في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده العالم، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أبرز المحركات الأساسية للتطور في مختلف القطاعات بداية من الرعاية الصحية والصناعة مروراً بالخدمات المالية ووصولاً إلى صناعة التأمين ذاتها وبالرغم من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي من حيث الكفاءة و السرعة وتحسين دقة اتخاذ القرار ، إلا أن هذا التقدم التكنولوجي لم يخلُ من المخاطر المصاحبة له فقد أصبحت الأخطاء الخوارزمية والقرارات الآلية غير المتوقعة والانحرافات الناتجة عن البيانات المضللة أو غير المتوازنة تمثل تهديداً حقيقياً للمؤسسات والأفراد على حد سواء.
ومن هذا المنطلق ظهرت الحاجة الملحة إلى تطوير منتجات تأمينية جديدة تستجيب لهذا الواقع، حيث يأتي “تأمين مخاطر الذكاء الاصطناعي” كأحد الابتكارات التأمينية الحديثة التي تهدف إلى توفير تغطيات متخصصة للمخاطر الناتجة عن استخدام وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تتضمن هذه التغطيات حالات مثل: الأضرار الناتجة عن قرارات خوارزمية خاطئة والمسؤولية المدنية المرتبطة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الأعمال وفقدان البيانات بسبب الأعطال في الأنظمة الذكية والأخطاء الناتجة عن التعلم الذاتي للأنظمة.
ويمثل هذا النوع من التأمين خطوة نوعية في مستقبل الصناعة، حيث لم تعد التغطيات التقليدية قادرة وحدها على التعامل مع المخاطر المتغيرة التي تفرضها التكنولوجيا الحديثة ومن هنا تبرز أهمية الدور الذي يجب أن تلعبه شركات التأمين، ليس فقط في تقديم الحماية، بل في استباق المخاطر وتحليلها وتطوير منتجات تأمينية مرنة وقابلة للتكيف مع بيئة متغيرة بوتيرة غير مسبوقة.
إن تأمين مخاطر الذكاء الاصطناعي لا يُعد مجرد منتج جديد، بل هو انعكاس لتحول عميق في فلسفة التأمين نفسها؛ من الاستجابة للمخاطر بعد وقوعها إلى توقعها وإدارتها قبل أن تتحول إلى أزمات.
المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي و أنواعها
تشير مخاطر الذكاء الاصطناعي إلى مجموعة من التهديدات والتحديات التي تنشأ نتيجة تطوير أو استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في البيئات التشغيلية أو التجارية. وتنبع هذه المخاطر من الطبيعة المعقّدة وغير الشفافة لهذه الأنظمة، ومن قدرتها على اتخاذ قرارات بشكل مستقل بناءً على البيانات والخوارزميات.
أنواع المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي
- الخطأ في اتخاذ القرار
تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات والخوارزميات لاتخاذ القرارات. وفي بعض الحالات، قد تُتخذ قرارات غير دقيقة تؤدي إلى أضرار مالية أو جسدية، مثل خطأ في التشخيص الطبي أو في توصية استثمارية.
2.تحيّز الخوارزميات
إذا كانت البيانات المُستخدمة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي غير شاملة أو متحيزة، فقد تؤدي القرارات الناتجة عنها إلى تمييز ضد فئات معينة أو إصدار نتائج غير عادلة، مما يعرض الشركات لمطالبات قانونية.
- الاختراقات السيبرانية
نظرًا لأن أنظمة الذكاء الاصطناعي غالباً ما تكون متصلة بالإنترنت وتعالج كميات ضخمة من البيانات، فإنها تعتبر هدف مثالي للهجمات السيبرانية، والتي يمكن أن تؤدي إلى تسريبات خطيرة للمعلومات أو تعطيل العمليات.
- فقدان السيطرة
في بعض السيناريوهات، خاصة في الأنظمة ذاتية التعلم قد يصعب التنبؤ بكيفية تصرف النظام، مما يؤدي إلى مخاطر تشغيلية قد يصعب التخفيف منها.
