لا يزال النظام البيئي في مصر يواجه العديد من التحديات. يمكن أن تكون أطر السياسات معقدة وتتطلب تنسيقاً أفضل، ولا تزال فجوات التمويل كبيرة و هناك حاجة إلى مواءمة اللوائح التنظيمية لضمان الوصول إلى الطاقة النظيفة وإبرام اتفاقيات شراء صناعية طويلة الأجل تدعم رؤيتها الاستراتيجية الطموحة. جيمس سكوفيلد، المدير الإداري لمبادرة مسرع الانتقال الصناعيIndustrial Transition Accelerator (ITA) خلال حواره مع مجلة “أرقام” مستعرضاً تأثير التخلص من الكربون عليالاقتصاد المصري.

ما هو الهدف من مبادرة مسرّع الانتقال الصناعي؟
مبادرة مسرّع الانتقال الصناعيتعد مبادرة عالمية متعددة الأطراف لتسريع إزالة الكربون من قطاعات الصناعة والنقل ذات الانبعاثات الكثيفة، وذلك للحد من الاحتباس الحراري إلى ١.٥ درجة مئوية، بما يتماشى مع اتفاقية باريس. ونُركِّز على ستة قطاعات عالية الانبعاثات: الألومنيوم، والصلب، والإسمنت، والكيماويات، والطيران، والشحن.
أُطلقت المبادرة، التي أطلقتها رئاسة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28)، وهيئة الأمم المتحدة لتغير المناخ، ومؤسسة بلومبرغ الخيرية، في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28)، وهي تجمع قادة عالميين من مختلف القطاعات والمؤسسات المالية والحكومات لجذب الاستثمارات على نطاق واسع، من أجل النشر السريع لحلول إزالة الكربون. ونعمل تحديدًا على زيادة عدد المشاريع الصناعية النظيفة على نطاق تجاري التي تصل إلى قرار الاستثمار النهائي (FID) في جميع القطاعات، لبدء تشغيلها بحلول عام ٢٠٣٠.
ما هي المعايير التي يتم اختيار الدول للانضمام الي المبادرة علي أساسها؟
نتعاون مع الحكومات التي تُظهر التزامًا حقيقيًا بالتحوّل الصناعي النظيف، ولديها القدرة على إحداث تغيير هادف، ونسعى إلى التزام قوي بإزالة الكربون، مدعومًا بإجراءات ملموسة، واستراتيجية صناعية وطنية شاملة، ومشاريع قائمة أو محتملة جاهزة للتطوير. كما تحتاج الدول إلى الوصول إلى موارد الطاقة المتجددة، والقدرة على جذب الاستثمارات، وقيادة مستعدة للانخراط في مناهج تعاونية.
تُصمّم كل شراكة بما يتناسب مع السياقات والظروف المحلية. نعمل على استكمال الأولويات الوطنية القائمة وتسريع التقدم حيثما يتوفر الزخم. نحن ملتزمون بالعمل مع دول الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
كيف تنعكس أهداف المباردة علي مستويات استدامة الصناعات المختلفة؟
نتناول إزالة الكربون الصناعي بشكل شامل عبر سلسلة القيمة بأكملها. تطوير التكنولوجيا النظيفة وحده لا يكفي – فالأسواق بحاجة إلى مشترين للمنتجات منخفضة الكربون، وموردين قادرين على التسليم على نطاق واسع، ومستثمرين واثقين من نموذج المخاطرة والعائد.
نعمل بشكل وثيق مع مطوري المشاريع لفهم التحديات التي يواجهونها، ونتعاون معهم ومع صناع القرار الرئيسيين الآخرين لإيجاد حلول لتحقيق قرار الاستثمار النهائي، وذلك بالأساس من خلال تلبية احتياجات السياسات واللوائح التنظيمية، وبناء سلاسل قيمة منخفضة الانبعاثات، وتحفيز الطلب على المنتجات الصناعية النظيفة، وتحديد آليات للحد من مخاطر الاستثمار في المشاريع، كما نتعاون مع الحكومات لوضع سياسات ولوائح مناسبة، إذ يُعدّ الدعم المستمر من جانب الطلب أمرًا أساسيًا لتوسيع نطاق التقنيات الخضراء، ويُحقق هذا النهج انخفاضًا ملموسًا في الانبعاثات، ويُمكّن من اعتماد الطاقة النظيفة على نطاق واسع في العمليات الصناعية، ويُرسي ممارسات التدوير كإجراءات تشغيلية قياسية.
