سجل مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي إنجازاً تاريخياً تمثّل في إجراء العملية الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي لزراعة رئة بمساعدة الروبوت ليصبح المركز الخامس حول العالم الذي يقدم هذا النوع من الإجرار الجراحي المبتكر. تمّ تنفيذ هذه الجراحة المعقدة على اثنين من المرضى، بما يُمثل نقلة نوعية للقدرات الجراحية المتقدمة في المنطقة.
وقد عانى كلا المريضين من تليف رئوي مجهول السبب، مع ارتفاع ضغط الدم الرئوي الثانوي، وهي حالة مرضية متفاقمة تُسبب ندوباً في الرئتين وتزيد من صعوبة التنفس تدريجياً. وبعد تقييم دقيق، قام الدكتور عثمان أحمد، مدير قسم جراحة الصدر بمعهد القلب والأوعية الدموية والصدرية في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، بإجراء هذه العمليات الروبوتية المعقدة بالتعاون مع فريق جراحين خبراء متعدّد التخصّصات، ضمّ الدكاترة؛ يوسف بيرق، وبينو إيساو، وأرون كومار، وخبراء متخصّصين في أمراض الرئة، من بينهم الدكتور فادي حامد، والدكتور سعيد عيسى، والدكتورة ميريام ميهاليكوفا.
وتميزت هذه العمليات الجراحية بتعقيدها البالغ، نتيجة لارتفاع ضغط الدم الرئوي، وهي حالة تُسبب مزيداً من الجهد على القلب والرئتين. ولدعم المحافظة على حياة المريضين أثناء العملية، استخدم الفريق الطبي تقنية الأكسجة الغشائية الوريدية الشريانية (ECMO)، وهي تقنية تتولى بشكل مؤقت عمل القلب والرئتين أثناء استبدال الرئتين التالفتين.
ولم يكن لمثل هذه العمليات الجراحية المنقذة للحياة أن تتحقق بدون المبادرات الاستثنائية الكريمة لعائلات المتبرعين بالأعضاء، الذين قدّموا عطاياهم بكل نُبل، مما أتاح إجراء مثل هذه الزراعات. كما يُثمّن المستشفى الدور الحيوي الذي يضطلع به العاملون في الرعاية الصحية من مستشفيات المتبرعين، والبرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء – “حياة”، ودائرة الصحة – أبوظبي، والمركز الوطني في وزارة الصحة ووقاية المجتمع؛ حيث تشكل هذه الجهود الجماعية الركيزة الأساسية لمنظومة التبرع وزراعة الأعضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتُعدّ جوهرية لكل نجاح يُحرز في هذا المجال. إن مساهماتهم تُجسّد روح التعاون والتعاطف والتقدم الوطني التي تجعل من هذه الإنجازات واقعاً ملموساً.
وفي هذا السياق، قال الدكتور جورج- بسكال هبر، الرئيس التنفيذي لمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي: “نفتخر في كليفلاند كلينك أبوظبي بأن نكون من الرواد العالميين في الجراحة الروبوتية، حيث أننا ندفع بعجلة التطور في زراعة الأعضاء بالروبوت لإعطاء الأمل للمرضى من هم بأمس الحاجة.
وأضاف معلقاً: “إن كوننا واحداً من المراكز القلة حول العالم القادرين على إجراء هذه العمليات يعكس القدرات المميزة، والمواهب والخبرات عالمية المستوى التي نملكها في كليفلاند كلينك أبوظبي. كما يعزز ذلك من مكانة أبوظبي كمركز عالمي للابتكار في الرعاية الصحية.”
تعتبر زراعة الرئة من أكثر العمليات تعقيداً وتستدعي إجراءات جراحية دقيقة. ومن خلال إدخال التقنية الروبوتية ضمن هذه العملية المعقدة، نسهم في الارتقاء بمعايير الرعاية عبر تحقيق نتائج متفوقة للمرضى في المنطقة. ويعكس هذا الإنجاز التزام كامل قطاع الرعاية الصحية الوطني بتبني أحدث التقنيات الطبية ووضعها في متناول كل من يحتاجها في دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي. ولاشك أن نجاحنا هذا دليل على الريادة المتصاعدة لدولة الإمارات في مشهد الرعاية الصحية العالمي، ورؤيتنا الطموحة لتقديم الرعاية العالمية القادرة على تغيير حياة المرضى على أرض الدولة. ومع مواصلتنا لجهود الابتكار، نُرسخ مكانة كليفلاند كلينك أبوظبي كوجهة عالمية لأكثر الحلول العلاجية تطوراً ودقة القائمة على التميز والتعاطف وأحدث التقنيات المتاحة”.
