العلاج باستبدال التستوستيرون لا يزيد الأحداث القلبية الوعائية العكسية الرئيسة لدى الرجال ذوي هرمون التستوستيرون المنخفض
وجدت تجربة طيبة قادتها منظومة الرعاية الصحية العالمية كليفلاند كلينك أن العلاج ببدائل التستوستيرون لم يؤدِّ إلى ارتفاع معدّل وقوع الأحداث القلبية العكسية الرئيسة لدى الرجال، سواء في منتصف العمر أو كبار السن، ممن يعانون قصورًا في الغدد التناسلية (المعروف أيضًا بـ “انخفاض هرمون التستوستيرون”) ولديهم أمراض قلبية وعائية سابقة أو معرضين بدرجة عالية للإصابة بها. لكن الباحثين المشاركين في دراسة التجربة ما زالوا يحثون على توخّي الحذر عند الأخذ في الاعتبار علاج المرضى بالتستوستيرون.
وقُدّمت نتائج دراسة التجربة السريرية التي حملت العنوان: العلاج ببدائل التستوستيرون لتقييم الأحداث الوعائية طويلة المدى والاستجابة الفعالة لدى الرجال المصابين بقصور الغدد التناسلية (TRAVERSE)، خلال جلسة علمية عُقدت على هامش الاجتماع السنوي لجمعية الغدد الصماء “إندو 2023″، بالتزامن مع نشرها في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف مديسين” الطبية.
وقال الدكتور ستيفن نيسن الرئيس الأكاديمي لمعهد القلب والأوعية الدموية والصدر لدى كليفلاند كلينك وأحد المسؤولين عن الدراسة، إن التجربة أظهرت بعض الأدلة على أن علاج التستوستيرون قد يكون آمنًا للرجال الذين لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون، لكن حذّر من اعتبار هذه النتائج مبررًا للتوسّع في وصف هذه المنتجات العلاجية للرجال.
من ناحيته، أوضح الدكتور مايكل لينكوف نائب رئيس الأبحاث في قسم طب القلب والأوعية الدموية لدى كليفلاند كلينك، إن عدم اليقين بشأن نتائج القلب والأوعية الدموية قد أثّر في قرارات العلاج التي اتخذها الأطباء والمرضى، نظرًا لأن نقص هرمون التستوستيرون ليس حالة تهدد الحياة. وأضاف: “قد تسهّل النتائج التي توصلنا إليها إجراء دراسات أكثر استنارة للفوائد والمخاطر المحتملة للعلاج بالتستوستيرون للرجال في منتصف العمر وكبار السن، المصابين بقصور الغدد التناسلية”.
ويتزايد الحديث في المجتمعات اليوم عن مشكلة انخفاض هرمون التستوستيرون لدى الرجال المسنين. وكانت دراسة نُشرت في مجلة “جاما إنتيرنال مديسن” للطب الداخلي أظهرت أن الوصفات الطبية لعلاج التستوستيرون لدى الرجال فوق سن الأربعين في الولايات المتحدة، تضاعفت ثلاث مرات بين عامي 2001 و2011.
وكانت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة بدأت في عام 2010 إجراء مراجعة بعد إيقاف تجربة ضيقة النطاق تستخدم علاجًا وهميًا وتسببت بزيادة وقوع الأحداث القلبية الوعائية بين المرضى الذين تلقوا علاج التستوستيرون، وذلك استجابةً للمخاوف والبيانات المتضاربة حول سلامة القلب والأوعية الدموية عند العلاج ببدائل التستوستيرون. وأظهرت مراجعة “الغذاء والدواء” أن العديد من الرجال قد عولجوا بمنتجات التستوستيرون بالرغم من عدم خضوعهم لفحص مستويات هذا الهرمون في الدم.
وفي عام 2015، طلبت إدارة الغذاء والدواء من صانعي منتجات التستوستيرون إجراء تجربة سريرية مُحكمة التصميم للتعامل بوضوح أكبر مع مسألة ما إذا كان الرجال الذين يُعالجون بمنتجات التستوستيرون أكثر عُرضة لخطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
المنهجية
صُمّمت تجربة TRAVERSE تنفيذًا لتوجيهات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. وأُجريت التجربة العشوائية مزدوجة التعمية التي استخدم فيها العلاج الوهمي، في 316 موقعًا للتجارب السريرية في الولايات المتحدة، وسجّلت مشاركة 5,246 رجلًا تتراوح أعمارهم بين 45 و80 عامًا، ممن لديهم أمراض قلبية وعائية سابقة أو معرضين بدرجة عالية للإصابة بها، والمبلغين عن أعراض قصورٍ في الغدد التناسلية.
واختير المرضى عشوائيًا لتلقي جلّ التستوستيرون بنسبة 1.62% أو جلّ وهمي يوميًا، من خلال الجلد. ونظر الباحثون في المقام الأول إلى نقاط النهاية المركبة التي تؤدي إلى الوفاة الناجمة عن أسباب قلبية وعائية، أو إلى نوبة قلبية غير مميتة، أو سكتة دماغية غير مميتة.
وأظهرت النتائج أنه من بين 5,198 مريضًا تلقوا التستوستيرون أو الدواء الوهمي لمدة بلغت في المتوسط 22 شهرًا، لم يتسبب العلاج ببدائل التستوستيرون في وقوع أحداث قلبية أكبر مما وقع لدى متلقي العلاج الوهمي. ووقع حدث قلبي كبير لدى 182 مريضًا (7.0%) في مجموعة التستوستيرون، وفي 190 مريضًا (7.3%) في مجموعة الدواء الوهمي. ومع ذلك، فإن أولئك الذين تلقوا التستوستيرون أظهروا نسبة أعلى من الرجفان الأذيني، وإصابات حادة في الكلى، ومشكلات ناشئة عن جلطات الدم في الأوردة. لذلك، توصي الإرشادات الحالية بضرورة استخدام هرمون التستوستيرون بحذر عند الرجال الذين أصيبوا بجلطات دموية سابقة.
ووصف الدكتور شالندر باسين الباحث الرئيس المشارك في دراسة TRAVERSE في مستشفى “بريغهام آند وومن”، الدراسة بأنها أكبر تجربة للعلاج ببدائل التستوستيرون لدى الرجال المصابين بقصور الغدد التناسلية. مشيرًا إلى أن نتائجها “لا تبرر علاج هرمون التستوستيرون للرجال الذين لا يعانون من قصور الغدد التناسلية، ولا ينبغي استخدامها للإشارة إلى أن الجرعات الكبيرة التي يساء استخدامها من قبل الرياضيين ولاعبي كمال الأجسام آمنة”.
بدوره، أكّد الدكتور نيسن أن الرجال الذين يعانون انخفاض هرمون التستوستيرون “عليهم ألّا يحاولوا علاجه من دون مساعدة طبيب مختص”، ونبّه إلى وجود سوق مزدهرة حاليًا لما يُزعم بأنه منتجات طبيعية لتعزيز التستوستيرون، داعيًا الرجال إلى توخّي الحذر، نظرًا لأن هذه المنتجات “لم تخضع للتقييم في تجارب سريرية صارمة، ولم تنل موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في علاج انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون”.