التغطيات التأمينية التقليدية لمخاطر الذكاء الاصطناعي
1.التأمين السيبراني (Cyber Insurance)
يوفر تغطية ضد الخروقات الأمنية والهجمات السيبرانية وفقدان البيانات ويمكن أن تشمل الوثائق التقليدية تغطية لتكاليف الاستجابة للحادث، المسؤوليات القانونية وأحيانًا خسائر الأعمال إلا أن الذكاء الاصطناعي قد يُدخل عوامل معقّدة يصعب على هذه الوثائق معالجتها، مثل اتخاذ قرارات خاطئة نتيجة تحليل بيانات مغلوطة.
- 2. تأمين المسؤولية المهنية (Professional Liability Insurance)
يُغطي هذا النوع من التأمين الأخطاء الناتجة عن تقديم خدمات مهنية في حالة استخدام الذكاء الاصطناعي، فقد يكون من غير الواضح من المسؤول عن القرار الخاطئ: الشركة أو المطوّر أو النظام نفسه مما يخلق فجوات محتملة في التغطية.
- 3. تأمين الممتلكات (Property Insurance)
يغطي الأضرار المادية التي تصيب الأصول الملموسة، ولكن غالبًا لا تشمل هذه الوثائق الأصول الرقمية أو الأضرار الناتجة عن قرارات الذكاء الاصطناعي، مثل التشغيل غير الصحيح للمعدات أو الأنظمة.
أمثلة للمنتجات التأمينية الجديدة المخصصة لتغطية مخاطر الذكاء الاصطناعي
نظرًا للطبيعة المعقّدة والمتطورة لمخاطر الذكاء الاصطناعي، بدأت بعض شركات التأمين الرائدة عالمياً في تصميم منتجات تأمينية جديدة متخصصة لتقديم تغطيات أكثر دقة وفعالية هذه الوثائق تُركّز بشكل مباشر على المخاطر المرتبطة بالخوارزميات والبيانات والتحكم في الأنظمة المستقلة، وهي تختلف جوهرياً عن الوثائق التقليدية من حيث المفهوم والنطاق.
وتشمل تغطية هذا النوع من التأمين عادةً ما يلي:
- تعويض الخسائر أو الأضرار المالية الناتجة عن فشل أنظمة الذكاء الاصطناعي.
- الأضرار الناتجة عن المعلومات المضللة أو النتائج غير الدقيقة المعروفة بـ”هلوسات الذكاء الاصطناعي”.
- الانتهاكات المتعلقة باستخدام غير مصرح به للبيانات أو حقوق الملكية الفكرية ضمن نماذج الذكاء الاصطناعي.
- الغرامات والعقوبات المترتبة على مخالفة التشريعات الجديدة، مثل الصادر عن الاتحاد الأوروبي، والذي يفرض غرامات تصل إلى 6% من الإيرادات العالمية للشركات المخالفة.
- الانتهاكات الأمنية أو تسرب البيانات الناتج عن دمج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة.
- التكاليف القانونية المرتبطة بالدعاوى القضائية أو التحقيقات نتيجة إخفاقات الذكاء الاصطناعي.
أمثلة لبعض المنتجات التأمينية المتخصصة في تغطية مسؤولية الذكاء الاصطناعي
استجابةً لهذه التحولات، بدأت شركات التأمين بتقديم منتجات متخصصة لتغطية مسؤولية الذكاء الاصطناعي. و من الأمثلة على هذه المنتجات:
- Robotics Shield
من أوائل الأمثلة العملية في هذا المجال أطلقته إحدى الشركات العالمية، وهو منتج تأميني مخصص لتغطية المخاطر المرتبطة باستخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي في القطاعات الصناعية والطبية.
أبرز خصائص الوثيقة:
- تغطي الأضرار الجسدية أو المادية الناتجة عن خلل في تشغيل الأنظمة الروبوتية.
- تشمل تغطيات المسؤولية المهنية في حالة اتخاذ قرارات خاطئة من قبل نظام ذكي.
