ارتفع مؤشر سوق دبي المالي العام إلى مستويات 4,000 نقطة في 14 يوليو 2023، مسجلاً بذلك أعلى قيمة إغلاق له منذ ديسمبر 2015. أحرز المؤشر تقدماً بنسبة 1.3% على مدار الأسبوع، ليصبح المؤشر الخليجي الأفضل أداءً هذا العام. إجمالاً، حقق المؤشر ارتفاعاً بنسبة 26.88٪ خلال الأسابيع الـ52 الماضية، وتلك نسبة أعلى بكثير من الارتفاع البالغ 7.6٪ في مؤشر “إم.إس.سي.آي” لأسواق الأسهم الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا خلال نفس الفترة. وبهذا الأداء الفائق؛ ارتفع المؤشر إلى أعلى مستوى له على مدار 52 أسبوعاً ليصل إلى مستويات 4,025.20 نقطة. كما ارتفعت الرسملة السوقية للشركات المدرجة بالمؤشر إلى 566.4 مليار درهم إماراتي، إذ حققت 80% من الشركات أداءً إيجابياً فيما يخص سعر السهم لهذا العام. وفي ذات السياق، يجري حالياً تداول مؤشر سوق دبي المالي العام بمضاعفات 9.7 لنسبة السعر إلى الأرباح (P/E) على أساس سنوي، مع توقعات بمضاعفات 9.3 لأرباح أعضائه للسنة المقبلة. كما حققت عوائد توزيعات الأرباح نسبة 4.4% على مدار الأشهر الـ 12 الماضية.
وبحسب فيجاي فاليشا، رئيس قسم الاستثمار في سنشري فاينانشال مثلت التوقعات الاقتصادية الكلية القوة الدافعة وراء هذا الصعود، تلك التوقعات القائمة على ارتفاع وتيرة الأنشطة في قطاعي العقارات والسياحة. كانت الإدراجات الجديدة بالسوق ولا سيما الإدراجات ذات الصلة بالجهات الحكومية وشبه الحكومية بالإضافة إلى الشركات العائلية الخاصة قيد التحوّل لشركات عامة، قد ساهمت جميعها في زيادة الزخم العام بالأسواق. نتيجة لذلك، سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة عائدات إدراج بلغت 3 مليارات دولار في الربع الأول من عام 2023 – لتصبح في المرتبة الثالثة عالمياً.
القطاعات الأفضل أداءً
تنقسم الشركات المدرجة في مؤشر سوق دبي المالي إلى 8 قطاعات. خمسة من أصل ثمانية من هذه القطاعات أحرزت عوائداً إجمالية إيجابية حتى الآن هذه العام.
حقق قطاع الأسهم المرتبطة بالمستهلكين الأداء الأفضل، ليشهد هذا القطاع تسجيل عوائد على أساس سنوي وصلت إلى 44.23%. ساهمت شركة تعليم القابضة لتشغيل المدارس مساهمة فعالة في هذه المكاسب، بعد تسجيلها لقفزة هائلة في صافي الأرباح بنسبة 34.9% بما قيمته 199.8 مليون درهم إماراتي، وذلك على أساس تسعة أشهر تنتهي بشهر مايو 2023. كما تمكنت الشركة من جمع 204 مليون دولار في اكتتاب عام في نوفمبر 2022. حقق الجزء غير المستخدم من هذه التدفقات المالية دخلاً مالياً صافياً أعلى للشركة منذ ذلك الحين بسبب ارتفاع أسعار الفائدة. علاوة على ذلك، فإن الزيادة الكبيرة في معدلات التحاق الطلاب بالمدرسة على أساس سنوي بنسبة 36.2% ساعدت بدورها على نمو ربحية الشركة. من بين الشركات الأخرى التي ساهمت في هذا الأداء القوي، جاءت شركة الفردوس القابضة التي تضاعف سعر سهمها أربعة أضعاف في شهر يونيو 2023 فقط.
كما جاء القطاع العقاري في المرتبة الثانية من حيث الأداء، محرزاً عوائداً نسبتها 35.33%. شهدت مختلف بقاع العالم انخفاضاً في أسعار العقارات بسبب البيئة الاقتصادية الحالية وارتفاع أسعار الفائدة وتشديد الشروط المالية. على النقيض من هذا، حقق القطاع العقاري في دبي أداءً فائقاً بالمقارنة بسائر الأسواق العالمية. من المنتظر أن تشهد دبي أقوى دورة تشييد وبناء منذ عام 2017، نظراً للعدد الكبير
من المشروعات الضخمة والحديثة المنتظر تنفيذها. كما يعزز تصاعد الطلب على العقارات الفاخرة من نمو السوق ويشجع من تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذا القطاع. وبناءً على ذلك، حققت شركات العقارات مثل داماك بروبرتيز وديار ديفيلوبمنت وإعمار ديفيلوبمنت وإعمار بروبرتيز ومجموعة تيكوم ويونيون بروبرتيز عائدات إجمالية ضخمة بلغت 39.64% و 64.61% و 22.42% و 16.96% و 56.52% على الترتيب حتى الآن في هذا العام.
