تعاون “بيت.كوم “(Bayt.com)، أكبر وقع للوظائف في منطقة الشرق الأوسط، مع شركة الأبحاث السوقية “ماركلتيكس سوليوشنز”(Markelytics Solutions) لإجراء دراسة بحثية جديدة هي الأولى بينهما وذلك تحت عنوان “استبيان الرواتب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” (Salary Survey in MENA). تعمقّت هذه المبادَرة في النواحي الرئيسية المرتبطة برضى الموظَّفين، وما يشمل هذا من تعويضات والقدرة على الموازَنة بين العمل والحياة الشخصية، والأمان الوظيفي والنمو الشخصي. وبالارتكاز على الإجابات التي قدّمها أكثر من 1,200 شخص يعملون في دول مجلس التعاون الخليجي وشمال إفريقيا وبلاد الشام، تم من خلال الدراسة تحديد الفرص بالنسبة للشركات الموظِّفة لجهة تحسين هيكل التعويضات، والحفاظ على المهارات الجيّدة، والتمتّع بفهم أفضل للاحتياجات المتطوّرة لقوى العمل المعاصرة.
وتسلّط هذه الدراسة الضوء على أنماط بارزة من ناحية التنقّل الوظيفي بين المهنيين المحترفين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ضمن هذا السياق، أظهر الرجال ميلاً أعلى للتنقّل بين الوظائف مقارَنة بالسيدات (65% بالمقارَنة مع 50%)، وعادة ما يكون الدافع السعي وراء تعويض أفضل أو التقدّم المهني. ولقد أظهَر الشباب الأصغر سناً من الذين شاركوا في الاستبيان (18-25 سنة) معدَّلات أعلى للانتقال إلى وظائف أخرى، مع ميل ما يزيد عن 40% منهم لتغيير وظائفهم، وظهر أن الكثير منهم تولّوا ثلاثة أدوار أو أكثر سابقًا خلال مسيراتهم المهنية. بالمقابل، يشير الموظَّفون البالغ عمرهم 36 سنة وما فوق إلى تولّيهم عادة خمسة أدوار أو أكثر سابقًا، مما يعكس الاستقرار والنمو الوظيفي. إلى جانب هذا، أمضى 81% من المشاركين في الاستبيان ما لا يزيد عن سنتين مع شركاتهم الحالية، الأمر الذي يُظهِر مدى التنقّل الواسع بين الوظائف في المنطقة. وعلى الصعيد الإقليمي، يتبيَّن أن الموظَّفين في شمال إفريقيا وبلاد الشام يبقون لفترات أطول في شركاتهم نظرًا لنسبة المشارَكة العالية من قوّى العمل المحلّية والحماية التي يحظون بها من الاتحادات العمّالية. أما في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث توجد شريحة واسعة جداً من الوافدين بين القوى العاملة، فتتسبّب القيود التعاقدية التي تفرضها الشركات الموظِّفة ببقاء الكفاءات لديهم لفترات أقصر، حيث إن نسبة 48% من الذين شاركوا في الاستبيان أشاروا إلى أنهم يعملون مع شركاتهم الحالية منذ سنة إلى سنتين فقط.
كما سلّطت الدراسة البحثية الضوء على مزايا الموظَّفين، والتي تبدأ من الأمور المالية، وتمرّ بعنصر الموازَنة بين العمل والحياة الشخصية، لتصل إلى التطوّر المهني. وكشفت النتائج أن 77% من المشاركين في الاستبيان يتلقّون مزايا مالية، مثل العلاوات أو أجور ساعات العمل الإضافية، مع حصول الرجال على هذه المزايا المالية بنسبة أكبر. من جهة أخرى، تستفيد السيدات من السياسات التي تدعم التوازن بين العمل والحياة الشخصية. ويظهر أن الدعمالصحي سائد أكثر في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يستفيد نحو نصف الموظَّفين من التأمين الصحّي، بينما يحصل الموظَّفون في المشرق على دعم صحّي أقل. وفيما يتعلّق بالمزايا المرتبطة بالتطوّر المهني والشخصي، فإن الفرص محدودة، مع إظهار شمال إفريقيا لمستويات تفاعل أفضل نسبيًا فيما يتعلّق بالبرامج التدريبية. ولقد أشار نحو 25% من الذين شملهم الاستبيان إلى موضوع ساعات العمل المرنة، إلا إن المزايا المتمحورة حول العائلة مثل بدل التعليم أو الدعم الخاص بالسفر، فتبقى مزايا نادرة.
علاوة على هذا، أوضحت الدراسة أن الموظَّفين (بعمر 36+) لديهم مستويات رضى أعلى من ناحية الرواتب وتجربة العمل الإجمالية، وذلك مقارَنة مع المجموعات الأصغر عمرًا. إلا إن عدم الرضى حيال التعويضات يبقى سائدًا، حيث وصف 28% من الرجال و38% من السيدات أنفسهم بأنهم “ليسوا راضين أبداً” عن رواتبهم. وتقود شمال إفريقيا التوجّه العام في مستويات الرضى المتعلّقة بالإدارة والثقافة المؤسَّساتية، فيما يشير المشاركون في الدراسة من دول الخليج وبلاد الشام إلى الركود في الرواتب والمزايا المحدودة كعوامل قلق رئيسية. من ناحية أخرى، تبيَّن أن قرب مكان العمل والقيادة القوية واسم الشركة المعروف هي عوامل تؤثّر بشكل بارز على ولاء الموظَّفين في كافة المناطق.