- تم تصميمها بالتعاون مع عملاء من قطاعات حساسة لتقديم حلول مخصصة بناءً على طبيعة كل نظام.
- aiSureTM
عبارة عن مجموعة من التغطيات الشاملة لأنظمة الذكاء الاصطناعي الحساسة المصممة لمعالجة نطاق واسع من المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. تقدم هذه الخدمة لمقدمي الذكاء الاصطناعي ومستخدميه لتغطية الأضرار التي تسببها أخطاء أداء الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك:
- الالتزامات التعاقدية
- الأضرار الشخصية/الخسائر المالية
- المسئوليات القانونية.
- aiSelfTM
مع aiSelfTM يُمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي التي تُطوّرها ذاتيًا بثقة، كما يمكنها إقناع صناع القرار بموثوقيتها وفائدتها المالية .كما تساعد هذه التغطية على الحدّ من ضعف أداء نماذج التعلم الآلي، وعدم موثوقيتها، وانحرافها.
وتساعد هذه التغطية على:
- الحماية من ضعف الأداء المفاجئ لنماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة المطورة.
- زيادة قبول التقنيات الجديدة على مستوى الإدارة العليا بالشركة.
- تعزيز الثقة في الفائدة المالية لأداء الذكاء الاصطناعي.
- دعم تنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي بكفاءة وفعالية من حيث الوقت
- NOVAAI
هو منتج تأميني يناسب شركات منصات الذكاء الاصطناعي أو شركات المنتجات والخدمات القائمة على الذكاء الاصطناعي والتي تتحمل المسؤولية وتتعرض للأمن السيبراني نتيجة لبرامج الذكاء الاصطناعي التي تقوم بتطويرها وبيعها.
يغطي NOVAAI المسؤولية عن منتجات وخدمات تقنية الذكاء الاصطناعي، ومسؤولية الوسائط عن المحتوى الذي يولد بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتغطية المسؤولية التنظيمية للذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تغطية استبعاد التمييز، وتغطية الجرائم الرقمية “المزيفة”.
- PONTAAI
هو منتج تأميني يساعد الشركات التي تستخدم أو تصنّع الذكاء الاصطناعي والتي يمكن أن تتحمل مسؤولية الأضرار الناجمة عنه، والتي من المحتمل ألا تغطي وثائق التأمين الحالية الخاصة بها القضايا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
يغطي هذا المنتج مسؤولية الذكاء الاصطناعي الناشئة عن الإهمال المهني وانتهاك الملكية الفكرية والإصابة الشخصية والتمييز وانتهاك الخصوصية والإصابة الجسدية والأضرار المادية وانتهاك لوائح الذكاء الاصطناعي.
الاستثناءات المحتملة في وثائق تأمين مخاطر الذكاء الاصطناعي
- الأفعال المتعمدة أو الإهمال الجسيم
لا تغطي الوثيقة الأضرار الناتجة عن تعمُّد إتلاف أو تعطيل أنظمة الذكاء الاصطناعي أو الاستخدام غير المسؤول لها.
- البرمجيات مفتوحة المصدر غير المؤمّنة
أي ضرر ناتج عن استخدام أنظمة ذكاء اصطناعي مبنية على برمجيات غير آمنة أو غير مرخصة.
- عدم الامتثال التنظيمي
الأضرار الناتجة عن فشل النظام في الامتثال لقوانين الخصوصية أو لوائح الحوكمة لا يتم تغطيتها عادةً، خصوصاً إذا كانت نتيجة إهمال في الإعداد أو الرقابة.
- الهجمات السيبرانية غير المؤمَّن عليها
إذا لم تكن هناك تغطية سيبرانية مضافة أو منفصلة، فقد لا تشمل الوثيقة الأضرار الناتجة عن اختراق أو قرصنة أنظمة الذكاء الاصطناعي.
