واصلت قمة “AIM” للاستثمار 2024، المنصة الاستثمارية الرائدة عالمياً، فعالياتها لليوم الثاني على التوالي في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، بسلسلة من الجلسات النقاشية ضمن محاورها الرئيسية التي شملت محور الابتكار والتكنولوجيا، ومحور الشركات الصغيرة والمتوسطة، وقمة الاستثمار في ريادة الأعمال، ومنتدى مستقبل التمويل.
وتمتد أعمال قمة الاستثمار، التي تقام تحت شعار “التكيف مع تحول المشهد الاستثماري: تسخير إمكانات جديدة لتطوير التنمية الاقتصادية عالمياً”، على مدار ثلاثة أيام حتى 9 مايو الجاري، بمشاركة نخبة من أبرز قادة الفكر وأصحاب الرؤى والخبراء بهدف تبادل الخبرات والآراء واستكشاف مستقبل الاستثمار العالمي عبر استعراض أحدث الاتجاهات والابتكارات عبر مختلف المجالات بما يسهم في تعزيز التعاون في القطاعات الرئيسية.
محور الابتكار والتكنولوجيا
وجمع محور الابتكار والتكنولوجيا نخبة من قادة الصناعة والمبتكرين وصانعي السياسات بهدف تبادل الأفكار والرؤى واستكشاف الإمكانات التحويلية للتقنيات الناشئة والمتطورة ودورها في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق الاستدامة، حيث سلط المشاركون الضوء على باقة متنوعة من الموضوعات شملت إنترنت الأشياء والرقمنة وأنظمة الذكاء الاصطناعي والتنمية الحضرية المستدامة.
وتطرقت الجلسة التي أدارها غلين غيلمور الدور الحاسم لعملية صنع القرار القائمة على البيانات في تشكيل الصناعات المستقبلية، حيث أكدت كاتالينا فالنتينو من شركة إليكسر (ELIXR) وتشارلز أوستين أنجيل من شركة مودرن إيدج (Modern Edge) على أهمية الاستفادة من التوائم الرقمية والتكامل الذكاء الاصطناعي لتحسين العمليات وتعزيز الإنتاجية. كما سلط المتحدثون الضوء على الدور الذي لعبه الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في إحداث ثورة في عالم الصناعات وجعل المدن أكثر ذكاء وخلق بيئات أكثر أماناً واستدامة.
وأشار مارتن ييتس، المستشار الأول للتكنولوجيا الحكومية في شركة بريسايت (Presight G42) على أهمية البيانات الجديرة بالثقة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مشددا على الحاجة إلى ممارسات قوية لإدارة البيانات وأطر تنظيمية لضمان نشر ممارسات الذكاء الاصطناعي الأخلاقية والمسؤولة، فيما أكد ستيف نوري من شركة “جينريتيف للذكاء الاصطناعي التوليدي” (Generative AI) على دور التعاون وتبادل المعرفة في دفع الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، داعياً إلى اتباع نهج جماعي تعاوني لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحقيق المنفعة المجتمعية.
وواصل المتحدثون خلال الجلسات النقاشية ضمن محور الابتكار تبادل الأفكار والرؤى واستكشاف التحديات والفرص التي تتعلق باعتماد التقنيات المبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة، حيث أكد المتحدثون على الحاجة إلى تبني نهج شامل للتخطيط والتطوير الحضري، ودمج الحلول الرقمية مع أهداف الاستدامة البيئية. وسلطت ليلي لو، من مؤسسة “ديسمو” (DESMO) الضوء على أهمية الأمن السيبراني في بيئات إنترنت الأشياء، مشددة على الحاجة إلى اتخاذ تدابير أمنية قوية لحماية البيانات وضمان خصوصية المستخدم.
وقدَم المتحدثون في محور الابتكار رؤى قيمة حول الإمكانات التحويلية للتقنيات الناشئة في دفع التحول الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة، وأهمية استمرار الصناعات في تبني رقمنة الذكاء الاصطناعي، مؤكدين على أن التعاون والابتكار المسؤول والاعتبارات الأخلاقية هو المفتاح لتحقيق الإمكانات الكاملة للتكنولوجيا في تشكيل مستقبل أكثر شمولاً ومرونة.
