سلط معرض “جيتكس جلوبال 2024″، أكبر حدث للتكنولوجيا والشركات الناشئة في العالم، الضوء على ريادة دولة الإمارات في دعم مدن المستقبل الذكية من خلال عرض أحدث التطورات في مجال رقمنة المدن والحياة الذكية.
وتجدر الإشارة إلى أن الفعالية استضافت أكثر من 6,500 شركة عارضة و1,800 شركة ناشئة و1,200 مستثمر، إلى جانب الحكومات المشاركة من أكثر من 180 دولة وحضور أكثر من 200 ألف زائر، في إشارة إلى أعلى مستوى من المشاركة الدولية على الإطلاق، مما عزز مكانة دبي كوجهة رائدة على الساحة العالمية للفعاليات والمعارض.
وإلى جانب المعرض، أقيم مؤتمر يتضمن جلسات النقاش والحوارات بمشاركة صانعي السياسات وأصحاب الرؤية والفكر الملهم وقادة القطاعات للحديث عن تسخير التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والروبوتات لدعم التواصل وتعزيز النمو الاقتصادي.
وفي الوقت الذي تبلغ فيه الإيرادات العالمية من المدن الرقمية 1.83 تريليون دولار أمريكي، وهي زيادة هائلة قدرها 21% مقارنة بالعام الماضي وذلك وفقاً لدراسة حملت عنوان “البحث عن الأسبقية”، أبرز مؤتمر المدن الرقمية ريادة دولة الإمارات التي تقود مستقبل المدن من خلال المبادرات الخلّاقة التي تستفيد من قوة الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والنظم القائمة على البيانات لتعزيز البيئات المستدامة فائقة الترابط.
ريادة دولة الإمارات الاستراتيجية في المدن الذكية
وبفضل استثماراتها الضخمة في التحول الرقمي، تتمتع دولة الإمارات بمكانة عالمية متقدمة في مجال تطوير المدن الرقمية حيث احتلت دبي وأبو ظبي مكانة ضمن أول 12 مدينة عالمية على مؤشر المدن الذكية للعام 2024 وفقاً لتقرير أعده المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا (IMD) – وهي شهادة على التطور السريع في التقنيات الحضرية.
تقود هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية هذه التطورات الملموسة، إذ تتولى مسؤولية الإشراف على التحول الرقمي على المستوى الاتحادي بالتركيز على هدفين استراتيجيين هما تعزيز أنماط الحياة الذكية وتقوية البنية التحتية التكنولوجية. وحرصت الهيئة على إبراز رؤيتها المتميزة من خلال مشاركتها المتألقة في معرض جيتكس جلوبال.
واستعرضت الهيئة مبادراتها الريادية في منصة الحكومة الرقمية، ومنها منصة “التوأمة الرقمية” المبتكرة التي تسمح بمحاكاة دقيقة للأنظمة الهيكلية والتشغيلية من خلال استخدام البيانات الآنية.
وتحدث سعادة المهندس ماجد سلطان المسمار، مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، قائلاً: “نحن فخورون بمشاركتنا في جيتكس جلوبال 2024، حيث عرضت منصة الحكومة الرقمية حلولاً مبتكرة تسلط الضوء على ريادة دولة الإمارات في التحول الرقمي. لقد أتاح لنا التعاون هذا العام مع شركائنا من الجهات الحكومية فرصة عرض مستقبل الخدمات الرقمية السلسة ودمج التقنيات المتطورة.
وأضاف سعادته: “نحن في تدرا ملتزمون بدفع عجلة التحول والتميز الرقمي عبر جميع القطاعات، حيث تنسجم أهدافنا المشتركة مع رؤية نحن الإمارات 2031، التي تركز على الاستدامة والابتكار وتسهم في بناء المستقبل الرقمي المنشود”.
ومن الجدير بالذكر أن هيئة دبي الرقمية تقود التحول الرقمي انطلاقاً من رؤية القيادة الحكيمة لإمارة دبي، كما تشرف دبي الرقمية على تسريع التحول الرقمي للمدينة من خلال الشراكات الاستراتيجية وتعزيز مساهمة الإمارة في الاقتصاد الرقمي، وبناء وتطوير الكفاءات الرقمية للمواهب الوطنية، والحفاظ على الثروة الرقمية لدبي وتنميتها.
