إشارات عديدة ترسلها الأسواق من أرجاء العالم المختلفة، تحذر جميعها بأن الاقتصاد العالمي بات على حافة الهاوية، وعلى بعد خطوات قليلة من ركود اقتصادي كبير.
والسؤال لم يعد حول احتمال دخول العالم في مرحلة الركود، بل أصبح “متى” سيحدث الركود.
ومع التأكيد المتكرر من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على استمراره في تشديد السياسة النقدية لأكبر اقتصاد في العالم بهدف كبح التضخم، فإن شركة الأبحاث “نيد دافيس” ترى أن فرصة حدوث ركود اقتصادي عالمي ارتفعت إلى 98 بالمئة، وهي نسبة لم تعلنها الشركة من قبل إلا في عامي 2008 و2020.
وأوضحت الشركة في تحذيرها من الركود العالمي، بحسب تقرير نشرته سي إن إن، أن التقييم الذي اعتمدت عليه يستند إلى 5 مؤشرات رئيسة.
الدولار الأميركي القوي
ازدادت قوة الدولار الأميركي بشكل كبير وبأعلى مما كانت عليه في عقدين ماضيين، بسبب اتجاه الفيدرالي الأميركي لزيادة معدلات الفائدة بقوة، ما يزيد من جاذبية العملة الخضراء، والتي تلعب دورًا كبيرًا في الاقتصاد العالمي.
وعلى الرغم من أن قوة الدولار مفيدة للأميركيين الذين يسافرون إلى الخارج، إلا أنها تعتبر مشكلة لدول العالم الأخرى، فهي تزيد من تكلفة استيراد المواد الأساسية، كالغذاء والوقود، كما تؤثر على العملات الأخرى، فقد تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني، واليورو واليوان الصيني والين الياباني مقابل الدولار.
كما تؤثر قوة الدولار أيضا على استقرار مؤشرات الأسهم في وول ستريت، فوفقا لتقرير صدر عن “مورغان ستانلي”، فإن كل ارتفاع بنسبة 1 بالمئة في مؤشر الدولار له تأثير سلبي على أرباح مؤشر “ستاندرد اند بورز 500” بنسبة 0.5 بالمئة.
تعطل المحرك الرئيسي لاقتصاد أميركا
يعتبر الانفاق المحرك الرئيسي لاقتصاد الولايات المتحدة، إلا أن ارتفاع أسعار كل السلع تقريبًا خلال العام، في ظل عدم مواكبة الأجور، أبطأ من وتيرة الاستهلاك.
وعلى الرغم من أن ارتفاع الفائدة يقابله بشكل عام انخفاض في التكاليف، إلا أن المستثمرين يواجهون صعوبات مزدوجة تتمثل في زيادة الأسعار والفوائد المرتفعة للاقتراض.
الشركات بأكبر اقتصادات العالم
الأعمال التجارية في الولايات المتحدة كانت مزدهرة خلال العام الحالي، وذلك برغم زيادة معدلات الفائدة.
ولكن في منتصف شهر سبتمبر الماضي، أصدرت شركة “فيديكس” تقريرا صادمًا يوضح مراجعتها بالتخفيض لإيرادات وأرباح الشركة المتوقعة، والتي قد تشهد تراجعًا بأكثر من 40 بالمئة نتيجة للركود العالمي الذي يلوح في الأفق.
كما قررت شركة أبل إلغاء خططها الهادفة لزيادة إنتاج “آيفون 14” بسبب ضعف الطلب مقارنة بالتوقعات.
مؤشرات الأسهم الأميركية
في عام 2021، شهدت أسواق الأسهم الأميركية ارتفاعات كبيرة، حيث قفز مؤشر “ستاندرد اند بورز 500” بنسبة 27 بالمئة خلال العام.
إلا أن أداء المؤشرات هذا العام كان مختلفًا تماما، وذلك بسبب معدلات التضخم بالغة الارتفاع التي تشهدها أميركا، ما تسبب في تخلي الفيدرالي الأميركي عن سياسة شراء السندات التي دعمت السوق في 2021، ورفع معدلات الفائدة.
ويتجه المؤشر، والذي تراجع بنحو 24 بالمئة منذ بداية العام، لتسجيل أسوأ أداء منذ عام 2008.
المملكة المتحدة
يعاني اقتصاد بريطانيا من مشكلات عديدة اقتصادية ومالية وسياسة، فضلا عن تأثيرات سلبية انعكست بشكل مباشر على البلاد، والتي تتمثل في تبعات وباء كورونا وأزمة سلاسل التوريد والحرب في أوكرانيا.
وعقب أن تولت ليز تراس رئاسة الحكومة البريطانية، أعلنت عن خطة تهدف لخفض الضرائب على البريطانيين لتشجيع الإنفاق والاستثمار، على أن تستدين الحكومة لتمويل الفجوة الضريبية.
وكانت خطة تراس تتعارض بشكل مباشر مع سياسة بنك إنجلترا المتشددة، والذي يرفع من معدلات الفائدة بهدف كبح التضخم، ما زاد من مخاوف المستثمرين وأدى لتراجع الجنيه الإسترليني إلى مستوى قياسي منخفض أمام الدولار.
كما يعاني البريطانيون من أزمة تتمثل في ارتفاع تكاليف المعيشة، وذلك بسبب زيادة التضخم بمعدلات هي الأعلى ضمن مجموعة دول السبع، ما يزيد من مخاوف الأفراد حول ارتفاع تكاليف الاقتراض، مع استمرار المركزي البريطاني في رفع معدلات الفائدة.