مع انطلاق العالم في رحلة نحو مستقبل رقمي، حيث تقود القدرة وإمكانية التحقق من الذات وإعادة تشكيل المهارات المشهد في عالم الأعمال؛ نجد أن البيئة المتعلقة بالمواهب والمهارات قد أصبحت أكثر تنافسية من أي وقت مضى. في هذا المشهد سريع التطور، يتحتم علينا أن نجذب ونحتفظ بالمواهب، ونقوم بإعادة تدريبها ونستعد باستمرار لبناء المهارات الأساسية للمستقبل قبل أن نحتاج إليها.
في النسخة الثالثة من “تقريرمستقبل الوظائف” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2020، حدد المنتدى الاقتصادي العالمي أهم 10 مهارات شخصية حاسمة تؤهل الموظفين لمواكبة التطور الرقمي السريع على مدى السنوات القادمة. وقد تم تقسيم هذه المهارات إلى أربعة فئات أساسية وهي- حل المشكلات، وإدارة الذات، والتعامل مع الآخرين، واستخدام التكنولوجيا وتطويرها.
هذا وتذكر الدراسة تفاصيل أهم المهارات التي سيطلبها أصحاب الأعمال في السنوات القادمة والتي تندرج تحت الأربعة مجالات المذكورة سلفا كما يلي: تحت مفهوم حل المشكلات، تسلط الدراسة الضوء على التفكير التحليلي والابتكار، وحل المشكلات المعقدة، والتفكير النقدي، والإبداع والأصالة والمبادرة، فضلاً عن المنطق والتفكيرالإبداعي لحل المشكلات. ويشمل التحكم الذاتي التعلم النشط واستراتيجيات التعلم، وكذلك القدرة على التكيف وتحمل الضغوط والمرونة العقلية. أما التعامل مع الآخرين فيشمل القيادة الحكيمة وبناء العلاقات ومهارات التواصل والتأثير الاجتماعي، في حين يتضمن استخدام التكنولوجيا وتطويرها مهارات تقنية عدة تشمل القدرة على تحليل البيانات الضخمة والتسويق الإلكتروني، وكذلك أيضاً القدرة على تصميم مختلف التطبيقات والتحكم فيها والبرمجة.
إن الطلب المتزايد على هذه المهارات أدى إلى انطلاق ثورة عالمية لإعادة تأهيل القوى العاملة وإعادة تشكيل مهارات الموظفين للأدوار الوظيفية الجديدة التى بدورها تعيد تشكيل مستقبل العمل وقوى العمل المستقبلية. ويعتقد البعض إن إعادة تشكيل المهارات قد أصبح الطريقة الفعالة الوحيدة لضمان حصول الموظفين علي المهارات اللازمة التي تحتاجها الشركات مستقبلا للنجاح والانتقال إلى أدوار وظيفية جديدة وبالتالي فهوالطريقة الجديدة لاختيار الكوادر البشرية.
وقد ظهرمؤخرا مصطلح “الاستقالة الكبري” كمصطلح يتم تداوله بكثرة في عام 2021 على إثر جائحة كوفيد 19 ومنذ ذلك الحين تحوّلت “الاستقالة الكبري” إلى اتجاه اقتصادي راسخ بحد ذاته ولديها توجه خاص بها في موقع ويكيبيديا. وفقًا لتقرير شركة جلوت بعنوان “من الاستقالة الكبري إلى التحوّل الكبير“، حوالي 95% من القوى العاملة كانوا يفكرون في ترك وظائفهم في عام 2021، بينما كان 80% منهم يشعرون بعدم الانخراط في العمل، وكان 60% يعيدون التفكير في مسارات حياتهم المهنية. وبالتالي نجد أنه وفقًا لما كشفته كورن فيري، وهي شركة عالمية للاستشارات المؤسسية أن 87 % من الرؤساء التنفيذيين يواجهون منافسة كبيرة في العمالة والمهارات حاليًا، بينما يشعر71% منهم بضرورة إعادة تشكيل مهارات القوى العاملة لكي يصبحوا أكثرمرونة وتكيفا وقدرة على تبني وجهات نظر مختلفة، وترجمة المعرفة إلى سياقات مختلفة تساعد على تطوير العمل.