وتتميز دبي الرقمية بمبادراتها المبتكرة سواءً على الصعيد التقني أو التوعوي المجتمعي. المبادرات المبتكرة مثل “حكومة لاورقية” التي جعلت دبي أول حكومة لاورقية في العالم. والمنصات الرقمية الموحدة مثل تطبيق دبي الآن الذي يوفر أكثر من 280 خدمة رقمية. والتجارب الرقمية المتميزة مثل “باقة العمل” وباقة “إماراتي”، هي القوى الدافعة وراء التحول الرقمي للمدينة.
قال سعادة حمد عبيد المنصوري مدير عام دبي الرقمية: “على مدار ربع قرن من رحلة التحول الرقمي في دبي، كان مركز دبي التجاري العالمي ملتقى سنوي للجميع في الحكومة والقطاع الخاص، وشكل بذلك محطة دائمة لعرض ما تم من إنجازات، وتسليط الضوء على خطط للمستقبل. وبمرور الزمن أصبح هذا التلازم بمثابة شراكة حقيقية ساهمت في جعل دبي عاصمة عالمية للمعارض، ومركز جذب للشركات المبتكرة والخبراء والعقول والمهتمين بكل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا، كما شكل رافداً مهماً لتحقيق أجندة دبي الاقتصادية D33. وقد كانت نسخة 2024 من جيتكس جلوبال بمثابة نقلة نوعية نحو عصر جديد هو عصر الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي حيث تجلى ذلك من خلال التركيز على مفاهيم الاستدامة والمرونة والكفاءة والتكامل ومحورية المتعاملين. إننا نتطلع لاستمرار هذه الشراكة انطلاقاً من خصوصية العصر الذي نعيش فيه، والذي يتطلب تعزيز التعاون والتكامل بين الأطراف كافة.”
أما هيئة الطرق والمواصلات فهي من المؤسسات الأخرى التي تعمل على تحقيق هدفها في استراتيجيتها الرقمية، والتي تتضمن 82 مشروعاً صُممت لإحداث ثورة في التنقل الحضري والبنية التحتية. تعد مبادرات هيئة الطرق والمواصلات بالغة الأهمية في دعم أنظمة التحول، بما يتماشى مع الهدف الأوسع المتمثل في إنشاء مدينة تتسم بالترابط والكفاءة.
كما تقود مدينة مصدر – المبادرة الرائدة في أبوظبي – جهود التنمية المستدامة حيث تلعب دوراً أساسياً في مسيرة دولة الإمارات نحو الحياد المناخي من خلال ريادة المجتمع الحضري المستدام، وتغيير أسلوب حياة وعمل الناس وطرق التعلم والترفيه عبر دمج ممارسات الاستدامة في النسيج الحضري للمدن.
الفرص والتحديات المرتبطة بإنشاء المدن الذكية
وخلال فعاليات جيتكس جلوبال، تطرق مارتن ييتس، مستشار التكنولوجيا الحكومية في شركة بريسايت الإماراتية، إلى أهمية الاستفادة من التكنولوجيا لمعالجة تحديات البنية التحتية الحضرية المستقبلية من أجل المساعدة في إنشاء مدن أكثر أماناً وكفاءة وقابلية للعيش بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وفي حديثه عن تمكين الدول من التوسع ومزيد من التوسع، قال: “يعتمد الأمر على الكثير من العوامل مثل كيفية مشاركة البيانات، وكيفية وضع الميزانية لها، وكيفية التطور، إذ إن وجود رؤية مشتركة تجمع الناس معاً هو الفارق الحقيقي بين من يبقون في مرحلة التطوير المبكرة وأولئك الذين يصلون إلى أقصى مراحل التحسين.”
