شهد شهر سبتمبر الحالي نشاطاً مكثفاً لغرفة تجارة وصناعة أبوظبي على الساحة الدولية، جسّد التزامها المتواصل بدعم توسع الأعمال في الإمارة وتعزيز حضورها كمركز رائد للاستثمار والأعمال العالمية. ففي أسبوع واحد، ش شاركت الغرفة في فعاليات دولية في كل من ألمانيا واليابان والصين، استعرضت قوة اقتصاد أبوظبي وقدرته على بناء جسور جديدة مع شركاء عالميين في قطاعات متنوعة، بدءاً من الصناعة والطاقة وصولاً إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
جسور جديدة في ألمانيا
خلال الفترة من 15 إلى 18 سبتمبر 2025، كانت غرفة أبوظبي حاضرة في جمهورية ألمانيا الاتحادية عبر سلسلة من اللقاءات والاجتماعات التي ركزت على تطوير الشراكات بين مجتمع الأعمال الإماراتي والألماني، لا سيما الشركات العائلية والشركات الصغيرة والمتوسطة. وشكّلت هذه المشاركة منصة عملية لاستعراض الإمكانات الاستثمارية في أبوظبي وما توفره بيئة الأعمال المتقدمة في الإمارة من فرص واعدة أمام المستثمرين الألمان في قطاعات الصناعة والبنية التحتية والطاقة المتجددة. كما بحثت الاجتماعات سبل تبادل الخبرات في مجالات الابتكار الصناعي وتعزيز التعاون في المشاريع المستقبلية، مع إبراز المبادرات التي أطلقتها الغرفة لدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة وتشجيعهم على الانخراط في قطاعات الاقتصاد الجديد، بما يواكب توجهات أبوظبي نحو التنويع الاقتصادي والابتكار.
اتفاقيات
توّجت زيارة الغرفة إلى المانيا بتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي رسخت التعاون بين الجانبين في مجالات دعم الشركات العائلية، وتمويل المشاريع الناشئة، وتعزيز البحث والتطوير في التقنيات الحديثة، إضافة إلى التعاون في قطاع الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر. وتشكل هذه الاتفاقيات خطوة عملية لترجمة العلاقات الاقتصادية المتنامية بين أبوظبي وألمانيا إلى مشاريع ملموسة ذات أثر إيجابي مباشر على مجتمعي الأعمال في كلا الجانبين.
وارتكزت الزيارة على ثلاثة محاور استراتيجية أساسية هي توثيق العلاقة مع الشركات العائلية الألمانية، وتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار، وتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وأتاح هذا التوجه للوفد فرصة الاطلاع على التجارب الألمانية المتقدمة في الحوكمة وضمان استمرارية الأعمال عبر الأجيال، أما فيما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، فقد كان التركيز على تبادل الخبرات في مجالات التمويل والحاضنات وبرامج التوسع الدولي، بما يمكّن هذه المشاريع من ترسيخ حضورها في الأسواق الإقليمية والعالمية.
مجلس الأعمال الإماراتي – الياباني
خلال الأسبوع الثالث من سبتمبر 2025، شاركت غرفة أبوظبي في العاصمة اليابانية طوكيو في أعمال الاجتماع الثاني لمجلس الأعمال الإماراتي – الياباني المشترك، الذي نظمه اتحاد غرف الإمارات بالتعاون مع سفارة الدولة في اليابان ووزارة الخارجية ومؤسسة “جيترو” اليابانية. واستقطب الاجتماع مشاركة واسعة من أكثر من أربعين جهة وشركة من الجانبين، مثلت قطاعات متنوعة شملت الصناعة التحويلية والطاقة المتجددة والرعاية الصحية والتجارة وتكنولوجيا المعلومات والزراعة، ما أكد أهمية هذا الحدث كمنصة حيوية لتعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.
وجرى خلال الجلسات استعراض آفاق التعاون بين القطاع الخاص في البلدين والبحث في فرص الاستثمار ضمن الاستراتيجية الشاملة للشراكة الاقتصادية بين الإمارات واليابان. وأكدت الغرفة في مداخلاتها أهمية توسيع مجالات التعاون لتشمل قطاعات غير تقليدية مثل الاقتصاد الدائري والبناء والمقاولات والتصميم الداخلي والترفيه، بما يعكس تنوع الاقتصاد الإماراتي وانفتاحه على الابتكار. كما سلطت الضوء على الدور المتنامي للمرأة الإماراتية في قطاع الأعمال من خلال مشاركة مجلس سيدات أعمال الإمارات، حيث استعرضت إنجازات رائدات الأعمال في مجالات التكنولوجيا والطاقة والصحة، وما يحظين به من دعم القيادة الرشيدة، وهو ما يعزز مساهمتهن في التنمية الاقتصادية والمجتمعية على حد سواء.
وتنطلق جهود الارتقاء بالعلاقات الإماراتية – اليابانية إلى آفاق أرحب من الشراكة الاستراتيجية، تجارياً واستثمارياً، انطلاقاً من قاعدة صلبة من الازدهار التجاري بين البلدين. فقد بلغت التجارة البينية غير النفطية في عام 2024 نحو 65 مليار درهم (17.7 مليار دولار أمريكي)، بزيادة قدرها 2.2% مقارنة بعام 2023، وبنمو لافت بلغ 32% مقارنة بعام 2021. ويعكس هذا النمو المستمر متانة العلاقات الاقتصادية وعمق المصالح المشتركة بين البلدين، حيث لا تقتصر الشراكة على تجارة الطاقة فحسب، بل تشمل تبادلاً متنوعاً في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والسيارات والآلات، وهو ما يجعل اليابان أحد أهم الشركاء التجاريين للإمارات في آسيا والعالم.
