وتابع قائلاً: “في حين أن ظهور أعراض مثل نزيف المستقيم أو وجود دم في البراز لا يعني بالضرورة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، إلا أنه يظل من الأهمية بمكان مراجعة الطبيب على الفور للكشف المبكر عن المرض وتحقيق أفضل النتائج العلاجية”.
الفحص الجيني والخصوبة والآثار النفسية
وأكد الدكتور ليسكا بأنه يتعين على أي شخص يقل عمره عن 50 عاماً تم تشخيصه بسرطان القولون والمستقيم أن يخضع لفحوص جينية لتحديد ما إذا كانت إصابته تُعزى إلى عوامل وراثية. وفي حين أن غالبية الحالات ليست وراثية، إلا أن المتلازمات الوراثية أكثر شيوعاً عند الشباب، وهنالك عوامل أخرة مهمة للخضوع للفحوصات الطبية اللازمة، خاصة وأن تشخيص المتلازمة الوراثية يمكن أن يحدد بفعالية نوع العلاج المناسب لكل حالة على حدة، مثل متلازمة لينش وسرطان القولون الوراثي التي تستجيب بشكل أفضل للعلاج المناعي. كما أن خطر الإصابة بأمراض السرطان الأخرى يكون مرتفعاً في الحالات الوراثية التي توجب الخضوع للجراحة والمراقبة. ومن بين الأسباب الأخرى المقنعة لإجراء الفحوصات الجينية اللازمة هو قدرة النتائج على تحديد ما إذا كان يتعين على أفراد الأسرة الآخرين الخضوع لفحوص مماثلة في سبيل تقييم مخاطر الإصابة أو ضرورة الخضوع لفحص متخصص.
ومن بين الاعتبارات الأخرى للشباب من الرجال والنساء التخطيط للإنجاب، وفي ذلك لفت الدكتور ليسكا إلى أن هناك ضرورة ماسة لتقديم العلاج الأنسب والذي لا يتعارض مع مخططهم المستقبلي في الإنجاب، حيث يتم إحالتهم إلى أخصائي الخصوبة حال تشخيصهم بسرطان القولون والمستقيم لمناقشة كيفية الحفاظ على معدلات خصوبتهم.
وأضاف:” يتعين النظر في الآثار الاجتماعية والنفسية التي يخلَّفها تشخيص المرض على نفسية الفئة الشبابية، ففي حين أن تشخيص سرطان القولون والمستقيم ليس بالأمر اليسير، إلا أن المرضى الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً عادة ما يقومون برعاية أطفالهم وآبائهم في ذات الوقت، ويكون من الصعوبة بمكان نفسياً ومالياً التحول من تقديم الرعاية الأولية إلى تلقيها، وهو ما يستوجب تقديم الدعم اللازم للمرضى خلال رحلة العلاج، بما في ذلك اللجوء إلى الأخصائيين الاجتماعيين أو المتخصصين النفسيين.
وأشار الدكتور ليسكا إلى أهمية تبني نمط حياة صحي باعتباره من العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار، موصياً بضرورة استشارة الخبراء الطبيين لوضع خطة لتغيير النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية وتبني بعض العادات الصحية الأخرى للحيلولة دون حدوث مضاعفات المرض أو الإجراءات العلاجية، وكذلك الحد من فرص الإصابة بالمرض بعد إتمام العلاج.
وبين الدكتور ليسكا أن لجودة العلاج الذي يتلقاه المريض أثر جلي على النتائج النهائية، ليس فقط من حيث بقاء المرضى على قيد الحياة، بل تمتد لتشمل نمط الحياة بعد العلاج. ويستوجب على المرضى الحصول على الرعاية الطبية من المراكز المتخصصة التي تتبع بدورها نهجاً متعدد التخصصات، إذ أن العلاج الفعال لسرطان القولون والمستقيم يستوجب رعاية متخصصة بحسب د. ليسكا.
وأضاف:” سيكون الفريق متعدد التخصصات أكثر شمولية فيما يتعلق بتشخيص حالة الأفراد الأصغر سناً نتيجة للاعتبارات الخاصة التي سبق مناقشتها، بل أن الأمر يمكن أن يصبح أكثر تعقيداً في الوقت الذي توجد فيه العديد من التخصصات المختلفة، إلى المدى الذي قمنا فيه بتعيين منسقين للمرضى بمركز سرطان القولون والمستقيم للتشخيص في سن مبكرة بغرض تقديم الدعم اللازم للمرضى طوال رحلة علاجهم”.
وفيما يتعلق بالممارسات الوقائية، أوصى الدكتور ليسكا الأفراد بإجراء الفحوصات اللازمة لتشخيص سرطان القولون والمستقيم، والتحدث إلى الطبيب المختص حول أية أعراض أو تاريخ عائلي مرتبط بالمرض، بغرض تحديد التوقيت المناسب لإجراء الفحوصات التشخيصية الضرورية.