في قلب ساحة المدخل الرئيسي للمتحف المصري الكبير تقف المسلة المعلقة شاهدة على عبقرية التصميم المصري القديم والحديث معًا، لتروي قصة فريدة تجمع بين عظمة الملك رمسيس الثاني وإبداع الهندسة المعاصرة.
هذه المسلة المعلقة ليست مجرد أثر فرعوني ضخم، بل تعد أيقونة معمارية استثنائية تمثل أول تجربة من نوعها في العالم، إذ تم تعليقها بطريقة مبتكرة تسمح للزوار برؤية نقوشها من جميع الزوايا، بما في ذلك النقوش التي كانت مخفية لآلاف السنين.
تعود أهمية تصميم المسلة المعلقة إلى السر الذي تخفيه في طياتها، حيث كان الخرطوش الملكي الخاص بالملك رمسيس الثاني منقوشًا على الجزء السفلي منها، ما جعله غير مرئي منذ أكثر من 3500 عام.
ومن هنا جاءت الفكرة الفريدة بوضع المسلة أفقيًا في وضع معلق فوق قاعدة شفافة، لتتيح للزوار فرصة نادرة لمشاهدة النقوش الملكية التي لم تُرَ منذ العصور القديمة.
هذا الابتكار في العرض يجمع بين احترام التاريخ القديم واستخدام تقنيات العرض الحديثة، ليقدم تجربة بصرية مدهشة تمزج بين الماضي والحاضر.
وقد استخدم المهندسون في تصميم المسلة المعلقة أحدث أساليب الهندسة المعمارية والمواد عالية الصلابة لضمان ثباتها وسلامتها.
ترتكز المسلة المعلقة على قاعدة خرسانية ضخمة مدفونة تحت الأرض، ومزودة بنظام دقيق يمنع أي اهتزاز أو تأثير من العوامل الجوية، ما يجعلها آمنة ومستقرة رغم ضخامتها.
وتقوم أعمدة زجاجية شفافة بحملها بطريقة هندسية دقيقة تتيح رؤية النقوش من الأسفل، في مشهد يدمج الفن بالعلم ليجسد روح الإبداع المصري التي لم تخبُ عبر العصور.
كما تحمل المسلة المعلقة رمزية وطنية وحضارية عميقة، حيث تم نقش اسم مصر على الأعمدة الداعمة بلغات العالم المختلفة، في رسالة ترحيب عالمية تعبر عن انفتاح مصر على الثقافات الإنسانية كافة، وعن دورها التاريخي كجسر بين الحضارات.
هذا البعد الرمزي جعل من المسلة المعلقة ليس فقط قطعة أثرية مبهرة، بل رسالة سلام وتواصل من قلب الحضارة المصرية إلى العالم أجمع.
ولا تقتصر أهمية المسلة المعلقة على بعدها الجمالي والهندسي فحسب، بل تمتد لتكون نقطة جذب رئيسية في المتحف المصري الكبير، إذ تقع عند مدخله الرئيسي لتكون أول ما يشاهده الزوار، ما يمنحهم انطباعًا مهيبًا يدفعهم لاكتشاف كنوز المتحف الأخرى.
وتُعد المسلة المعلقة بوابة رمزية تمهد للرحلة عبر الزمن التي يعيشها الزائر داخل المتحف، من عظمة الفراعنة إلى روعة الحاضر المصري الحديث.
وبفضل تصميمها المبتكر ورسالتها العميقة، أصبحت المسلة المعلقة أداة دعائية قوية للمتحف المصري الكبير، تعزز مكانته كمركز عالمي للحضارة المصرية القديمة، وتساهم في جذب المزيد من السياح إلى مصر.
فهي تمثل لقاءً بين الإبداع الإنساني القديم والهندسة المعاصرة، وتجسد كيف يمكن للتراث أن يُعاد تقديمه بروح جديدة تلهم الأجيال، إنها ليست مجرد أثر عالق في الهواء، بل رمز مادي يروي قصة مصر التي ما زالت تبهر العالم بعظمتها كل يوم.







