الرئيس التنفيذي
أشرف الحادي

رئيس التحرير
فاطمة مهران

الاتحاد الشركات يتبنّي مفهوم التأمين الأخضر مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030

الاتحاد المصرى للتأمين

 أصبحت قضايا البيئة والمجتمع والحوكمة(ESG) في السنوات الأخيرة من أبرز العوامل المؤثرة على استراتيجيات شركات التأمين عالميًا. فلم يعد دور شركات التأمين مقتصراً على إدارة المخاطر التقليدية، بل بات عليها التعامل مع تحديات أكثر تعقيدًا ترتبط بالاستدامة والتغير المناخي. واستطاعت هذه الشركات أن تعزز دورها في تحقيق التنمية المستدامة من خلال ثلاث آليات رئيسية: قرارات الاكتتاب، حيث تختار العملاء والقطاعات التي تؤمّن عليها بما يتماشى مع معايير الاستدامة؛ قرارات الاستثمار، حيث تحدد الأصول والمشروعات التي توجه إليها أموالها بما يحقق أهداف بيئية واجتماعية طويلة الأجل؛ وأخيرًا التواصل مع العملاء وتوعيتهم بالقضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة.

لقد أصبحت عوامل البيئة والمجتمع والحوكمة اليوم عنصرًا حاسمًا في تقييم المخاطر التي تواجه أصول شركات التأمين والتزاماتها المستقبلية. فهي تؤثر على حجم المطالبات السنوية، وعلى قيمة المحافظ الاستثمارية، بل وتمتد لتشمل سمعة الشركة في السوق وقدرتها على جذب العملاء والموظفين ذوي الكفاءات العالية. وبالنظر إلى أن التشريعات العالمية تتجه بشكل متزايد نحو فرض ضوابط وإفصاحات مرتبطة بالحوكمة البيئية والاجتماعية، فإن إدماج هذه المعايير لم يعد ترفًا، بل أصبح ضرورة استراتيجية لضمان الاستقرار والنمو في بيئة أعمال سريعة التغير.

التمويل المستدام ودور التأمين

يُعد التمويل المستدام أحد أهم هذه الأدوات، حيث يدمج بين:

  • العوامل البيئية (E): مثل التغير المناخي، إدارة الموارد، تقليل الانبعاثات.
  • العوامل الاجتماعية (S): مثل العدالة الاجتماعية، الصحة، المساواة في الفرص.
  • عوامل الحوكمة (G): مثل الشفافية، المساءلة، مكافحة الفساد.

ويهدف التمويل المستدام إلى توجيه الاستثمارات نحو مشاريع تحقق عائد اقتصادي وفي الوقت نفسه تُعزز الأهداف البيئية والاجتماعية.  ومن بين آليات التمويل المستدام، يظهر التأمين الأخضر كأداة مالية

مفهوم التأمين الأخضر

يمثل التأمين الأخضر تطورًا طبيعيًا لقطاع التأمين استجابةً للتحديات البيئية والاجتماعية المعاصرة. فهو ليس مجرد منتج تأميني جديد، بل هو إطار عمل شامل يهدف إلى دمج مبادئ الاستدامة في جميع جوانب صناعة التأمين. ويرتكز هذا المفهوم على فكرة أن شركات التأمين يمكن أن تكون أكثر من مجرد جهات تعويض عن الخسائر؛ بل يمكنها أن تكون محفزًا للتغيير الإيجابي نحو مستقبل أكثر استدامة.

يمكن تعريف التأمين الأخضر بأنه مجموعة من المنتجات والخدمات والممارسات التأمينية التي تهدف إلى تغطية المخاطر البيئية، ودعم المشاريع والتقنيات الخضراء، وتحفيز السلوكيات المستدامة، ودمج معايير ESG في استراتيجيات شركات التأمين. وتشمل:

  • تغطية مشاريع الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، الهيدروجين الأخضر).
  • تأمين المباني والسيارات الخضراء التي تراعي الكفاءة في استهلاك الطاقة.
  • التأمين ضد الكوارث المناخية مثل الفيضانات والعواصف وحرائق الغابات. التأمين المعياري الذي يوفر تعويضات مباشرة وسريعة عند وقوع ظواهر طبيعية محددة.