- المخاطر التجريبية
الأنظمة التي لا تزال في مرحلة تجريبية أو Prototypes، أو لم تُختبر بشكل كافٍ في بيئة واقعية غالباً ما تكون مستثناة من التغطية.
أهمية تأمين مخاطر الذكاء الاصطناعي – حالة واقعية من صناعة السيارات الذكية
ولتوضيح الحاجة المتزايدة إلى تأمين متخصص في مجال الأمن السيبراني للذكاء الاصطناعي، نستعرض فيما يلي بعض الأحداث الهامة التي تسلط الضوء على نقاط الضعف والمخاطر المرتبطة بالتقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي:
- في عام 2022، تعرضت مؤسسة مالية كبرى لاختراق بياناتها بسبب هجوم تصيد مدعوم بالذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى خسائر مالية كبيرة وأضرار بالسمعة.
- في عام 2022، تعرّض أحد مقدمي خدمات السحابة البارزين لأنشطة مراقبة غير مصرّح بها ، حيث تم استغلال منصة AIaaS الخاصة بهم لإجراء مراقبة واسعة النطاق وغير مشروعة للمستخدمين، مما أثار مخاوف خطيرة بشأن الخصوصية.
- في عام 2023، تعرضت إحدى شركات التجارة الإلكترونية الرائدة لحادثة تسميم البيانات حيث قام جهات خبيثة بحقن بيانات خاطئة في نظام التوصيات الخاص بها، مما أدى إلى اقتراحات غير صحيحة للمنتج وفقدان ثقة العملاء.
- في عام 2023، واجهت إحدى منصات التواصل الاجتماعي الشهيرة حملة معلومات مضللة ضخمة ، تم تنظيمها من خلال مقاطع فيديو مزيفة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي والروبوتات الآلية، والتي تلاعبت بالرأي العام وتسببت في قلق واسع النطاق.
- في أوائل عام 2024، تعرض نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بمقدم الرعاية الصحية لهجوم معادٍ متطور، مما أدى إلى تشخيصات طبية وخطط علاجية غير صحيحة، مما أثر في النهاية على سلامة المرضى وثقتهم.
- في إحدى الدول الرائدة في مجال تكنولوجيا النقل شهدت شركة متخصصة في تصنيع السيارات الذكية حادثة شهيرة ارتبطت باستخدام أنظمة القيادة الذاتية حيث اعتمدت هذه المركبة على نظام ذكاء اصطناعي يُتيح القيادة دون تدخل بشري مباشر، لكنه في إحدى الحالات اتخذ قراراً خاطئاً أدى إلى حادث مأساوي نتج عنه أضرار جسيمة وخسائر بشرية.
من خلال دراسة هذه الأحداث السيبرانية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ومعالجة فجوات التغطية الحالية، يمكن لشركات التأمين النظر في وضع وثائق شاملة تحمي من مخاطر الذكاء الاصطناعي الناشئة. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، سيكون التعاون المستمر بين شركات التأمين وخبراء الذكاء الاصطناعي وصانعي السياسات ضروريًا لضمان حلول تأمين سيبراني فعّالة.
هنا يظهر الدور الحاسم لتأمين مخاطر الذكاء الاصطناعي ليوفر المزايا الآتية:
- تغطية متخصصة للمخاطر الناشئة عن قرارات الأنظمة الذكية، سواء كانت ناتجة عن خلل تقني أو خطأ في الخوارزمية.
- تحديد المسؤولية التأمينية بدقة، خاصة في الحالات التي يصعب فيها تحديد تبعية الخطأ لطرف بشري واحد.
- حماية مالية للأطراف المتأثرة، سواء كانوا ضحايا الحادث أو الشركات المطوّرة للأنظمة.
- دعم الابتكار بثقة، حيث يمنح وجود تأمين فعال بيئة آمنة لاختبار واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات متعددة دون الخوف من تبعات مالية ضخمة.
