قالت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أن الصندوق يتوقع استمرار تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري، داعية صانعي السياسات على مستوى العالم إلى اتخاذ إجراءات سياسية قوية لضمان انتعاش قوي.
وأوضحت جورجيفا خلال الكلمة التي ألقتها استعدادًا لإنطلاقات اجتماع الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي بحلول 10 إبريل المقبل: «كما سنرى في تقريرنا الأحدث لآفاق الاقتصاد العالمي المقرر إصداره الأسبوع المقبل، يظل النمو ضعيفًا من خلال المقارنة التاريخية على المديين القريب والمتوسط». «انخفض النمو العالمي في عام 2022 بمقدار النصف تقريبًا، من 6.1% إلى 3.4%».
وتابعت: «استمر التباطؤ هذا العام ونتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة تقل عن 3% في عام 2023. كما نتوقع أن يظل النمو العالمي عند حوالي 3% على مدى السنوات الخمس المقبلة – وهي أدنى توقعاتنا للنمو متوسط الأجل منذ عام 1990».
وأكدت المديرة العامة لصندوق النقد، أن الاقتصادات حول العالم ستشهد اختلافات صارخة، مضيفة أن بعض الزخم من المتوقع أن يأتي من الاقتصادات الناشئة ، ولكن من المتوقع أن تشهد حوالي 90% من الاقتصادات المتقدمة انخفاضًا في معدل نموها هذا العام.
أما بالنسبة للدول منخفضة الدخل، قالت جورجيفا نتوقع أن يكون نمو دخل الفرد فيها أقل من نمو الاقتصادات الناشئة، وهو ما يمثل ضربة قاسية، حيث يجعل ذلك من الصعب على الدول ذات الدخل المنخفض اللحاق بالركب»
وأشارت جورجيفا، إلى أنه مع تصاعد التوترات الجيوسياسية والتضخم الذي لا يزال مرتفعا، لا يزال الانتعاش القوي بعيد المنال، مما يضر بآفاق الجميع، وخاصة بالنسبة للأشخاص والدول الأكثر ضعفاً، مؤكدة أنه مطلوب اتخاذ إجراءات سياسية قوية.
مديرة صندوق النقد الدولي تستعرض 3 تحديات أمام الاقتصاد العالمي
قالت كريستالينا جورجيفا، «أرى ثلاثة تلال كبيرة سيتعين علينا تسلقها»، مشيرة بذلك إلى العوائق أمام الاقتصاد العالمي، والتي يجب أن تتعامل معها الدول في الفترة الحالية، وهي تشمل محاربة التضخم والحفاظ على الاستقرار المالي، تحسين آفاق النمو على المدى المتوسط، تعزيز التضامن لتقليل الفوارق العالمية.
وفيما يتعلق بمحاربة التضخم والحفاظ على الاستقرار المالي، قالت «جورجيفا» مع استمرار الضغوط المالية محدودة، يتوقع صندوق النقد من البنوك المركزية أن تستمر في مسارها في مكافحة التضخم، إلا أنه الوقت ذاته، هناك حاجة لمعالجة مخاطر الاستقرار المالي عندما تظهر من خلال توفير السيولة المناسبة.
وأشارت إلى المفتاح لحل تلك الأزمة هو مراقبة المخاطر بعناية في البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية، فضلاً عن نقاط الضعف في قطاعات مثل العقارات التجارية، مضيفة أن صغوط القطاع المصرفي، وسط ارتفاع أسعار الفائدة وندرة السيولة ، كشفت عن إخفاقات في إدارة المخاطر في بنوك معينة، فضلاً عن ثغرات إشرافية.
وتابعت: «اليوم ، أصبحت البنوك بشكل عام أقوى وأكثر مرونة، وكان صناع السياسات سريعون وشاملون بشكل ملحوظ في إجراءاتهم في الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك ، لا تزال هناك مخاوف بشأن نقاط الضعف التي قد تكون مخفية، ليس فقط في البنوك ولكن أيضًا في القطاعات غير المصرفية»، مؤكدة أن «الآن ليس الوقت المناسب للتهاون».
أما عن تحسين آفاق النمو على المدى المتوسط، فقد أوضحت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أن التغييرات الرئيسية المطلوبة لتحقيق ذلك تتمثل فيو تعزيز الإنتاجية وإمكانيات النمو، بالإضافة إلى «تغيير الخطوة نحو التحول الأخضر»، مؤكدة أن «هناك حاجة إلى ما يقدر بنحو 1 تريليون دولار سنويًا للطاقة المتجددة وحدها، وهذا سيؤتي ثماره من حيث النمو والوظائف».
ولفتت إلى أنه هناك حاجة أيضًا لتغيير تدريجي في التعاون الدولي، حيث تُظهر أبحاث صندوق النقد أن التكلفة طويلة الأجل لتشرذم التجارة العالمية يمكن أن تصل إلى 7 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي – أي ما يعادل تقريبًا الناتج السنوي المشترك لألمانيا واليابان».
وأضافت جورجيفا أنه «إذا تمت إضافة الفصل التكنولوجي، فقد تشهد بعض الدول خسائر تصل إلى 12% من إجمالي الناتج المحلي. كما أن تشرذم تدفقات رأس المال، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر ، سيكون بمثابة ضربة أخرى لآفاق النمو العالمي».
كما أكدت جورجيفا على أهمية تعزيز التضامن لتقليل الفوارق العالمية، قائلة: «أود أن أقدم نداءً مزدوجًا نيابة عن أضعف أعضائنا، يجب أن نساعدهم في التعامل مع عبء الديون… كما يجب أن يتوفر الدعم لضمان استمرار صندوق النقد الدولي في دعمهم».
وأضافت أن الصندوق قد سلط مزيد من الاهتمام بشأن الإقراض المجاني، الذي تضاعف لأكثر من أربعة أضعاف ليصل إلى 24 مليار دولار منذ أن بدأ الوباء، و الآن ، ندعو أعضائنا الأكثر ثراءً بشكل عاجل إلى المساعدة في معالجة النقص في جمع الأموال في صندوق الحد من الفقر والنمو».
وأشارت إلى أن المجلس التنفيذي للصندوق قد اتفق على مضاعفة حجمها قرابة 300 مليار دولار لـ 96 دولة، حيث سجل تخصيص تاريخي لحقوق السحب الخاصة بمبلغ 650 مليار دولار، والتسهيلات الاحترازية بما في ذلك المغرب؛ والابتكارات التي تمثلت في نافذة الصدمات الغذائية، وصندوق المرونة والاستدامة؛ بالإضافة تمويلات جديدة لبلدان مثل سريلانكا وأوكرانيا.