أهمية التأمين الأخضر لمشروعات الطاقة المتجددة

تواجه مشاريع الطاقة المتجددة عدة تحديات:

  • ارتفاع التكلفة الاستثمارية الأولية.
  • عدم اليقين بشأن الإيرادات نظرًا لتقلبات الطقس.
  • مخاطر تشغيلية مثل الأعطال الفنية.
  • مخاطر طبيعية مثل العواصف والأعاصير.
  • تردد المستثمرين والممولين بسبب هذه المخاطر.

وهنا يلعب التأمين الأخضر دورًا أساسيًا في:

  1. ضمان التمويل: من خلال تقليل المخاطر وجعل المشاريع أكثر جاذبية للمستثمرين.
  2. استقرار التدفقات النقدية: عبر تعويض الخسائر الناتجة عن الكوارث أو الأعطال.
  3. تحسين الربحية: بتقليل التكاليف غير المتوقعة.
  4. تعزيز الاستدامة طويلة الأجل: من خلال دعم الثقة في هذه المشاريع.

كيف تساهم برامج التأمين الأخضر في تعزيز الاستدامة المالية لمشروعات الطاقة المتجددة

أولاً: الفوائد المادية

  1. تخفيف الخسائر المالية أثناء الأزمات المناخية
    أظهرت الدراسات أن الدول التي تطبق سياسات تأمين أخضر شاملة تتعرض لخسائر مالية أقل أثناء الأزمات المناخية، وذلك بفضل التعويض عن الأضرار وسرعة التعافي.
  2. تعزيز الأمن المالي للمشروعات الخضراء
    يوفر التأمين الأخضر تغطية مخصصة للمخاطر المرتبطة بالطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والزراعة المستدامة، مما يعزز من الأمان المالي لأصحاب المصلحة.
  3. حماية الاستثمارات في الطاقة المتجددة
    تقدم بعض شركات التأمين تغطية للمنشآت مثل الألواح الشمسية، مما يحمي استثمارات الأفراد في مصادر الطاقة البديلة.

ثانياً: الفوائد النوعية

  1. تحفيز السلوكيات المستدامة
    يشجع التأمين الأخضر الأفراد والشركات على تبني ممارسات صديقة للبيئة من خلال دمج معايير الاستدامة في سياسات التأمين.
  2. تقديم حوافز للشركات
    تشترط شركات التأمين غالباً أن تقوم المؤسسات بتطبيق إجراءات للحد من المخاطر – مثل اعتماد تقنيات موفرة للطاقة أو إدارة مستدامة لسلاسل الإمداد – حتى تكون مؤهلة للحصول على الوثائق أو خصومات على الأقساط.
  3. رفع مستوى الوعي البيئي
    يسهم التأمين الأخضر في تعزيز الوعي والمسؤولية لدى حملة الوثائق، مما يقود إلى تغييرات سلوكية تعزز من الاستدامة البيئية والأمن المالي على المدى الطويل.

ثالثاً: الأثر على الاستثمار

  1. زيادة ثقة المستثمرين

يُنظر إلى التأمين الأخضر كأداة مهمة لتقليل المخاطر في الاستثمارات البيئية (مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة ومشروعات التكيف مع المناخ)، مما يشجع تدفق رأس المال إلى هذه القطاعات.

إضافة إلى ذلك، فإن مشاركة شركات التأمين في هذه المشروعات لا تعني فقط حماية الاستثمارات، بل تعكس ثقة مؤسسية في مستقبل الطاقة المتجددة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك الشراكة بين شركتي تأمين عالميتين في برامج لدعم تطوير مشروعات الهيدروجين، بما يؤكد دور التأمين في دفع عجلة الابتكار والتحول الأخضر.

