استراتيجية الاقتصاد الأخضر وإصدار السندات الخضراء السيادية وبرنامج “نوفي” وغيرها تعكس التوجُّه القومي بصدد تشجيع المشروعات الريادية الخضراء
مدير الإدارة العامة لتكنولوجيا وبحوث تغير المناخ بوزارة البيئة:
مصر لديها الفرصة لتحويل المركبات للعمل بالكهرباء … والقطاع المصرفي المصري بات يُسهم بشكلٍ واسع في التمويل الأخضر المُستدام
رواد الأعمال يُشيدون باهتمام الحكومة المصرية بدعم ريادة الأعمال الخضراء
أطلق مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فعاليات الجلسة السابعة من جلسات المُنتدى الفكري للمركز بعنوان “ريادة الأعمال الخضراء”، وبمشاركة سكرتير عام شراكة منظمة الأمم المتحدة للعمل من أجل الاقتصاد الأخضر، من خلال مداخلة مُسجلة، وعدد من المنظمات المعنية، وممثلين رفيعي المستوي عن البرلمان المصري والوزارات المُختصة، والجامعات المصرية، بالإضافة إلى خبراء الاقتصاد الأخضر، وعدد من رواد “الأعمال الخضراء”.
وفي مُستهل الجلسة، قدمت الدكتورة هبة عبد المنعم، رئيس محور شؤون المكتب الفني لرئاسة المركز، رئيس اللجنة العلمية الاستشارية، عرضًا تقديميًّا عن أهمية ريادة الأعمال كداعم للنمو الاقتصادي ومُحقِّق لأهداف التنمية المستدامة، مع استعراض وضع سوق ريادة الأعمال الخضراء عالميًّا، فضلًا عن آفاق نمو سوق التكنولوجيا الخضراء والاستدامة المالية، مُوضحةً أن حجم الاقتصاد الأخضر عالميًّا يُقدر بنحو 1.3 تريليون دولار، ومن المتوقَّع ارتفاعه إلى 10.3 تريليون في عام 2050، بما يمثل 5% من الناتج الاقتصاد العالمي وفق تقديرات مجموعة “أكسفورد إكونوميكس”،
كما استعرضت رئيس اللجنة العلمية الاستشارية تحديات وفرص ريادة الأعمال الخضراء في مصر، وأهم محاور التوجه القومي في هذا الإطار، وفق رؤية مصر 2030، بما في ذلك: استراتيجية الاقتصاد الأخضر، واستراتيجية الطاقة المتجددة، والاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، هذا بالإضافة إلى إصدار السندات الخضراء السيادية، وبرنامج “نوفي”، ودليل شرم الشيخ للتمويل العادل للمناخ، وغير ذلك من المبادرات الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية.
وفي مداخلة مُسجَّلة، قال الدكتور أسد نقوي، سكرتير عام شراكة منظمة الأمم المتحدة للعمل من أجل الاقتصاد الأخضر، إننا نحتاج إلى سياسات اقتصادية كلية خضراء مُحفزة في العديد من الدول، لافتًا إلى ضرورة تحفيز الشركات الخضراء من خلال ربطها بمصادر تمويل التكنولوجيا عبر مبادرات؛ مثل “الشراكة من أجل اقتصاد أخضر”، التي تُمثل جهدًا مشتركًا بين خمس وكالات تابعة للأمم المتحدة، وتُقدم الأدوات التي يمكنها تحقيق التناغم بين سياسات الاقتصاد الكلي وتخضير الشركات.
وعلى الصعيد ذاته، تحدث الدكتور حسين محمد أباظة، عضو اللجنة الوطنية للمشروعات الخضراء، عن أهمية توجيه الاستثمارات لهذا النوع من المشروعات؛ من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مُطالبًا بتيسير إنشاء مشروعات للشباب، والعمل من أجل توفير المهارات والعمالة المطلوبة، وكذا تقديم الدعم الضريبي للشركات التي تُصدِّر منتجات خضراء، وتشجيع البحث العلمي في مجالات التكنولوجيا الخضراء، بالإضافة إلى الدفع باتجاه التعاون بين الجهات المعنية، وبين الاستراتيجيات القومية والمبادرات ذات الصلة، لتحقيق التكامل في سَن التشريعات المُنظِّمة للمشروعات الخضراء.
