- من المتوقع أن ترتفع انبعاثات غازات الدفيئة (GHG) الناجمة عن أساطيل الملاحة البحرية العالمية بنسبة 44% بحلول عام 2050.
- تتطلب الحاجة الملحة للحد من الانبعاثات ضرورة العمل على الارتقاء بمستويات الكفاءة واعتماد أنواع جديد من الوقود منخفض الكربون.
- يؤدي اعتماد اللوائح الصارمة وفرض متطلبات إلزامية لاستخدام الوقود المتجدد إلى دعم مسار التحول نحو قطاع شحن محايد كربونياً.
أطلقت “آرثر دي ليتل”، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، تقريرها الجديد بعنوان “استشراف مستقبل أكثر استدامة للاقتصاد الأزرق”، والذي سلط الضوء على المخاطر البيئية باعتبارها من التحديات الرئيسية التي تؤثر على أهم ثلاث قضايا من أصل خمس ذات صلة بقطاع الموانئ والملاحة البحرية، وأكدت الشركة أن هذا المشهد يتجلى بشكل واضح منذ ما يزيد عن خمس سنوات. وبناء على هذا الواقع، شدد التقرير على الحاجة الملحة لتخفيض الانبعاثات الكربونية واستخدام الموارد باعتماد النهج الدائري في قطاع الشحن، بالإضافة إلى ضرورة العمل على الحد من التلوث الناجم عن استخدام البلاستيك والمواد الكيميائية والمخاطر التي تهدد التنوع البيولوجي في المناطق الساحلية.
ووفقاً للتوقعات العالمية، ارتفع مستوى انبعاثات غازات الدفيئة (GHG) الناجمة عن عمليات الأساطيل البحرية العالمية بنسبة 23% خلال الفترة الممتدة من عام 2012 وحتى العام 2022، بالإضافة إلى ارتفاع بمعدل 4.7% بين عامي 2020 و 2021. ومن المتوقع أن ترتفع مستويات هذه الانبعاثات بنسبة 44% بحلول عام 2050 في حال عدم اتخاذ القرارات المناسبة واعتماد التدابير الملائمة. وتتطلب الحاجة الملحة للحد من الانبعاثات ضرورة الارتقاء بمعدلات الكفاءة وزيادة الاعتماد على الموارد المعاد تدويرها، واستخدام أنواع جديدة من الوقود منخفض الكربون. وتستخدم البشرية حالياً 1.8x من الموارد البيولوجية التي تنتجها الأرض سنوياً، ما يؤدي إلى تدهور الاقتصاد الأزرق بيئياً. وتحفز اللوائح الأكثر صرامة والمتطلبات الإلزامية لاستخدام الوقود المتجدد على أهمية التحول نحو قطاع شحن محايد كربونياً ودائري التوجه، وذلك في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك منطقة الاتحاد الأوروبي.
ويؤكد التقرير على ضرورة امتثال القطاع للوائح السلامة والبيئة الصارمة بشكل متزايد، مع التركيز على تلبية الاحتياجات المتزايدة لتعزيز الاستدامة. ويعد اتباع نهج قائم على النظام البيئي أمر بالغ الأهمية لتحقيق هذه الأهداف، إذ تعتبر إدارات الموانئ ومشغلو العمليات البحرية من الجهات الرائدة التي تساهم على نحو حيوي في استشراف مستقبل مستدام للاقتصاد الأزرق.
وتعليقاً على التقرير، قال كارلو كارلوماجنو، الشريك في “آرثر دي ليتل”: “من المهم أن يتخذ قطاع الموانئ والملاحة البحرية تدابير حاسمة لتلبية الحاجة الملحة لتخفيض الانبعاثات الكربونية واستخدام الموارد باعتماد النهج الدائري في مواجهة المخاطر البيئية المتزايدة. ويعد الارتفاع المتنامي بمعدلات الكفاءة واعتماد خيارات الوقود منخفضة الكربون أمر بالغ الأهمية، بالإضافة إلى اعتماد اللوائح الصارمة التي تساهم في دفع عملية التحول نحو قطاع شحن محايد كربونياً. ويساهم اعتماد نهج تعاوني قائم على تعزيز النظام البيئي، والاعتراف بأهمية الدور الحيوي للموانئ ومشغلين العمليات البحرية، في تمكيننا من استشراف مستقبل مستدام للاقتصاد الأزرق.”
