أعلن معهد الابتكار التكنولوجي، المركز العالمي الرائد للبحث العلمي وأحد أعمدة الأبحاث التطبيقية التابع لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، اليوم عن افتتاح محطة أبوظبي الأرضية الكمومية الضوئية، وهي منشأة حديثة تعد الأولى من نوعها في العالم العربي والأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ستكرّس جهودها لتطوير أنظمة التواصل الضوئية الآمنة.
وستساهم المحطة في ضم جهود إمارة أبوظبي ومنظومة دولة الإمارات إلى الشبكة العالمية لتوزيع المفتاح الكمي، وذلك إقراراً بأهميتها بصفتها واحدة من أكثر تقنيات التواصل الكمي تطوراً، إذ يساهم توزيع المفتاح الكمي في إجراء الاتصالات الآمنة وذات الخصوصية العالية باستخدام الإشارات الكمية، وذلك لإنشاء مفاتيح التشفير المحمية ضد محاولات العبث أو الاعتراض.
وفي حين أن البنى التحتية الحالية للألياف الضوئية تعد مناسبةً لاستضافة شبكات توزيع المفتاح الكمي الحديثة على مسافات تقل عن مائة كيلومتراً، إلا أن مسألة فقدان الإشارة في اتصالات الألياف بعيدة المدى يجعل الشبكات الكمية القائمة على الألياف غير عملية على النطاق الواسع حول العالم. ومن أجل ربط المسافات البعيدة، يتمثل الحل الوحيد عملياً في الوقت الحالي في تطوير بنية تستند إلى الإرسال الضوئي في الفضاء الحر بين الأقمار الصناعية وأجهزة الاستقبال الأرضية.
وبناءً على ما سبق، ستعمل محطة أبوظبي الأرضية الكمومية الضوئية على تحقيق الربط على المستوى الإقليمي، بحيث ستُشكل المحطة الرئيسية لتوفير موارد التواصل فائق الأمان، كما ستساهم في ترسيخ الشبكات الآمنة بما يتناسب مع الاستخدامات المستقبلية في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن المؤكد أن هذه الخطوة ستُعزز من قدرة معهد الابتكار التكنولوجي على توطيد التعاون مع المجتمع البحثي العالمي والبناء على شراكاته الحالية، مثل شراكته مع مركز التكنولوجيا الكمية التابع لجامعة سنغافورة الوطنية.
وتجدر الإشارة إلى أن المنشأة تبلغ مساحتها 2,363 متراً مربعاً وتقع في مرصد السديم للقبة السماوية وعلم الفلك في الوثبة، حيث تضم قبة فلكية مؤتمتة بالكامل وتلسكوب متطور قطره 800 ملم، بالإضافة إلى غرفة تحكم للإشراف والمتابعة ومحطة جوية متطورة لمراقبة السماء ووضع تقديرات الوميض. وسيتم أيضاً تزويد المنشأة بمنصة ثانوية تحتوي المحطات الأرضية الضوئية المحمولة، سواء المحلية أو الدولية، مما يساهم في توطيد أصر التعاون في هذا القطاع.
وزُودت محطة أبوظبي الأرضية الكمومية الضوئية بنظام متعدد الاستخدامات للاستحواذ والتتبع الكمي تم تطويره في معهد الابتكار التكنولوجي، كما أن وحدة الاستقبال الكمي المؤتمتة بالكامل تعمل على رصد الإشارات الكمية ضمن نطاق الطول الموجي من 760 إلى 860 نانومتر، إلى جانب النظام الضوئي ذو التصميم الفريد الذي يضمن التوافق مع مجموعة واسعة من إشارات الوصلات الهابطة والصاعدة، مما يدعم نماذج التعديل الضوئي عالية الإنتاجية التي تتراوح من 680 إلى 1,600 نانومتر.
وأثناء كلمته في حدث افتتاح محطة أبوظبي الأرضية الكمومية الضوئية، قال د. راي جونسون، الرئيس التنفيذي لمعهد الابتكار التكنولوجي: “يساهم افتتاح محطة أبوظبي الأرضية الكمومية الضوئية في تعزيز الجهود المبذولة لبناء مركز رائد للابتكار والمعرفة، ولا يقتصر على توظيف التكنولوجيا المتطورة فحسب. وتُجسد المنشأة الحديثة آخر ما توصل إليه العالم في التكنولوجيا الكمية، وفي نفس الوقت يُمثل مركزاً للتميز في تقديم البرامج التدريبية والمساهمة في رعاية ودعم قطاع التكنولوجيا الكمية الناشئ في دولة الإمارات العربية المتحدة. أفخر بدورنا البارز في تشكيل مستقبل النقل الآمن للبيانات على مستوى العالم على الرغم من أننا ما زلنا مركزاً حديثاً نسبياً.”
ومن جانبه، قال د. جيمس جريف، مدير أول في مركز بحوث الكوانتوم التابع لمعهد الابتكار التكنولوجي: “يمثل إطلاق محطة أبوظبي الأرضية الكمومية الضوئية علامة فارقة في مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة لترسيخ دورها الريادي في مجال التكنولوجيا. وتساهم المحطة في تحقيق السيادة التكنولوجية في الاتصالات الكمية وبناء مصداقية دولة الإمارات في مجال التكنولوجيا المتقدمة والابتكار، مما يجعلها مركزاً عالمياً للبحث والتطوير الكمي.”
وبدوره، قال سعادة إبراهيم حمزة القاسم، نائب مدير عام وكالة الإمارات للفضاء: “نشيد بهذا الإنجاز الجديد الذي سيساهم في ترسيخ الدور القيادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الاتصالات الآمنة، ويسر وكالة الإمارات للفضاء تقديم الدعم اللازم لهذه المبادرة، ونتطلع قدماً إلى النتائج الأولية من مرحلة التجارب والاختبارات العملية.”
ومن منطلق رؤية مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة وسعيه المتواصل للارتقاء بالمشهد الاقتصادي في أبوظبي، ستساهم محطة أبوظبي الأرضية الكمومية الضوئية في تعزيز فرص التسويق التجاري لتقنيات الاتصالات الآمنة وتوسيع نطاق تطبيقها في قطاعات مهمة مثل الاتصالات ومراكز البيانات والتمويل والبنية التحتية الحيوية. كما ستساهم المحطة على سد الفجوة بين الجانب البحثي والتطبيق العملي، وفي نفس الوقت تطوير البنى التحتية للاتصالات الآمنة الكمية في دولة الإمارات العربية المتحدة.