يشكّل تغيّر المناخ أحد أبرز التحديات العالمية التي تلقي بظلالها على مختلف جوانب الحياة، ولا سيما على الفئات الأكثر هشاشة، وفي مقدمتها النساء. فبينما تتفاقم الظواهر الجوية المتطرفة من أعاصير وفيضانات وجفاف، تتزايد الآثار الاجتماعية والاقتصادية غير المتكافئة على النساء بسبب الأدوار التقليدية والهياكل الاجتماعية التي تحدّ من قدرتهن على التكيف والتعافي. وتتحمل النساء مسؤوليات رئيسية مرتبطة بالزراعة والمياه والغذاء، مما يجعلهن في الخطوط الأمامية أمام تأثيرات المناخ.
وفي ظل هذه التحديات، برز التأمين ضد مخاطر المناخ كأداة استراتيجية لا تقتصر على الحماية المالية فحسب، بل تمتد إلى تمكين المرأة وتعزيز مرونتها الاقتصادية والاجتماعية. فالتأمين الزراعي القائم على المؤشرات، والتأمين متناهي الصغر، والمنتجات البارامترية، جميعها آليات تسهم في تحويل الخسائر الفادحة الناتجة عن الكوارث إلى تكاليف يمكن إدارتها، وتمنح النساء سيولة فورية لإعادة بناء سبل العيش دون اللجوء لاستراتيجيات تضر بأسرهن ومستقبل أطفالهن.
وتُظهر الدراسات أن النساء أكثر عرضة بأربعة عشر ضعفًا للوفاة في الكوارث المناخية مقارنة بالرجال، كما يهدّد تغيّر المناخ بدفع نحو 158 مليون امرأة وفتاة إضافية نحو براثن الفقر بحلول عام 2050. وتؤكد تقارير دولية أن أكثر من 753 مليون امرأة في أكثر الدول تأثرًا بالمناخ تفتقر إلى الخدمات المالية الأساسية، فيما لا تستطيع 880 مليون امرأة التعامل مع المدفوعات الرقمية، مما يحد من وصولهن إلى مساعدات الإغاثة بعد وقوع الكوارث.
وتبرز أهمية التأمين في معالجة هذا الخلل عبر حماية الأصول الصغيرة، وتمكين النساء من الاستثمار في تقنيات التكيف المناخي، وتعزيز فرص حصولهن على التمويل. كما تسهم المنتجات التأمينية الحساسة للنوع الاجتماعي في سد الفجوات عبر تصميم تغطيات تلائم واقع المرأة، سواء في القطاع غير الرسمي أو في الزراعة المعيشية، إضافة إلى تغطيات صحية وعائلية تراعي احتياجاتها.
وعلى الرغم من هذه الإمكانات الكبيرة، لا تزال المرأة تواجه عقبات تحدّ من استفادتها من حلول التأمين، ومنها ضعف الثقافة المالية، وغياب حقوق الملكية، والحواجز الاجتماعية التي تعيق اتخاذ القرارات المالية، فضلاً عن نقص البيانات المصنفة حسب النوع الاجتماعي، مما يحد من قدرة الشركات على تصميم منتجات فعّالة.
وتشير التجارب الدولية إلى نجاح آليات التأمين في تمكين المرأة، كما حدث في الهند وفيجي، حيث ساعدت برامج التأمين البارامتري النساء على التعافي السريع من موجات الحر والأعاصير بفضل التعويضات الفورية. كما أظهرت مبادرات التأمين الزراعي في أفريقيا وآسيا نتائج متميزة في دعم المزارعات وتشجيع الزراعة الذكية مناخيًا.
رأي اتحاد شركات التأمين المصرية
يؤكد اتحاد شركات التأمين المصرية أن تمكين المرأة في مواجهة مخاطر المناخ لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لضمان استدامة المجتمعات والاقتصادات. ويرى الاتحاد أن صناعة التأمين تمتلك أدوات فاعلة لتعزيز قدرة النساء على الصمود من خلال توفير تغطيات ميسّرة ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء، إضافة إلى دمج منظور النوع الاجتماعي في سياسات الاكتتاب وإدارة المخاطر.
ويشدّد الاتحاد على أن توسيع الشمول التأميني للمرأة سيُسهم في بناء مرونة مالية تتيح لها مواجهة تداعيات المناخ والاستثمار في حلول الاستدامة، مما يجعلها شريكًا أساسيًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة التحديات المناخية المقبلة.