وعلى الرغم من نُدرة استخدام الروبوت في عمليات زراعة الرئة نظراً لتعقيدها، إلا أن كفاءة الفريق الجراحي وتمرسه في إجراء العمليات الروبوتية المتقدمة جعل ذلك خياراً قابلاً للتطبيق. فقد مكّنتهم خبرتهم ونهجهم الدقيق من إجراء عملية الزرع من خلال شقوق صغيرة، بما ساهم في تعزيز دقة الجراحة، وتقليص الفترة اللازمة للتعافي، وتقليل الألم والمضاعفات، حتى في ظل هذه الحالات عالية الخطورة. وتجسد هذه الجراحة بأدنى حدود التدخل الجيل الجديد من جراحات الصدر، إذ تمنح فرصة جديدة لمرضى كانوا يُعتبرون في السابق غير مؤهلين للخضوع للعمليات التقليدية المفتوحة
وأضاف الدكتور عثمان أحمد مدير قسم جراحة الصدر بمعهد القلب والأوعية الدموية والصدرية في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي: “يستدعي إجراء زراعة الرئة بمساعدة الروبوت خبرات جراحية استثنائية ومنظومة متكاملة من التقنيات المتقدمة، إلى جانب قدرات تخدير متقدمة وإدارة دقيقة للتروية الدموية. وقد تمّ اختيار المنهجية الروبوتية نظراً لطبيعتها الجراحية بأدنى حدود التدخل، والتي تعود بفوائد كبيرة على المرضى الذين يعانون من ضعف شديد أو تلف رئوي سابق واسع النطاق. وباستخدام شقوق أصغر وتوفير رؤية مُحسّنة، أتاحت لنا المنصة الروبوتية تقليل الضغط على الصدر، والحد من النزيف، وتقليص الفترة اللازمة للتعافي. وكانت هذه واحدة من أكثر العمليات التي أجريناها تعقيداً على الإطلاق، وهي عملية تنطوي على مخاطر عالية ونتائج عظيمة في الوقت ذاته، إذ تُمثل إنجازاً كبيراً ليس فقط لمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، بل لتطور المنطقة بأكملها في مجال الرعاية الجراحية المتقدمة”.
نجحت هذه الإجراءات المعقدة بفضل جهود الفريق الطبي متعدّد التخصصات، والتنسيق السلس للأداء بصورة امتدت إلى خارج غرفة العمليات، وشملت مراحل التخطيط قبل الجراحة وصولاً إلى رعاية ما بعد الزرع، حيث عملت فرق الجراحة والتخدير والرعاية الحرجة معاً بشكل وثيق لضمان أفضل النتائج الممكنة.
وأشار الدكتور فادي حامد، طبيب استشاري, الرعاية الحرجة, معهد رعاية المشافي المتكاملة: “إن ما يميز برنامج زراعة الرئة في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي هو قدرتنا على تقديم الرعاية عالية الجودة في الوقت المناسب في منطقة كانت مثل هذه الجراحات غير متاحة فيها بمعدلات نجاح تضاهي المعايير الدولية. والجدير بالذكر أن المرضى في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي يستفيدوا من فترات انتظار أقصر بكثير، ويحصلون على أعضاء من متبرعين تتناسب بدقة مع مقاساتهم، من خلال شبكتنا المتكاملة لزراعة الأعضاء، بالإضافة إلى تقليل وقت نقص التروية إلى الحد الأدنى، مما يُحسّن النتائج العلاجية مباشرة. وعلاوة على ذلك، يعمل فريقنا المتخصّص في زراعة الرئة والرعاية الحرجة، والذي خضع العديد من أفراده لتدريب تخصصياً، بانسجام تام لضمان تقديم أحدث مستويات الرعاية المصممة خصيصاً لكل مريض. وقد وضعنا هذا المستوى الاستثنائي من التنسيق والابتكار في مكانة رائدة على مستوى المنطقة في مجال زراعة الرئة”.
وتُجسد هاتان الحالتان إمكانات البرنامج، مع التأكيد على أهمية الدور الرائد لمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي كمركز عالمي مرجعي للمرضى المصابين بأمراض الرئة في مراحلها الأخيرة، بما يشمل الحالات المعقدة مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن، وكذلك مرض الرئة الخلالي، والتليف الكيسي، وارتفاع ضغط الدم الرئوي، وتوسع القصبات الهوائية.
وفي هذا العام، حقق مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي إنجازاً رئيسياً هذا العام مع إكمال أكثر من 60 عملية زراعة رئة منذ إعادة إطلاق البرنامج في عام 2022، بما يُرسخ ريادة المستشفى كأكثر المراكز تطوراً ونشاطاً في زراعة الأعضاء على مستوى المنطقة.