مستقبل تأمين مخاطر الذكاء الاصطناعي: فرص نمو وتحوّل جذري في الصناعة
مع التوسع السريع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر مختلف القطاعات يبرز تأمين مخاطر الذكاء الاصطناعي كأحد المجالات الواعدة في صناعة التأمين. وتشير تقديرات شركة ديلويت أن سوق الذكاء الاصطناعي في التأمين سيشهد نمواً ملحوظاً خلال السنوات القادمة وفقاً لتقديرات مركز ديلويت للخدمات المالية. وأنه بحلول عام 2032، قد تتمكن شركات التأمين من تغطية أقساط تأمين الذكاء الاصطناعي العالمية السنوية بما يقارب 4.7 مليار دولار أمريكي، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 80%.
هذا النمو مدفوع بعدة عوامل من أبرزها:
- التحول نحو التأمين القائم على الاستخدام (Usage-Based Insurance): حيث تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك العملاء وتخصيص التغطيات التأمينية بناءً على البيانات الفعلية، مما يعزز من دقة التسعير ورضا العملاء.
- ميكنة عمليات معالجة المطالبات: يُتوقع أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي في ميكنة عمليات معالجة المطالبات إلى تقليل وقت المعالجة بنسبة تصل إلى 80%، مما يساهم في تحسين الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف.
- تطوير نماذج تسعير ديناميكية: من خلال تحليل البيانات الضخمة، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين نماذج التسعير وجعلها أكثر دقة ومرونة، مما يساعد شركات التأمين على تقديم عروض تنافسية ومخصصة للعملاء.
- ظهور وثائق تأمين جديدة متخصصة: مثل وثائق تغطي المخاطر المرتبطة بأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي والتي يُتوقع أن تصل قيمتها إلى 14.3 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2034، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 33.09% خلال الفترة من 2025 إلى 2034 .
التحديات التنظيمية والتشغيلية في تأمين مخاطر الذكاء الاصطناعي
- عدم وضوح المسؤولية القانونية: في حالة حدوث ضرر ناتج عن نظام ذكاء اصطناعي، من الصعب تحديد المسؤول بوضوح (هل هو المطور؟ المستخدم؟ الجهة المالكة؟).
- قضايا الخصوصية والامتثال: التعامل مع بيانات حساسة يتطلب التزامًا صارمًا بلوائح حماية البيانات ، مما يفرض قيودًا إضافية على تصميم الوثائق.
- غياب الأطر التشريعية الواضحة: لا توجد قوانين موحّدة أو معايير ثابتة تغطي الذكاء الاصطناعي في جميع الدول أو القطاعات.
- سرعة التطور التكنولوجي: يواجه المشرّعون وشركات التأمين صعوبة في مواكبة وتحديث السياسات التنظيمية لتناسب الابتكارات المستمرة.
- تنوع استخدامات الذكاء الاصطناعي: الاختلاف الكبير بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي (مثل الطب، التصنيع، النقل) يصعّب توحيد أسس التأمين.
التحديات الفنية في الاكتتاب والتسعير
نقص البيانات التاريخية: عدم توفر سجل كافٍ للحوادث أو الأداء السابق يجعل تقدير احتمالية الخطر صعبًا.
تعقيد النماذج الذكية : صعوبة فهم كيفية اتخاذ القرار داخل بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي تؤثر على دقة التقييم التأميني.
صعوبة التنبؤ بحجم وتكرار الخطر: الطبيعة الديناميكية للذكاء الاصطناعي تجعل من غير الممكن الاعتماد على أنماط الخطر الثابتة.
الحاجة إلى تخصيص الوثيقة: لا يمكن تقديم تغطية موحدة، بل يجب تصميم الوثائق وفقًا لطبيعة النظام المستخدم وقطاع عمله.
التحديث المستمر لأساليب الاكتتاب: نظراً لتغير التكنولوجيا بسرعة، يجب على شركات التأمين تحديث نماذج التسعير وتقييم المخاطر بانتظام.