وفي حديثها عن دور تقنية التوأم الرقمي في مجال تطوير وتشكيل مدن المستقبل، قالت كاتالينا فالنتينو، الرئيس التنفيذي لشركة ELIXR: “تعدُ تكنولوجيا التوائم الرقمية هي الأفضل في بناء مدن المستقبل التي تتطور مع استخدام الذكاء الاصطناعي، لأن جعل البيئة أكثر أماناً يعتبر أمراً صعباً بسبب البيانات، حيث إن التعرف على البيانات الدقيقة أمر بالغ الأهمية “.
ومن جانبه، قال تشارلز أوستين أنجيل من شركة مودرن إيدج (Modern Edge):”الذكاء الاصطناعي ليس بديلا عن الذكاء البشري، بل مكمل له، لذا علينا أن نفكر في تعزيز النمو والتفكير بما صب في مصلحة الجميع أمر مهم. ”
محور المشاريع الصغيرة والمتوسطة – قمة الاستثمار في ريادة الأعمال
جمع محور الشركات الصغيرة والمتوسطة رواد الأعمال وصانعي السياسات وخبراء الصناعة لاستكشاف استراتيجيات لتعزيز ريادة الأعمال وتعزيز النمو الاقتصادي والتغلب على التحديات في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقدم المتحدثون خلال الجلسة التي أدارها رينهولد فون ستيرنبيرغ ، رؤى قيمة ووجهات نظر ثاقبة حول سبل وكيفية تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة والاستثمار والابتكار، وكان من بينهم كريستيان بيرستنجر من “تيرابلازما ميديكال” وكاريما كاثرين من “بي بي ماتش” الذين شاركوا الحضور تجاربهم وخبراتهم، مسلطين الضوء على أهمية مرونة سلسلة التوريد والرقمنة وأهمية الاحتفاظ بالعملاء لضمان نجاح الشركات الصغيرة والمتوسطة. وشددوا على الحاجة إلى التعاون والقدرة على التكيف والابتكار في التعامل مع الاضطرابات والتغيرات واغتنام الفرص في بيئات السوق الديناميكية.
كما تطرقت الجلسات النقاشية إلى دور السياسات الحكومية والتعاون الدولي في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما في الاقتصادات الناشئة، وأكدت كلاً من الدكتورة آسيا بن سعد، مديرة التعاون والشراكة في الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، وإبراييف دانيال من اتحاد قيرغيزستان للصناعة وريادة الأعمال، على أهمية تعزيز بيئة تمكينية للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال الأطر التنظيمية الداعمة، وتوفير مصادر التمويل لرواد الأعمال وإطلاق مبادرات بناء القدرات.
وتناولت الجلسات حلول التمويل البديلة وهي منصات الإقراض البديلة، مثل الإقراض من نظير إلى نظير P2P، حيث توفر منصات الإقراض بديلاً للقروض المصرفية التقليدية، لتلبية الاحتياجات التمويلية للشركات الصغيرة والمتوسطة. وناقش المتحدثون مزايا الإقراض من نظير لنظير في توفير وصول أسرع إلى رأس المال، وخاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وأهمية إدارة المخاطر والرقابة التنظيمية في ضمان استقرار وسلامة هذه المنصات.
وشكل محور الشركات الصغيرة والمتوسطة منصة لأصحاب المصلحة لتبادل الرؤى والأفكار وأفضل الممارسات والحلول المبتكرة لدعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة وقدرتها على الصمود واستمرارها في لعب دور حيوي في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى دورها في خلق فرص عمل على الصعيد العالمي، والعمل على نجاح هذه الشركات لأهميتها في بناء اقتصادات أكثر شمولاً واستدامة.
