يعود “منار أبوظبي”، المعرض الفني العام المكرّس لفنون الضوء، والذي يحظى بإشادة واسعة من الجميع، في دورته الثانية ليضيء الإمارة بتشكيلة جديدة من الأعمال المستوحاة من العلاقة التاريخية التي تجمع الأجداد في منطقة الخليج بالضوء. ويُنظم المعرض من قبل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، حيث يجمع 15 فناناً ومجموعة فنية من الإمارات والعالم، يمثلون 10 دول، من بينهم الفنانة التشكيلية الإماراتية “شيخة المزروع”، والاستوديو الهولندي متعدّد التخصصات “دريفت”، والفنانة الماليزية “باميلا بو”، إلى جانب نخبة أخرى من الفنانين. وتقام فعاليات النسخة الثانية من المعرض تحت عنوان “دليلك نجم سهيل”، ويتم خلالها تقديم 23 عملًا فنيًا ضوئياً مبتكراً يتنوّع بين المنحوتات المُضيئة والتماثيل والعروض الضوئية والتجارب الغامرة المصممة خصيصاً للمواقع، ليتم استكشاف الضوء كدليل وكوسيط يجمع بين الأبعاد الملاحية والشاعرية في آن واحد. ويشرف على تنظيم المعرض المدير الفني كاي هوري، وبمشاركة كل من القيّم الفني علياء زعل لوتاه والقيّم الفني منيرة الصايغ والقيّم الفني المساعد مريم الشحي، وتُقام فعالياته في مواقع رئيسية تشمل جزيرة الجبيل وسوق الميناء، وللمرة الأولى في مدينة العين، عبر مسارات ثقافية تمتد في واحتَي القطارة والجيمي في احتفاءٍ فنيٍّ بالأنظمة البيئية المتفرّدة لإمارة أبوظبي وتنوّع ملامحها الحضرية ومناظرها الطبيعية.
ويشتمل معرض “منار أبوظبي” على برنامج عام متكامل يضم سلسلة من الحوارات وورش العمل والتجارب والعروض الفنية، التي تدعو الجمهور إلى التفاعل مع الأعمال والتركيبات الفنية واكتشاف المفاهيم الإبداعية التي تقوم عليها.
الحوارات
يُقدّم “منار أبوظبي” 2025 سلسلة شيّقة تشتمل على ثمانية حوارات تستكشف التقاطعات بين الفن وتقنيات التركيبات الضوئية والمساحات العامة. ويُفتتح البرنامج بحوار باللغة العربية بعنوان “الفن العام ومشهد العين”، بمشاركة الفنانين عمّار العطّار وميثاء حمدان وخالد الشعفار، بإدارة من علياء زعل لوتاه. ويتبع ذلك جلسة بعنوان “دعونا نتحدث عن منار أبوظبي 2025” والتي تجمع الفريق القيّم على المعرض — كاي هوري وعلياء زعل لوتاه ومنيرة الصايغ ومريم الشحي — لمناقشة الرؤية الإبداعية التي تقف وراء النسخة الثانية من المعرض.
كما تتناول جلسات أخرى العلاقة المتنامية بين الفن والتقنية، من خلال مجموعة من الحوارات المتخصصة، ففي جلسة بعنوان “مستقبل الفن في غياب الذكاء الاصطناعي: هل هو ممكن؟”، بإدارة الدكتورة إليزابيث تشرشل، يتم استعراض دور الذكاء الاصطناعي في الممارسات الإبداعية بمشاركة كاي هوري وجوليا بيني، رئيسة الفنون في مركز “سيرن”. أما جلسة “الفن والتقنية والتواصل الإنساني”، بمشاركة الفنان رالف ناوتا من استوديو “دريفت”، فتستكشف كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعزز التفاعل الإنساني وتفتح آفاقًا جديدة للتعبير الفني. فيما تبحث جلسة “الفن عند تقاطع الطبيعة والتقنية”، التي يقودها أولريش شراوث، المدير الفني لمتحف “يو بي دي” للفن الرقمي، بمشاركة الفنانين كريستيان برينكمان والدكتورة بريجيت هاوورث، في كيفية تفاعل الفنانين المعاصرين مع البيئات الطبيعية والتقنيات الحديثة لإعادة صياغة تجربة المتلقي وفهمه. بينما تستعرض جلسة “الضوء والحركة والإدراك”، بإدارة منيرة الصايغ وبمشاركة الفنانين لاكلان توركزان وإيزيكيل بّيني، طرق توظيف الضوء والحركة والإدراك الحسي في إثراء التجارب الفنية المعاصرة وتحويلها إلى مساحات تفاعلية نابضة بالحياة.
