في حدث استراتيجي بالغ الأهمية، استضاف مجلس الأعمال المصري الكندي (CEBC) بالتعاون مع مجلس الأعمال المصري للتعاون الدولي (ECIC)، ندوة بعنوان “التحديات المائية في مصر: الأسباب والحلول”، جمعت شخصيات بارزة من القطاعين العام والخاص.
افتتح الندوة المهندس معتز رسلان، رئيس مجلس الأعمال المصري الكندي، مؤكداً في كلمته على أن “الماء قضية وجودية ومحور التنمية وأساس حاضر ومستقبل الشعوب”. واستشهد بتقرير دولي يشير إلى أن ما لا يقل عن 50% من سكان العالم، أي نحو 4 مليارات نسمة، يعانون من نقص المياه لمدة شهر واحد على الأقل في السنة. وأوضح أن هذا الخطر العالمي يتفاقم بسبب التغيرات المناخية والنمو السكاني الهائل.
كما سلط المهندس رسلان الضوء على الوضع الحرج في مصر، حيث أوضح أن حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً ثابتة منذ عقود، في حين زاد عدد السكان بنحو 25 مليون نسمة خلال السنوات العشر الماضية وحدها. وقد أدى ذلك إلى انخفاض نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب حالياً، وهو مستوى يُصنف بأنه “ندرة مائية مطلقة”. وأقر بأن سد النهضة يمثل “التحدي الأبرز” الذي يواجه مصر حاليًا.
بعد ذلك، استعرض الأستاذ الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، عرضًا تقديميًا بعنوان “جهود الوزارة في تحقيق الأمن المائي”، موضحًا رؤية مصر الطموحة لمواجهة التحديات المائية. أكد سويلم أن البلاد لديها استراتيجية واضحة لتحويل هذه الصعاب إلى فرص استثمارية واعدة.
وأضاف الدكتور سويلم” يتمثل محور استراتيجية وزارة الموارد المائية والري في مواجهة التحديات المائية في تحويل الصعاب إلى فرص استثمارية واعدة، وذلك من خلال رؤية متكاملة ترتكز على عدة محاور أساسية. أولاً، تسعى الوزارة لتطوير منظومة الري من خلال التركيز على التحلية من أجل الزراعة والإدارة الذكية والتحول الرقمي لرفع كفاءة استخدام الموارد المحدودة. وتتضمن هذه الاستراتيجية توطيد العلاقات مع دول حوض النيل للحفاظ على الحق التاريخي لمصر في مياه النهر. كما يتم تنفيذ مشروعات قومية كبرى مثل :مشروعات اعادة الاستخدام ومشروعات حصاد مياه الأمطار ومحطات التحلية التي تستهدف إنتاج 2.8 مليون متر مكعب يوميًا. وتعمل الوزارة على تحقيق الأمن المائي من خلال محاور الجيل الثاني من منظومة الري 2.0. وتشمل هذه المحاور:
• المعالجة والتحلية: يتم التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي عبر مشروعات كبرى مثل الدلتا الجديدة وبحر البقر والمحسمة، بالإضافة إلى التوجه نحو التحلية كحل رئيسي لمواجهة تحديات الأمن المائي والغذائي.
• الإدارة الذكية: يتم الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة للتنبؤ بالأمطار، وحصر المحاصيل باستخدام صور الأقمار الصناعية، ومتابعة الآبار الجوفية عبر الطائرات المسيرة.
• التحول الرقمي: رقمنة بيانات الترع والمصارف والمنشآت المائية وإنشاء قواعد بيانات وتطبيقات رقمية لخدمة المزارعين، حيث تم تصميم 27 تطبيقًا متنوعًا.
• تأهيل البنية المائية: تطوير وتأهيل الترع والمنشآت بمواد صديقة للبيئة، وتنفيذ مشروعات مثل قناطر ديروط، وتحديث منظومة المراقبة والتشغيل في السد العالي.
• مواجهة التغيرات المناخية: تنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ، وأعمال حماية من أخطار السيول بإنشاء أكثر من 1600 منشأ، مع التوسع في الاعتماد على الطاقة الشمسية.
• الحوكمة وتطوير التشريعات: تعزيز مشاركة المزارعين وروابط مستخدمي المياه في إدارة المنظومة المائية، وتطوير التشريعات لحماية الموارد من التعديات.
• ضبط نهر النيل: يتم تنفيذ حملات لإزالة التعديات باستخدام أحدث تقنيات الرفع المساحي وضبط الأنشطة على جانبي النهر.
• التوعية وبناء القدرات: تطوير الموارد البشرية من خلال التدريب وبناء القدرات، وإطلاق حملات توعية مجتمعية مثل حملة “على القد” لترسيخ ثقافة ترشيد استهلاك المياه.
• الجهود الدولية: قيادة جهود لرفع مكانة المياه على الأجندة المناخية والتنموية الدولية من خلال أسابيع القاهرة للمياه، ومؤتمرات المناخ، ورئاسة مصر لمجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو)، وإطلاق مبادرة AWARe لدعم الدول الأفريقية.
وشارك في الحوار المهندس عبد السلام الجبلي، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، مما أضاف عمقًا تشريعيًا وتنفيذيًا للنقاش والذي أكد على أن قضية المياه تمثل مسألة حياة ووجود للشعوب، مما يجعل مناقشة آليات مواجهة التحديات أمرًا بالغ الأهمية. وأشار إلى جهود القيادة السياسية المصرية في تبني سياسات مائية جديدة، مثل إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي عبر مشاريع قومية كبرى كتبطين الترع، وإنشاء محطات معالجة المياه، وتطوير نظم الري لترشيد الاستهلاك. وأضاف أن مصر تعيد استخدام نحو 21 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي، وتستهدف زيادتها إلى 26 مليار متر مكعب.
في الختام، أكدت الفعالية على الدور المحوري للقطاع الخاص في دعم استراتيجيات الدولة، وشددت على أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الأمن المائي في مصر.