تحت مظلة ورعاية وزارة الاقتصاد والسياحة، أعلنت مؤسسة «جي إس 1 الإمارات»، بالشراكة مع مبادرة «تجمّع الإمارات للغذاء»، إطلاق منصة «الدليل الموحّد للمنتجات» خلال فعاليات «منتدى مستقبل الغذاء 2025»، بهدف إحداث نقلة نوعية في إدارة وتبادل بيانات المنتجات على مستوى قطاع الأغذية والمشروبات بالدولة، في خطوة تُعد الأولى من نوعها بالإمارات.
جاء إطلاق منصة «الدليل الموحد للمنتجات» التي يقودها القطاع الخاص، بما ينسجم مع برنامج «تصفير البيروقراطية الحكومية». وتشكل المنصة تطوراً نوعياً في مسار الرقمنة والتنسيق المؤسسي، حيث تمكّن المصنّعين وتجار التجزئة والجهات التنظيمية من إدارة معلومات المنتجات والتحقق منها وتبادلها بسهولة.
تتيح منصة «الدليل الموحّد للمنتجات» تحميل البيانات الأساسية للمنتجات، مثل الاسم التجاري، المكونات، المعلومات الغذائية، الصور، رمز الباركود، وبلد المنشأ، ليجري مزامنتها مباشرة مع مختلف الجهات، ومنها الأسواق الإلكترونية، تُجار التجزئة، الهيئات الجمركية، البلديات، وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وزارة التغير المناخي والبيئة، الهيئة الاتحادية للضرائب، ومجلس أبوظبي للجودة والمطابقة(QCC) ، إضافة إلى نظام تسجيل المنتجات الغذائية الإلكتروني الاتحادي «زاد».
وبالاعتماد على معايير «جي إس 1» والأدوات الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ستوفر المنصة «توأمناً رقمياً» لكل منتج (وهي نسخة رقمية مطابقة للمنتج)، ليشكّل مرجعاً موحداً وموثوقاً لقطاع الأغذية في الدولة. ويسهم هذا النهج في تعزيز الانسجام في المعلومات وتفادي تكرارها، ورفع مستويات التتبع والحد من الغش التجاري من خلال إنشاء سجل مركزي للباركود يتيح للجهات الرقابية تتبع حركة المنتجات عبر مختلف مراحل سلسلة التوريد، مع رصد الواردات غير المصرح بها والسلع غير المطابقة للمعايير في المنافذ الجمركية. كما ستساعد المنصة على رفع جودة المنتجات وحماية المستهلك، عبر ضمان توافر معلومات موثوقة ومحدّثة حول المنتجات ويمكن التحقق منها بسهولة من قبل الجهات المختصة والمستهلكين على حد سواء، حيث يتيح مسح الباركود الوصول الفوري إلى المكونات الغذائية، ومكان المنشأ والاعتماد الرسمي.
كما ستساعد المنصّة على تسهيل الإجراءات، من خلال نظام تسجيل موحّد يتيح للشركات إدخال بيانات منتجاتها مرة واحدة فقط، ليتم اعتمادها تلقائياً لدى جميع الجهات المعنية، بدلاً من إعادة تقديم نفس الطلبات لكل جهة على حدة، الأمر الذي يوفر على الشركات الوقت والجهد والتكاليف. وستدعم المنصّة كذلك آليات مراقبة الأسعار وضبطها عبر قاعدة بيانات شفافة للسلع الأساسية. ومن المنتظر أن تحقق المبادرة فائدة اقتصادية ملموسة، من خلال تقليص الخسائر المالية الناتجة عن الغش أو التهريب، وتعزيز حماية العلامات التجارية من التقليد، إضافة إلى زيادة ثقة المستهلك بالمنتجات المصنّعة في الإمارات، سواء داخل السوق المحلي أو في الأسواق العالمية.
ومن المتوقع أن يستوعب «الدليل الموحّد للمنتجات» عند اكتمال تنفيذه أكثر من 80 ألف منتج، مع تقليص عمليات التسجيل المكررة بنسبة تصل إلى 60%. كما سيسهم في توحيد اللوائح التنظيمية بين مختلف إمارات الدولة، بما يعزز كفاءة الرقابة ويُرسخ معايير السلامة الغذائية على نحو أكثر فاعلية.
وترتكز هذه المبادرة على خبرة راسخة لمؤسسة «جي إس 1 الإمارات» في تطوير حلول رقمية متكاملة تخدم قطاعات حيوية على نطاق واسع. فقد تعاونت المؤسسة منذ عام 2019 مع «الهيئة الاتحادية للضرائب» في تسجيل المنتجات الخاضعة للضريبة الانتقائية، كما نجحت في دمج حلول قائمة على معايير «جي إس 1» داخل منظومة الرعاية الصحية، بالتعاون مع المستشفيات والهيئات الصحية والتنظيمية مثل «هيئة الصحة بدبي» و«دائرة الصحة – أبوظبي». وتبرهن هذه التجارب على قوة تلك المعايير ومرونتها في التوسع، بما يتيح اليوم لقطاع الأغذية في الدولة الاستفادة من هذه الممارسات وتوظيفها في بناء منظومة أكثر كفاءة واستدامة.
ولا تقتصر المنصّة على الجوانب التنظيمية فحسب، بل تمهّد لفرص أوسع تشمل أدوات متطورة لتحليل حركة الأسواق، ونظاماً مركزياً لمتابعة الأسعار، إضافة إلى تطبيقات ذكية موجّهة للمستهلك تتيح التحقق من المنتجات والإبلاغ عن أي ملاحظات، لتشكّل بذلك منظومة رقمية متكاملة تعزز جاهزية قطاع الغذاء لمتطلبات المستقبل في دولة الإمارات.
وبهذا الصدد أكد الرئيس التنفيذي لـ «جي إس 1 الإمارات»، «رامي حبّال»، أن الدليل الموحّد للمنتجات يتجاوز كونه قاعدة بيانات، ليشكّل أداة استراتيجية لتعزيز الكفاءة والشفافية وبناء ثقة المستهلك. وأضاف أن المنصة، من خلال تقليص البيروقراطية وتبني الحلول الرقمية، تساهم في إنشاء منظومة غذائية أكثر مرنة تلبي تطلعات المستقبل في الدولة. وأوضح أن اعتماد معايير «جي إس 1» يسهم في ترسيخ مفاهيم التتبع والرقمنة وتطبيق أفضل الممارسات العالمية، بما يدعم طموحات الإمارات في أن تكون مركزاً رائداً للابتكار في مجال الغذاء. وشدد على أن هذه الأدوات تعزز التعاون عبر مختلف حلقات سلسلة القيمة، بدءاً من المزارعين والمصنّعين وصولاً إلى تجار التجزئة والجهات التنظيمية، بما يضمن الثقة والسلامة والنمو للقطاع.