- يتطلب نشر الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع بناء مراكز بيانات ضخمة لاستيعاب القدرة الحاسوبية اللازمة لتشغيله.
- مع تزايد الطلب على الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم، يزداد الضغط على شبكة الطاقة الكهربائية، وهناك مخاوف من أن الطلب قد يتجاوز العرض قريبا.
- تطوير ذكاء اصطناعي يحقق الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة هو التحدي الذي لطالما واجهته صناعة التكنولوجيا، حيث بُنيت الابتكارات على طبقات متتالية من البحث والتطوير.
لا أحد يعرف بالضبط مدى تأثير ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي على المجتمع والاقتصاد العالمي. ولكن إذا كانت التوقعات المتفائلة صحيحة، فستؤدي إلى زيادة هائلة في الإنتاجية والابتكار. ولكن هذا لن يتحقق إلا إذا سارت الأمور بشكل صحيح، وأحد أكبر العوامل التي قد تعرقل ذلك هو الاستهلاك الكبير للطاقة الكهربائية الذي تتطلبه أنظمة الذكاء الاصطناعي.
كلما زاد الطلب على الذكاء الاصطناعي، زاد الضغط على شبكة الطاقة الكهربائية. ومن المتوقع أن يتجاوز الطلب على الطاقة المعروض منها خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، وذلك وفقا لشركات أبحاث وهيئات حكومية، مما يؤدي إلى تقييد العمليات وارتفاع أسعار الكهرباء أمام الجميع.

يستهلك الرف الواحد من أجهزة الحوسبة التقليدية في مراكز البيانات حوالي 20 كيلوواط/ساعة يومياً، وهو قريب من استهلاك منزل واحد (30 كيلوواط/ساعة يومياً)، لكن الذكاء الاصطناعي رفع هذه الأرقام بنسبة كبيرة، إذ يستهلك رفّ واحد يعتمد على وحدات معالجة الرسومات (GPU) من إنفيديا في مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي ما يصل إلى 120 كيلوواط/ساعة يومياً، أي ما يعادل استهلاك 4.5 منزل في بلد مثل أمريكا، وعند توسيع هذا النطاق إلى مئات الآلاف من الرفوف في آلاف مراكز البيانات، فإن الطلب على الطاقة يتزايد بشكل كبير.
وفقًا لتقديرات جولدمان ساكس في مايو 2024، فإن زيادة الطلب على الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي وحده ستصل إلى 200 تيراواط/ساعة سنويًا بحلول عام 2030، أي ما يعادل استهلاك ثلاث مدن بحجم نيويورك.
السباق نحو تأمين احتياجات الطاقة
من الواضح أن هناك حاجة إلى المزيد من الطاقة الكهربائية. لهذا السبب، بدأت بعض أكبر الشركات، مثل مايكروسوفت وأمازون وجوجل، في شراء أو بناء محطات طاقة نووية لضمان إمداداتها المستقبلية. لكن هذه الخطوة ليست متاحة لمعظم الشركات الأخرى لأنها تحتاج إلى ميزانية كبيرة، مما يتطلب من القائمين على الشركات وصناع القرار في الجهات الحكومية إلى التعاون لإيجاد أفضل الحلول لتوسيع شبكة الطاقة الكهربائية وتحسين كفاءتها.
وسيساعد تطور الذكاء الاصطناعي على تحسين الإنتاجية، لاسيما مع انتشار ما بعرف بـ “وكلاء الذكاء الاصطناعي”، حيث تقوم هذه الوكلاء بالتواصل مع بعضها البعض وتنفذ المهام تلقائياً.
في عام 2023، كانت عمليات تدريب الذكاء الاصطناعي تشكل معظم أعباء العمل الخاصة بالذكاء الاصطناعي، حيث تتطلب عملية التدريب ضعفي كمية العمل اللازمة للاستدلال، لكن بحلول عام 2025، من المتوقع أن تتساوى كمية العمل اللازمة للتدريب مع تلك اللازمة للاستدلال، وبعد ذلك ستصبح عمليات الاستدلال هي المهيمنة وستتطلب أكبر كمية من العمل.
الطلب على الطاقة سيتجاوز العرض
إن القدرات الحاسوبية والطاقة المطلوبة لهذا التحول ستكون غير مسبوقة. وسيحتاج الأمر في العديد من المناطق حول العالم إلى طاقة أكبر مما تستطيع الشبكات الحالية توليدها أو توصيلها. وتشير التقديرات الأخيرة في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا والمحيط الهادئ إلى أن الطلب على الطاقة في المناطق التي تضم تركيزاً عالياً من مراكز البيانات، مثل شمال فيرجينيا، سيتجاوز العرض خلال عامين أو ثلاثة أعوام ما لم يتم تنفيذ استثمارات كبيرة في الشبكة الكهربائية. وقد يؤدي ذلك إلى تشغيل مراكز البيانات دون طاقتها الكاملة أو تأخير بناء مراكز جديدة، كما قد يتسبب في ارتفاع فواتير الكهرباء للجميع.
حلول لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة
كمؤسس لشركة سامبا نوفا، أناقش هذه المسألة يومياً مع العملاء وقادة الحكومات والشركاء. نحن نبني رقائق حاسوبية توفر أداءً أقوى بعشرة أضعاف مقارنة بالحلول التي تعتمد على وحدات معالجة الرسوميات (GPU) التقليدية، مع استهلاك أقل للطاقة بنسبة 90%.
هناك طرق أخرى أيضًا لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة، منها:
- النماذج مفتوحة المصدر مثل نموذج Llama من شركة ميتا، والتي تمكن الشركات من تطوير نماذجها الخاصة دون الحاجة إلى استهلاك كميات هائلة من الطاقة لتدريب النماذج الجديدة من الصفر.
- الاستفادة القصوى من الأجهزة عبر تقنيات تحسين البرمجيات لضمان تشغيل عمليات الذكاء الاصطناعي بأكبر قدر من الكفاءة، مما يقلل التكاليف ويخفف الضغط على شبكات الكهرباء.
- الجمع بين الحلول المختلفة، مثل النماذج مفتوحة المصدر والأجهزة المحسنة والبيئات التشغيلية المثلى، لتحقيق أعلى إنتاجية بأقل استهلاك للطاقة.
وأخيراً، فإن بناء ذكاء اصطناعي فائق الكفاءة هو تحدٍ لطالما واجهته صناعة التكنولوجيا ونجحت فيه، عبر طبقات متتالية من البحث والابتكار. ولكن تحقيق هذا الهدف يتطلب نهجاّ متعدد الأبعاد، والتعاون بين جميع الأطراف الفاعلة في هذا المجال.