  1. تعزيز الاستدامة المالية

يساهم التأمين الأخضر في نمو الصناعات المستدامة عبر جذب الاستثمارات وتوفير الحماية المالية لها، مما يعزز من تحقيق أهداف التنمية المستدامة كما أن تبني منتجات مبتكرة مثل التأمين المعياري يسرّع من عملية التعويض، ويضمن استقرار التدفقات النقدية في مواجهة الكوارث المناخية.

خارطة طريق شركات التأمين نحو تعزيز معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية (ESG)

أ) ربط الهدف الاستراتيجي للشركة بمعايير الاستدامة

أحد أهم التغييرات المطلوبة تتمثل في أن تُعيد شركات التأمين صياغة أهدافها الاستراتيجية بما يتماشى مع مبادئ الاستدامة. فالغرض من الشركة لا يجب أن يكون مجرد تحقيق أرباح قصيرة الأجل، بل أن يعكس التزامًا فعليًا تجاه البيئة والمجتمع. ويساعد توضيح العلاقة بين الغرض المؤسسي لشركة التأمين والاستدامة على تعزيز ثقة العملاء والمستثمرين، وتقليل المخاطر المرتبطة بالمناخ.

لكن يبقى التنفيذ هو العامل الحاسم. إذ يجب أن ينعكس الالتزام بالحوكمة البيئية والاجتماعية على جميع أنشطة الشركة، بدءًا من اختيار العملاء والموردين، وصولًا إلى تطوير طرق عمل أكثر استدامة تقلل من الانبعاثات وتدعم الاقتصاد الأخضر.

ب) الطموح والشفافية في القياس والإفصاح

لا يمكن تحقيق تقدم حقيقي في مجال الاستدامة دون وجود أدوات قياس دقيقة وشفافة. لذلك، تحتاج شركات التأمين إلى اعتماد مؤشرات واضحة لقياس أدائها البيئي والاجتماعي والحوكمي، ومقارنته بأفضل الممارسات على مستوى الشركات والقطاعات والدول. و قد أظهرت تقارير مثل “تقرير مؤشر التمويل المستدام” أن شركات التأمين الأوروبية قطعت شوطًا متقدمًا في الإفصاحات المتعلقة بالاستدامة مقارنةً بغيرها.

وتتجسد هذه الجهود في تطوير منتجات وخدمات مبتكرة، مثل منح حوافز مالية للعملاء الذين يتبعون سلوكيات مسؤولة بيئيًا مثل: التأمين على السيارات والمباني الخضراء أو السفر منخفض الكربون، ودعم مشاريع الطاقة المتجددة، والتعاون مع شركات التكنولوجيا التأمينية والذكاء الاصطناعي لتعزيز الوقاية وإدارة المطالبات، بالإضافة إلى نشر التأمين المعياري ، الذي يسمح بتعويض مباشر وسريع عند وقوع المخاطر. غير أن التحدي الأكبر يكمن في تقديم منتجات خضراء حقيقية.

ج) دمج معايير البيئية و الاجتماعية قي نموذج أعمال شركة التأمين

لم تعد الاستدامة مجرد قضية يجب معالجتها، بل أصبحت فرصة استراتيجية للنمو والتميز. ولهذا، يجب أن تكون أخطار المناخ جزءًا أساسيًا من جدول أعمال مجالس الإدارة، وأداة لتعزيز العلامة التجارية وجذب العملاء والكفاءات. و قد بدأت الكثير من الشركات بالفعل بالتخلي التدريجي عن الاستثمارات المرتبطة بانبعاثات عالية مثل الفحم، وأعادت صياغة استراتيجياتها الاستثمارية لتتماشى مع مسارات صافي انبعاثات صفري.