وفيما يتعلّق بالتوجّهات الخاصّة بالتعويضات، فقد أعلن معظَم المشاركين في الدراسة (66%) أنهم لم يحصلوا على علاوات خلال عام 2024، مع توقُّع 46% من السيدات و34% من الرجال حالياً لزيادات في الرواتب بنسبة 20% أو أكثر خلال عام 2025. ويخطّط واحد من كل خمسة أشخاص لطلب زيادة في عام 2025، مما يعكس التوقّعات بخصوص ارتفاع الرواتب. وتقود شمال إفريقيا المنطقة من ناحية زيادة الرواتب في عام 2024، فيما تظهِر بلاد الشام المستوى الأقل من التفاؤل حيال الزيادات المستقبلية، ويعود السبب بهذا على الأرجح إلى التحدّيات الاقتصادية السائدة. ولقد أشار الموظَّفون في مجلس التعاون الخليجي إلى المزايا المقدَّمة من شركاتهم والتي تشمل السكن والبدلات. وفيما يتعلّق بديناميكية الإيرادات، فقد أعلن نحو ثلاثة أرباع الرجال الذين شاركوا في الاستبيان أنهم المعيلون الوحيدون، بينما أشارت نسبة 31% فقط من السيدات المشارِكات أنهن يحصلن على الدعم ويعتمدن على دخل الزوج أو العائلة.
الجدير ذكره أن المستويات العالية للتنقّل بين الوظائف تبقى سِمَة بارزة بين أوساط قوى العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع تخطيط 59% من المشاركين في الاستبيان لترك أدوارهم الحالية بالمستقبل القريب. ويقود المهنيون المحترفون الشباب (18-25 سنة) هذا التوجّه، حيث يشيرون إلى الرواتب غير المناسِبة، والإرهاق والتقدير المحدود كحوافز أساسية لهذا. وتساهم أيضاً مجموعة من العوامل الأخرى مثل بيئات العمل المسمومة، شاملة السياسة السائدة في المكتب والانحياز، في تعزيز مستوى عدم الرضى. وبالإجمال، فإن نسبة 87% من الذين شملتهم الدراسة أعلنوا أنهم غيّروا عملهم مرّة واحدة على الأقل خلال العام المنصرم، مما يؤكّد على الحاجة الملحّة للشركات الموظِّفة كي تعامل بكفاءة مع التحدّيات التي تقف أمام القدرة على الاحتفاظ بالمهارات الجيّدة.
في تعليق على هذا الموضوع، قال جاسال شاه، المدير التنفيذي للعمليات في “ماركلتيكس سوليوشنز”: “تعكس هذه النتائج تطوّر الأولويات لدى قوّة العمل المتنوّعة، حيث يتوقّع الموظَّفون أكثر من مجرَّد الرواتب التنافسية؛ إذ إنهم يسعون أيضاً وراء النمو الشخصي، والاستقرار وثقافة العمل الداعمة. وتُعتبَر هذه الدراسة الشاملة نتيجة مباشرة لشراكتنا الجديدة مع “بيت.كوم”، والتي تستطيع تمكين الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من اتخاذ القرارات بناءً على المعلومات اللازمة، والتي لا تتوافق فقط مع احتياجات الموظَّفين بل تُسهِم أيضاً في تعزيز نجاح الأعمال على المدى الطويل.”
من جهتها قالت دينا توفيق، نائبة رئيس النمو في “بيت.كوم”: “يُسعِدنا التعاون مع “ماركلتيكس سوليوشنز” في هذه الدراسة التي تسلّط الضوء على النواحي المهمة المرتبطة برضى الموظَّفين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن خلال المعلومات المعمَّقة حول التعويضات والمزايا والتنقّل الوظيفي، فإننا نهدف لمساعَدة الشركات الراغبة بالتوظيف للارتقاء باستراتيجياتها الخاصّة بالموارد البشرية، وتمكين الموظَّفين كي يجدوا أماكن عمل تلبّي بشكل فعلي تطلّعاتهم.”
تشير دراسة “استبيان الرواتب” إلى العديد من الفوارق الأساسية فيما يتعلّق بالتعويضات، والمزايا وهيكليات التطوّر الوظيفي، وبالأخص بالنسبة للموظَّفين الأصغر سنًا والسيدات. ومن خلال التعامل بكفاءة مع هذه النواحي، تستطيع الشركات تمكين الكفاءات العاملة لديها من الانخراط بطريقة أكثر فعالية في العمل وتقليل معدَّلات تبدّل الموظَّفين وبناء قوى عمل مرنة ومنيعة. وكان قد تم إجراء هذه الدراسة عبر الإنترنت خلال شهر ديسمبر 2024 وشملت أكثر من 1,200 شخص موظَّف في دول مجلس التعاون الخليجي، وشمال إفريقيا وبلاد الشام. ومع نسبة استجابة بلغت 87.9% من مجلس التعاون الخليجي وشمال إفريقيا، قدّمت البيانات التي تم الحصول عليها معلومات معمَّقة ويمكن اتخاذ القرارات التنفيذية بخصوصها، بحيث تشكّل مساراتتوجيهية للاستراتيجيات المستقبلية الخاصّة بقوى العمل.