في ذات السياق أشار فيجاي فاليشا رئيس قسم الاستثمار في سنشري فاينانشال، أنه حقق القطاع الصناعي نتائج إيجابية مشابهة للقطاع العقاري، ليبلغ إجمالي نمو العوائد المسجلة 34.78% سنوياً حتى تاريخه. يُعزى جانب كبير من هذه الأداء الفائق إلى إجمالي العوائد السنوية الضخم بنسبة بلغت 299.13% لمجموعة الخليج للملاحة – وهي شركة متكاملة للشحن والخدمات البحرية. إذ أعلنت الشركة عن رقم غير مسبوق لصافي الأرباح بلغ 28 مليون درهم إماراتي خلال النصف الأول من عام 2023، لتتخلص الشركة بنجاح من جميع الخسائر المتراكمة سابقاً. وفي نفس الوقت، حققت “يونيون بروبيرتيز” مكاسباً قدرها 22.3% في يونيو 2023 فقط. بينما يحظى سهم العربية للطيران بأعلى مستويات تداول له في 6 شهور، ليرتفع سعره بنسبة 16% على مدار الأسابيع الـ 52 الماضية.
في ذات السياق، حقق قطاعا التمويل والمرافق مكاسباً قدرها 23.65% و 21.80 % على الترتيب. وحقق قطاع الخدمات المالية بواسطة أسهم المصارف وشركات التأمين أداءً استثنائياً هذا العام. في حين عززت زيادة السيولة ونسب التمويل من قدرة المصارف على منح الائتمان في ظل تصاعد الطلب على القروض. شهدت المصارف الخمسة الأعلى أداءً في القطاع تسجيل زيادات في الإيرادات الصافية بنسب تفوق 70٪ وكذلك نمو الأرباح الصافية، مما عزز من انتعاش أسعار هذه المصارف. سجل كل من مصرف عجمان وشركة تكافل الإمارات للتأمين وبنك المشرق عوائداً إجمالية منذ بداية العام بلغت نسبتها 108.55% و 71.19% و 59.43% على الترتيب.
القطاعات الأسوأ أداءً
على النقيض من نجاحات القطاعات السابق ذكرها، جاء قطاع المواد في المرتبة الأخيرة، محققاً عوائداً سالبة بنسبة 20.45%. ساهم في ذلك الأداء المتواضع للقطاع في انخفاض سعر سهم الأسمنت الوطنية. ومن بين القطاعات الأخرى التي حققت عوائداً سلبية إلى الآن هذا العام؛ جاءت قطاعات السلع الاستهلاكية (-9.51%)، إذ هبطت بسبب انخفاض الإمارات للمرطبات (-3.78%)، وقطاع خدمات الاتصالات الذي هبط بسبب انخفاض قيمة سهم شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة.
التوقعات
من المنتظر أن يشهد قطاع السفر والسياحة انتعاشاً ينعكس بدوره على دعم معدلات نمو الناتج المحلي، كما يعزز نشاط القطاعات المساعدة الأخرى مثل القطاع العقاري على سبيل المثال. ومن الآن فصاعداً، من المتوقع أن تشهد أسواق النفط المزيد من الانكماش نظراً لتراجع المعروض. تشهد شحنات النفط الروسية تحسناً في التدفقات، بينما لن تزيد منظمة أوبك+ من إنتاجها في المستقبل القريب. علاوةً على ذلك، تفكّر الحكومة الصينية في طرح حزمة من السياسات الداعمة لتحفيز اقتصادها، وخاصة فيما يخص قطاع العقارات الذي يعاني العديد من الخسائر. وبالتالي، يبشّر هذا بالخير القادم لعدة دول من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحقق إيرادات نفطية كبيرة. وفي سياق متصل، من المتوقع أيضاً زيادة نمو الاقتصاد غير النفطي مدفوعاً بمبادرات تنويع الأنشطة الاقتصادية في المنطقة. وفي ضوء ما سبق؛ تسود نظرة تفاؤلية للمستقبل المنظور لسوق الأوراق المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا سيما سوق دبي المالي.