إلى جانب ذلك، تركز هذه الشركات على دعم شركائها في رحلتهم نحو التحول للطاقة النظيفة، سواء عبر العناية الواجبة أو التمويل المشترك. كما توجه استثماراتها نحو الأصول التي تحقق نتائج بيئية واجتماعية إيجابية، بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

د) التعاون في السياسات والمبادرات

نظرًا لتعقيد قضايا المناخ، فإن نجاح شركات التأمين في هذا المجال يتطلب تعاونًا واسع النطاق على المستويين الوطني والدولي. فالمبادرات المشتركة قادرة على دفع عجلة التشريعات الفعالة، وتحسين جودة التقارير، وتعزيز الشفافية. وبالمشاركة في المبادرات العالمية، يمكن لشركات التأمين أن تؤكد دورها كقائد في صياغة الحلول التي تجمع بين الربحية وحماية البيئة.

 التحديات المالية لمشروعات الطاقة المتجددة

رغم الأهمية البيئية والاجتماعية لمشروعات الطاقة المتجددة، تواجه تلك المشروعات عقبات مالية كبيرة. حيث ترتفع تكاليف الاستثمار الرأسمالي الأولي، إضافة إلى عدم اليقين المرتبط بالسياسات التنظيمية وتقلبات السوق. كما أن الطبيعة المتغيرة لمصادر الطاقة المتجددة كالرياح والشمس تفرض الحاجة إلى أنظمة تخزين متطورة، وهو ما يرفع التكاليف.

وتزداد هذه التحديات في الأسواق الناشئة، حيث يظل الوصول إلى التمويل محدودًا، والبنية التحتية ضعيفة. كما قد تنشأ نزاعات حول مواقع المشروعات لأسباب بيئية أو متعلقة باستخدام الأراضي، مما يهدد جدوى هذه المشاريع ماليًا. ورغم ابتكار أدوات مثل السندات الخضراء لتخفيف بعض التحديات، تبقى الحاجة قائمة لأطر سياسات قوية ودعم تنظيمي شامل.

دور التأمين الأخضر في تعزيز الجدوى المالية

تسهم برامج التأمين الأخضر في تحسين الجدوى الاقتصادية للمشروعات من خلال تقليل المخاطر المرتبطة بمراحل التطوير والبناء والتشغيل. فهي تقدم تغطيات ضد الأعطال التكنولوجية، الكوارث الطبيعية، أو التأخيرات التشغيلية. وبهذا، تساعد على رفع ثقة المستثمرين والممولين، وتزيد من القدرة الائتمانية للمشروعات.

كذلك، فإن شركات التأمين عندما تساهم في تغطية هذه المشروعات، فإنها تبعث برسالة ثقة للأسواق، مما يفتح المجال لمزيد من الاستثمارات. فالأمر لا يقتصر على إدارة المخاطر فقط، بل يمتد إلى تعزيز التخطيط المالي طويل الأجل وضمان استقرار التدفقات النقدية.

 التأثير الاستراتيجي على التحول نحو الطاقة المستدامة

لا يُعد التأمين الأخضر مجرد أداة مالية، بل هو ركيزة استراتيجية لدعم التحول العالمي نحو الطاقة المستدامة. فهو يسد فجوة التمويل لمشروعات الطاقة المتجددة، ويعزز مرونتها، ويدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، خاصة الهدف السابع (طاقة نظيفة وبأسعار معقولة) والهدف الثالث عشر (العمل المناخي).

 إشراك أصحاب المصلحة في التأمين الأخضر

يُعد إشراك أصحاب المصلحة خطوة محورية في إنجاح برامج التأمين الأخضر الخاصة بمشروعات الطاقة المتجددة. فالتأمين لا يمكن أن يعمل بمعزل عن البيئة المحيطة به، بل يتطلب تنسيقًا متكاملًا بين مختلف الأطراف المعنية، بدايةً من شركات التأمين نفسها، مرورًا بمطوري المشروعات والمستثمرين، وانتهاءً بالمؤسسات المالية والهيئات التنظيمية وصانعي السياسات.