والجدير بالذكر أن اعتماد منهجية توظيف قائمة على المهارات لبناء فرق العمل في المستقبل تعتبر هي حجرالأساس لجذب المواهب وتطويرها والاحتفاظ بها في ظل أسواق العمل الحالية والمستقبلية التي تعتمد علي مواءمة ملفات الموظفين وتفضيلاتهم وتطور مهاراتهم مع الوظائف والمشاريع المتاحة مما يمكن الأفراد من وضع خطط لمستقبلهم بقوة واستقلالية.
في إريكسون، نقوم بإعادة تعريف تقييم الأداء للموظفين ليشمل تطوير المهارات وكيفية تطبيقها ونصمم برامج التعلم والتطوير بناءًا على الإرتقاء بتلك المهارات بدلاً من مطابقتها للمهام الوظيفية لكي نمكن موظفينا من التعلم المستمر لمهارات جديدة تساعدهم على النجاح وتعدهم لشغل وظائف مختلفة داخل الشركة. كما قمنا في إريكسون بإنشاء نظام منهجي داخلي يعتمد على مطابقة المهارات مع المهام الوظيفية والأدوار والمشاريع وفرص التوجيه والذي يعد بمثابة سوقا للمواهب الداخلية مع الأخذ في الاعتبارالمحافظة على المهارات الأساسية والمهارات الوظيفية للموظفين صعودا عبرالمستويات الإدارية والتنفيذية المختلفة للشركة.
وفي هذا الصدد تشمل أولوياتنا في مجال التعلم والتطوير تسهيل عملية التعلم علي الجميع ومساعدة الموظفين علي تبني فكرة تطويرالذات وجعلها عادة ذات قيمة مضافة لهم مما يعزز من تنافسية ونموالشركة. فنحن نرى موظفينا كرؤساء تنفيذيين لحياتهم المهنية، ونعتبر تحسين مهاراتهم وإعادة تشكيلها وتعلم مجالات جديدة ضرورياً واستثمارًا استراتيجيًا يخدم أهدافنا التجارية.
ومن أجل تحقيق ذلك قمنا بدمج محتوى تعليم أكاديمية إريكسون ، من خلال “ديجريد”، المنصة الرائدة للتعلم وتطوير المهارات، في واجهة الهواتف المحمولة والتي تُعد بالأساس مصممة خصيصًا لملاءمة ملف مهارات كل موظف، مما يدعم عمليات التعلم الأساسية لدينا مع تحسين تجربة المستخدم.
إن مواكبة التطور السريع في التحول الرقمي لا تعني مستقبلا أن نصبح أقل إنسانية، فالتقنيات المختلفة تضمن مستقبلا أكثرتواصلا وأكثرانتاجية وكفاءة فمثلا تتيح تقنية الجيل الخامس اتصالات رائعة تغير تماما الطريقة المعتادة لقيامنا بالأعمال، بينما تجلب الشبكات اللاسلكية الراديوية المفتوحة(O-RAN) الشفافية اللازمة التي تسهل عملية الوصول والانتشاروتجعلها أكثر كفاءة، وإنترنت الأشياء سرعان ما يصبح الإنترنت لكل شيء. كذلك يعززاستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي من كفاءة وفعالية التدريب مما يمكننا من اتخاذ قرارات أكثر ذكاءًا بفضل التدريب المحسن، بينما يمكن للحوسبة السحابية تمكين الوصول المستمر إلى القدرات الجماعية والمهارات الأكثر طلبا والأعلى ربحا. بالإضافة إلي الواجهات التطبيقية للبرمجة (APIs) والتي تضمن أن التواصل دائمًا مقصودا، كما تعلمنا من علم البيانات أن كل صوت يصبح مهماً إذا كنا نستمع بعناية.
في إريكسون، نعتمد على التكنولوجيا والمنهجية القائمة على المهارات بشكل أساسي لتوسيع قاعدتنا من المواهب والمحافظة على الكفاءات . ينطوي ذلك على اعتماد حلول مؤسسية تتضمن المهارات اللازمة للاحتفاظ برأس المال البشري وإدارة المواهب أو تجميع الحلول المتخصصة التي تسمح لموظفينا بتتبع تطويروإعادة تشكيل المهارات وتحسينها خلال الحياة الوظيفية اليومية.
إن انتقالنا إلى التركيزعلى المهارات يتمحور حول بناء القدرات والأفكار بشكل منهجي لتحقيق النجاح استنادا إلى شغفنا الدؤوب بقيمة التعلم وصقل المهارات، بحيث تكون رسالتنا الأسمى هي مساعدة فريقنا على تحقيق طموحاتهم وآمالهم.