توجه الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى للعاصمة الفرنسية باريس للمشاركة فى إحتفال منظمة اليونسكو بيوم المياه العالمي والمنعقد تحت عنوان “الماء من أجل السلام” .
وشارك الدكتور سويلم في الجلسة رفيعة المستوى المنعقدة في إطار الإحتفالية .. حيث نقل الدكتور سويلم للحضور تحيات مصر للعالم وتمنياتها بتحقيق السلام والتضامن الصادق بين دول العالم ، معرباً عن تقديره لمنظمة اليونسكو على تنظيم هذا الاحتفال بمناسبة “اليوم العالمي للمياه” وتحت شعار “الماء من أجل السلام” ، هذا الشعار الذى يؤكد على الأهمية القصوى للتعاون في الإدارة المستدامة للمياه بوصفها أداة هامة لمنع الصراعات ومعالجة التحديات المشتركة التي نواجهها ، مشيراً إلى أن المياه هي التراث المشترك للإنسانية وهى حق أساسي من حقوق الإنسان يجب صيانته .
وأضاف سيادته أن مصر تُعد مثالاً للبلدان التي تواجه التحديات المزدوجة المتمثلة في ندرة المياه وتغير المناخ ، حيث يبلغ نصيب الفرد من موارد المياه المتجددة في مصر ٥٠% من خط الفقر المائي العالمي ، ومصر لديها أقل هطول للأمطار بين جميع البلدان ، وتعتمد بشكل كامل على نهر النيل لتوفير أكثر من ٩٨٪ من مواردها المائية المتجددة ، ويتم تخصيص ٧٥% من الموارد المائية في مصر لإنتاج حوالي ٥٠% فقط من احتياجاتها الغذائية من خلال الزراعة والتي تدعم سُبل عيش ٥٠% من السكان ، بالإضافة لتأثيرات التحديات الأمنية السائدة في المنطقة بشكل كبير على إدارة الموارد المائية في مصر ، حيث تمثل استضافة ما يقرب من ٩ ملايين لاجئ من الدول المجاورة ضغطاً إضافياً على الدولة المصرية لتوفير المياه والغذاء والبيئة والطاقة والخدمات الأساسية ، وبالنظر إلى أن مصر تواجه نقصاً في الموارد المائية بنسبة ٥٥% من إجمالي إحتياجاتها المائية (والتي تصل إلى ١٢٠ مليار متر مكعب سنوياً) ، فقد قامت وزارة الموارد المائية والري بالتعاون مع الوزارات المعنية بتطوير خطة وطنية تعاونية للموارد المائية والتى تُسلط الضوء على إدارة الموارد المحدودة بفعالية وتعالج تحديات المياه والطاقة والغذاء والبيئة ، وتقوم مصر بإستثمارات كبيرة لزيادة كفاءة نظام المياه لديها بلغت ١٠ مليارات دولار في السنوات الخمس الماضية ، وتتبنى سياسة إعادة استخدام المياه مما يضيف حوالي ٢١ مليار متر مكعب من الموارد المائية غير التقليدية ، كما تضطر مصر لاستيراد نسبة كبيرة من غذائها سنوياً ، تصل قيمتها إلى حوالي ١٥ مليار دولار من واردات الغذاء ، أي ما يعادل ٤٠ مليار متر مكعب على الأقل من المياه الافتراضية .
