تستعرض منصة أرقــــام وجهات نظر مشعل الفرس، الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا الوسطى في جانس هاندرسن إنفسترز، حول التوجهات الاستثمارية السائدة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في المملكة العربية السعودية. يناقش المقال تحول سلوك المستثمرين نحو الاستثمارات البديلة، وتأثير التقلبات في الأسواق الأمريكية، وأسباب اعتماد مديري الأصول على أدوات التمويل الخاص وصناديق المؤشرات المتداولة النشطة، وجاذبية التزامات القروض المضمونة، وأخيراً، الاهتمام المتزايد من شركات إدارة الثروات العالمية بمنطقة مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية.
1. ما هي توجهات العملاء السائدة حالياً في صفوف المستثمرين بمنطقة الشرق الأوسط لا سيما المملكة العربية السعودية؟
تشهد منطقة الشرق الأوسط، وخاصة المملكة العربية السعودية، تحولاً ملحوظاً في سلوك المستثمرين، حيث يزداد الطلب على استراتيجيات الاستثمار البديل، وخاصة التمويل الخاص. يعكس هذا التوجه رغبة المستثمرين في تنويع محافظهم الاستثمارية وتحقيق عوائد أعلى، خاصةً بين المواطنين والمقيمين الذين يسعون لتوفير مدخرات بديلة أو مكملة لصناديق التقاعد الرسمية.
بالإضافة إلى ذلك، نشهد تدفقاً عكسياً لرؤوس الأموال، حيث تتدفق رؤوس الأموال الدولية إلى المنطقة بفضل النمو الاقتصادي القوي، والفرص المتاحة في مجالات مثل البنية التحتية والتكنولوجيا والرعاية الصحية والتمويل المستدام، والإصلاحات الهيكلية مثل اعتماد إطار “لائحة التسجيل البيني لصناديق الاستثمار” لدول مجلس التعاون الخليجي. من المتوقع أن يسهم نضج هذه الأطر التنظيمية في تسهيل خدمة العملاء في السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي.
كما يرتفع الطلب على الأدوات الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، مما يعكس أهمية مواءمة المنتجات المالية مع المبادئ الإسلامية. تركز جانس هاندرسن على تقديم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، بما في ذلك صناديق التمويل الخاص، لتلبية متطلبات المستثمرين.
2. هل ستؤثر التقلبات الحالية التي تشهدها الأسواق الأمريكية بشكل ملموس على المستثمرين في الشرق الأوسط وخاصة أولئك في المملكة العربية السعودية؟
على الرغم من القلق العالمي بشأن تقلبات الأسواق الأمريكية، يرى المستثمرون في دول الخليج العربية، وخاصة في المملكة العربية السعودية، هذه التقلبات كفرص وليست مخاطر. يعود ذلك إلى جهود تنويع الاقتصادي والابتعاد عن الاعتماد على النفط، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، مما يخلق بيئة استثمارية أكثر مرونة.
كما أن التوجه نحو الاستثمارات الخليجية وتطوير أسواق رأس المال المحلية، ساعد في تزويد المستثمرين باستثمارات غير متشابهة من ناحية الأهداف وأقل ارتباطاً بآليات الأسواق العالمية. هذا التحول الاستراتيجي لا يقلل فقط من التعرض للتقلبات الخارجية، بل يسهم أيضاً في الاستفادة من آفاق النمو القوية التي تشهدها المنطقة.
3. لماذا يعمد مديرو الأصول إلى اعتماد أدوات التمويل الخاص وصناديق المؤشرات المتداولة (ETF) النشطة بشكل متزايد؟
يتجه مديرو الأصول بشكل متزايد نحو أدوات التمويل الخاص وصناديق المؤشرات المتداولة (ETF) النشطة لتلبية احتياجات المستثمرين الساعين إلى تحقيق عوائد أعلى وتنويع استثماراتهم. يوفر التمويل الخاص عوائد جذابة معدلة حسب المخاطر ومستويات ارتباط أقل بالأسواق التقليدية، مما يجعله خياراً مغرياً في ظل المناخ الاقتصادي الحالي.
تجمع صناديق المؤشرات المتداولة النشطة بين مزايا الإدارة النشطة والسيولة والشفافية التي تتمتع بها صناديق المؤشرات المتداولة، مما يتيح اعتماد استراتيجيات استثمار أكثر مرونة وقادرة على الاستجابة للتغيرات.
4. أعلنت جانس هاندرسن مؤخراً عن إطلاق التزامات القروض المضمونة (CLO) للمستثمرين من خارج الولايات المتحدة. لماذا تعد أدوات التزامات القروض المضمونة خياراً جاذباً للمستثمرين في المملكة العربية السعودية؟
توفر التزامات القروض المضمونة (CLO) للمستثمرين مزيجاً جذاباً من العوائد المرتفعة والتنويع الاستثماري. بالإضافة إلى ذلك، فإن طبيعة أدوات التزامات القروض المضمونة والمرتبطة بأسعار الفائدة المتغيرة توفر تحوطاً فعالاً ضد تقلبات أسعار الفائدة، كما أن هيكلها يحد من خسائر الائتمان.
تأتي مبادرة جانس هاندرسن لإطلاق التزامات القروض المضمونة للمستثمرين خارج الولايات المتحدة استجابة للطلب المتزايد على المنتجات الاستثمارية المتقدمة التي توفر عائداً أعلى من الودائع النقدية مع الحفاظ على رأس المال.
5. أخيراً، لماذا تُبدي شركات إدارة الثروات العالمية مثل جانس هاندرسن اهتماماً متزايداً بمنطقة مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص؟
تعتبر منطقة مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، سوقاً استثمارياً حيوية سريعة التطور. ساعدت الإصلاحات الاقتصادية وجهود التنويع والتقدم التنظيمي والبنية السكانية الشابة والمتمرسة رقمياً، في تعزيز الطلب على المنتجات المالية المتنوعة.
قامت جانس هاندرسن بتوسيع حضورها في المنطقة بشكل كبير منذ افتتاح أول مكتب إقليمي لها عام 2012، بما في ذلك الاستحواذ على “إن بي كي كابيتال بارتنرز” وتعزيز فريقها الإقليمي وافتتاح مكاتب جديدة وإطلاق صناديق جديدة. تؤكد هذه الخطوات التزام الشركة باستقطاب رؤوس الأموال إلى المنطقة وتلبية الاحتياجات الفريدة للمستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي. كما أن تركيزها على تطوير حلول استثمارية متوافقة مع الشريعة الإسلامية يجسد التزامها بالانسجام مع القيم والتفضيلات الإقليمية.
في الختام، يمكن القول بأن تحول منطقة الخليج من مصدّر لرؤوس الأموال إلى وجهة للاستثمار العالمي سيعيد رسم ملامح الدور الذي تؤديه المنطقة في النظام المالي العالمي. فالمملكة العربية السعودية لم تعد تخصص ثروتها ليتم استثمارها في الأسواق الدولية فحسب، بل أصبحت تجذب رؤوس أموال أجنبية ضخمة وذلك بالتزامن مع سعي المستثمرين للاستفادة من آفاق النمو طويلة الأمد التي تشتمل عليها المنطقة، ولا شك بأن هذا التوجه ينطوي على فرص جديدة لمديري الأصول العالميين مثل جان هاندرسن.