وأضاف: “تواجه المدن القديمة مثل نيويورك عقبات بسبب البنية التحتية القديمة، مثل الأنابيب والكابلات وغيرها مما يتطلب تحديثاً يستغرق وقتاً طويلاً. وعلى النقيض من ذلك، يوفر بناء مدن جديدة مساراً أسرع للتحسين، حيث يمكنها تثبيت البنية التحتية الحديثة منذ البداية، وتحقيق كفاءة عالية في غضون ثلاث إلى خمس سنوات. ويختلف الجدول الزمني أيضاً حسب حجم المدينة – حيث يمكن للمدن الأصغر أن تتكيف بشكل أسرع، في حين تتطلب المدن الأكبر المزيد من الوقت والموارد. وبالطبع فإن وتيرة التقدم تعتمد على حجم الموارد المتاحة.
كما شارك تان بون خاي، الرئيس التنفيذي لشركة (JTC Corporation) في سنغافورة، في جلسة متميزة دعت إلى شراكات أقوى بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أعلى مستويات الاستفادة من التكنولوجيا لمعالجة التحديات الحضرية.
وقال: “يتطلب الأمر الكثير من الشراكات والعمل معاً وأعتقد أننا متفائلون جداً حيال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي حيث سيلعبان دورًا بالغ الأهمية في كيفية بناء المدن المستقبلية”.
وفي جلسة تتمحور حول الأمر ذاته، أكد ديمتري فان زانتفليت، مدير أمن المعلومات ومدير الأمن السيبراني لدى هيئة السكك الحديدية الهولندية، على الدور المحوري للأمن السيبراني في تعزيز الثقة بين المواطنين. وقال: “يمثل الأمن السيبراني عنصراً بالغ الأهمية للمدن الرقمية والتحول في الخدمات المقدمة للمواطنين. ومع تطور المدن لتصبح أكثر ذكاءً بفضل إمكانات الذكاء الاصطناعي، فإن أساس نجاحها يعتمد على الثقة قبل كل شيء”.
عرض الابتكارات ودعم النمو الرقمي
وبالتزامن مع الحوارات الملهمة، تمكن الزوار من تجربة عدد من الابتكارات المدهشة التي تساهم في نمو المدن الرقمية، ومن بينها روبوت الماسح الضوئي الذي عرضته بلدية دبي، والذي يمسح الطبقات السطحية والجوفية من الأرض ويساعد في تخطيط المدن وتطوير البنية التحتية.
كما تم عرض قارب (Uni-Mini) السطحي صغير الحجم وخفيف الوزن ذاتي القيادة، وهو من تطوير مجموعة يونيك التي تعمل مع بلدية دبي، حيث يستطيع (Uni-Mini) إجراء عمليات المسح بأقل جهد وأقل عدد من العاملين.
وجرى كذلك عرض نظام المرور الذكي في أبوظبي، والذي يجمع بين التقنيات المتقدمة في أداة تتمتع بالعديد من الميزات الهامة مثل أنظمة الاستشعار المخصصة والرسائل المتغيرة التي تنبه السائقين في مختلف الظروف الجوية السيئة.
ربط المشهد التكنولوجي العالمي
يذكر أن جيتكس جلوبال يجمع أكبر شبكة عالمية من الفعاليات التقنية عبر مجموعة متميزة من المعارض التي تتضمن من ضمنها معرض “جيتكس أفريقيا” في المغرب من 14 إلى 16 أبريل 2025، يليه معرض “جيتكس آسيا” في سنغافورة من 23 إلى 25 أبريل 2025. وبعد ذلك، سيُعقد معرض “جيتكس أوروبا” في برلين من 21 إلى 23 مايو 2025، تليه النسخة الأولى من معرض “جيتكس نيجيريا” في سبتمبر 2025، مما يعكس توسع محفظته من الفعاليات التقنية وجميعها تركّز على دعم التعاون الوثيق والابتكار بهدف رسم مشهد التكنولوجيا المستقبلي.
سيُقام معرض “جيتكس جلوبال” المقبل في الفترة من 13 إلى 17 أكتوبر 2025، حيث يعد بمزيد من الابتكار والتعاون في صناعة التكنولوجيا. وفي عام 2026، سيُنتقل معرض “جيتكس جلوبال” إلى إكسبو سيتي دبي، مما سيزيد من نطاقه وتأثيره.