يشهد سوق النحاس في مصر والعالم حالة من التذبذب المستمر نتيجة للتقلبات في مؤشرات الاقتصاد العالمي وتغيرات العرض والطلب في أسواق المعادن.
فقد سجلت عقود النحاس في الأسواق العالمية ارتفاعًا طفيفًا، حيث بلغ متوسط سعر الرطل نحو 5.02 إلى 5.03 دولار، وهو ما يعكس تحسنًا محدودًا مقارنة بتعاملات اليوم السابق وفقًا لبيانات Trading Economics وIFC Markets.
هذا الارتفاع البسيط يأتي في إطار حركة تصحيحية طبيعية للأسعار، في ظل حالة من الترقب تسود الأسواق العالمية بسبب تطورات الاقتصاد الأمريكي والطلب الصيني على المعادن الصناعية.
يُعد النحاس من أكثر المعادن تأثرًا بالتقلبات الاقتصادية نظرًا لارتباطه الوثيق بقطاعي الصناعة والبناء، إذ يُستخدم في تصنيع الأسلاك الكهربائية والمعدات الصناعية والبنية التحتية.
ومع ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا، ارتفعت تكاليف إنتاج النحاس، ما انعكس تدريجيًا على الأسعار في البورصات الدولية.
وتشير التوقعات إلى أن الأسواق ستظل متقلبة خلال الفترة المقبلة مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن معدلات الفائدة الأمريكية ومستويات النمو في الاقتصادات الكبرى.
في السوق المحلي المصري، تواصل أسعار النحاس الخردة تسجيل تباين واضح نتيجة لاختلاف مصادر التوريد وتكلفة النقل والتصنيع.
حيث يتراوح سعر الكيلو من النحاس الأحمر الخردة بين 350 و370 جنيهًا، بينما يتراوح سعر النحاس المخلوط بين 230 و300 جنيه للكيلو الواحد.
ويرتبط هذا التفاوت بعوامل متعددة أبرزها جودة الخردة، وتكلفة إعادة التدوير، وكذلك التغيرات اليومية في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار. وتعتمد بعض الورش والمصانع الصغيرة على الخردة كمصدر أساسي للخام لتقليل تكاليف الإنتاج وسط ارتفاع الأسعار العالمية.
تشهد حركة التداول في سوق المعادن المصري نشاطًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، خاصة مع زيادة الطلب من مصانع الكابلات والأدوات الكهربائية، الأمر الذي يساهم في دعم الأسعار نسبيًا.
كما أن حالة الترقب لتطورات السوق العالمي تدفع بعض التجار والمستثمرين إلى التريث في عمليات الشراء الكبرى انتظارًا لاستقرار الأسعار.
ويرى خبراء الاقتصاد أن استمرار ارتفاع الأسعار العالمية قد يدفع السوق المحلي إلى مزيد من الارتفاع التدريجي في الأسابيع القادمة.
على المستوى الدولي، تتأثر أسعار النحاس بعوامل متعددة أبرزها معدلات الإنتاج في دول مثل تشيلي والكونغو، اللتين تعدان من أكبر المنتجين عالميًا، بالإضافة إلى الطلب المتزايد من الصين، التي تستحوذ على نسبة كبيرة من الاستهلاك العالمي.
كما تلعب أسعار النفط دورًا غير مباشر في تحديد اتجاه أسعار المعادن، إذ ترتبط تكاليف التعدين والنقل بأسعار الطاقة بشكل وثيق.
وفي ظل هذه الظروف، تتابع الأسواق العالمية بحذر بيانات الاقتصاد الكلي ومؤشرات التصنيع العالمية، باعتبارها مؤشرات رئيسية لتوجه أسعار النحاس خلال المدى القصير والمتوسط.
ومع توقعات بعض المؤسسات المالية بارتفاع الطلب على المعادن خلال عام 2026 مدفوعًا بالتحول نحو الطاقة النظيفة ومشروعات البنية التحتية، يُرجح أن يظل النحاس محتفظًا بأهميته كأحد أبرز المؤشرات الدالة على صحة الاقتصاد العالمي.