وبالتعاون مع مبادرة “أبوظبي للفن العام”، تُسلط سلسلة حوارات “منار أبوظبي” الضوء على الحضور المادي للفن في المساحات العامة. حيث تستكشف جلسة “إعادة تخيّل المساحات من خلال النحت”، بإدارة سارة بن صفوان ومشاركة الفنانتين كيرستن بيرغ وشيخة المزروع، كيف يمكن للأعمال النحتية أن تعيد صياغة العلاقة بين الفن والمكان. فيما تتناول جلسة بعنوان “تصميم الفن العام للجمهور والمساحات”، بإدارة علياء زعل لوتاه وبمشاركة الفنانين باميلا بو وعبدالله المُلّا، دور التصميم والنحت في تشكيل التفاعل داخل المشهد العمراني في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتدعو هذه الحوارات الجمهور والفنانين والمهتمين إلى التعمق في الممارسات الفنية المعاصرة، وتأمل الدور المتطور للفن، واستكشاف أثره الممتد في أبوظبي وخارجها.
العروض الفنية
يُقدم معرض “منار أبوظبي” في نسخته الثانية سلسلة من العروض الفنية الحيوية التي تحتفي بالإبداع والحوار الثقافي بين مختلف الشعوب. يقدّم الثنائي “بدوين برغر”، المؤلَّف من المغنية السورية لين أديب والموسيقي اللبناني زيد حمدان، مزيجًا فريدًا من الموسيقى الكلاسيكية والفلكلور العربي مع أنغام الجاز والإلكترونيات التجريبية البسيطة، ليبتكرا إيقاعات وأصوات تعبّر عن روح الحياة البدوية وتلامس في الوقت ذاته الذوق العام للجمهور المعاصر. أما الثنائي الكوري “هيباري” ، المؤلَّف من المغنية مينهي بارك وفنانة الصوت الإلكتروني هيوون تشوي، فيعيد إحياء الألحان الكونفوشيوسية الكورية القديمة عبر مقامات إلكترونية حالمة، وهو العمل الذي نالا عنه جائزة أفضل ألبوم إلكتروني لعام 2022 ضمن حفل جوائز الموسيقى الكورية. وبالتعاون مع بيركلي أبوظبي و”منار أبوظبي“، يقدّم العازف البارز للبيانو والجاز طارق يماني عرضًا موسيقيًا بعنوان “تصورات الجاز بطابع الأفرو-طرب”، يأخذ الجمهور في رحلة موسيقية من مصر في أوائل القرن العشرين إلى نيويورك المعاصرة.
كما يعود حب وانتقام هذا العام بعرضٍ بعنوان “أجمل ليالي”، تحية إلى سيدة الغناء العربي أم كلثوم، حيث يمزج بين الصور الأرشيفية والتراث الموسيقي العربي والأنماط الصوتية الإلكترونية المعاصرة في تجربة فنية آسرة. وبالشراكة مع المركز الثقافي الإيطالي وسفارة إيطاليا، يُقدّم “آرس نوفا نابولي” عرضًا موسيقيًا نابضًا بالحياة يعكس روح جنوب إيطاليا، حيث تمزج الفرقة بين أصوات الأكورديون والكمان والبوق والماندولين ومزمار القربة والدفوف، لتعيد إحياء التقاليد النابوليتانية والمتوسطية بأسلوب عصري متجدد. ويحتضن أيضًا سوق الميناء، ضمن فعاليات “منار أبوظبي”، عروضًا موسيقية مفعمة بالطاقة خلال عطلة نهاية الأسبوع، يقدّمها فنانون مبدعون من مختلف الثقافات، من بينهم فورمانوس، عمّاد شاكر، شيلبا أنانث، وبيتبوكس راي، في أجواء تحتفي بالتنوّع الإبداعي والتواصل الفني بين الشعوب.