وأكَّد عضو اللجنة الوطنية للمشروعات الخضراء الحاجة إلى وجود استراتيجية وطنية شاملة لدعم مساعي الدولة المصرية للتحول صوب الاقتصاد الأخضر بمشاركة الجهات المعنية في كافة قطاعات الدولة؛ لضمان تكامل واتساق الجهود المبذولة في هذا الصدد.
كما طرح الدكتور أيمن إسماعيل، أستاذ مساعد بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، خلال الجلسة، منظورًا مختلفًا في مسألة ريادة الأعمال الخضراء، وتحديات التنفيذ التي تواجهها؛ ومنها: المعرفة التقنية، والتمويل، والمواد اللازمة للمشروعات البيئية، مُشيرًا في هذا الإطار إلى ضرورة تأسيس صناعة وطنية لتوفير مواد خام للصناعات الخضراء، بالإضافة إلى توفير فرص استثمارية بشكل أكبر وإتاحة تمويل لها.
وفي كلمته، شدَّد النائب محمد الجبلاوي، وكيل لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، على أهمية تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية معًا؛ بدعم المشروعات الخضراء ماليًّا وتشريعيًّا؛ من خلال توفير الإطار التشريعي الملائم لتذليل العقبات كافة؛ في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتوفير مناخ ملائم لدعم الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، بإتاحة المجال البحثي، ودعم جيل جديد من رواد الأعمال الخضراء. كما أشار النائب إلى ضرورة تحقيق التواصل والتوازن بين الوزارات المعنية لدعم ريادة الأعمال البيئية في مصر.
ومن جهة أخرى، تناولت المهندسة/ ليديا عليوة، مدير الإدارة العامة لتكنولوجيا وبحوث تغير المناخ بوزارة البيئة، ريادة الأعمال الخضراء باعتبارها المستقبل، لما لها من آثار اقتصادية وبيئية واجتماعية، مُشيرة إلى ضرورة الاهتمام بوظائف المستقبل الخضراء؛ مثل: محاسب الكربون، محلل التغير المُناخي، والمرشد المناخي، وكذلك الاهتمام بإنتاج الوقود من المخلفات، والاستثمار في المدن المستدامة.
وأوضحت مدير الإدارة العامة لتكنولوجيا وبحوث تغير المناخ بوزارة البيئة أن السياحة البيئية غدت قطاعًا واعدًا، كما أكدت أهمية تمويل المشروعات الخضراء وإنتاج الوقود الأخضر أو الاعتماد على الطاقة المتجددة من الشمس أو الرياح، مُشيرة إلى تحول أوروبا إلى النقل الكهربي، ومؤكدةً أن مصر لديها الفرصة لتحويل المركبات لاستخدام الكهرباء، وشددت، في هذا الصدد، على أهمية الشراكة مع المجتمع المدني، وتشجيع التمويل الأخضر المستدام للمشروعات الخضراء، ولا سيما أن القطاع المصرفي المصري أصبح واعيًّا بضرورة الأمر، وبات يُسهم بالفعل وبشكل واسع في بناء القدرات في هذا الإطار.
أما عن دور “الاتحاد من أجل المتوسط” في دعم ريادة الأعمال الخضراء، فقد أشار الدكتور سعيد شارنا، مستشار نائب رئيس الاتحاد، إلى منطقة البحر المتوسط باعتبارها من أكثر المناطق تأثرًا بارتفاع درجات الحرارة. وأوضح أنه لمواجهة هذا التحدي، يجب التوجه إلى الاقتصاد الأخضر؛ لأنه يوفر فرصًا كبيرة، بيئيًّا واقتصاديًّا، خاصةً أن الاتحاد الأوروبي قام بتأطير تشريعات للاستدامة الخضراء، والتي ستدخل حيز النفاذ بدءًا من عام 2024، بما يتطلب الاستعداد لذلك، ولا سيما أن الاتحاد الأوروبي يُعد شريكًا تجاريًا أول لعدد من دول المنطقة ومنها مصر.