“إنفستوبيا جلوبال”
وشاركت غرفة أبوظبي في فعاليات “إنفستوبيا جلوبال”بمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة والعاصمة بكين يومي 17 و19 سبتمبر، لتعزيز الحضور الدولي لمجتمع الأعمال الإماراتي، وترسيخ موقع أبوظبي كشريك رئيسي في صياغة مستقبل الاقتصاد العالمي. حيث لعبت الغرفة دوراً محورياً في هذه المشاركة، من خلال حضورها الفاعل في الجلسات الحوارية بما يعكس التزامها بتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين مجتمع الأعمال في أبوظبي ونظرائه في الصين.
ولم يقتصر حضور غرفة أبوظبي على المشاركة في النقاشات، بل شهدت الفعالية توقيع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الصيني الدولي لرواد الأعمال لتطوير مجالات البحث والتواصل التجاري. وتعكس هذه المذكرة التوجه المشترك نحو فتح آفاق جديدة أمام مجتمع الأعمال الإماراتي والصيني، وتوفير منصات عملية لتطوير الاستثمارات النوعية التي تدعم الابتكار والنمو المستدام.
وتستند العلاقات الاقتصادية المتنامية بين البلدين إلى قاعدة صلبة من التعاون التجاري والاستثماري، حيث بلغ عدد الرخص التجارية الصينية المسجلة في دولة الإمارات نحو 16,500 رخصة بنهاية يوليو 2025، بزيادة قدرها 18% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، فيما بلغ عدد الوكالات التجارية الصينية العاملة في الدولة 533 وكالة بنهاية يوليو الماضي. ويؤكد هذا النمو المتسارع على الثقة المتزايدة التي توليها الشركات الصينية لبيئة الأعمال في أبوظبي والإمارات بشكل عام.
جلسات حوارية
شهدت الفعالية عقد ست جلسات حوارية ناقشت موضوعات محورية تناولت تطوير السياحة الثنائية عبر التبادل الثقافي والابتكار، وتوسيع الاستثمارات في الطاقة النظيفة والهيدروجين، وتعميق الروابط الاستثمارية العابرة للحدود، واستكشاف فرص التعاون في الصناعات المستقبلية مثل الروبوتات والمركبات الكهربائية والمصانع الذكية، فضلاً عن توظيف الاكتشافات العلمية في التنمية الاقتصادية وتسريع التجارة عبر البنية التحتية الذكية والذكاء الاصطناعي والبلوك تشين. كما عقدت طاولة مستديرة جمعت ممثلي القطاعين الحكومي والخاص من الإمارات والصين في خطوة عملية لتطوير الشراكات القائمة وإطلاق مبادرات جديدة تعزز استدامة النمو الاقتصادي للطرفين.
توسيع الشراكات الدولية
وفي هذا السياق، أكد سعادة شامس علي الظاهري، النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة أبوظبي والعضو المنتدب، أن مشاركات الغرفة خلال شهر سبتمبر في ألمانيا واليابان والصين تأتي انسجاماً مع الرؤية الاستراتيجية لغرفة أبوظبي في توسيع حضورها الدولي. وأوضح أن هذه المشاركات تؤكد التزام الغرفة بدعم توجهات اقتصاد الصقر الذي يقود مسيرة الإمارة نحو مزيد من التنويع والاستدامة، مشيراً إلى أن خارطة طريق غرفة أبوظبي 2025–2028 تمثل إطاراً عملياً لتوسيع الشراكات الدولية، وفتح آفاق جديدة أمام مجتمع الأعمال المحلي والقطاع الخاص، وترسيخ مكانة أبوظبي كمركز عالمي للأعمال والاستثمار.وأضاف : “يؤكد هذا الحضور حرص الغرفة على إيصال رسالة قوية لمجتمع الأعمال المحلي والدولي مفادها أن أبوظبي عازمة على تعزيز مكانتها كمحور عالمي للأعمال، ومختبر للابتكار، ومنصة للشركات العائلية والناشئة ورواد الأعمال على حد سواء.”
ومن المتوقع أن تثمر هذه المشاركات عن فتح فرص استثمارية جديدة للشركات الإماراتية، وإيجاد قنوات وصول إلى أسواق استراتيجية في أوروبا وآسيا، إلى جانب تعزيز التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة. كما تسهم هذه الخطوات في تمكين القطاع الخاص من لعب دور محوري في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتوسيع قاعدة الشراكات طويلة الأمد التي تعود بالنفع على مجتمع الأعمال في أبوظبي وتكرس موقع الإمارة كمركز عالمي للاستثمار.
وتؤكد أنشطة الغرفة خلال سبتمبر أن أبوظبي ماضية في بناء جسور استراتيجية مع شركاء عالميين، وتعزيز قدراتها على استقطاب الاستثمارات النوعية، ودعم الشركات العائلية والناشئة ورواد الأعمال. ومن خلال هذا الحراك الدولي النشط، تواصل غرفة أبوظبي تجسيد دورها كشريك رئيسي في تحقيق مستهدفات اقتصاد الإمارة وداعم محوري لمجتمع الأعمال.