يلعب كل طرف من هذه الأطراف دورًا تكامليًا في تعزيز استدامة المشروعات. فشركات التأمين تقدم المنتجات والحلول التي تساعد على نقل المخاطر، بينما يضمن المطورون الالتزام بالمعايير التشغيلية والفنية التي تجعل المشروعات قابلة للتأمين. أما المؤسسات المالية، فهي المستفيد المباشر من انخفاض المخاطر، إذ تصبح أكثر استعدادًا لتقديم التمويل بشروط ميسرة. من جانبهم، يوفّر صانعو السياسات الأطر التشريعية والضمانات التي تعزز من ثقة المستثمرين وتشجع شركات التأمين على التوسع في هذه المنتجات.

ويؤدي بناء هذا التعاون بين أصحاب المصلحة إلى تعزيز الثقة المتبادلة، وخلق بيئة استثمارية أكثر استقرارًا ومرونة. فعلى سبيل المثال، عندما تشارك الجهات التنظيمية في تصميم منتجات التأمين الأخضر، فإنها تضمن توافقها مع السياسات الوطنية للطاقة المستدامة، كما تمنح هذه المشاركة ثقلًا مؤسسيًا يقلل من التردد لدى المستثمرين. ومن ناحية أخرى، يمكن للمنظمات الدولية ووكالات التنمية أن تساهم في تخفيف التكاليف الأولية عبر تقديم ضمانات أو دعم مالي، مما يوسع نطاق الاستفادة من هذه البرامج في الأسواق الناشئة.

وبالتالي، فإن إشراك أصحاب المصلحة لا يمثل مجرد عنصر داعم، بل يشكل ركيزة أساسية لإنجاح التأمين الأخضر وتحقيق أثره الكامل على استدامة مشروعات الطاقة المتجددة.

التحديات والفرص المستقبلية لبرامج التأمين الأخضر

رغم الفوائد الكبيرة لبرامج التأمين الأخضر، إلا أنها تواجه عددًا من التحديات التي تعيق انتشارها بالشكل المطلوب. ومن أبرز هذه التحديات ضعف الوعي بين المستثمرين والمطورين حول أهمية هذه البرامج ودورها في تحسين الجدوى المالية للمشروعات. كما أن ارتفاع أقساط بعض المنتجات التأمينية يجعلها غير ميسورة التكلفة، خاصة بالنسبة للمطورين الصغار أو المشروعات المجتمعية الصغيرة.

وتتمثل التحديات الأخرى في محدودية البيانات التاريخية حول أداء مشروعات الطاقة المتجددة، وهو ما يصعّب على شركات التأمين تقييم المخاطر بدقة. كذلك، يظل غياب الأطر التنظيمية المستقرة أو ضعفها في بعض الدول عائقًا أمام تطوير منتجات تأمينية مبتكرة وفعالة.

ورغم ذلك، فإن المستقبل يحمل فرصًا واعدة. فالتقدم التكنولوجي في تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي يتيح لشركات التأمين بناء نماذج أكثر دقة للتنبؤ بالمخاطر المناخية والتشغيلية. كما أن الاهتمام العالمي المتزايد بالقضايا البيئية و الاجتماعية و الحوكمة (ESG) يجعل المؤسسات المالية أكثر ميلاً لتبني برامج تأمين تدعم المشروعات المستدامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إدماج التأمين الأخضر ضمن الهياكل التمويلية المبتكرة مثل التمويل المدمج (Blended Finance) أو السندات الخضراء قد يفتح آفاقًا أوسع لتوسيع نطاق الاستفادة منه.

إذن، يمكن القول إن التحديات الحالية تمثل في الوقت نفسه فرصًا للتطوير والابتكار، حيث ستدفع الشركات والجهات التنظيمية إلى إيجاد حلول أكثر مرونة وشمولًا لتلبية احتياجات السوق.

