بقلم غيرهارد هارتمان، نائب رئيس قطاع الأعمال المتوسطة في سايج أفريقيا والشرق الأوسط
على مدى العقد الماضي، اتسع دور المدير المالي ليشمل القيادة الاستراتيجية والتحول الرقمي، إلى جانب الامتثال التنظيمي وحفظ السجلات المالية. كما يؤدي القادة الماليون الآن دورًا أكبر في جذب المواهب وتطويرها والاحتفاظ بها في مختلف أقسام الشركة – وليس فقط في القسم المالي.
ويمثل هذا انفصالًا عن الماضي، حين كان الاهتمام الرئيسي للمدير المالي بالمواهب والموارد البشرية نابعاً من تأثيره على المحصلة المالية النهائية. وتضافرت عدة عوامل على مدى السنوات الخمس الماضية لتسليط الضوء على مقدار القيمة التي يجب أن يضيفها المديرون الماليون إلى استراتيجية شركاتهم المتعلقة بمستقبل العمل. وأول هذه العوامل بالطبع هي أزمة كوفيد-19.
فقد سلط الوباء الضوء على الدور المركزي للأفراد في خلق قيمة مؤسسية، مما زاد من اهتمام المديرين الماليين بدور مقاييس الأفراد في تشكيل إيرادات الشركة ومحصلتها المالية النهائية. علاوة على ذلك، أظهر التحول نحو العمل المرن كيف يمكن لترتيبات العمل عن بعد أو الهجين أن تثير تساؤلات جديدة في الشركة بشأن أمن المعلومات والامتثال والإنتاجية وفرص توفير التكاليف.
كما أدى الوباء إلى تسريع اتجاه رئيسي كان ساريًا قبل عام 2020: الظهور المتزايد للحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات على أجندة أعمال الشركة. فمع توسّع العديد من المؤسسات في قياس التنوع والمساواة والشمول وإعداد التقارير حولها، يؤدي المدير المالي دورًا مهمًا بصفته أمين سجلات الشركة.
وفيما يلي خمسة اتجاهات نلحظ ظهورها بينما يتولى المدراء الماليون دورًا أكبر في رعاية المواهب وتشكيل مستقبل العمل في شركاتهم:
1. التخطيط لمجمّع المواهب
تؤلف العمالة أكبر المصروفات في معظم المؤسسات، لذا فإن المواهب تحظى باهتمام كبير من المدراء الماليين. ولكن بعيدًا عن النظر إلى الأفراد كمصروفات فقط في بيان الدخل، بدأ المديرون الماليون ذوي النظرة المستقبلية بالتفكير في دعم خطة عمل الشركة وتخصيص ميزانية لمجمّع المواهب الذي سيمكنها من زيادة تنافسيتها وإنتاجيتها. ولا يتعلق الأمر بالتكلفة فحسب – بل يتعلق أيضًا بكيفية تعزيز التفاعل والتطوير اللذين سيساعدان القوة العاملة على تحقيق أكبر قدر من القيمة.
2. حشد المواهب
يتعاون المديرون الماليون بشكل متزايد مع مديري الموارد البشرية لإنشاء مسارات مواهب تضاعف الفرص المتاحة للأفراد مع تحسين الإنتاجية واستخدام الموارد البشرية. ويمكن للموارد البشرية والشؤون المالية العمل جنبًا إلى جنب لتطوير مهارات العمل في جميع أقسام الشركة ومطابقة المواهب مع احتياجات مستقبل العمل. ومع تسارع الأتمتة، تؤدي هذه الشراكة دورًا مهمًا في تحديد العائد على استثمار المواهب وبرامج التدريب وتعليم المهارات الجديدة.
3. توفير القدرة على الفهم والرؤية
بينما ننتقل إلى عالم العمل الأكثر مرونة، يصبح قياس التكلفة والأداء أكثر تعقيدًا بالنسبة للمدراء الماليين ومديري الموارد البشرية وأقسام العمل على حد سواء. إذ بينما يعدّ تتبع نفقات العمل الهجين والعمل عن بُعد أمرًا صعبًا بحد ذاته، فإن زيادة استخدام المتعاقدين والأفراد المستقلين يزيد من تعقيد الأمور. ويعمل المديرون الماليون بشكل وثيق مع الشركة لإنشاء مقاييس لاستيعاب تكاليف العمالة المتغيرة والعائد على الاستثمار لتمكين التخطيط والتنبؤ السليم.
4. التخفيف من المخاطر
قد يؤدي العمل المرن إلى تعرض المؤسسة لمخاطر كبيرة، سواء كانت تعقيدات تتعلق بخصوصية المعلومات للأفراد الذين يعملون من المنزل، أو فروق ضريبية وتنظيمية لإدارة الأفراد الذين يعملون كمتعاقدين أو مستشارين. ويساعد المديرون الماليون في التغلب على هذه التحديات إلى جانب تلبية متطلبات الشركة ومطامح العاملين.
5. أدوات التغيير الثقافي
تضع أقسام الشؤون المالية المعيار الذهبي للتواصل مع الموظفين ورعاية المواهب في الشركات. ومن الآن فصاعدًا، يمكن للقسم المالي أن يعمل على تزويد بقية أقسام الشركة بالمواهب. وقد يشمل ذلك، التنقل ما بين الأقسام من خلال إعارة موظفي الشؤون المالية إلى أقسام أخرى في الشركة للمساعدة في إنشاء روابط بين قسم الشؤون المالية والأقسام الأخرى.