واقع متطلبات العملاء والاستدامة في قطاع الشحن البحري
يركز المستهلكون على الاستدامة بشكل متزايد باعتبارها من أهم الأولويات حالياً، وتتعرض الشركات لضغوط متزايدة لتحقيق أهداف الاستدامة وتسليط الضوء على سلوكياتها الأخلاقية عبر كافة مراحل سلاسل الإمداد الخاصة بها. ويتسّع مجال الاستدامة ليشمل قطاع الشحن البحري، حيث تلتزم المؤسسات الرائدة بإجراء عمليات شحن محايدة كربونياً بحلول العام 2040. ومن الممكن أن يؤدي الفشل في
لتخفيض الانبعاثات الكربونية من قطاع الشحن البحري إلى حصول خسائر ملحوظة على مستوى عمليات الشحن الرئيسية، ما يؤكد حاجة القطاع لاتخاذ الخطوات اللازمة بهدف التوافق مع أهداف الاستدامة في أسرع وقت ممكن.
من ناحية أخرى، يكتسب الاقتصاد الأزرق، والذي يهدف إلى مواءمة النمو الاقتصادي مع الاستدامة البيئية، زخماً سريعاً في جميع أنحاء العالم. ومن المؤكد أن تستمر التحديات التي يواجهها قطاع الموانئ والشحن البحري، مثل فقدان التنوع البيولوجي والتلوث واستنزاف الموارد وقضايا العيش الساحلية والتلوث الضوضائي، في حال عدم اتخاذ إجراءات فورية. ويجب على القطاع تعزيز مجالات التعاون ومعالجة هذه المخاطر البيئية بشكل استباقي لضمان مستقبل مستدام للاقتصاد الأزرق.
وأضاف كارلو كارلوماجنو: “يؤدي التركيز المتزايد على الاستدامة من قبل المستهلكين إلى زيادة مسؤوليات الشركات لتحقيق أهداف الحياد الكربوني وإظهار سلوكياتها الأخلاقية عبر سلاسل الإمداد الخاصة بها. من ناحية أخرى، يكتسب مفهوم الاقتصاد الأزرق، الذي يسعى إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية، زخماً هائلاً على نطاق عالمي. ومن المؤكد أن يستمر قطاع الموانئ والشحن البحري في مواجهة العديد من التحديات، بما في ذلك فقدان التنوع البيولوجي والتلوث واستنزاف الموارد وقضايا المعيشة الساحلية والتلوث الضوضائي في حال عدم اتخاذ إجراءات فورية. ويتوجب على القطاع إعطاء الأولوية للتعاون المعزز واتخاذ تدابير استباقية لمعالجة هذه المخاطر البيئية الملحة وضمان مستقبل مستدام للاقتصاد الأزرق.”
وتحتاج السلطات المشرفة على الموانئ وعمليات الملاحة البحرية إلى الاستثمار في قدراتها وإمكاناتها الحيوية لإحداث التأثير المطلوب على مستوى القطاع، ودعم الجهات المعنية لتمكينها من المساهمة على نحو محوري في ضمان تطوير وتكامل استراتيجيات الاستدامة الخاصة بهم من خلال وضع خارطة طريق محددة للمبادرات والمشاريع عبر أربعة مبادئ استراتيجية رئيسية تتمثل في: تحول الطاقة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ وحماية البيئة والتدوير وإدارة المخاطر ذات الصلة بمجالات الصحة والسلامة والبيئة.
إطلاق حركة عالمية لتأسيس قطاع شحن محايد كربونياً في المستقبل
أدى الحراك العالمي نحو مستقبل أكثر استدامة، إلى تعزيز توجه منطقة دول مجلس التعاون الخليجي للارتقاء بمستويات الاستدامة عبر قطاع الملاحة البحرية إلى آفاق جديدة. على مستوى البحرين، تهدف مبادرة إي بي إم تيرمينالز إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 70% بحلول العام 2030 عبر إطلاق مجموعة من مشاريع الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى تحسين الكفاءة التشغيلية. أما سلطنة عمان فشهدت إطلاق مشروع “هايبورت الدقم” الهادف لتوليد الطاقة المتجددة عبر إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء. ويؤكد التعاون في ميناء الدقم، بالإضافة إلى إنشاء تحالف صحار صافي الانبعاثات الصفري، التزام عُمان بالحياد الكربوني. وعلى صعيد آخر، تحرز المملكة العربية السعودية تقدماً ملحوظاً على مستوى الشراكات الهادفة لاستكشاف الفرص ذات الصلة بعزل الكربون وإعادة تدوير المخلفات الناجمة عن السفن بشكل مستدام.
ويؤكد التقرير على أهمية النهج المتكامل الذي يستند على العمل الجماعي، والذي يتضمن عمليات التنسيق التنظيمي، بالإضافة إلى اعتماد التقنيات المبتكرة وتبني الممارسات المستدامة، في تعزيز قدرات قطاع الشحن لتحقيق الحياد الكربوني لضمان مستقبل أكثر استدامة للاقتصاد الأزرق.