نحو إطار متكامل للتأمين الأخضر

من أجل ضمان نجاح التأمين الأخضر في دعم استدامة مشروعات الطاقة المتجددة، هناك حاجة إلى بناء إطار متكامل يجمع بين الأبعاد الفنية والمالية والتنظيمية. يقوم هذا الإطار على ثلاثة محاور رئيسية:

أ‌.       المحور الفني: تطوير المنتجات التأمينية لمشروعات الطاقة المتجددة

  • أهمية التغطية: تم تصميم منتجات تأمينية متخصصة لتغطية المخاطر المرتبطة بمشروعات الطاقة المتجددة، مما يسهم في تعزيز الجدوى المالية والاستقرار التشغيلي، خاصة في المراحل الحرجة من التطوير والبناء والتشغيل.
  • طبيعة المخاطر: يواجه القطاع تحديات فريدة، أبرزها:
    • المخاطر التقنية الناشئة عن حداثة التكنولوجيا المستخدمة.
    • التعرض للكوارث الطبيعية.
    • التغير المستمر في البيئات التنظيمية.

ويأتي دور التأمين الأخضر هنا في التخفيف من هذه المخاطر عبر توفير تغطيات مصممة خصيصًا لحماية الاستثمارات من الخسائر المحتملة، وضمان استقرارها على المدى الطويل. وتتميز هذه التغطيات بقدرتها على منح المستثمرين الثقة اللازمة للاستمرار في تمويل المشروعات، حتى في ظل بيئة مليئة بالتقلبات.

وتشمل الوثائق التأمينية عادةً أشكالًا مختلفة من الحماية، مثل التغطية ضد المفاجآت المناخية، وأعطال المعدات، والتأخيرات في استكمال المشروعات. ولا تقتصر هذه التغطية على حماية المستثمرين من الخسائر، بل تسهم أيضًا في تحسين الجدارة الائتمانية للمشروعات، مما يفتح المجال أمام تدفق المزيد من التمويل وزيادة جاذبية قطاع الطاقة المتجددة للمستثمرين.

ب‌.   المحور المالي

أصبح التأمين الأخضر أداة أساسية في تعزيز الاستدامة المالية والتخفيف من المخاطر البيئية ودعم التنمية المستدامة. ومن خلال هذا الآلية التأمينية المستحدثة، يمكن دمج الحلول الصديقة للبيئة في عمليات تقييم المخاطر وتسوية المطالبات، مما يساعد على تعزيز المرونة المالية للأفراد والشركات والحكومات.

و قد أظهرت إحدى الدراسات أن الدول التي تتبنى سياسات تأمين أخضر شاملة تعاني من خسائر مالية أقل أثناء الأزمات المناخية، نظرًا للتعويض عن الأضرار وتسريع وتيرة التعافي.

ج. المحور السلوكي–الاجتماعي

  • لا يقتصر دور التأمين الأخضر على نقل المخاطر أو جذب التمويل، بل يلعب دورًا هاماً في تغيير السلوكيات.
  • فمن خلال تحميل حاملي الوثائق جزءًا من المسؤولية، يُحفَّز الأفراد والشركات على تبني ممارسات أكثر استدامة. مما يخلق ثقافة ووعي بيئي طويل الأمد، ويعزز المسؤولية المجتمعية. ويمتد الأثر إلى المجتمع ككل عبر ترسيخ قيم حماية البيئة، والانتقال من مجرد التزامات مالية إلى التزام اجتماعي وأخلاقي بالاستدامة.

