نظراً لعدم عودة تدفق البيانات الاقتصادية الأمريكية بشكل كامل بعد الإغلاق الحكومي، تركز أسواق العملات حالياً على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. فإلى جانب خفض الفائدة المتوقع في اجتماع هذا الأسبوع، لمّح الرئيس ترامب إلى أن كيفن هاست، المعروف بولائه السياسي ونزعته التيسيرية الشديدة، يبدو المرشح الأوفر حظاً لتولي قيادة البنك المركزي الأمريكي. وكما هو متوقع، شهد الدولار تراجعاً أمام جميع العملات العشر الرئيسية (G10) باستثناء الفرنك السويسري، الذي جاء في المرتبة الأخيرة مع ابتعاد المستثمرين عن الملاذات الآمنة واتجاههم نحو الأصول عالية المخاطر. أما أكبر الخسائر فكانت من نصيب الريال البرازيلي، بعد أن قللت الأسواق من احتمالات تشكيل إدارة مؤيدة للأسواق عقب إعلان بولسونارو دعمه لنجله في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال إينريكيه دياز ألفاريز، المحلل الرئيسي في شركة إيبوري: “ستركز الأسواق هذا الأسبوع بالكامل على آخر اجتماع للاحتياطي الفيدرالي لعام 2025 والمقرر عقده يوم الأربعاء. إذ تم تسعير خفض جديد لسعر الفائدة إلى 3.75% بشكل كامل من قبل الأسواق، ولا نتوقع أن يفاجئ الفيدرالي المستثمرين. ومع ذلك، فإن نبرة البيان وتوجهه ستكون العامل الأهم. فالرسم البياني للنقاط، الذي يعكس توقعات أعضاء اللجنة بشأن مسار الفائدة، سيكون محورياً، وأي “خفض متشدد” قد يدفع الدولار إلى الارتفاع مجدداً نحو قمم نطاقه الأخير. كما ستصدر خلال الأسبوع بيانات التوظيف الأمريكية (تقرير JOLTS يوم الثلاثاء، وطلبات إعانة البطالة الأسبوعية يوم الخميس)، إلى جانب دفعة من بيانات أكتوبر في المملكة المتحدة يوم الجمعة”.
الجنيه الإسترليني
واصل الإسترليني ارتفاعه مدعوماً بالتفاؤل المحيط بالميزانية البريطانية الجديدة، في حين ساعدت المراجعات الإيجابية الطفيفة لمؤشرات مديري المشتريات (PMI) الأسبوع الماضي على إنهاء الجنيه الأسبوع متقدماً على جميع نظرائه الأوروبيين وكذلك على الدولار.
وتبدو توقعات السوق لأسعار الفائدة في بنك إنجلترا (خفض واحد أو اثنان على الأكثر، مع معدل نهائي في حدود 3%) واقعية إلى حد كبير، رغم أننا نميل إلى ترجيح خفض واحد فقط. إن مزيج أسعار الفائدة المرتفعة نسبياً، والنمو الاقتصادي المعتدل، وتوجه الفيدرالي الحذر سيواصل دعم الجنيه الإسترليني في الأشهر المقبلة.
اليورو
شكّل الارتفاع المفاجئ في معدلات التضخم في منطقة اليورو خلال نوفمبر دليلاً إضافياً على أن دورة خفض الفائدة في البنك المركزي الأوروبي قد وصلت إلى نهايتها، وأن الخطوة التالية في أسعار الفائدة قد تكون رفعاً لا خفضاً. كما أكدت المراجعات الإيجابية لمؤشرات مديري المشتريات هذا التوجه، إذ خففت الضغوط على البنك المركزي لمواصلة التحفيز النقدي.
ومع تقلص الفجوة في أسعار الفائدة بين جانبي الأطلسي، نتوقع أن يظل اليورو مدعوماً بقوة مع اقتراب عام 2026.
الدولار الأمريكي
ما تزال بيانات سوق العمل الأمريكية ترسل إشارات متباينة؛ فبينما تبدو البيانات الرسمية إيجابية نسبياً، رغم تأخرها بسبب الإغلاق، أظهرت طلبات إعانة البطالة الأسبوعية انخفاضاً إلى أدنى مستوى منذ جائحة كوفيد-19، في حين تُظهر البيانات الخاصة صورة أكثر سلبية. ومع ذلك، لا توجد مؤشرات على ركود اقتصادي وشيك، خاصة في ظل استمرار الطفرة الاستثمارية في قطاع الذكاء الاصطناعي التي تدعم الاقتصاد الأمريكي.
ونعتقد أن الأسواق قد تُبالغ في تسعير توقعات خفض الفائدة لعام 2026، إذ من المحتمل أن يعكس بيان اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هذا الأسبوع وتواصلها الإعلامي إشارات تميل إلى الحذر. ومع بدء تناوب الأصوات داخل اللجنة، سيدخل أربعة رؤساء بنوك إقليمية، نتوقع أن يكون ثلاثة منهم من ذوي التوجه المتشدد. وسيواجه مرشح سياسي واضح الولاء مثل هاست صعوبة في بناء توافق داخل اللجنة، ما قد يؤدي إلى اجتماعات أكثر جدلاً وانقساماً مع مرور الأشهر.