ما هي استراتيجية المبادرة خلال الفترة القادمة؟
أولويتنا المباشرة هي تسريع تقدم المشاريع نحو قرار الاستثمار النهائي. ونوسع برامج دعمنا لتشمل دولًا إضافية، ونعمل مع الحكومات لمواءمة السياسات التي تعزز الطلب الأخضر، ونُهيئ بيئات استثمارية تُقلل من تكاليف رأس المال للمشاريع الصناعية النظيفة، ونواصل جمع أصحاب المصلحة من مختلف القطاعات، بما في ذلك الصناعة والمالية والحكومة، لمعالجة العوائق النظامية وتقديم حلول عملية لتوسيع نطاق إزالة الكربون الصناعي. هدفنا على المدى الطويل هو مساعدة الصناعات الثقيلة على الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، حيث تصبح المنتجات الصناعية النظيفة الخيار الأمثل في السوق.
كيف ترون السوق المصرية ؟ وما هي التحديات التي تواجه النظام البيئي المصري؟
تُظهر مصر زخمًا قويًا نحو الاستدامة الصناعية وبصفتها مركزًا صناعيًا رئيسيًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تستفيد مصر من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، للوصول إلى مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة، وتعزيز العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، وقد أعلنت مصر عن ٢١ مشروعًا صناعيًا نظيفًا، يتركز أكثر من نصفها في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تتطور لتصبح مركزًا هامًا لإزالة الكربون.دورنا هو دعم وتسريع هذا المسار القائم حيث نقدم حلولاً تمويلية، وندعم تطوير المشاريع، وننسق بين أصحاب المصلحة للمساعدة في إحراز التقدم.
لا يزال النظام البيئي الأوسع في مصر يواجه العديد من التحديات. يمكن أن تكون أطر السياسات معقدة وتتطلب تنسيقاً أفضل. ولا تزال فجوات التمويل كبيرة. هناك حاجة إلى مواءمة اللوائح التنظيمية لضمان الوصول إلى الطاقة النظيفة وإبرام اتفاقيات شراء صناعية طويلة الأجل توفر اليقين للمشروع.
برأيك .. ما هي اثار خفض الانبعاثات الكربونية من قطاعي الصناعة والنقل سواء في السوق المصرية بشكل خاص والمنطقة بشكل عام؟
يوفر التخلص من الكربون في الصناعات الثقيلة فرصاً اقتصادية كبيرة لمصر. يجذب هذا التحول الاستثمارات الخضراء، ويوفر الوصول إلى أسواق التصدير الأوروبية حيث يتزايد الطلب على السلع منخفضة الكربون بسرعة، ويخلق فرص عمل عالية الجودة في الصناعات النظيفة الناشئة حيث تتمتع مصر بإمكانات قوية لتصبح مورداً إقليمياً رائداً للسلع منخفضة الانبعاثات، مما يعزز مكانتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويرسي مزايا تنافسية مهمة.إلى جانب الفوائد الاقتصادية، يُحسّن خفض الانبعاثات من جودة الهواء، ويعزز نتائج الصحة العامة، ويزيد من كفاءة الطاقة الصناعية. تساهم هذه التأثيرات المُجتمعة في تعزيز المرونة الاقتصادية والبيئية على المدى الطويل، مع دعم التعاون الإقليمي في مجال التنمية المُراعية لتغير المناخ.
هل هناك خطط للتعاون مع جهات ومؤسسات مصرية أخرى؟
نعم، نعمل بنشاط على تطوير شراكات بين القطاعين العام والخاص في مصر لتوسيع نطاق تأثيرنا. تُوفر مذكرة التفاهم الحالية مع مركز تحديث الصناعة أساسًا متينًا، ونستكشف فرص التعاون مع وزارات وهيئات ومؤسسات مالية إضافية ومُطوري مشاريع محليين حيث يتطلب التحول الصناعي مشاركةً شاملةً عبر المنظومة البيئية بأكملها، بما في ذلك كيانات القطاع العام والشركات الخاصة والمؤسسات المالية والمُطورين والهيئات التنظيمية. يُعد هذا النهج الشامل جوهر نموذجنا التشغيلي، كما نهدف من خلال مشاركة أوسع نطاقًا إلى ضمان التوافق مع الأهداف الوطنية لمصر وتسريع الانتقال من التخطيط إلى التنفيذ.