أهمية دعم السياسات الحكومية واللوائح التنظيمية لبرامج التأمين الأخضر

  1. دور الحكومة الأساسي: يرتبط نجاح برامج التأمين الأخضر بشكل كبير بوجود قوانين وسياسات حكومية داعمة. يجب على الحكومات وضع أنظمة تشجّع على تطوير هذه البرامج، مما يفيد شركات التأمين والعملاء على حدٍ سواء، ويساعد في تحقيق أهداف مكافحة تغير المناخ وتوفير الطاقة النظيفة.
  2. أهمية التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص (مثل شركات التأمين والاستثمار) هو مفتاح نجاح التأمين الأخضر، خاصة في الدول النامية. و يشجع هذا التعاون على ضخ استثمارات أكبر في مشاريع الطاقة المتجددة.
  3. الجهود العالمية:تعمل منظمات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) والوكالة الدولية للطاقة (IEA) على توجيه الأموال من البنوك وشركات التأمين نحو مشاريع صديقة للبيئة. ويتم ذلك من خلال وضع معايير تُلزم هذه المؤسسات بمراعاة العوامل البيئية والاجتماعية في استثماراتها.
  4. النتيجة والهدف: يؤدي إدراج التأمين الأخضر ضمن الأطر السياسية إلى توفير الحماية والتمويل الاستباقي للحلول المستدامة. ويُعتبر التوافق بين الأطر المناخية العالمية والتأمين الأخضر ضرورة لبناء مستقبل مستدام يعزّز مبادئ العدالة.

 

جهود الهيئة العامة للرقابة المالية في رحلة التحول نحو اقتصاد أخضر وأكثر استدامة:

  • إدراج شهادات خفض الانبعاثات الكربونية كأدوات مالية:

أصدرت الهيئة قراراً بشأن اعتبار شهادات خفض الانبعاثات الكربونية أداة مالية، وقامت بتشكيل لجنة للإشراف عليها، ووضع قواعد لقيدها وشطبها بالبورصات المصرية، بالإضافة إلى اعتماد قواعد التداول والتسوية الخاصة بها.

  • تطوير البنية التحتية لسوق الكربون:

اعتمدت الهيئة قواعد قيد وشطب شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بالبورصات المصرية ومعايير اعتماد سجلات الكربون الطوعية المحلية، التي تعد أنظمة لحفظ وإصدار وتتبع شهادات خفض الانبعاثات.

  • إصدار تقارير الاستدامة:

تنشر الهيئة تقارير سنوية عن جهودها في مجال الاستدامة، لتوثيق التحولات والجهود المبذولة لتحقيق التحول نحو اقتصاد أخضر.

  • إنشاء المركز الإقليمي للتمويل المستدام:

يهدف هذا المركز، الذي يعمل تحت مظلة معهد الخدمات المالية، إلى تقديم أدوات مالية صديقة للبيئة، وتضمين سياسات الاستثمار المسؤولة، وزيادة الوعي والتدريب في مجال التمويل المستدام في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

  • تضمين مفاهيم الاستدامة في سياسات الهيئة:

تعمل الهيئة على تضمين سياسات الاستثمار المسؤولة ضمن استراتيجيات القطاع المالي غير المصرفي، ونشر المعرفة وعقد الشراكات المحلية و الدولية في مجال الاستدامة.

 

 

رأى اتحاد شركات التامين المصرية

يؤكد الاتحاد أن تبنّي مفهوم التأمين الأخضر يُعدّ خيارًا استراتيجيًا ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، ويعزّز من قدرة قطاع التأمين على مواجهة التحديات المناخية والبيئية. ويرى الاتحاد أن دور شركات التأمين لا يقتصر على طرح منتجات تأمينية تدعم الأنشطة والمشروعات الصديقة للبيئة، بل يمتد ليشمل تطوير ممارسات تشغيلية وإدارية تسهم في خفض البصمة الكربونية وتعزيز التحول الرقمي وتوجيه الاستثمارات نحو الأصول المستدامة.

و يوصي الاتحاد بأهمية قيام شركات التأمين المصرية بما يلي:

  • ابتكار منتجات وخدمات تحفّز العملاء على اعتماد حلول منخفضة الانبعاثات وداعمة للطاقة المتجددة.
  • المساهمة في تمويل المشروعات البيئية من خلال دعم إصدار السندات الخضراء والاستثمارات المستدامة.