وخلال فعاليات الجلسة أيضًا، تناولت هانزادا يوسف، استشاري ريادة الأعمال والابتكار الاجتماعي وخبيرة التنمية المستدامة بمؤسسة هانزدا ديزاين، سُبل دعم مشروعات ريادة الاقتصاد الأخضر، مشيرة إلى أهمية توفير الموارد التقنية وتقديم خدمات الحوكمة وقياس الأثر؛ لصياغة نتائج المشروعات بما يُشجع المستثمرين الجدد على ضخ الاستثمارات. كما شددت على أهمية تسويق المبادرات التي يمكن أن يستفيد بها أصحاب المشروعات الخضراء.
كما تناول شادي خليل، مؤسس شركة جرينيش، دور الشركة في دعم رواد الأعمال بسوق العمل؛ لتجاوز صعوبات إنشاء الشركات، والتعامل مع الضرائب، مُشددًا على ضرورة تقديم تسهيلات وإعفاءات ضريبية من 3 إلى 5 سنوات لتشجيع الشباب على إنشاء مشروعات خضراء، لا سيما في ظل توقُّع منافسة إقليمية شرسة خلال السنوات المقبلة، مضيفًا أن الشركة تؤدي دورًا في توعية الشباب بأهمية المشروعات الخضراء، وفي التعليم وتدريب الكوادر.
وأكد عبد الرحمن فهمي، مؤسس مبادرة يوثينك جرين لدعم ريادة الأعمال في القطاع البيئي والتعليم والتوعية، أن مجتمع الأعمال في مصر لديه فرصة لإنشاء مشروعات إنتاج الطاقة من الشمس، واستغلال المخلفات الزراعية مثل قش الأرز، والابتكار في الزراعة والري لحل مشكلة ندرة المياه، وكذا إنتاج الهيدروجين الأخضر، الأمر الذي يتطلب ضرورة إزالة العوائق لزيادة قدراته التنافسية إقليميًّا وإفريقيًّا، وتيسير الحصول على المعلومات الموثوق بها لإجراء دراسات للمشروعات.
وشدَّد مؤسس مبادرة يوثينك جرين على أهمية قيام مصر بصياغة إطار تمويلي لمشروعات التكيف والمرونة وترويجه عالميًا، خاصة بالنسبة لدول القارة الأفريقية الأكثر تأثرًا بالتغيرات المُناخية، علاوة على ضرورة مشاركة ريادة الأعمال الخضراء في إطار جهود الدولة لتطوير منصات تداول نقاط الائتمان الكربونية.
في هذا السياق، أشاد رواد الأعمال باهتمام الحكومة المصرية بدعم ريادة الأعمال الخضراء، وبدعوة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار لإنشاء تحالف رواد الأعمال الخضراء المصري، بما يسهم في تشجيع المؤسسات ذات الصلة الوثيقة بدعم النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية.
من جهتها أكَّدت كاميل ليمون، منسق وعضو تنفيذي بمجلس الدبلوماسية المتوسطية، أهمية منح الشباب فرصة لريادة المشروعات الخضراء؛ من أجل تحقيق مردود إيجابي لمصر ودول المنطقة، مُشيرة إلى ضرورة بناء القدرات اللازمة للمشروعات الخضراء، وتوفير التمويل والدعم التقني. كما عبَّرت عن أملها في دمج الشباب في عملية اتخاذ القرار في شأن نُظم دعم مشروعات الاقتصاد الأخضر؛ للمشاركة في تشكيل الإطار التنظيمي الذي سيعملون من خلاله.
جديرُ بالذِكر أن أولى جلسات المنتدى الفكري لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، قد انطلقت في ديسمبر 2022، كملتقى يجمع مختلف الخبراء والمتخصصين في جميع المجالات، لصياغة الرؤى والأفكار في القضايا والمجالات ذات الأولوية لمتخذ القرار؛ حيث تطرقت الجلسات السابقة إلى: “جهود تحقيق الانضباط المالي والاستدامة المالية في مصر.. ومزيج السياسات الأمثل”، و”بيئة الاستثمار بين الواقع والمأمول”، و”سُبل وآليات دعم الزراعة المستدامة في مصر بما يتماشى مع اشتراطات الصفقة الأوروبية الخضراء”، و”تمكين المرأة”، و”تطوير القطاع المالي”، و”سيناريوهات الأزمة السودانية”.