تتوقع “ألبن كابيتال”، شركة الاستشارات المصرفية والاستثمارية ومقرها الإمارات، في أحدث تقرير لها عن صناعة التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي، أن تسجل إجمالي أقساط التأمين المكتتبة في المنطقة نمواً بمعدل سنوي مركب قدره 5.3 % لتصل إلى 44.4 مليار دولار بحلول عام 2028. ومن المتوقع أن تنمو شريحة التأمين على غير الحياة بمعدل سنوي مركب 5.4 % خلال الأعوام 2023 و2028 لتصل إلى 39.6 مليار دولار، لتشكّل ما نسبته 89.2 % من إجمالي الأقساط المكتتبة في المنطقة بحلول 2028.
ويوفر التقرير نظرة شاملة حول قطاع التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي، ويسلط الضوء على الاتجاهات الحديثة ومحركات النمو والتحديات التي تواجهه. كما يذكر أيضاً عدداً من شركات التأمين الكبرى في المنطقة.
وجرى إطلاق التقرير خلال ندوة افتراضية تلتها جلسة نقاشية ضمت كلاً من “فريد لطفي”، الأمين العام لـ”جمعية الإمارات للتأمين”، و”سونيل كوهلي”، الرئيس التنفيذي لشركة ظفار للتأمين ش.م.ع.ع، و”كريشنا داناك”، العضو المنتدب لدى “ألبن كابيتال”، فيما تولى إدارة الجلسة “حميد نور محمد”، العضو المنتدب لدى “ألبن كابيتال”.
وتقول “سمينا أحمد”، العضو المنتدب لدى “ألبن كابيتال”: “شهدت صناعة التأمين في منطقة الخليج نمواً متواصلاً خلال الأعوام الأخيرة، ويرجع الفضل في ذلك إلى الانتعاش الاقتصادي في أعقاب التباطؤ الناجم عن جائحة كوفيد 19، وكذلك التطبيق الناجح للتأمين الصحي الإلزامي عبر كافة دول مجلس التعاون الخليجي. ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة هذا النمو الإيجابي على المدى الطويل، مدعوماً بمبادرات التنويع الاقتصادي المستدامة، والزيادة السكانية، ومشاريع تطوير البنية التحتية الضخمة في المنطقة. ويركز المشرّعون وشركات التأمين في منطقة الخليج على تحسين الكفاءة التشغيلية، وتعزيز تجارب المتعاملين، وتنويع عروض المنتجات التأمينية بالتعاون مع الشركات المتخصصة في تكنولوجيا التأمين. وتعمل تكنولوجيا التأمين أيضاً على تمكين شركات التأمين من توفير منتجات مخصصة تُلبي المتطلبات الفردية، بما يؤدي إلى زيادة الطلب على التأمين”.
وقال “كريشنا داناك”، العضو المنتدب لدى “ألبن كابيتال”: “شهدت صناعة التأمين في منطقة الخليج طفرة في أنشطة الاندماج والاستحواذ خلال الأعوام القليلة الماضية، ومردّ ذلك الخطط الاستراتيجية التي وضعها المشرّعون لتوسيع حضورهم الجغرافي، والتغييرات التنظيمية، والنفقات التشغيلية المتزايدة، والضغوط التنافسية وندرة تراخيص التأمين المتاحة. وتتطلع شركات التأمين الإقليمية إلى الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وانترنت الأشياء، والبلوكتشين من أجل تطوير المنتجات بهدف تعزيز خدمة العملاء، وتمكين الرصد اللحظي للمطالبات ومنع المطالبات الاحتيالية. ونشهد أيضاً اهتماماً في صفقات الدمج والاستحواذ العابرة للحدود الصادرة ضمن منطقة الشرق الأوسط من لاعبين في منطقة الخليج العربي إلى جانب اهتمام من لاعبين استراتيجيين بدخول أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. ومن المتوقع أن تكتسب صفقات الدمج والاستحواذ في المنطقة زخماً خلال المرحلة المقبلة، ونتوقع تركيزاً متزايداً على إبرام شراكات تعاونية مع شركات متخصصة في تكنولوجيا التأمين لابتكار نماذج جديدة وتعزيز الكفاءة التشغيلية”.
وبحسب “ألبن كابيتال”، من المتوقع أن ينمو سوق التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل نمو سنوي قدره 5.3 %، ليصل إلى 44.4 مليار دولار في العام 2028 مقارنة بـ34.3 مليار دولار في عام 2023. ولا تزال آفاق النمو مواتية، مدفوعة بالنمو الاقتصادي المرن، والزيادة المطردة في عدد السكان، وتزايد الحاجة للتأمين الصحي والتأمين على الحياة، ومشاريع تطوير البنية التحتية الجارية. ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الأقساط المكتتبة للتأمين على الحياة بمعدل سنوي مركب يبلغ 4.0 %، ارتفاعاً من 3.9 مليار دولار في العام 2023 إلى 4.8 مليار دولار في العام 2028. وفي ذات الوقت، من المقدّر أن تنمو شريحة التأمين على غير الحياة في دول مجلس التعاون بمعدل سنوي مركب قدره 5.4 %، لتصل إلى 39.6 مليار دولار في عام 2028 مقارنة بـ30.4 مليار دولار في عام 2023. ومن المتوقع أن يكون هذا النمو مدفوعاً في المقام الأول بتوسع قطاع السياحة ومجموعة قوية من المشاريع العقارية في مراحل مختلفة من الإنجاز عبر المنطقة. ويتوقع أن ترتفع كثافة التأمين من 597.6 دولار في العام 2023 إلى 699.5 دولار في العام 2028، في حين من المتوقع أن يشهد تغلغل التأمين تغيراً بشكل هامشي خلال الفترة ذاتها.