وأشار الدكتور سويلم إلى أن موضوع إحتفال يوم المياه العالمى “المياه من أجل السلام” يؤكد على الأهمية الكبرى لتعزيز التعاون بين الدول المتشاطئة على الانهار الدولية ، وفى مصر .. فإن التعاون المشترك يقع في قلب خطط واستراتيجيات إدارة الموارد المائية ، حيث تدعم مصر باستمرار دول حوض النيل ، وتتجلى هذه المجهودات في تعاون مصر مع دول (السودان وجنوب السودان وكينيا والكونغو الديمقراطية وبوروندي ورواندا وأوغندا وتنزانيا) في مشروعات مختلفة مثل “تنفيذ ٣ مشروعات لمكافحة الحشائش المائية – إنشاء ٣٥ سد لتجميع مياه الأمطار – إنشاء ٣٢٥ بئر للمياه الجوفية – إنشاء ٤٠ محطة مياه جوفية مجهزة بالطاقة الشمسية – تنفيذ عدد ٢ مشروع للتخفيف من السيول – إنشاء ٥ مراسى نهرية – إنشاء عدد ٢ مركز للتنبؤ بالأمطار – إنشاء عدد ٣ محطات هيدرولوجية – إنشاء معمل مركزي لجودة المياه – تنظيم برامج لبناء القدرات والتدريب لمتدربين من جميع دول حوض النيل والدول الإفريقية على مدار العام بخلاف المنح الأكاديمية” .
وبالنظر إلى ما سبق .. فإن التعاون بين الدول المتشاطئة على الأنهار الدولية يعد مسألة وجودية بالنسبة لمصر ، ولكي يكون هذا التعاون ناجحاً فلابد أن تكون الإدارة المتكاملة للموارد المائية على مستوى الحوض بالكامل ، بما في ذلك الإدارة الشاملة للمياه الزرقاء والخضراء ، بالإضافة للالتزام غير الانتقائي بمبادئ القانون الدولي المعمول بها ، وخاصة مبدأ التشاور والتعاون المبني على دراسات علمية سليمة ، وفي هذا السياق .. ترى مصر أن الإجراءات غير التعاونية والأحادية التي تتجاهل الإمتثال للقانون الدولي تشكل تحدياً كبيراً للتعاون عبر الحدود ، مثل تجاهل المبدأ الأساسي للتعاون والذي يتضمن واجب التشاور وإجراء دراسات الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي على التدابير المخطط لها لضمان الإستخدام المنصف والمعقول وتجنب إلحاق ضرر جسيم ، وإن مثل هذه الإجراءات والمشاريع الأحادية غير التعاونية على نهر النيل يمكن أن تضر بمصر بسبب اعتمادها على نهر النيل في وجودها ، خاصة أنه حال حدوث نقص نسبته ٢% من المياه سنوياً بسبب مثل هذه الإجراءات الأحادية سيؤدي ذلك إلى إجبار ٢٩٠ ألف شخص على التوقف عن العمل ، بالإضافة إلى خسائر كبيرة في إنتاج الزراعة والطاقة الكهرومائية ، فضلاً عن إرتفاع الواردات الغذائية .
وأوضح الدكتور سويلم فى كلمته أن مصر تواصل العمل ضمن استراتيجية تعاونية على المستوى الإقليمي والدولي .. فعلى الصعيد الإقليمي .. تتشرف مصر برئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو) حيث تسعى جاهدة لتعزيز التعاون بين الدول الأفريقية ، وحشد التمويلات اللازمة للبنية التحتية في القارة الافريقية ، وعلى المستوى الدولي .. شاركت مصر بشكل بناء في جميع مبادرات المياه الدولية مثل ( مبادرة الأمم المتحدة لأنظمة الإنذار المبكر – الدعوة لدور أقوى للأمم المتحدة في مجال المياه مع إقتراح تعيين مبعوث خاص للمياه – الدعوة لبرنامج عمل للأمم المتحدة بشأن ندرة المياه وفقا لمخرجات أسبوع القاهرة للمياه لعام ٢٠٢٢ – المشاركة في رئاسة الحوار التفاعلى الثالث للمياه والمناخ خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه) ، كما نجحت مصر بصفتها رئيسا لمؤتمر المناخ السابع والعشرين COP27 وبالتنسيق مع شركائها الدوليين في وضع المياه في قلب العمل المناخى العالمي من خلال عقد مائدة مستديرة رئاسية حول الأمن المائي ، وعقد جناح خاص للمياه ويوم للمياه ، وإطلاق مبادرة (AWARe) والتى حشدت حتى الآن دعم ٣٠ دولة ، وقد توجت هذه الجهود بإدخال المياه لأول مرة على الإطلاق في القرار الجامع لمؤتمر المناخ .