ظل طوال عمله الوظيفي الذي امتد لمدة 25 عامًا، تراوده فكرة تأسيس مشروع خاص؛ حتى نجح في إطلاق علامته التجارية من واقع خبرته في التسويق الاستراتيجي، فكان مشروع THE PAGE CAFÉ الذي يحمل رسالة تتخطى كونه مشروعًا تجاريًا..
مُنذ الصغر، زرع فينا والدي -حفظه الله- روح الاعتماد على النفس والمثابرة على العلم والعمل؛ لذلك أدين له بالكثير، فقد قدَّم لي كل الدعم والتشجيع.
بدأت مسيرتي العملية قبل حوالي 25عامًا بالعمل الوظيفي الروتيني الذي يتسم بالنظام، لكن يعيبه التكرار.
شعرت بأنني لا أجد نفسي في هذا المجال؛ فالملل يمكنه أن يقضي على طاقاتك الإبداعية في الحياة.
خلال الأعوام الأولى من حياتي العملية، كنت أبحث عن الإبداع والابتكار والتميز في العمل الوظيفي، فكنت أُصيب أحيانًا، وأخطئ أحيانًا، فكان لدي شغف لتجاوز الروتين في الوظيفة. وبفضل رب العالمين، وبالإصرار على أن أكون متميزًا في عملي، حصلت على فرص وظيفية جديدة وغير روتينية، كانت حافلة بالتحديات والابتكار والتطوير.
لم يكن وصف ريادة الأعمال مستخدمًا كما هو اليوم، فليس بالضرورة أن تؤسس نشاطًا تجاريًا لتصبح رائد أعمال أو أن يكون لديك رؤية لمشروع ما، بل عندما نتعرف أكثر على سمات رواد الأعمال، نلاحظ أن المخاطرة والمثابرة والإصرار، عوامل رئيسة في ريادة الأعمال؛ لذلك كنت أبحث عما هو إبداعي ومتميز- بفضل الله- وتوفير الفرص الوظيفية التي فيها روح الإبداع والتنافس؛ وهو ما انعكس علىَّ باكتساب خبرة طويلة ومهارات ساهمت في بدء تحدٍ جديد في تطوير عملي الخاص، وتأسيس شركة THE PAGE CAFÉ، صحيح تأخرت؛ ولكن كانت من الأهداف الخاصة التي وضعتها لنفسي.
تأسست الفكرة عندما وضعت لنفسي أهدافًا شخصية قبل عدة سنوات، كان أحدها إطلاق علامة تجارية قادرة على المنافسة محليًا، في سوق يسيطر عليه المنتج الأجنبي أو العلامة التجارية الأجنبية.
ومن خلال دراسة وبحث طبيعة العرض والطلب للسوق المحلي، يمكننا القول: هناك تزايدٌ في الإقبال على الكافيهات والمطاعم؛ كونها من الأماكن الترفيهية التي تحظى بالرواج والقبول لدى جمهور العملاء في الرياض، وما يساعد في الإقبال هو الإبداع والابتكار في هذا المجال.
نرى دائمًا أفكارًا جديدة وتنافسية في مشاريع الكافيه؛ من خلال تصميم الهُوية والديكور وأماكن الجلوس، وتنوع منتجات القهوة، فمن المؤكد أننا سنواجه منافسة قوية، ولكنها تمثل لي دومًا مصدر قوة، يعود إلى طبيعة عملي طوال الأعوام الماضية في مجال التسويق الاستراتيجي، والخبرة التي اكتسبتها تعتمد على روح التنافس في السوق.
كان أهم خطوات التأسيس، تطوير الخطة التسويقية، وتموضع العلامة التجارية THE PAGE. والمقصود بالتموضع هو تحديد التصور الذهني المرغوب للعلامة التجارية في عقلية العميل، وتوضيح الهدف والقيمة والتميز الذي يحصل عليه العميل عن باقي العلامات التجارية ليدخل في معركة تنافس في السوق، والفئة المستهدفة.
من أهم خطوات تطوير الخطة التسويقية وتموضع العلامة التجارية (البراند)، تحديد جمهورك المستهدف، فليس عناك خطوة يمكن اتخاذها بدون المرور بمرحلة تحديد الجمهور المستهدف بشكلٍ يخدم طموحاتهم وتطلعاتهم الشرائية واهتماماتهم وسلوكياتهم.