الحلول المقترحة لتجاوز تحديات تأمين مخاطر الذكاء الاصطناعي
إنشاء قواعد بيانات مشتركة للمخاطر
تعاون شركات التأمين مع الجهات الأكاديمية وشركات التكنولوجيا لجمع بيانات موثوقة عن الحوادث والمشكلات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، لتكوين قاعدة بيانات تُسهم في تحسين دقة الاكتتاب والتسعير.
تصميم وثائق تأمين مرنة وقابلة للتخصيص
تقديم وثائق مصممة خصيصاً لكل حالة استخدام (مثلاً: روبوت طبي، سيارة ذاتية القيادة)، بحيث تعكس المخاطر الواقعية لكل قطاع بدلاً من استخدام تغطيات عامة.
دمج الذكاء الاصطناعي في إدارة المخاطر والاكتتاب
استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل المخاطر وتحديد مستويات التسعير، ما يُعزز الدقة ويُسرّع من إجراءات الاكتتاب.
بناء شراكات مع شركات التكنولوجيا
التعاون مع مطوري أنظمة الذكاء الاصطناعي لفهم طريقة عمل الأنظمة ومساعدتهم على تطوير منتجات تأمينية متوافقة مع طبيعة النظام والضوابط القانونية.
اعتماد مبادئ الشفافية والحوكمة في الأنظمة المؤمَّن عليها
اشتراط وجود آليات تتّبع ومراجعة القرارات التي تتخذها الأنظمة الذكية لتسهيل تتبع المسؤولية في حالة وقوع ضرر.
مواكبة التشريعات وتنظيم دورات تدريبية للمختصين
التأكد من أن فرق عمل الاكتتاب وإدارة المخاطر على اطلاع دائم بالتطورات القانونية والتقنية في مجال الذكاء الاصطناعي.
رأي الاتحاد
انطلاقًا من المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، يولي اتحاد شركات التأمين المصرية اهتمامًا خاصًا بدراسة الأثر المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي على صناعة التأمين من حيث الفرص والمخاطر. ويرى الاتحاد أن التعامل مع مخاطر الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحّة تفرضها التطورات التكنولوجية الراهنة والمستقبلية.
ويؤكد الاتحاد على أهمية العمل المشترك بين الجهات التنظيمية وشركات التأمين ومطوّري أنظمة الذكاء الاصطناعي لوضع أطر تنظيمية واضحة ومحدثة لتأمين هذه المخاطر، بما يحقق التوازن بين دعم الابتكار من جهة، والحفاظ على حقوق المؤمن لهم من جهة أخرى.
كما يدعو الاتحاد شركات التأمين العاملة في السوق المصري لتطوير منتجات تأمينية جديدة مخصصة لتغطية أخطار الذكاء الاصطناعي، سواء ما يتعلق بالمسؤولية الناتجة عن قرارات الأنظمة الذكية، أو الأضرار التي قد تلحق بالبنية التحتية الرقمية أو البيانات. ويرى أن ذلك يمثل فرصة استراتيجية لنمو السوق وتعزيز ثقافة التأمين ضد الأخطار الحديثة والمعقدة.
كما يجب على شركات التأمين دعم جهود التوعية والتدريب وبناء القدرات الفنية، إلى جانب التعاون مع الجهات الأكاديمية ومراكز البحوث لتطوير فهم أعمق لطبيعة هذه الأخطار، وتقديرها بشكل علمي يساعد في تسعيرها وتصميم التغطيات المناسبة لها.
إن مواكبة هذه المخاطر لن تكون إلا عبر شراكات استراتيجية بين قطاعي التأمين والتكنولوجيا، مع الحفاظ على التوازن بين الابتكار وإدارة المخاطر. لذا يجب تضافر جهود جميع الأطراف ذات الصلة لمواكبة هذا التحول النوعي في الأخطار، من خلال تطوير وثائق التأمين، وتبنّي الابتكار، وتحقيق التوازن بين التكنولوجيا والحماية التأمينية، لضمان مستقبل آمن ومستدام لصناعة التأمين في عصر الذكاء الاصطناعي