وبذلك يضطلع قطاع التأمين بدور محوري في دعم جهود الدولة نحو اقتصاد منخفض الكربون، ويسهم بفاعلية في تحقيق التزامات مصر الدولية، وفي مقدمتها اتفاق باريس للمناخ، بما يرسّخ مكانته كأحد أهم محركات الاستدامة الاقتصادية والبيئية.

و يسعى الاتحاد إلى تعزيز التعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية عبر دعم جهود التوعية بمعايير الاستدامة التي أصدرتها الهيئة، كما يولي اهتمامًا بنشر الوعي بقضايا الاستدامة في قطاع التأمين على المستويين الداخلي والخارجي، وذلك من خلال نشراته الدورية وتنظيم الندوات وورش العمل المتخصصة..

أخبار ذات صلة

بنك الفجيرة الوطني يختتم حملة صرف العملات الأجنبية لعملاء الخدمات المصرفية للأعمال

بنك وفا التجاري يطلق برنامج قروض عقارية جديدة بتمويل يصل إلى 1.5 مليون جنيه

ستاندرد تشارترد: “20% من الشركات العالمية تضع الإمارات ضمن خططها المستقبلية لسلاسل التوريد”

أسعار العملات في مصر اليوم الإثنين

أسعار الدولار في مصر اليوم الإثنين

أسعار الريال السعودي في مصر اليوم الإثنين

أسعار الدينار الكويتى في مصر اليوم الإثنين

وائل حسن رئيساً لمجموعة المعاملات الإسلامية بالبنك الزراعي المصري

آخر الأخبار
«الملاذ الآمن»: الفضة عند أعلى مستوياتها في 14 عامًا وسط مخاوف الإغلاق الحكومي الأمريكي «المالية»: تعظيم عوائد استثمار الأراضي الفضاء غير المستغلة وزير الكهرباء ونظيره اليوناني يشهدان توقيع اتفاق إنهاء الدراسات لمشروع الربط الكهربائي بين الدولتين وزير الاتصالات: إطلاق صندوق دعم مشروعات الجمعيات والمؤسسات الأهلية القائمة على الابتكار والتكنولوجيا... وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ القاهرة المشروعات التنموية والخدمية وزير البترول والثروة المعدنية في لقاء مفتوح مع الإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف والمواقع الإخبارية المص... وزير الصحة يجري زيارات ميدانية لـ”أسبيتار” و”إتقان” لبحث تعزيز التعاون في الطب الرياضي جولة تفقدية غدًا لرئيس الوزراء بمحافظة المنوفية توتال إنرجيز تطلق نظام "Mobility Business" الجديد لإدارة أسطول السيارات بمصر شركة كوكاكولا تتعاون مع وزارة البيئة لدعم منظومة النظافة بمحافظتي الجيزة والقليوبية سيلفركات تفتتح آفاقًا جديدة مع أول صفقة مبيعات باستخدام العملات المشفّرة لأوروبا وزير الاستثمار  يستعرض مع وفد صندوق النقد الدولي الجهود المبذولة لدعم وتحسين مناخ الاستثمار "IBM" تُعلن عن شراكتها مع أمازون ويب سيرفيسز "AWS" لتعزيز الابتكار وتوسيع تبني الحلول السحابية في ... جارتنر: نمو سوق نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي ليتجاوز 14 مليار دولار في 2025 ناومي للفنادق تفتتح أولى وجهاتها في منطقة الشرق الأوسط وزير الرى يشارك في الدورة العادية الرابعة عشر للجمعية العامة لمجلس وزراء المياه الأفارقة المنعقدة با... Domain Days Dubai 2025: The Premier Forum for Internet Domains and the Web Hosting Industry Returns ... مصر للطيران تشارك في أكبر الملتقيات التجارية في مدينة هانزو بالصين «آي صاغة»: الذهب يقفز لمستويات قياسية محليًا وعالميًا بدعم توقعات خفض الفائدة ومخاوف الإغلاق الأمريك... بنك الفجيرة الوطني يختتم حملة صرف العملات الأجنبية لعملاء الخدمات المصرفية للأعمال