التعلم، المشاركة، والتواصل المجتمعي
وفي إطار التزام “منار أبوظبي” بدعم التعليم وتعزيز المشاركة الثقافية، يقدّم المعرض برنامجًا مصمم خصيصًا لجامعات أبوظبي، يتضمّن سلسلة من المحاضرات الرئيسية التي يشارك فيها فنانون من المشاركين في المعرض، من بينهم لاكلان توركزان ورافاييل لوزانو-هيمر. تتيح هذه الجلسات للطلبة فرصة التفاعل المباشر مع موضوعات المعرض، واستكشاف التقاطعات بين الفن المعاصر والتقنية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب التعرف على آليات العمل الإبداعي لدى الفنانين المشاركين. ومن خلال استضافة أسماء فنية عالمية في بيئة أكاديمية، تهدف المبادرة إلى إلهام جيل جديد من المبدعين، وتعزيز الحوار حول الدور المتنامي للوسائط الرقمية في الفنون المعاصرة.
كما سيقدّم الفنانون المشاركون من بينهم “ميثاء حمدان” ورش عمل عامة، تتيح للمشاركين فرصة عملية للتفاعل المباشر مع العملية الإبداعية، واستكشاف أساليب فنون الضوء المعاصرة.
المناخ (الطقس) والصحة
يضُم “منار أبوظبي” برنامجًا مخصصًا لاستكشاف المواضع المتعلقة بالطقس والصحة والتواصل مع الطبيعة، يُقدَّم بالتعاون مع عدد من الجهات المحلية والعالمية، حيث تستضيف هيئة البيئة – أبوظبي ثلاث فعاليات خاصة في جزيرة الجبيل تشمل جولات تجديف بالقوارب (كاياك) وأنشطة العلوم المدنية. كما يمكن للزوّار خوض تجربة التنفّس والتأمّل مع الفنانة كيرستن بيرغ، التي تعرض أيضًا عملًا نحتيًا ضخمًا في جزيرة الجبيل، وتقوم بتدريس أسلوب “أشتانغا يوغا”، مقدّمة تجربة فريدة تجمع بين الفن والممارسة الجسدية والصفاء الذهني. وبالتعاون مع علامة الصحة العالمية “سانكتوم”، تنظّم كايان إكسبيرينسز جولة إرشادية في أجواء الطبيعية تمتد لـ120 دقيقة في أرجاء جزيرة الجبيل الهادئة، تتخللها محطات تمر بأعمال التركيبات الفنية الضوئية لاستلهام الحركة والتأمل وتعزيز التواصل مع الذات والطبيعة.
ورش عمل يقدمها الشركاء
بالتعاون مع مجموعة من الشركاء، يُقدّم “منار أبوظبي” برنامجًا ثريًا من ورش العمل المجتمعية والتجارب التفاعلية المصمّمة لجميع الأعمار، بما يهدف إلى تعزيز روح المشاركة والإبداع. تنظّم “فوجي فيلم” خمس ورش متخصصة في التصوير الفوتوغرافي والفيديو، تتناول موضوعات وأساليب متنوعة، وذلك في جزيرة الجبيل ومدينة العين. وتقدّم “ذا نوت” ورشًا فنية في الحِرف الإبداعية، فيما تفعّل “غراسيا فارمز” أنشطة المعرض خلال عطلات نهاية الأسبوع من خلال ورش لصناعة الدمى وفعاليات الطلاء والزراعة، التي تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي وتشجيع المشاركة المجتمعية. أما “ذا سلايم لاب”، فتقدّم للأطفال ورشًا تفاعلية بعنوان الصلصال المتوهّج في الظلام، تجمع بين الإبداع والعلم باستخدام مواد آمنة وغير سامة تتفاعل مع الضوء فوق البنفسجي لتشكّل تجربة تعليمية ممتعة.
القلب النابض والشريك المستضيف لعروض منار أبوظبي – جزيرة الجبيل
باعتبارها القلب النابض والمركز الأيقوني والشريك المستضيف لعروض لمعرض منار أبوظبي الذي يعقد تحت عنوان “دليلك نجم سهيل”، تحتضن جزيرة الجبيل الجزء الأكبر من البرامج العامة للمعرض. وتُعد الجزيرة ملاذًا طبيعيًا نادرًا يشكّل مشهدًا فريدًا تلتقي فيه ملامح الفن والطبيعة والمجتمع في تجربة واحدة متكاملة. وبصفتها الشريك المستضيف لمنار أبوظبي – جزيرة الجبيل، تدعو الجزيرة الزوّار إلى استكشاف مناظرها الطبيعية الهادئة والتفاعل مع أعمال الضوء المعاصرة التي تزيّن فضاءاتها.







