المصدر :الاقتصادية
عندما اجتمع مجلس إدارة نيسان الأسبوع الماضي في أعقاب عملية هروب كارلوس غصن العجيبة من اليابان، حانت اللحظة ليصبح الرئيس التنفيذي الجديد، ماكوتو أوشيدا، في مركز الصدارة.
بدلا من ذلك، تم تقديم العرض التوضيحي الحاسم من قبل أشواني جوبتا الرجل الثاني في الشركة. استمع الرئيس الذي يصفه بعض الزملاء بأنه “غير مرئي” بهدوء، إلى جانب أعضاء مجلس الإدارة الآخرين.
هذا النهج المتواضع يثير انتقادات من بعض العاملين في الشركة، الذين يقولون إنه قد يصلح في شركات صناعية أخرى – لكن ليس في “نيسان” التي هي بحاجة إلى قائد قوي وحاسم يمكنه منع الفصائل المتحاربة من تقسيم الشركة.
بعد شهرين فقط من توليه المنصب، هناك شكوك بين بعض المسؤولين التنفيذيين في الشركة حول ما إذا كان أوشيدا هو الرجل المناسب لحل أزمة المجموعة، التي لا يزال عليها حل مشكلات مع شريكتها “رينو” الفرنسية.
منذ فترة حلت مجموعة قيادية جديدة مؤلفة من ثلاثة رجال باعتبارها “فريقا واحدا” من أجل وضع نهاية حاسمة لعصر غصن الدكتاتوري وتحقيق استقرار في الأعمال.
لكن شقاقا نشأ بين الرئيس التنفيذي وكبير الإداريين التشغيليين، جوبتا، بحسب ثلاثة أشخاص مقربين من مجلس إدارة الشركة، بينما غادر العضو الثالث الشركة في كانون الأول (ديسمبر).
وفي الوقت الذي يستعد فيه تحالف “رينو” و”نيسان” و”ميتسوبيشي” للاجتماع يوم الخميس في اليابان، يحتاج أوشيدا إلى البدء في تولي المسؤولية، كما يقول المطلعون، إذ يعتمد مستقبل الشركة على ما إذا كان بإمكانه إيقاف تراجع المبيعات في جميع أنحاء العالم وإحياء الروح المعنوية المتدنية، في الوقت الذي يتعرض فيه إلى انتقادات مستمرة من رئيس مجلس الإدارة المخلوع، غصن، في لبنان.
شركة رينو، بقيادة رئيس مجلس الإدارة، جان دومينيك سنيار، ستسعى في الاجتماع إلى بث روح جديدة في الشراكة المستمرة منذ 20 عاما مع “نيسان”، من خلال مجموعة من المشاريع المشتركة الجديدة التي تهدف إلى تقريب الشركتين من بعضهما بعضا، وفي الوقت نفسه احترام استقلالهما أيضا.
يوم الثلاثاء الماضي عينت شركة صناعة السيارات الفرنسية المسؤول التنفيذي السابق في شركتي “فولكسفاجن” و”فيات”، لوكا دي ميو، رئيسا تنفيذيا جديدا للشركة، على الرغم من أنه لن يتولى المنصب لعدة أشهر.
شخص مقرب من سينار نفى وجود أي خلافات في قمة “نيسان” أو التحالف. قال إن سينار، وأوشيدا، وجوبتا، والرئيسة التنفيذية المؤقتة لشركة رينو، كلوتيلد ديلبو، والشريكة الثالثة في التحالف “ميتسوبيشي”، عملوا معا بشكل جيد وكانوا يتواصلون يوميا.
منذ البداية، اختيار أوشيدا، الرئيس السابق لأعمال الشركة في الصين البالغ من العمر 53 عاما، كان مثيرا للجدل. كان كثيرون داخل شركة نيسان يرون أن أقوى المنافسين على منصب الرئيس التنفيذي هو جون سيكي، خبير التحول الذي سرقته شركة التوريد “نيديك” ـ تتعامل معها شركة أبل ـ في كانون الأول (ديسمبر). سيكي أيضا هو الربيب الموثوق لهيروتو سايكاوا، الذي استقال من منصبه الرئيس التنفيذي في أيلول (سبتمبر) بعد أن أثبتت نتائج بحث داخلية أنه تلقى أجورا مفرطة.
بعد الإعلان الداخلي الأولي عن خلفاء سايكاوا من قبل لجنة الترشيح، كان سيكي قد حصل على الدعم الأكبر، بينما جوبتا، المسؤول التنفيذي السابق في شركة رينو، المولود في الهند، جاء في المرتبة الثانية. أوشيدا لم يحصل على أي دعم.