وبناءً على الدراسات التي قمنا بها، ومن خلال تأسيس خطة العمل، كان الشباب هم الشريحة المستهدفة؛ إذ تؤكد الإحصاءات السكانية أن أكثر من ثلث المجتمع السعودي شباب.
ومن خلال معرفة سلوكيات واهتمام الشباب، نرى أن جيل الشباب يهتم بما هو جديد ومتنوع؛ ومن هنا تبلورت فكرة تأسيس مشروع THE PAGE CAFÉ؛ للربط التكاملي بين اهتمامات الشباب والتجربة على أرض الواقع، تعبر عنها في عدة صفحات ملهمة يمر بها في الحياة (صفحة الأهداف وصفحة التحدي، صفحة الفرح وصفحة الحزن، وصفحة النجاح، وصفحة الفشل…إلخ)، ومن هذا المنطلق أطلقنا على المشروع اسم “قهوة الصفحة – ذا بيج”.
القيمة المضافة لمشروع THE PAGE CAFÉ هي التميز في المكان، وعرض منتجات جديدة؛ لكي تجد إقبالًا من العملاء. صممنا المكان، وطورنا أدوات تجعل المكان أكثر إقبالًا وسهولة عند الاستخدام، بخلاف أماكن المنافسين. أضفنا أجواء مُيسرة ومتكاملة التجهيز للاجتماعات الرسمية المصغرة، ومساحات للدراسة؛ منها:
* إنشاء غرف العصف الذهني للاجتماعات واللقاءات خارج بيئة العمل أو الجامعة.
* جذب الحضور؛ من خلال بيئة تتميز بالخدمات الإضافية؛ بتقديم قهوة طازجة مميزة، وإدخال عناصر جذب؛ كطاولات مفردة ومزدوجة للدراسة، وزاوية للقراءة والتصفح.
*أنشأنا في دور الميزانين غرف اجتماعات مع شاشات ارض، مع إتاحة الكتابة على الجدران، وتوفير خدمة الواي فاي المجانية، بالإضافة إلى ديكورات حديثة؛ لجعلها مكانًا فاخرًا ومريحًا في ذات الوقت مخصصة لرواد الأعمال والطلاب.
ضمن الشريحة المستهدفة للمشروع، حرصنا على جذب القراء والكتاب في محيط المشروع، وأين تَصُب اتجاهات الشباب، فخرجنا برؤية، مفادها التعاون مع الأندية الأدبية في المملكة؛ كنادي كاف الأدبي للكاتبات السعوديات؛ فكانت التجربة جميلة عندما أقمنا حفل تدشين كتاب”الواحدة بعد منتصف الليل” للكاتبة رجاء عثمان، تلاها أمسية شعرية جميلة.
عندما نتحدث عن رواد الأعمال، وأذكر شبابنا السعودي، أشير إلى مقولة” إنّ توجه الشباب ينحصر في مجال البرجر والكافيه” مقولة غير صحيحة؛ فالفرص في الابتكار لا حدود لها، والمشاريع الجديدة لا بد أن تكون ذات قيمة مضافة لتميزك عن منافسيك. على سبيل المثال: محلات السباكة والكهرباء كثيرة في الأحياء، والطلب عليها عالٍ، وجودة الخدمة نعتبرها متوسطة. وكثير منا لديه رقم السباك أو الكهربائي بجواله، في نظري سيكون مستقبلها تكوين سلسلة محلات لخدمات الصيانة بعلامات تجارية في الأحياء، تبدأ بفرع أو فرعين، ثم تتوسع إذا كان لديك خدمة مميزة من خلال متابعة مؤشر رضا العملاء، ففي هذه الحالة أنجزت وطورت اسم تجاري يساعد في التوسع والانتشار. نفس التوجه أيضًا ينطبق عل محلات التموينات والمغاسل والخياطة في الأحياء.
في نظري يتمحور دعم وتنمية ورعاية قطاع المشاريع الصغيرة من خلال موقع الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت”، فله أثر اقتصادي إيجابي كبير، يتمثل في مكافحة التستر التجاري. وهناك كثير من محلات التجزئة المذكورة يملكها أو يديرها أجانب، وفق تحليلي الشخصي.