وقال ثامي زوندي، خبير الاقتصاد والتنمية والاستثمار RSA: “تعد الشركات الصغيرة والمتوسطة بمثابة العمود الفقري لاقتصادات الدول، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن ثقة العملاء حيث يستخدم اليوم في خدمات التوصيل وفي التجارة الإلكترونية، إلا أن لدى هذه الشركات مشاكل في التوصيل بسبب عدم التواصل والتفاعل مع العملاء، الأمر الذي يستدعي اعتماد التكنولوجيا القائمة على التفاعل وتبني نظام الإدارة الزائدة لتجنب هذه المشكلات.”
وقال كاريما كاثرين، الرئيس التنفيذي لشركة “بي بي ماتش: “في ظل وجود “9 دولة، 160و قطاعاً فرعياً، يكمن الهدف الرئيسي في كيفية توفير المزيد من الفرص للشركات الصغيرة والمتوسطة، ويوجد ما بين 95% إلى 99% من الشركات ليس لديهم عمل ولديهم مشكلات مالية، وتعتبر روبوتات المحادثة مهمة للغاية في اتصالات العملاء والاحتفاظ بهم، وكذلك الحال بالنسبة لجوجل.”
محور منتدى مستقبل التمويل
ومن ضمن أعمال قمة الاستثمار محور منتدى مستقبل التمويل الذي شهد مشاركة نخبة من قادة الصناعة والخبراء لاستكشاف الدور التحويلي للتكنولوجيا والتقنيات المتطورة في تشكيل مستقبل التمويل مثل البلوك تشين والجيل الثالث للإنترنت والعملات الرقمية والذكاء الاصطناعي في تعزيز الوصول المالي والاستقرار والاستدامة، حيث سلط المشاركون الضوء على الاتجاهات والتحديات والفرص الرئيسية التي تعيد تشكيل المشهد المالي.
وشكل الأمن السيبراني إحدى النقاط المحورية التي تم تسليط الضوء عليها، حيث قاد المتحدث الرئيسي الشهير إدغار بيريز محادثة جانبية حول تعزيز الأمن السيبراني في الأنظمة المالية. وشدد بيريز على أهمية الدور الجوهري الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في الكشف عن الأنشطة الاحتيالية ومنعها، مسلطاً الضوء على قوة التقنيات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي في حماية المؤسسات المالية من التهديدات السيبرانية. كما تناولت الجلسة الآثار المترتبة على تقنية التزييف العميق وأهمية الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا في الحفاظ على الخصوصية والأمن.
ومن أبرز المتحدثين بيتر تافانير، المؤسس المشارك لشركة Beehive، الذي قدم رؤى حول التحليل المقارن للإقراض من نظير إلى نظير (P2P) والخدمات المصرفية التقليدية. وشدد تافانير على فوائد الإقراض من نظير إلى نظير في الوصول السريع إلى الأموال والحلول المالية المصممة خصيصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة، ومعالجة المفاهيم الخاطئة الشائعة حول المخاطر والأمن في منصات الإقراض من نظير إلى نظير.
وركزت الجلسات على الدور المتطور لتقنيات الذكاء الاصطناعي والرقمية في التدقيق والمحاسبة. حيث تناول كلاً من براسانا، الرئيس التنفيذي لشركة Blockstack، وبرنارد شاتز من برايس ووترهاوس كوبرز، تأثير الذكاء الاصطناعي على الأمن الوظيفي والكفاءة ودقة البيانات في مهنة المحاسبة، وأكدوا على الحاجة إلى التدريب المستمر واعتماد التكنولوجيا للحفاظ على القدرة التنافسية في صناعة سريعة التطور.
وقدم منتدى تمويل المستقبل استكشافاً شاملاً للتقاطع بين التمويل والتكنولوجيا، وسلط الضوء على فرص الابتكار والتعاون والتكيف في العصر الرقمي، وأهمية تبني التطورات التكنولوجية باعتبارها المفتاح لدفع الكفاءة والأمن والمرونة في القطاع المالي، لا سيما في ضوء ما تواجهه المؤسسات المالية من تعقيدات في عالم متزايد الترابط.
