شهد ملف الإيجار القديم في مصر تطورات جوهرية خلال الفترة الأخيرة، مع بدء تطبيق القانون الجديد الذي يستهدف إعادة ضبط العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر بما يضمن تحقيق قدر من العدالة للطرفين، والحفاظ على الثروة العقارية، وتعزيز موارد الدولة من خلال ضبط القيمة الإيجارية.
ويعتمد القانون الجديد على آلية واضحة لتقييم الشقق الخاضعة لنظام الإيجار القديم، من خلال لجان مختصة تتولى حصر العقارات وتصنيفها وفقًا لمجموعة من المعايير الفنية والخدمية، وصولًا إلى تحديد القيمة الإيجارية العادلة التي ستسري خلال السنوات الانتقالية المقبلة.
تبدأ عملية التقييم بتشكيل لجان في كل محافظة تتولى حصر الوحدات القديمة ومراجعة حالتها وموقعها ومستوى خدمات المنطقة المحيطة بها.
وتعمل هذه اللجان وفق منهجية موحدة تعتمد على تصنيف المناطق إلى ثلاث فئات رئيسية: متميزة، متوسطة، واقتصادية.
ويستند هذا التصنيف إلى عدة عناصر أهمها موقع العقار وطبيعة الشارع الذي يقع فيه، سواء كان رئيسيًا أو جانبيًا، ومدى قربه من مراكز الخدمات والطرق الرئيسية.
كما تؤخذ جودة البناء والتشطيب في الاعتبار، إلى جانب توفر المرافق الأساسية مثل المياه والكهرباء والغاز، ومدى كفاءة شبكات الصرف الصحي.
وتشمل عملية التقييم أيضًا مراجعة البنية التحتية بالمنطقة مثل سهولة الوصول ووسائل النقل، إضافة إلى الخدمات الصحية والتعليمية المتاحة ونمط التنمية العمرانية.
وتعتمد اللجان كذلك على القيمة الإيجارية الضريبية المعتمدة للعقارات في المنطقة ذاتها، والتي تُعد مؤشرًا يساعد في الوصول إلى قيمة عادلة للإيجار الجديد.
وبعد انتهاء الحصر وإعلان التصنيف الرسمي للمناطق، يتم تطبيق القيم الإيجارية الجديدة وفقًا للفئة التي تنتمي إليها كل وحدة.
ففي المناطق المتميزة يرتفع الإيجار إلى عشرين ضعف القيمة القديمة، على ألا يقل عن ألف جنيه شهريًا.
أما في المناطق المتوسطة فيتم احتساب الإيجار الجديد بواقع عشرة أضعاف القيمة القديمة، بحد أدنى أربعمئة جنيه شهريًا.
وفي المناطق الاقتصادية يتم اعتماد عشرة أضعاف القيمة القديمة أيضًا، لكن بحد أدنى مئتين وخمسين جنيهًا.
وخلال الفترة التي تسبق إعلان التصنيف النهائي، يلتزم المستأجر بسداد قيمة مؤقتة تبلغ مئتين وخمسين جنيهًا شهريًا لحين انتهاء اللجان من أعمالها.
وبعد اعتماد القيمة الرسمية، يتم احتساب الفروقات بين القيمة المؤقتة والإيجار الفعلي المستحق، على أن تُسدد هذه الفروقات على أقساط شهرية تتناسب مع مدة الفترة التي تراكمت خلالها.
كما يقر القانون زيادة سنوية بنسبة خمسة عشر في المئة على القيمة الإيجارية الجديدة طوال فترة الانتقال التي تمتد سبع سنوات للوحدات السكنية وخمس سنوات للوحدات غير السكنية، بهدف الوصول تدريجيًا إلى قيمة إيجارية أكثر عدالة تعكس واقع السوق ومستوى الخدمات.
وبذلك يسعى القانون الجديد إلى تحقيق توازن واقعي بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين، مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي للسكن، وضمان عدم تعرض أي طرف لضرر مفاجئ، فضلًا عن تحسين جودة العقارات والخدمات في مختلف المناطق السكنية.