لكن وفقا لأشخاص على معرفة بإجراءات الترشيح، انحدرت العملية إلى منافسة شرسة، أطلقت فيها مزاعم غير صحيحة بسوء السلوك الشخصي والمهني على كثير من المرشحين من قبل الفصائل المتنافسة داخل الشركة.
رئيس مجلس إدارة شركة رينو، سينار، الذي كان يفضل جوبتا، عارض ترشيح سيكي واستقر التصويت الرسمي على أوشيدا، غير المعروف، مرشح حل وسط.
أثار تدخل سينار بعض المرارة بين المسؤولين التنفيذيين في “نيسان” حيث من المفترض أن تكون عملية الترشيح، التي تم تطبيقها بعد اعتقال غصن في أواخر عام 2018، مستقلة. “نيسان” و”رينو” رفضتا التعليق على عملية الترشيح.
تم اختيار مسؤول تنفيذي آخر في شركة نيسان لشغل المنصب الثالث الذي كان يشغله سيكي. لكن أشخاصا مقربين من الإدارة يقولون إن الفريق الجديد لا يزال منقسما بسبب العقلاقة الوثيقة بين أوشيدا ومُشرفه السابق، ياسوهيرو ياماوتشي، الذي لا يزال في مجلس الإدارة بعد تنحيه عن منصب الرئيس التنفيذي المؤقت.
قال أحدهم: “الشخص الذي ينبغي أن يعتمد عليه أوشيدا أكثر من غيره هو جوبتا، لكن أين هو ’الفريق الواحد‘ الذي تعهد به إذا كان يتشاور فقط مع ياماوتشي”.
نفت شركة نيسان وجود أي توترات، وقالت إن أوشيدا وجوبتا “يعملان معاً بشكل وثيق لقيادة الشركة من أجل إعادة بناء أداء نيسان والثقة في الشركة”.
لكن النقاد يقولون إن أوشيدا صب الزيت على النار من خلال الوقوف مع مُرشده في الوقت الذي كان فيه كبار المسؤولين يتنافسون بالفعل على حزم التقاعد لمجموعة من المسؤولين التنفيذيين السابقين الذين أزيحوا في الاضطرابات التي تلت إلقاء القبض على غصن.
أدى الاقتتال الداخلي إلى تدقيق في عمل لجنة التعويضات المُشكلة حديثا. اقترح رئيس اللجنة، كيكو إيهارا، منح دفعات كاملة تستند إلى الأداء لياماوتشي ومسؤول تنفيذي آخر مرتبط بسقوط غصن، على الرغم من انهيار الأرباح وسعر السهم في “نيسان”.
حتى الآن لم يتم إبلاغ مجلس الإدارة بالاقتراح، الذي وافقت عليه اللجنة رسميا، بحسب ما قال شخصان مطلعان على العملية.
هناك أيضا شكوك متزايدة داخل مجلس الإدارة فيما يتعلق بالمهارات القيادية لأوشيدا. خلال رحلة إلى عمليات “نيسان” المتعثرة في الولايات المتحدة في كانون الثاني (يناير)، كان جوبتا هو الذي خاطب الموظفين في عدد من المصانع وفي مركز أبحاث “نيسان” في ميشيغان، بينما تحدث أوشيدا إلى تجمع موظفين في ناشفيل ومتاجر التجزئة التابعة للشركة.
الاجتماعات مع الوكلاء، التي تعد مهمة لإحياء حظوظ العلامة التجارية في أكبر أسواقها، لم تحظ باستقبال جيد. بدلا من الاعتذار عن الاستراتيجيات السابقة التي شهدت تشويها كبيرا لصورة العلامة التجارية، كرر الرئيس التنفيذي الجديد توجيهات الإدارة السابقة، وسأل الموظفين عن سبب عدم بيعهم مزيدا من السيارات بهوامش ربح أكبر.
قال شخص مطلع على تفاصيل الرحلة: “لم يكن هناك أي ندم على الإطلاق”.
وترددت مزاعم أيضا بأن أوشيدا كان في “وضع الاستماع”، وهو أسلوب استقبلته بشكل سيئ متاجر التجزئة التي تبحث عن اتجاه جديد من القائد الجديد.
يقول المقربون من أوشيدا، وزملاء سابقون، إن الرئيس التنفيذي الجديد يعمل بجد واجتهاد، وأن شفافية مناقشات مجلس الإدارة زادت في عهده.
