يُعد منفذ الوديعة أحد أهم المعابر الحدودية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية، لما يمثله من شريان حيوي يربط بين البلدين ويخدم الملايين من المسافرين والتجار والعاملين في مجالات النقل والإغاثة.
ويقع المنفذ في محافظة حضرموت اليمنية، على بُعد نحو 67 كيلومترًا من محافظة شرورة السعودية، ويمثل البوابة البرية الرئيسية التي تربط الأراضي اليمنية بالمملكة بعد إغلاق العديد من المنافذ الأخرى خلال فترات الصراع، مما زاد من أهميته الاستراتيجية والاقتصادية والإنسانية.
يُعتبر المنفذ اليوم محطة أساسية لحركة السفر بين البلدين، حيث يعبر منه آلاف المسافرين يوميًا، سواء لأغراض العمل أو الزيارة أو أداء مناسك الحج والعمرة.
وقد خصصت السلطات السعودية عبره مسارات خاصة للحجاج والمعتمرين القادمين من الأراضي اليمنية، مع توفير مرافق متكاملة تشمل استراحات ومصليات وغرف خدمات ومواقف سيارات واسعة، بما يضمن راحة الزوار وسهولة تنقلهم.
من الناحية التجارية، يلعب منفذ الوديعة دورًا محوريًا في تنشيط حركة التجارة بين السعودية واليمن، إذ يُعد القناة الرئيسة لدخول السلع والمواد الغذائية والمشتقات النفطية والمعدات إلى الداخل اليمني.
وتعمل الجهات المختصة السعودية على تسهيل الإجراءات الجمركية والفحص الأمني لضمان سرعة انسياب البضائع، مع الحفاظ على أعلى معايير الرقابة لمنع أي مخالفات أو تهريب.
وقد ساهم هذا النشاط التجاري في دعم الاقتصاد المحلي بمحافظة حضرموت والمناطق المجاورة، فضلًا عن توفير فرص عمل للعاملين في مجالات النقل والخدمات اللوجستية.
كما يحتل المنفذ أهمية إنسانية كبيرة، إذ يمثل نقطة عبور رئيسية للمساعدات الإغاثية والطبية القادمة من المملكة إلى اليمن، خاصة تلك التي يشرف عليها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
ومن خلال هذا المنفذ، تُنقل آلاف الأطنان من المواد الغذائية والدوائية والمستلزمات الطبية الموجهة لمخيمات النازحين والمستشفيات اليمنية، في إطار جهود المملكة المستمرة لتخفيف معاناة الشعب اليمني.
وقد ساهم المنفذ في تسهيل عمليات الإغاثة خلال الأزمات المتكررة، مما جعله شريان حياة لكثير من المناطق المنكوبة.
وعلى الصعيد الأمني، يُعد منفذ الوديعة من النقاط الحساسة التي تعمل على تعزيز التعاون المشترك بين السعودية واليمن في مكافحة الإرهاب والتهريب بمختلف أنواعه، لاسيما الأسلحة والمخدرات.
وتأتي هذه الجهود في إطار اتفاقية جدة الموقعة عام 2000 التي نظمت التعاون الحدودي بين البلدين.
وتشارك في إدارة المنفذ عدة جهات سعودية، أبرزها وزارة الداخلية ممثلة في المديرية العامة لحرس الحدود وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، إلى جانب مركز المعلومات الوطني ومركز المراقبة الصحية.
ولمواكبة حجم الحركة المتزايدة، تشهد منطقة المنفذ أعمال تطوير مستمرة تهدف إلى تحديث البنية التحتية وتحسين كفاءة الخدمات المقدمة للمسافرين والتجار.
وتشمل مشاريع التطوير توسعة المرافق وإنشاء مبانٍ جديدة مخصصة للاستقبال والفحص والإجراءات الجمركية، مع استخدام أنظمة إلكترونية حديثة لتسريع المعاملات وضمان الانسيابية في الحركة.
بهذه المقومات المتكاملة، يظل منفذ الوديعة نموذجًا للتكامل بين الدور الإنساني والاقتصادي والأمني، وجسرًا متينًا يعكس متانة العلاقات التاريخية والجغرافية بين السعودية واليمن، ومؤشرًا على استمرار التعاون بين البلدين في مواجهة التحديات وتعزيز التنمية والاستقرار في المنطقة.







