في ظل تصاعد الرقابة والضغوط التنظيمية، تقف سوق الآثار اليوم عند مفترق طرق حاسم. يتناول تقرير تحقيقي حديث أعدته الصحفية أليس البستاني دجرماكيان، بعنوان “الآثار: بين التحديات القانونية والمهمة النبيلة للتبادل الثقافي”، النقاش المتجدد والمثير للجدل حول الأبعاد القانونية والأخلاقية لاقتناء القطع الأثرية، سواء في المجموعات الخاصة أو ضمن المؤسسات الثقافية.
في جوهر هذا التحقيق، تتصدر قضية “فينكس أنشنت آرت” المشهد – وهي صالة عرض شهيرة مقرها جنيف، تُعد من أبرز الفاعلين في سوق الآثار العالمي، وغالبًا ما تُذكر في وسائل الإعلام الدولية كواحدة من أكثر الجهات تأثيرًا في هذا المجال. لطالما أُثيرت التساؤلات حول مصدر مقتنيات المعرض، وهي قضية تعكس تحديًا أوسع يواجه القطاع بأكمله. ومع ذلك، فقد شكّلت التحقيقات القضائية الأخيرة التي أجرتها السلطات السويسرية نقطة تحول، إذ أكدت قانونية الغالبية العظمى من الأعمال الفنية الموجودة في مقر المعرض بجنيف، ما يُعد تطورًا لافتًا في هذه القضية وفي الحوار الدولي حول الملكية الثقافية.
ويضم التقرير مقابلات حصرية مع شخصيات بارزة في هذا المجال، من بينهم جاك شماي، القيّم السابق في متحف الفن والتاريخ في جنيف؛ والمحامية اللبنانية مي عزوري؛ ووزير الثقافة اللبناني الأسبق روني عريجي. وتُسلّط آراؤهم الضوء على الجوانب الدقيقة المتعلقة بالشرعية القانونية وحماية التراث والحاجة إلى شفافية أكبر في سوق الأعمال الفنية.
كما تدعم النتائج دراسة صادرة عن مؤسسة راند، تُحذر من مغبة التعميم في مناقشة تجارة الآثار غير المشروعة، وتُبرز الافتقار إلى الأدلة القاطعة التي تقف وراء العديد من المزاعم المتداولة في هذا السياق.
مع تصعيد الاتحاد الأوروبي للوائح تنظيم استيراد الآثار، يتوقع التحقيق أن تُحدث هذه الإجراءات تأثيرات واسعة النطاق في السوق العالمية، ما يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول كيفية تحقيق التوازن بين حماية التراث الثقافي والحفاظ على القيمة الحضارية للتبادل المشروع.
وفي ختام التحقيق، تدعو دجرماكيان إلى توحيد القوانين على المستوى الدولي باعتباره الخيار الواقعي الوحيد لضمان تداول القطع الأثرية بشكل مسؤول، وتقديرها والحفاظ عليها عبر الحدود، دون المساس بسلامتها التاريخية.