وتجاوزت المملكة العربية السعودية دولة الإمارات لتصبح أكبر سوق للتأمين في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2022، ويرجع ذلك إلى مشاريع تطوير البنية التحتية الضخمة وتزايد الطلب على التأمين على السيارات والتأمين الطبي. وتتنبأ “ألبن كالبيال” باستمرار هذا الاتجاه، متوقعةً نمواً بمعدل سنوي مركب يبلغ 5.8 % للمملكة العربية السعودية خلال الأعوام 2023 و2028. ومن المتوقع أن يسجل سوق التأمين في الإمارات نمواً سنوياً مركباً 4.9 %، بينما يتوقع أن تشهد الكويت أعلى نسبة نمو خليجياً بمعدل سنوي مركب 6.4 %، ويُعزى ذلك إلى النمو السكاني المطرد خلال الأعوام 2023 و2028 وزيادة الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية.
ويُسلط التقرير الضوء على زخم النمو المستدام المدفوع بالطلب المحلي المتزايد، ومبادرات الإصلاح الجارية، وازدهار السياحة، وانتعاش سوق الهيدروكربونات، باعتبارها عوامل تدفع عجلة النمو في صناعة التأمين. وإضافة لذلك، من المتوقع أن ترفع استراتيجيات التنويع الاقتصادي حجم الإنفاق على مشاريع البنية التحتية المستدامة والبديلة، وبالتالي زيادة الأصول القابلة للتأمين في المنطقة. ويتهيـأ سوق التأمين الخليجي للاستفادة من الزيادة السكانية التي من المتوقع أن تصل إلى 63.4 مليون نسمة بحلول العام 2028، لتمثل معدل نمو مركب قدره 2.0 % منذ العام 2023. كما من المرجح أن يسهم التوسع الجاري في خطوط التأمين الصحي الإلزامي وتأمين الأعمال التجارية بزيادة الطلب على منتجات التأمين، بما يحفّز النمو الإجمالي لصناعة التأمين.
ومع ذلك، لا تخلو الصناعة من التحديات. حيث إن الطبيعة المجزأة لسوق التأمين والمنافسة العالية فيه، من شأنها أن تعزز المنافسة السعرية لاستقطاب الأعمال، مما يشكل تهديداً لهوامش الربح لشركات التأمين. ويطرح اعتماد المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية الجديد (IFRS 17)أُطر محاسبية معقدة، مما يُجبر شركات التأمين على تغيير عملياتها الحالية بشكل كبير، وهذا يمثل تحدياً بصفة خاصة للشركات المتوسطة الحجم. وعلاوة على ذلك، من المحتمل أن يؤدي ارتفاع معدلات التحمل وتقوية سوق إعادة التأمين إلى تعطيل نماذج الأعمال والتأثير سلباً على إيرادات إعادة التأمين وهوامش الاكتتاب لشركات التأمين. وقد يؤثر تضخم المطالبات وزيادة معدلات الضرائب على خطوط الأعمال الجوهرية، لا سيما في شرائح التأمين على المركبات والتأمين الصحي التي تستأثر بجزء كبير من إجمالي الأقساط المكتتبة لشركات التأمين في منطقة الخليج.
ويذكر التقرير أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر من أوائل الدول التي تبنت التحول الرقمي العالمي، الذي قدم فرصاً كبيرة لشركات التأمين لتطوير نظام إيكولوجي رقمي يُعزز تجربة المتعاملين ويُخفض تكاليف استقطاب العملاء. ولبناء نظام إيكولوجي أكثر أماناً، تعطي الحكومات الخليجية الأولوية لحماية البيانات الشخصية، بما يسهم في خلق فرص لطرح منتجات جديدة مثل التأمين السيبراني. ويسهم تركيز المنطقة على الرقمنة في خلق فرص عديدة لشركات تكنولوجيا التأمين لإعادة تشكيل ملامح صناعة التأمين باستخدام التكنولوجيا والبيانات والمنهجيات المرتكزة على العملاء. وإضافة لذلك، تشهد المنطقة زيادة في الطلب على تأمين الائتمان، مدفوعة بتعقيدات التجارة العالمية وحالة عدم اليقين الاقتصادي.
وجدير بالذكر أن صناعة التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي تشهد تحولاً ملموساً، بدعم من الظروف الديموغرافية المواتية، والنمو الاقتصادي القوي، وطرح التأمين الصحي الإلزامي، والتطورات التكنولوجية، وتنامي الطلب على المنتجات المبتكرة. ويزداد سوق التأمين في المنطقة نضجاً، حيث تسعى اللوائح الحكومية الداعمة باستمرار إلى تعزيز كل من البيئة التشريعية والكفاءة التشغيلية من أجل ضمان نموذج أعمال مستدام.
