أداء سوق الذهب في مصر خلال الأسبوع الماضي، حيث شهدت الأسعار انخفاضًا ملحوظًا متأثرة بتراجع الأوقية عالميًا وتقلبات سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار. كما يلقي الضوء على العوامل المؤثرة في السوق العالمية، مثل البيانات الاقتصادية الأمريكية والقرارات المحتملة للفيدرالي، بالإضافة إلى المشهد الجيوسياسي وتأثيره على جاذبية الذهب كملاذ آمن.
شهدت أسعار الذهب في السوق المصرية خلال الأسبوع الماضي موجة هبوط ملحوظة، متأثرة بتراجع الأوقية عالميًا، وسط حالة من الضبابية السياسية والاقتصادية.
أظهر تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» أن أسعار الذهب محليًا هبطت بنسبة 1.7%، أي ما يعادل 80 جنيهًا لعيار 21، لينخفض من 4620 إلى 4540 جنيهًا للجرام، كما تراجعت الأوقية في البورصة العالمية بنسبة 1.8% لتسجل 3336 دولارًا، مقابل 3397 دولارًا.
وأوضح سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، أن سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ 5189 جنيهًا، وعيار 18 سجل 3891 جنيهًا، وعيار 14 وصل إلى 3027 جنيهًا، فيما بلغ سعر الجنيه الذهب نحو 36320 جنيهًا.
وأكد أن تراجع الدولار أمام الجنيه المصري كان العامل الأبرز في هبوط الأسعار، لافتًا إلى أن تأثير كل جنيه زيادة أو انخفاضًا في سعر الصرف يعادل نحو 50 جنيهًا في أسعار الذهب محليًا، بينما يوازي كل تغير قدره 10 دولارات في سعر الأوقية العالمية نحو 6 جنيهات فقط في السوق المحلي.
وأشار إمبابي إلى أن مبيعات الذهب شهدت ركودًا نسبيًا خلال الأسابيع الأخيرة مع تراجع القدرة الشرائية، مقابل زيادة في عمليات إعادة البيع بهدف توفير السيولة، وهو ما دفع بعض التجار للتوجه نحو تصدير الخام.
الجنيه المصري والدولار: عام التقلّبات
شهد عام 2025 تقلبات حادة في سعر الصرف، إذ تجاوز الدولار 51.7 جنيهًا في أبريل بفعل التضخم وضعف التدفقات الأجنبية، قبل أن يتراجع إلى حدود 48 جنيهًا في أغسطس بعد إجراءات إصلاحية مدعومة من صندوق النقد الدولي واستثمارات خليجية ساعدت في تعزيز الاحتياطي الأجنبي.
وارتفعت أسعار الذهب بالأسواق المصرية، بمقدار 800 جنيه وبنسبة 21.4 % منذ بداية العام، في حين ارتفعت الأوقية بالبورصة العالمية بمقدار 712 دولارًا، وبنسبة 27 % خلال نفس الفترة.
السوق العالمية: أسبوع مضطرب
عالميًا، سجّل الذهب أكبر انخفاض أسبوعي منذ يونيو الماضي، متأثرًا بالبيانات الاقتصادية الأمريكية المتباينة والتصريحات المتناقضة بشأن الرسوم الجمركية على السبائك، فقد بدأت التداولات بعمليات بيع واسعة عقب توضيحات الإدارة الأمريكية حول تعريفات الذهب، قبل أن تمنح بيانات التضخم الأضعف من المتوقع الأسعار بعض الدعم عبر تعزيز رهانات خفض الفائدة في سبتمبر، لكن بيانات أسعار المنتجين (PPI) جاءت قوية، لتعيد المخاوف من استمرار ضغوط التضخم وتضعف التوقعات بتحرك سريع للفيدرالي.
الفيدرالي والدولار
تراجع مؤشر الدولار الأمريكي 0.37% إلى 97.83 نقطة متأثرًا بتراجع ثقة المستهلك وارتفاع توقعات التضخم، غير أن ارتفاع عوائد السندات حدّ من مكاسب الذهب.
وتُظهر أداة «CME FedWatch» أن الأسواق تسعّر احتمالًا يقارب 95% لخفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في سبتمبر، فيما تراجعت توقعات الخفض الأكبر (نصف نقطة) بعد صدور بيانات التضخم الأخيرة.
المشهد الجيوسياسي: قمة بلا نتائج
على الصعيد السياسي، انعقدت القمة الأمريكية الروسية بين الرئيس دونالد ترامب ونظيره فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا دون التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في أوكرانيا، رغم وصفها بـ«المثمرة»، وظل الغموض الجيوسياسي عامل دعم رئيسيًا للذهب كملاذ آمن، بجانب رهانات السياسة النقدية التيسيرية في الولايات المتحدة.
التوقعات المستقبلية
توقع محللو بنك ANZ أن تتزايد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية خلال النصف الثاني من العام، ما سيعزز جاذبية الذهب كملاذ استثماري، مع الإشارة إلى استمرار الاتجاه الصعودي للمعدن بدعم من احتمالية فرض رسوم جديدة، وتباطؤ النمو العالمي، واتجاه أكثر مرونة للفيدرالي.
وتترقب الأسواق سلسلة من البيانات الأمريكية المهمة خلال الأسبوع المقبل، تشمل تصاريح البناء وبدايات المساكن، ومحضر اجتماع الفيدرالي لشهر يوليو، بالإضافة إلى خطابات عدد من المحافظين، وبداية مؤتمر «جاكسون هول»، وخطاب رئيس الفيدرالي جيروم باول.