آخرون يقولون إن أوشيدا الذي أظهر القليل من العاطفة عندما سمع خبر مغادرة سيكي، هو أيضا منعزل ومن الصعب فهمه. قال أحد الأشخاص: “اندفع فجأة إلى منصب الرئيس التنفيذي. يشعر الناس بالقلق حول ما إذا كان أوشيدا يستطيع توحيد فريق الإدارة الجديد”.
أحد الذين عملوا معه في الصين قال إنه لم يكن يرى في أوشيدا رئيسا تنفيذيا فعليا على الإطلاق، خلافا لسيكي الذي تم إعداده للمنصب الأعلى.
لكن عندما كان رئيسا لقسم المشتريات المشترك لـ”رينو” و”نيسان”، كسب أوشيدا احترام الجانب الفرنسي من الشراكة، وهو أمر جعله يبدو رهاناً آمناً للمجموعة المؤيدة للتحالف داخل الشركتين.
في التصريحات العامة حتى الآن وفي مقابلات مع سينار قبل تعيينه، تحدث أوشيدا عن إعادة بناء التحالف. لكن لم يتم قط اختبار ولائه للكيان الذي بناه غصن بالكامل، بينما عجلت مجموعة من كبار المسؤولين التنفيذيين داخل “نيسان” بوضع مخطط طوارئ سري لاحتمال الانفصال عن “رينو”، ما يجعل مستقبل الشراكة موضع شك كبير.
بالنسبة للذين يتوقون للحصول على اتجاه، فإن تحول أوشيدا من “وضع الاستماع” إلى وضع القيادة لا يُمكن أن يأتي في وقت قريب بما فيه الكفاية.
الأبطال الرئيسيون
ماكوتو أوشيدا، الرئيس التنفيذي لشركة نيسان: عمل الرئيس السابق لعمليات “نيسان” في الصين، وفي قسم المشتريات المشترك لـ”نيسان” و”رينو”. القدرة على العمل مع شريك فرنسي وتوحيد المسؤولين التنفيذيين اليابانيين ستكون مهمة لنجاحه في تحويل الشركة.
أشواني جوبتا، كبير الإداريين التشغيليين في “نيسان”: عمل المسؤول التنفيذي الطموح المولود في الهند، البالغ من العمر 49 عاما، في جميع أقسام الشركات الثلاث في التحالف، وكان آخرها منصب كبير الإداريين التشغيليين في “ميتسوبيشي”. قاد سابقا وحدة السيارات التجارية الخفيفة في التحالف.
جون سيكي، خبير التحول السابق في “نيسان”: كان الرئيس السابق لفرع الشركة في الصين يعد المرشح الأقوى لمنصب الرئيس التنفيذي بعد تكليفه بالدور الحيوي المتمثل في الإشراف على خطة انتعاش الشركة في أيار (مايو) الماضي. غادر شركة نيسان بعد ثلاثة عقود ليصبح الرئيس التنفيذي المستقبلي لشركة التوريد “نيديك”. ياسوهيرو ياماوتشي، الرئيس التنفيذي المؤقت السابق لشركة نيسان: كبير الإداريين التشغيليين السابق هو عضو مجلس الإدارة الأقرب ومعلم رئيس “نيسان” الجديد. كان يعد فيما مضى مرشحا لمنصب الرئيس التنفيذي، لكن فترة عمله القصيرة رئيسا مؤقتا انتهت بعد توترات مع شريكة التحالف، “رينو”.
هيروتو سايكاوا، الرئيس التنفيذي السابق لـ”نيسان”: باعتباره النائب المخلص فيما مضى لكارلوس غصن، طغى على فترة ولاية سايكاوا رئيسا تنفيذيا تراجع في أرباح شركة نيسان وموجة من الفضائح المتعلقة بالشهادات. استقال في أيلول (سبتمبر) الماضي بعد ظهور تسريبات بشأن تعويضات أجور مفرطة.
جان دومينيك سينار، رئيس مجلس إدارة “رينو”: تم تعيين الرئيس التنفيذي السابق لشركة ميشلان في “رينو” في كانون الثاني (يناير) الماضي، بهدف الحفاظ على تماسك التحالف بعد اعتقال غصن. وهو عضو في مجلس إدارة “نيسان”، ويرأس أيضا لجنة إدارة التحالف التي تضم الرؤساء التنفيذيين في “رينو” و”نيسان” و”ميتسوبيشي”.