شهدت منطقة قمينس غربي بنغازي اليوم افتتاح “مدينة المشير خليفة حفتر العسكرية”، التي تُعد من أكبر المنشآت العسكرية على مستوى الإقليم، لتجسد رمزًا حيًا للتكامل العسكري المتطور والقفزة النوعية في القدرات الدفاعية الليبية، تمتد المدينة على مساحة شاسعة تتجاوز 6463 هكتارًا، وتصنف ضمن أكبر المدن العسكرية في القارة الإفريقية بقدرتها الاستيعابية التي تصل إلى 65 ألف جندي، وهو ما يضع ليبيا في مصاف الدول التي تمتلك بنية تحتية عسكرية حديثة ومتكاملة، ويعكس رؤية استراتيجية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

شهد مراسم الافتتاح حضور رفيع المستوى، برئاسة القائد العام للجيش الوطني الليبي، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة، إلى جانب قادة الأفرع العسكرية على رأسهم رئيس أركان الجيش الوطني. كما شارك في الحفل عدد من أسر الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل استقرار الوطن، حيث تزامن الافتتاح مع إحياء الذكرى الحادية عشرة لثورة الكرامة ضد الإرهاب، وشهدوا عروضًا عسكرية مهيبة أظهرت الجاهزية القتالية للقوات المسلحة الليبية، كما شهد العرض حضورًا دوليًا واسعًا، بمشاركة وفود رسمية من الولايات المتحدة، وإيطاليا، وروسيا، واليونان، وتركيا، وبيلاروسيا، إلى جانب وفود من دول الجوار الإفريقي مثل النيجر وتشاد، وعلى الصعيد العربي، حضرت وفود من مصر، والمغرب، وفلسطين، والسودان، ويؤكد هذا الحضور الإقليمي والدولي الواسع على الدعم المتزايد للمسار الأمني في ليبيا والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار، بما يعكس الإدراك الدولي لأهمية الدور الليبي في أمن المنطقة.
وفي كلمته خلال افتتاح المدينة، قال خالد حفتر رئيس أركان الوحدة الأمنية “إن المدينة العسكرية تعكس الرؤية الاستراتيجية للقوات المسلحة العربية الليبية، وأعلن عن إطلاق المرحلة الثانية لاستكمال مرافق المدينة والتي ستضم إنشاء مستشفى عسكري حديث ومنطقة سكنية متكاملة لمنتسبي القوات المسلحة كذلك استكمال مرافق المطار العسكري. ووجه خالد حفتر كلمته للقوات المشاركة في الاستعراض العسكري، وقال لهم: «أنتم الدرع والسيف على الحدود للدفاع عن هذا الوطن؛ ونحن كلنا فداء لليبيا، وعزتها، ووحدة ترابه”. وأضاف”فقدنا الآلاف من أبناء جيشنا في حربنا على الإرهاب التي انتصرنا فيها نيابة عن العالم، وأن الهدف الأول والأخير للقيادة العامة، هو استعادة الدولة الليبية، وهيبتها، وتعزيز الأمن، و الاستقرار… وستظل القوات المسلحة الليبية رهن إشارة الشعب، وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة “.
تضم مدينة المشير خليفة حفتر العسكرية مجموعة من المرافق المتطورة التي تجعلها مركزًا تدريبيًا ولوجستيًا فريدًا من نوعه، بما في ذلك، ميدان رماية دولي بسعة 3000 متدرب معتمد لأغراض التدريب المتقدم، و”الميدان العنيف”، وهي مساحة تدريب مكثفة تستوعب 10 آلاف متدرب، مخصصة لاختبار أقصى درجات الجاهزية البدنية. كما تحتوي المدينة على متحف عسكري يوثق تاريخ ليبيا داخل منطقة القوس التدريبي، ومدارس تعليمية عسكرية لرفع كفاءة الأفراد، بالإضافة إلى نفق “سكاي دايف” الداخلي لمحاكاة القفز الحر وتدريب الجنود على التحكم في الجو، وساحة كبرى للعروض والتدريبات العسكرية تمتد على مساحة 70 هكتارًا.
إضافة إلى الجانب العسكري، تتميز المدينة بمرافق رياضية وخدمية متقدمة تجعلها مجتمعًا متكاملًا. تضم المدينة ناديًا رياضيًا عسكريًا ضخمًا يُعد من أكبر الأندية الرياضية العسكرية في العالم بسعة 24 ألف شخص، ومجهزًا بأحدث تقنيات التدريب واللياقة، ويحتوي على ملعب كرة قدم بسعة 10 آلاف متفرج، إلى جانب حوض سباحة أولمبي ونصف أولمبي بتجهيزات دولية. ولتوفير الرعاية الصحية المتكاملة، تحتوي المدينة على مستشفى ضخم بسعة 750 سريرًا، يقدم خدمات طبية متقدمة للجنود والعاملين في المدينة. كما يوجد بها مسجد كبير يتسع لـ 60 ألف مُصلٍ داخل وخارج، ويُعد من أبرز المعالم المعمارية في المدينة، بالإضافة إلى مطبخ ضخم قادر على تجهيز الطعام لـ 10 آلاف شخص يوميًا. وقد شارك في بناء هذا الصرح العملاق أكثر من 15 ألف عامل وتحت إشراف 1500 مهندس، مما يعكس حجم الجهود المبذولة لإنجاز هذا المشروع الاستراتيجي الذي يُنتظر أن يُعزز القدرات الدفاعية لليبيا ويُسهم في استقرار المنطقة ككل.