من غير المرجح أن يحمل قرار بنك إنجلترا لشهر سبتمبر مفاجآت كبيرة. وعلى عكس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يركز على وتيرة التيسير المستقبلي، يواجه بنك إنجلترا تحديًا مزدوجًا يتمثل في تباطؤ النمو واستمرار التضخم المرتفع. السيناريو الأكثر ترجيحًا هو تثبيت سعر الفائدة عند 4.0%، مع لهجة تشير إلى ضعف الاقتصاد دون تقديم وعود واضحة بخفض سريع للفائدة.
النظرة المستقبلية لا تزال غير مستقرة رغم استمرار التضخم
البيئة الاقتصادية العامة شهدت مزيدًا من التراجع. فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي لشهر يوليو نموًا صفريًا، وانخفض متوسط الثلاثة أشهر إلى 0.2%، مما يعكس هشاشة التعافي. يعود معظم هذا الضعف إلى قطاعي الإنتاج والبناء، بينما يواصل قطاع الخدمات دعم النمو المحدود. هذا التفاوت يعزز الشعور بأن السياسة النقدية لا تزال مقيدة حتى دون رفع إضافي للفائدة، حيث النشاط الاقتصادي ضعيف، لكن التضخم لم يُحل بالكامل بعد.
قبل الاجتماع، تصدر بيانات مهمة تشمل سوق العمل (صدرت صباح اليوم) ومؤشر أسعار المستهلكين (CPI) يوم الأربعاء. وبما أن هذه البيانات تصدر قبل التصويت بـ24–48 ساعة، فمن غير المرجح أن تؤثر على القرار نفسه، لكنها ستؤثر على نبرة البيان ومحضر الاجتماع. سوق العمل يبدو مستقرًا، مع بقاء معدل البطالة عند 4.7%. أما الأجور، وخصوصًا في قطاع الخدمات، فهي مصدر رئيسي للضغوط التضخمية، لذا فإن تراجعها الطفيف من 5% إلى 4.8% قد يعزز ثقة البنك في أن الضغوط السعرية بدأت بالانخفاض بشكل مستدام.
التضخم لا يزال يمثل التحدي الأكبر
معدل التضخم العام عند 3.8% لا يزال أعلى بكثير من الهدف البالغ 2%، واستمرار التضخم في قطاع الخدمات يثير مخاوف دورية من “الركود التضخمي” — أي النمو الراكد مع ارتفاع الأسعار. هذا المزيج يدفع البنك إلى تبني سياسة حذرة: كافية لمواجهة التضخم، ولكن دون تعميق التباطؤ الاقتصادي.
تعديلات محتملة في السياسة دون خفض للفائدة
قد تكون هناك بعض التعديلات الفنية في السياسة النقدية، مثل تقليص وتيرة بيع السندات الحكومية التي تم شراؤها خلال الجائحة، كخطوة تشغيلية وليست تغييرًا في التوجه العام. هذا التعديل الطفيف في التشديد الكمي يهدف إلى دعم استقرار الأسواق دون الإشارة إلى تحول في السياسة.
تسعير السوق يعكس توقعات منخفضة للمفاجآت
المستثمرون يعتقدون بنسبة 98% أنه لن يكون هناك تغيير هذا الأسبوع، مع تسعير خفض طفيف لا يتجاوز 10 نقاط أساس حتى نهاية العام. أول خفض كامل للفائدة لا يُتوقع قبل مارس 2026، وهو ما يعكس رسالة واضحة في ظل النمو الضعيف والتضخم المستمر. هذا أيضًا يخلق خطرًا من التراخي في التوقعات: إذا بدا البنك أقل ارتياحًا تجاه التضخم أو أقل استعدادًا للإشارة إلى خفض في 2025، فقد ترتفع العوائد والجنيه الإسترليني، مما يضغط على الأصول ذات المخاطر.
توقعات الجنيه الإسترليني
الجنيه الإسترليني شهد بعض التحسن في الجلسات الأخيرة، مدعومًا بضعف الدولار الأمريكي وبعض الدعم من العملات الأخرى. على المدى القصير، سيتأثر زوج GBP/USD بنبرة الاحتياطي الفيدرالي وبيانات التضخم البريطانية يوم الأربعاء. من الناحية الفنية، تمكن الزوج من اختراق مقاومة عند 1.359–1.360، ويستهدف الآن منطقة 1.37، بينما سيؤدي التراجع دون 1.36 إلى الحفاظ على النطاقات الحالية. وعلى المدى المتوسط، يُتوقع أن يكون تحديث الميزانية في نوفمبر عاملًا مؤثرًا في أداء السندات والجنيه الإسترليني، في ظل تباطؤ النمو وتقلص الحيز المالي.
الخلاصة:
من المتوقع أن يُبقي بنك إنجلترا سعر الفائدة عند 4.0%. الرسالة المصاحبة للقرار هي ما قد يحرك الأسواق. ومع ضعف النمو واستمرار التضخم، لا يبدو أن البنك في موقع يسمح له بالتعهد بتيسير سريع. وإذا تباطأت بيانات الأجور وتضخم الخدمات بشكل ملموس، فقد يبقى باب خفض الفائدة في 2025 مفتوحًا؛ أما إذا لم يحدث ذلك، فقد تعيد الأسواق تقييم فترة أطول من السياسة التقييدية.